أفيقوا، رِفاقَ الدَّرْبِ لـمْ يَنْتَـهِ الـدَّرْبُ

إذا نامَتِ الجَـوْلاتُ مـا نامَـتِ الحَـرْبُ

مشينـا إلـى حيـثُ الحقـوقُ بعيـدةٌ

فلا يَنْقضي المِشْوارُ ، أَوْ يَنْقضي النَّحْـبُ

حريرُ الخُطى الـوَرْدِيُّ يَحْتَقِـرُ الخُطـى

فطوبى لنا الأشواكُ ، طوبى لنـا التُّـرْبُ

هو الظلمُ ، لا تُقْصيـهِ عنتـرةُ الصَّـدى

بِجَعْجَعِـةِ المَسْلـوبِ يَكْتَمِـلُ السَّـلْـبُ

فأهـلاً صعاليـكَ الصِّعـابِ ومرحـبـاً

على صَخْرةِ الصُّعْلوكِ يَنْكَسِـرُ الصَّعْـبُ

حَبتْ في سبيل ِ الـرزقِ عـاداتُ سـادةٍ

فيـا سـادةَ الأرزاقِ ! عاداتُنـا الوَثْـبُ

نُدَرْهِـمُ صَحْـراءَ الجُيـوبِ ، كَـرامـةً

عَوى دِرْهَمُ الإخْنـاعِ فاسْتأْسَـدَ الجَيْـبُ

مُدى الليلِ لا تُدْمـي شُمـوخَ مُحـاربٍ

لهُ الأنْجُمُ الأحلـى ، وللغـادرِ الشُّهْـبُ

تقولـونَ مـا المعنـى أقـولُ حمامـةٌ

على شَرَكِ الصَّيـادِ يَحْسُدُهـا السِّـرْبُ

تُشيعـونَ أسـرارَ الـعِـراكِ ، كَأنـنـا

صِغارٌ، أعاديهـا الفراشـاتُ ، والعُشْـبُ

تُحاكِمُنـا الأظعـانُ كـيـفَ نَصونُـهـا

وكيفَ لحادي الرَّكْـبِ يَنْتَصِـرُ الرَّكْـبُ

ألا أيهـا الأحبـابُ! بـعـضَ تِـجـارةٍ

إذا غفـرَ المَحبـوبُ ؛ لا يَغفِـرُ الحُـبُّ

وداعًـا ، زمـانَ الصـدقِ إنَّ زمانَـنـا

بضاعَتُـهُ الأبـواقُ حانوتُـهُ الـكِـذْبُ

قُطِعْتَ لسانَ الجوخِ فانعُبْ علـى المـدى

لدى خِـرَبِ الأبـوامِ كُرْسيُّـك َالخَيْـبُ

إلــيَّ مَغـاويـرَ الكـفـاحِ فإنـنـي

على قَسَـمِ الأحـرارِ أدْرَكَنـي الشَّيْـبُ

سَرَجْتُ حصانَ الرفضِ ، آنسـتُ ثـورةً

وأنشدتُ: يا ابْنَ الوَرْدِ عاشَ الفتى الصُّلْبُ

وأسْرَجْـتُ لِلثـوارِ روحـي ولـمْ أقـلْ

تَفارَقَـتِ الخـالاتُ واخْتَلَـفَ الصَّـوْبُ

وِللشَّنْفَـرى أرسلـتُ حُـلـوَ تحـيـةٍ

وقلتُ: بنو أمي هُـمُ العيـنُ ، والقَلْـبُ

يَدي في يدِ الشَّعْبيِّ مِـنْ قَـوْمِ عُسـرةٍ
نُعَلِّمُ قوم المستوى مَـنْ هـو الشَّعْـبُ

أعيـدُ بنـاءَ الكـوخِ أشْتـاقُ مِنجلـي

وأنصِبُ بيتَ الشَّعْـر يشتاقُنـي الحَلْـبُ

أردُّ إلـى الأعمـامِ بَهْـمـاً وأنتـحـي

رواقًا مع الأتـرابِ أرجوحتـي الطُّنْـبُ

أسَيِّـجُ جيـرانـي بَراكـيـنَ نَـخْـوَةٍ

إذا هبَّنـي المُحْتـاجُ، أطربنـي الهَـبُّ

أنـا البَـدَوِيُّ المُـرُّ عَيْـبُ بَـداوتـي

غِلابٌ متى غالَبْـتُ مـا عابَنـي الغُلْـبُ

أنـا ذلِـكُ المَخْبـورُ صَـبُّ شَـراسـةٍ

أنا العَوْسَجُ القُرّاصَةُ الحَنْظَـلُ الصّـرْبُ

تُسربلُنـي الأخْـطـارُ لـوْثـةَ حـاقِـدٍ

فأنْسَلُّ مِنْ حِقـدي ، يُسَرْبلنـي التَّـوْبُ

تَمادَيْتُ فـي الإصْـرار صَـوْبَ عَدالـةٍ

لعَلَّ بَسيـطَ القـوتِ ، تُدْرِكُـهُ الزُّغْْـبُ

بَـخٍ أيُّهـا الطِّفْـلُ المُطِـلُّ رُجـولـةً

مضى العيدُ ، والثوبُ القديمُ هو الثَّـوْبُ

أبـوكَ يُخيـطُ الزُّهْـدَ بُـرْدَ تَقَـشُّـفٍ

فلا تَلْتَحِفْ بُـرْدَ العِتـابِ ، لـكَ العَتْـبُ

أبـوكَ هـو الحَمّـالُ ، خِـلُّ وَظيـفـةٍٍ

شَهادتهـا البلـوى ، ثقافتُهـا الكَـرْبُ

يَـشُـجُّ لــهُ المَـسْـؤولُ رأسَ إرادةٍ

فَيُسْتَغْفَـرُ الجانـي ، ويَنْقلِـبُ الـذَّنْـبُ

ليَسْتكْمِـلِ العَيّـابُ عِصْـمَـة ذاتِــهِ

هَنيئا لذاتِ النقصِ، مـا عِنْدَهـا عَيْـبُ

لماذا تَـرى الأَشيـاءَ بَوْصَلـةُ الهـوى

لماذا يُرى الوادي ، وليسَ تُرى الهُضْـبُ

لِيَحْمِلْ صِـواعَ الغُبْـن مَحْظِـيُّ سُلْطَـةٍ

إذا اكتالتِ الجُـرْذانُ يَسْتبشـرُ الضَّـبُّ

لِمَـنْ تَكْتسـي خَـزَّ الصبابـةِ ضَيْفَـة ٌ

يُحَيِّرُنـي الخلخـالُ ، والبُرْقـعُ الصَّـبُّ

أقِلّي مِـنَ التأليـبِ مـا زلْـتِ ضَيْفَـةً

وقدْ يَبْخَلُ المِضْيافُ ، إنْ ضافَـهُ الخَـبُّ

هُنـا تَلّّـةُ البِـلانِ لا حَْـوضُ زَنْـبَـقٍ

عَقـالِ خَبايـا التـلِّ والأعْـقـلُ الأوْبُ
يَجـوسُ رحـابَ الــدارِ أولادُ دايــةٍ

وأوْلادُها الأقحـاحُ فـي بابِهـا غُـرْبُ

إذا مـا تَنَـدّى الآنَ حُـلـوُ هُنيـهَـةٍ

حـذارِ يَـزُخُّ الآنَ أحماضَـهُ الغَـيْـبُ

قريـبَ غَـدٍ يَصْطَـكُّ وجـهُ حقيـقـةٍٍ

فماذا يَحُكُّ الجُـرْبُ والأنفُـسُ الجُـرْبُ

قَريبَ غَـدٍ يَختـالُ سِيزيـفُ فـي عَـلٍ

بصَخْرتِـهِ اللعنـاءِ يَـنْـدَكُّ أولِـمْـبُ

قَريـبَ غَـدٍ يُعصـى زُيـوسُ جَهـارةً

فلا تتخفى النـارُ ، لـو أخْفِـيَ الشَّـبُّ

إلَـيَّ رفـاقَ الـدربِ نَشْتـدُّ غُـرْبَـةً

ويـا أيُّهـا الأغْـرابُ، إنَّكُـمُ الصَّحْـبُ

تَزايـدتِ يـا أوْجـاعُ إذ قَـلَّ مَرْقـدي

أطَبِّـبُ مَوْجوعـاً، فيوجِعُنـي الـطِّـبُّ

غُزَيَّة في رُشْـدٍ فـلا تَغـوِ، واصْطَبِـرْ

دُرَيْدُ ! مِـنَ الرُّشْـدِ الغِوايَـةُ تَنْصَـبُّ

شَديـدٌ عَليـكَ القهْـرُ كُــلَّ التفـاتـةٍ

أخو شِدةٍ شَرْقٌ ، أخـو مِحْنَـةٍ غَـرْبُ

فَضحـتَ خبـيءَ الشَّـر نابـاً ومِخلبـاً

فأقعَتْ ذِئـابٌ ، وانْتضـى ذيلَـهُ الكَلْـبُ

لِتَعْـو ِ جِـراءُ الظِّـلِّ، لسْـتُ ألومُهـا

تلظّتْ بشَمْسي حيـنَ ألهبنـي الخَطْـبُ

سَلِمْـتَ زَميلـي ، لـوْ تخَلَّـتْ زَمالـةٌ

تصونُكَ أحداقـي ، وتَحْرُسُـكَ الهُـدْبُ


سَلِمْـتَ زَميلـي ، إنْ عَرَتـكَ ارتِجافـةٌ

ضَعِ الرزقَ في كَفيـكَ، يَرْزُقـكَ الـرَّبُّ

سَلِمْـتَ زميلـي ، تَشْرَئِـبُّ شَهـامَـةً

تُجَـنُّ ، ولا يُقـذي زَميلَتَـكَ الـرَّيْـبُ

تَجِـدُّ ، وفـي التقديـرِ يَمْتـازُ عابـثٌ

سَواءٌ، لدى طحّاننـا السـوسُ والحَـبُّ

قناديـلُـكَ الإعْـطـاءُ، مُـنــذ ولادةٍ

فلا نورُهـا يَعشـو ولا زيتُهـا يَخبـو

سَلِمْتَ زَميلـي، مـا استطعـتُ سلامـةً

إلى أبَـدٍ يَمشـي، إلـى جَنْبـكَ الجَنْـبُ




الشاعر محمد الجهالين