‫أصبح التأثر بالشاشة أمراً حتمياً لا يمكن الهروب منه بسهولة، خاصة من قبل شريحة الشباب

الذين نراهم يتشبهون بالمشاهير محاولين تقليد تصرفاتهم وحركاتهم ولباسهم بشكل أو بآخر، حيث أصبح أولئك النجوم من مشاهير الفن والرياضة والإعلام عند البعض مثالاً للجمال والجاذبية والنجاح، فهل يؤيد الشباب ظاهرة التقليد هذه، وهل يجدونها إيجابية أحياناً، وما الأسباب التي تدفع الشباب لمحاكاة هؤلاء المشاهير؟

النسبة الأكبر من الشباب يرفضون هذه الظاهرة ويعتبرونها إشارة إلى ضياع الهوية الخاصة بالشخص نفسه، والشعور بالفراغ وعدم الانتماء لشيء،
د . خالد قاسم اختصاصي الطب النفسي والسلوكي، يفرق بين نوعين من السلوك، وهما التقليد الإيجابي، والتقليد السلبي قائلاً: التأثر بالآخرين وتقليدهم أحياناً هو أمر يمكن أن يصدر من أي إنسان، وفي حالة الشباب مسألة التقليد واردة أكثر، لأنه معرض بشكل أكبر للتأثر بالآخرين، كونه في مرحلة البحث عن الذات، وهذا يجعله ينتقي نماذج معينة، ويحاكيها، في محاولة لبناء شخصية مميزة له، وهو يقلد أكثر، لأن معلوماته وخبراته قليلة، لهذا هو معرض للتأثر بالآخرين خاصة الأكثر منه نضجاً، فيبدأ في البحث عن تقليدهم في الملبس والشكل والهيئة، وهذه نماذج نراها حولنا في الشباب أو الفتيات، فنجد فتاة تبذل مجهوداً كبيراً في تغيير شكلها وطريقة لبسها لتصبح قريبة الشبه بشخصية مشهورة، سواء مطربة أم ممثلة، وكل ما يهمها تقليد هذا المظهر، الذي يعطيها شعوراً وهمياً بالأهمية، وهذا لأن معلوماتها وخبراتها قليلة، وتعتقد أن تقليد المشاهير في المظهر يعطيها الشهرة نفسها والوضع ذاته الذي يستمتعون به، وهذا أيضاً بالنسبة إلى الشاب الذي يقلد مطرباً أو رياضياً شهيراً، فهو يفعل هذا للفت الانتباه، وإعطاء نفسه أهمية من خلال التشبه بشخص شهير، ولكن المحصلة أن التقليد في هذه الحالات هو بالفعل أعمى، لأنه ليس منه أية فائدة للشاب أو للفتاة، ومجرد تعلق بقشور لشخصيات وصلت إلى هذا النجاح من خلال موهبة ومجهود قد لا يكونان متوافرين لدى الشاب أو الفتاة المقلدين، وبالتالي هو تأثر بما لا طائل منه، ومقتصر على المظهر الخارجي ولكن في حالات أخرى يكون التقليد دافعاً للجد واكتساب المهارة، وهذا عندما يتأثر الشباب بشخصيات إيجابية مؤثرة تمثل قدوة للشباب، ودافعاً للاجتهاد، ليحققوا جزءاً مما حققوه، فهذا تقليد طبيعي، ومطلوب أيضاً، وفيه دافع إيجابي، من خلال تتبع مسيرة القدوة، دون محو الشخصية، لأنه لابد للإنسان أولاً أن يبحث في ذاته، وأن يفهمها، ويطورها، ثم لا مانع من أن يغنيها بما يناسبها من صفات وسلوكيات الآخرين