منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 17
  1. #1

    السينما بين الشكل والمضمون - كتاب تحت الطبع

    السينما بين الشكل والمضمون
    ----------------------------
    تاليف
    يسري راغب شراب
    ----------------------------
    المقدمه / سينما تؤثر ولا تتآثر
    الفصل الاول / اختراع القرن العشرين
    الفصل الثاني / السينما العربيه في القرن العشرين
    الفصل الثالث / السينما والمجتمع
    الفصل الرابع / السينما والقيم
    الفصل الخامس / السينما والسياسه
    الفصل السادس / السينما والتاريخ
    الفصل السابع / السينما والحرب
    الفصل الثامن / السينما وفلسطين
    الفصل التاسع / السينما والكوميديا
    الفصل العاشر / السينما والجريمه
    الفصل الحادي عشر / الخاتمه
    ملحق بكلام وافلام

  2. #2

    رد: السينما بين الشكل والمضمون - كتاب تحت الطبع

    المقدمه
    ----------
    المطلوب : سينما تؤثر ولا تتأثر

    المشكلة العربية : مشكلة حضارة او تخلف ..!!
    في كل المجالات مشكلتنا محصورة بين الحضارة وبين التخلف ..!! لذا من الضروري على كل كاتب ملتزم , وعلى كل قلم منبري , ان ينبه دوما الى هذه النقطة وبالحال مستمر , حتى نستفيق من غفرتنا ونفرق بين الصالح والطالح في حياتنا الآنية والمستقبلية ..!!
    وليس من باب التكرار , او الافلاس الفكري , ترديد ذلك اكثر من مرة .
    والسينما العربية , هي المفاعل القادر على تفجير الطاقات الانسانية وتغيير السلوكيات المتخلفة عربيا , من خلال قدرتها على محاكاة الواقع العربي يقصد ادانته او مدحه في جانب من جوانب حياتنا اليومية الرتيبة ..!!
    ولذا فالمطلوب عربيا على المستوى السينمائي :
    هو سينما تؤثر ولا تتأثر ..؟!
    1- السينما المؤثرة هي التى تقود الناس الى سلوك افضل من خلال فيلم عربي يتحدث عن اشكال الشخصية العربية وبنائها المجتمعي , بتفصيل فنى دقيق ومحبوك ..!
    2- والسينما المؤثرة هي التى تشير الى التاريخ العربي بواقعية تتحدث عن بطولة الفرسان , وصمود الابطال , وانتصار الرجال للعقيدة والمبادئ باعتماد اكبر الامكانيات لمثل هذا الفيلم التاريخى , حتى ينقل معايشة كاملة لجمهور الثمانينات من القرن العشرين الميلادي , عن اجداده السابقين من جمهور العرب في القرن الخامس وحتى العاشر الميلادى بروايات تاريخية صادقة ومعبرة .
    السينما المؤثرة هي التى تضع يدها على نقاط الضعف العربي من القاعدة الى القمة والعكس صحيح , فلسنا بحاجة الى فيلم عن حرب سنة 1956 ياتى بطائرتين في السماء او جندى يتلقى اوامر قائده في مناظر متقطعه من هنا وهناك لا تمت للواقع باي صلة .. نريد الدخول الى اعماق الجندي العربي وهو يقاتل في الحروب العربية – الاسرائيلة , ليفهم الجندي نفسه انه قصر هنا , وانه تميز هناك , وانه كان بطلا في هذه الواقعية , وكان مترددا فى تلك , نريد الحرارة والصدق في السينما تؤثر على الجندي والقائد العسكري , من خلال فيلم عربي يتحدث عن نشوة التحدى سنة 1956 , ومرارة النكسة سنة 1967 , وحلاوة العبور سنة 1973 , وبطولة المقاومة في الكرامة سنة 1968 , وعنادها في حصار بين بيروت سنة 1982 .
    نريد فيلما عن الشهيد عبد المنعم رياض , كيف كان يعيش أيامه في يونيو سنة 1967 وكيف عاش يومه الأخير في موقع متقدم على جبهة القتال سنة 1969 .. الخ .
    والسينما التي تؤثر هي سينما الفيلم السياسي الواقعي , الذي يتحدث بتفصيل دقيق عن هذا السياسي أو ذاك , وعن ذلك الحزب وتلك المنظمة وفي حياتنا نماذج كثيرة من البشر يمكن أن نتحدث عنها بدقة وتفصيل .. عن الأيام الأخيرة في حياة كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار , شهداء الفردان , وعن ليلى خالد وغسان , وعن تفكير رجال تاريخيين وحياتهم .
    عن مثل هؤلاء بواقعية كاملة دون تحريف ودون تغيير إلا في الأسماء وبأسلوب سينمائي محبوك قادر على نقلنا إلى أجواء الحياة السياسية مع الزعماء والقادة كما هو قادر على نقلنا مع مافيا الشرق ومثير ..!! وهذا كله وليس غيره القادر على وضعنا في مصاف السينما العالمية .. حين تكون سينما تؤثر ولا تتأثر ..!!
    مع الواقعية كلنا نحتفظ إلى الأبد في مخيلتنا أفلاما قوية وناجحة , لان الواقعية تجعلنا نعايش الحقيقة , فتؤثر علينا باى شكل من الأشكال , الواقعية التي هزتنا في الفيلم الحربي : أعماق البحار وأغنية على الممر, والفيلم السياسي : جميلة الجزائرية وليلة القبض على فاطمة , والأفلام التاريخية : الناصر صلاح الدين وعنترة , والمماليك وظهور الإسلام , واإسلاماه وعمر المختار , والأفلام الاجتماعية : العار وسواق الأتوبيس , والنمر الأسود وخرج ولم يعد , والحريف وأفواه وأرانب وأريد حلا , والمذنبون والخوف وزوجتي والكلب .
    وغيرها من لأفلام الناجحة التي تثبت في الذهن وأثرت فيه ..!! لأنها أفلام تحدثت بواقعية , وقدمت مضمونا جيدا , ولم يعتمد نجاحها على اسم النجم , او على أغانيه , والعاريات فيه , بل لأنها أفلام شاركت مع الجميع , فقراء وأغنياء , وجهلة ومتعلمين , في البحث عن إجابة لمائة سؤال وسؤال , وفي الوصول إلى حل لقضية من القضايا الخافية على الناس , كما حدث في فيلم " الصعود إلى الهاوية " .. ومسلسل " دموع في عيون وقحة " .. ومسلسل " زينب والعرش " .
    ولو حاولنا التدقيق قليلا كنقاد وفنيين وروائيين , وكتاب وصحفيين , عن أسباب النجاح الأكيدة في مجموعة الأفلام السابقة ذكرها , ستجد أن وراء هذا النجاح : واقعية , وصدق في التعبير .. واهتمام بالموضوع الواحد دون التشتت ..
    الواقعية والصدق في التعبير تحتاج إلى سيناريست ممتاز , وممثل رائع , وديكور مناسب .
    وتجانس الموضوع الفني ووحدته يحتاج إلى مخرج بارع يهتم بأصغر التفاصيل ..!!
    السينما التي تؤثر , ليست سينما عادل إمام , وليست سينما نور الشريف أو فاتن حمامة , وليست سينما يوسف شاهين أو سعيد مرزوق ..
    السينما التي تؤثر هي سينما الموضوع الصادق والمعبر عن حقيقة الحال , دون تزييف أو تلميع سينمائي ..!!
    ونجاح يوسف شاهين أو سعيد مرزوق في كل أفلامهما يعود إلى اختيارهم للواقعية والموضوعية , والبحث عن المضمون ..!!
    ونجح نور الشريف وفاتن حمامة وعادل إمام في التمثيل يعود إلى قدرتهم على التعبير بشكل أفضل من غيرهم حول أبطال القصص السينمائية التي يمثلونها
    والجمهور ليس مغفلا أبدا ..
    فهو حين ينحاز إلى الممثل قبل المخرج , ويعطى احترامه للممثل قبل السيناريست فلأن السينما التي يعيشها هي سينما الممثل والنجم وليست سينما الموضوع .
    والجمهور ليس تافها أبدا ..!!
    لأن التفاهة قادمة مع المنتجين تجار البندورة والقوطة والطماطم .. الخ .
    فماذا يفعل هذا الجمهور المسكين مع سينما يتحكم فيها السماسرة القوادون ..!!
    ولذا نحب نطالب :
    - بسينما تؤثر على الجمهور موضوعيا ..!!
    - بسينما تؤثر على الممثل فنيا ..!!
    ولا نريد سينما تتأثر بالجمهور , وتخضع للممثل , وتخشى المنتج ..!!
    فسينما تتأثر ولا تؤثر ستظل عقيمة ولن تنجح
    أبدا .

  3. #3

    رد: السينما بين الشكل والمضمون - كتاب تحت الطبع

    الفصل الاول
    --------------

    السينما اختراع القرن العشرين
    -------------
    المبحث الاول
    السينما العالميه في نصف قرن
    السينما العالمية في نصف قرن

    اول انتاج سينمائي عربي كان فيلم " ليلى " المصرى 1912
    - حسب الاحصاءات الفرنسية , ودائرة المعارف , يعتبر فيلما فنيا كل فيلم روعي الجانب التجاري في صناعته واستغرق عرضه ساعه او اكثر .
    واول فيلم من هذا النوع هو فيلم شارلز تيت " قصة عصابة كيللي " , وكان طوله اربعة الاف قدم , أي حوالى الف ومئتين وتسعة عشر مترا.
    صور هذا الفيلم في استراليا . والطريف ان بطله , وهو كندي غير معروف , اختفي تماما قبل نهاية الفيلم .
    اليزابيت فتشت لعبت دور كيت كيللى وشاركها اولى ويلسون , فرانك ميلز , بيلا كول , وفيرا لندين .
    بلغت تكاليف الفيلم 450 استرلينية , ومر العرض الاول في ميلبورن في 24 كانون اول عام 1906 وقد استرد تكاليفه خلال الاسبوع الاول , جامعا في نهاية العرض 25 الف استرلينية .
    لم تصمد أي نسخة من الفيلم , بل عدة نتف طبعت على بطاقات خاصة , للذكري والتاريخ , طولها مجتمعة مائتان وعشرة اقدام . أي حوالى اربعة وستين مترا .
    -واستراليا هي البلد الوحيد في العالم , الذي اتجه الى انتاج سينمائي منتظم قبل العام 1911 .
    -واول فيلم طويل انتج في اوروبا , هو فيلم ميكل كاري " الابن الضال " الذي شهد عرضه الاول مسرح المنوعات " مونتمارتر " في باريس في عشرين حزيران عام 1907 .
    ونقطة الضعف في هذا الفيلم هي انه اقتبس مسرحية كما هي ودون أي تكييف سينمائي او ابداع او تغيير .
    -اما اول فيلم اوروبي كتب له سيناريو سينمائي خاص فهو " البؤساء " الذي انتجه باتي عن قصة لفيكتور هوغو .
    -واول فيلم فني عرض في انكلترا كان " عصابة كيللي " وذلك في قاعة مجلس النواب عام 1908 .
    -اما اول فيلم فني انتج في الولايات المتحدة الامريكية فهو " البؤساء " , الذي صور بين الثمانية عشر من ايلول والسابع والعشرين من تشرين الثاني عام 1909 .
    -فيلم " حياة موسى " وزع ايضا في كانون الاول عام 1909 وشباط من العام ذاته .
    -اما الفيلم الفني الذي وزع كاملا في الولايات المتحدة الامريكية فهو فيلم دانتي " اينفيرنو" وذلك في اب عام 1911 .
    ثم جاء الفيلم الرائع " اوليفر تويست " وهو كان اول انتاج طويل يعض كاملا في امريكا , وجاء بعده " اتلانتيس " .
    وبما ان الامريكي لم يكن يهضم الافلام الطويلة اضطرت شركات الانتاج في بريطانيا الى اختصار كل افلامها الى النصف قبل شحنها الى امريكا .
    -ومع بداية الحرب العالمية الاولى ( 1914 ) دخلت في الصورة بلدان راحت تنتج هي ايضا الافلام , وابرزها او ستراليا , فرنسا , المانيا , ايطاليا , روسيا , اسبانيا , اليابان , انكلترا , امريكا , البرازيل , الهند , وكندا .
    -وفي عام 1912 دخلت البلدان العربية ضمن دولاب صناعة الافلام الذي كان يدور حول العالم ..
    مصر مثلا , انتجت فيلم " على طريق الاسكندرية " عام 1912 , ثم فيلم " شرف البدوي " ( 1918 ) ثم " قبلة في الصحراء " ( 1927 ) للمخرج ابراهيم لاما .
    ويعتبر فيلم " ليلى " اول فيلم فني مصري لانه انتج قبل كل هذه الافلام ولكنه وزع بعدها .
    ( 1932 ) اخر الافلام المصرية الاولى . العراق انتج هو ايضا عام 1949 فيلم " ليلى في العراق " .
    لبنان بدا انتاج عام 1929 بفيلم " مغامرات الياس مبروك " وهو كوميديا عن مهاجر لبناني عائد من امريكا .
    اخرج الفيلم د . جوردانو بيروتي . وبعد " مغامرات الياس مبروك " جاء فيلم " في هياكل بعلبك " ( 1936 ) اخراج جورج كوستي , انتاج لومينار فيلم .
    وسوريا ايضا سارعت وانضمت الى البلدان المنتجة . وكان اول فيلم درامي صدر عنها هو " المتهم البرئ " 1928 وهو فيلم بوليسى , اخراج وبطولة ايوب بدري ..
    وبعده جاء فيلم " ليلى العامرية " 1947 للمخرج نيازي مصطفي .
    افضل سنوات الانتاج بالنسبة الى انكلترا هي سنة 1936 , فقد انهت فيه 192 فيلما فنيا .
    اما اسوا سنوات المملكة المتحدة , في الانتاج , فهو عام 1925 وعام 1926 وقد انتج في كل عام 33 فيلما فقط .
    افضل سنوات الولايات المتحدة الامريكية , هي سنة 1921 حيث سجل 854 فيلما . واسوا سنوات امريكا كانت سنة 1963 التي انتج فيها 121 فيلما فقط .
    -اسوا حادث في تاريخ السينما العالمية , ذهب ضحيته 27 شخصا , عندما انفجرت الباخرة " فيكنغ " في 15 اذار عام 1931 وخلال تصوير فيلم " الفيكنغ " .
    -منتج الفيلم كان فاريك فريسل , وقد لاقي حتفه هو ايضا في
    الانفجار .
    اما ثاني اسوا كارثة في هوليوود فقد رافقت عرض فيلم " مثل هؤلاء الرجال خطرون " عندما وقع حادث اصطدام مروع بين طائرتين . عشرة اشخاص قتلوا في هذا الحادث :
    اسم هوليوود
    -اول اوروبي سكن المنطقة التي تعرف اليوم باسم هوليوود في كاليفورنيا بامريكا , كان اسمه نوباليرا , وهو من مواليد المكسيك , وقد بني له مسكنا عام 1853 .
    اسم " هوليوود " ابتكرته السيدة هارفي هندرسون ويلكوكس زوجة احد الاثرياء في المنطقة , وقد اختارته بعدما شاهدت بيتا صيفيا قرب شيكاغو اسمه هوليوود .
    اكتشاف تلال بيفرلي تم عندما استاجر الممثل الاثري دوغلاس فيربانكس بعض الامتعة الرياضية , ثم قام ببناء مصانع فوق تلال بيفرلي , وكانت ارضا خصبا لزراعة الفول , وقد اسماها
    " تلال بيفرلي " نظرا لجمالها ولتربتها الصالحة والغنية ..
    عام 1980 , وبعد موت زوجة دوغلاس فيربانكس , عرضت الفيلا للبيع بمبلغ 10 ملايين يرة .
    اول فيلم درامي صنع في مقاطعة لوس انجلوس كان " الكونت مونت كريستو " لفرانس بوغز , وقد صور في عدة اماكن بالاضافة الى لوس انجلوس .
    اما اول فيلم صور كاملا في لوس انجلوس فهو " قوة السطان " بطولة هوبارت بوزوورث الذي كان مصابا بالسل .
    اما اول استوديو في لوس انجلوس , فقد بني عام 1909 واكمل عام 1910 وعام 1911 .
    اول فيلم صنع في هوليوود هو " في كاليفورنيا القديمة " وقد صور في يومين ووزع في 10 اذار عام 1910 .
    اول فيلم ناطق صور في هوليوود هو " انهم اتون للقبض علي " وقد وزع عام 1926 .
    علامة هوليوود واشارتها المميزتان شيدتا فوق تلال هوليوود عام 1923 وقد كلفتا 21 الف دولار , وكتب عليهما : ارض الخشب المقدسة .
    - ولمعلوماتك حول هوليوود عبر تاريخها الطويل في الانتاج السينمائي : .. كان اول فيلم ناطق تم عرضه في العالم هو الفيلم الامريكي " مغنى الجاز " وعرض في 7 \ 10 \ 1927 , وكانت الملصقات الدعائية للفيلم تقول : - الكل يحكي .. الكل يرقص .. في مغنى الجاز . واسندت بطولة الفيلم الى " آل جونسون " , الذي كان كوميديا , وكان عليه ان يؤدي دور عازف زنجي , ببشرته البييضاء , في وقت كان مستحيلا فيه وصول السود الى الاضواء ... !!
    وفي الحقيقة ان محاولات كثيرة جرت قبل " مغني الجاز " صاحبتها الموسيقى التصويرية , الا ان مغني الجاز اول فيلم نطق فيه الممثلون . وقد بدأ إدخال الموسيقى التصويرية مع الفيلم سنة 1923 أي قبل الفيلم الناطق باربعة اعوام , حيث كان يعتمد على عازف بيانو في صالة العرض قبل سنة 1923 .. !!
    اما ولادة الفيلم الملون الكامل فقد كانت في سنة 1935 وبعد الفيلم الناطق بثمانية أعوام , وبعد بداية السينما الصامتة بربع قرن . حيث بدأ العمل في السينما ككل سنة 1902 .
    ويعتبر شارلي شابلن من أوائل الذين عملوا في السينما سنة 1910 , وقد أنتج أكثر من فيلم صامت بعد أن نطقت السينما سنة 1927 , فقدم فيلم " أضواء المدينة " الصامتة سنة 1931 , وقدم تحفته السينمائية "الازمنة الحديثة " صامت ايضا في سنة 1936 , لانه كان منحازا للسينما الصامتة , وكان يعتبرها الافضل والاروع والامتع . وهذا يعود الى قدراته العظيمة في تمثيل الفيلم الصامت .
    -------------------------------------------------------------------
    المبحث الثاني
    السينما الصامته
    فلاش باك

    مع السينما الصامتة

    كل الاختراعات الحديثة في عالم الفنون , لها تاريخ , وهي متصلة ببعضها البعض – فميلاد الاسطورة او الحكاية – احيا لدى الناس الناس القدرة على التخيل , وبالتالي صنع لديهم حاسة تمثل هذه الاساطير وتلك الحكايات , فكان المسرح , ابو الفنون التمثيلية , هو البداية في التفكير بصناعة سينمائية اعتمدت على تسجيل هذه المواقف التمثيلية , ليسهل على اكبر عدد من الناس مشاهدتها والاستمتاع بالمواقف الطريفة التى يمثها عدد من الممثلين ..
    وهكذا بدات السينما الصامتة فى اوائل القرن العشرين , لتصوير بعض المواقف المثيرة او الكوميدية الضاحكة , التى تعبر عن نفسها بنفسها حيث يسهل على المشاهد لهذه المواقف ان يفهمها دون الحاجة الى صوت ينقل الحوار , وغالبا ما كانت مثل هذه المواقف التمثيلية الصامتة لا تعتمد على أي حوار , فان مطاردة نشال من شارع الى شارع ومن بيت الى بيت لا يحتاج الى حوار بقدر حاجته الى الموسيقى التصويرية ومغلزلة امرأة بغباء وجهل يؤدي الى عراك ومشادات بالأيدي وملاحقات هنا وهناك , لايحتاج الى حوار , فهو يعبر عن نفسة بالحركة , ويكون اكثر صدقا من استخدام الكلمات .
    - وهذا يجعلنا نفهم مدى الأهمية التى يمكن للسيناريو ان ينطلق من خلالها بالنجاح لأي فيلم ..!
    فحين نشاهد امرأة يقتادها رجل ليقيدها على خط السكة الحديدية بشكل تمثيلي , تعيش معه صدقا اكثر بكثير , من أي اداء انفعالي نسمع منه صوت المرأة وهي تستغيث وهي تبكي وتتوسل .. ويذكرنا هذا الفيلم
    "باب الحديد " ليوسف شاهين , الذي استمد لقطة وضع المرأة على خط السكة الحديدية من سيناريو احد الافلام الهوليوودية الصامتة , وكان ان يفوز بجائزة عالمية عن هذه اللقطة .. وروعة اخراج الفيلم الصامت , تتمثل في القدرة على خلق مواقف متتابعة ومثيرة , تشد انتباه المشاهد , وتجعله متشوقا الى اللقطة التالية , بما تحملة من اثارة , في حل معضلة مؤقتة يواجهها بطل الفيلم الصامت , فنشاهد في احد الافلام الصامتة اعتماد المخرج على " كلب " لانقاذ فتاة مقيدة على خط السكة الحديدية , ويشدنا المخرج الى المحاولات التى يبذلها الكلب حتى ينقذ الفتاة .
    - ان الفيلم الصامت , مثل قصة قصيرة محكمة في بنائها الفني , يستطيع ان يضع امامك عالما متكاملا دون الحاجة الى المد والتطويل بالكلام الكثير , بل ان الفيلم الناجح اساسا الآن , هو الذي يعتمد على اللقطة المعبرة والقليل من الحوار .
    وفى مهرجان برلين السينمائي الذي افتتح اعماله في الخمس عشر من فبراير الحالى وينتهى هذه الليلة السادس والعشرين من فبراير عادوا للافلام الصامتة العظيمة , ضمن ايامه العالمية حيث قدمت دراسة مرئية عن صناعة السينما من خلال افضل الافلام التى صنعت تاريخ السينما العالمية ومجدها , واغلبها صامتة لكنها تنطق بالتعبير السينمائي افضل بكثير من افلام ناطقة ملونة .
    ومن بين هذه الافلام الصامتة , عرض المهرجان فيلم عيادة الدكتور كاليجاري لروبرت واين الذي انتج 1919 , يتحدث عن قصة معقدة داخل مستشفى للأمراض العقلية – وصاحبت الفيلم اثناء عرضه موسيقى تعزفها فرقة الاوركسترا السيمفونية الالمانية ضمن مجموعة اخرى مختلفة من الافلام القديمة اهمها الفليم الموسيقي – كوين كيلي – اخراج اريك فون ستروهيم وبطولة جلوديا سواتسون , والفيلم يعيد الى الاذان امجاد موسيقي الجاز القديمة التى تعتبر البطل الحقيقى للفيلم .
    واضا قدم المهرجان – من سينما الماضي فيلم " الرجل الخفي " اخراج الفريد هيتشكوك مخرج الروائع البوليسية العالمية الشهير .
    وهكذا وقف مهرجان برلين السينمائي في دورته الخامسة والثلاثين , موقف المتأمل والفاحص لسينما الماضي , ولم يكتف بذكرها في عبارات متأثرة هنا وهناك , بل انه يفرضها على الحضور الذين بلغ عددهم اكثر من ألفى شخص يعملون في مختلف النشاطات السينمائية بخلاف الجمهور العادي الذي قدر بمائتى ألف شخص هؤلاء كلهم أسعدهم بالتأكيد تلك العودة مع الافلام القديمة الصامتة , او الافلام القديمة باللون الأبيض والاسود , التى قال عنها اورسون ويلز مخرج الافلام العظيمة " المواطن كين , والرجل الثالث وماكيت " قال عنها :
    انها سينما بلونها الخيال افضل من الألوان الطبيعية .
    ان هذه العودة التاريخية لافلام الماضي , تأصيل لحركة السينما العالمية , وتأكيد على اهمية الفيلم الصامت , الذي بني عليه امجاد السينما العالمية والتى يمكن لكل مهتم بالسينما ان يستفيد منها اضعاف المرات , اذا ما اتيحت له فرصة مشاهدتها ونوادى السينما , قادرة على اتاحة هذه الفرصة , لفهم اعمق وأشمل للتعبير السينمائي الراقي , الذي يمكن متابعته من خلال الفيلم الصامت بخيال أوسع .
    وعودة الى هذه الامجاد السينمائية القديمة قد يتيح لكل المهتمين بدور السينما في حياتنا الثقافية والاجتماعية , فهما أعمق للعملية السينمائية من الناحية التقنية .
    وقد حاول البعض انتاج الفيلم الصامت , بعد ان نطقت السينما ..
    ففى تاريخ السينما العالمية عرض فيلم صامت سنة 1952 اسمه
    " اللص " لم ينتشر , وفي عام 1974 اخرج ميل بروكس فيلما صامتا اخر , ولكن النتائج لم تكن مشجعة فقد انتهى العهد الذي يمكن للناس فيه ان يذهبوا لمشاهدة فيلم سينمائي صامت , بعد كل هذه التقنيات الحديثة في صناعة الفيلم السينمائي منذ 1902 . بداية عهد العالم بصناعة السينما وحتى الآن .
    وطوال هذه الحقبة من التاريخ الحافل اعترضت التقنية السينمائية صعوبات مهمة في كيفية التعامل مع شريط الصوت . وكيف يمكن التوفيق بين الصوت والصورة ؟ سؤال يوجهه كل مخرج متمكن وموهوب لنفسة في كل مشهد يريد تنفيذه , فالمشكلة ليست حذف مقاطع من الحوار بل في كيفية خلق تآلف طبيعي بين الصوت والصورة ينقل للمتفرج التعبير والمضمون دون اسفاف او استسهال .
    وضمن هذه التقنية تقع الاخطاء في الفيلم .
    خاصة اذا ما كان الحوار في المشهد مملا ومكررا بطريقة سخيفة , كما ترى في الفيلم العربي مثلا حين نجد امامنا بطلة الفيلم بجانب التليفون الذي يرن , فترفع سماعتها , وتركز الكاميرا عليها وهي تقول : مين ممدوح ؟ انت تأخرت ليه ..؟ مش حتيجى ..؟ ليه ؟ السيارة اتعطلت ..؟ مالها ..؟ الموتور ..؟ ... الخ .
    وكان كافيا ان نفهم من السرد السابق في الفيلم ان ممدوحا لن يحضر وقد اعتذر بالتليفون بشكل مبسط تعتمد على الصورة , ويقلل من هذا الحوار الذي يمكن متابعته في عشرات الافلام العربية ..!!
    ان السينما الصامتة التى عاشت لربع قرن من الزمان( 1902– 1927)
    وكانت قادرة بالايحاء والتعبير على جذب المشاهد لها , بل انها تعد من التحف الفنية بالنسبة للمشاهدين في هذا الزمان وقد مضى اكثر من سبعة وخمسين عاما على بداية الفيلم الناطق الآن بحيث اصبحت السينما صناعة مؤثرة في حياة كل منا , ثقافيا واجتماعيا وسياسيا .. الخ .
    كما قدر للسينما ان تكون الحياة التى تحلم بها احيانا , والتى نخافها احيانا اخرى , والتى نعيشها احيانا ثالثة ..!!
    والعودة الى القديم نفيد في مجال الفهم الكامل للعملية السينمائية بالذات مع المتابعة الحية والدقيقة لمشاهدة أي فيلم صامت .
    فالسينما الصامتة التى عاشت مطلقة حتى 1927 حين ظهر أول فيلم ناطق في هوليود هي أساس العمل السينمائي الناجح والكثير من عيوبنا في اخراج الفيلم العربي , يعود الى ان اغلب مخرجينا الأوائل انتقلوا الى الفيلم الناطق الملئ بالاحاديث والحوارات , ولم يعتمدوا اللقطة السينمائية المعبرة في افلامها .. ولكنهم لو حاولوا , التعبير عن افكارهم من خلال الفيلم الصامت بداية , ربما تحقق التجويد العالمي في الفيلم العربي ..!!
    لان المخرج هو السيد الموقف في الفيلم الصامت ..!! بل هو كل شئ مع السيناريو الذي يتكلم عوضا عن أي حوار .. ويعتبر المخرج الامريكي " سيسيل دي ميل " عرابا كبيرا في السينما الهوليوودية الصامتة ..
    وشارلى شابلن عرابا آخر في ميدان الفيلم الصامت بأدائة التمثيلي الرائع الذي اضحك ملايين الناس دوم ان ينطق بحرف واحد ..وهناك في السينما العربية فيلم " دائرة الشك " من بطولة نور الشريف وليلى فوزي , عشنا دورا صامتا ورائعا وعظيما للممثلة القديرة "ليلى فوزي" لقد عبرت عن موقفها بالحركة والتصرف دون ان تنطق حرفا واحدا طوال مدة الفيلم , فكانت سابقة مشرفة وناجحه لليلى فوزي وللسينما العربية , اعتمادا على افكار السينما الصامتة , وهذا يؤكد مدى النجاح الذي يمكن ان يتحقق باعتماد اللقطة المعبرة , والتخفيف من حدة الحوار السينمائي .
    ولو دققنا في فيلم " خرج ولم يعد " للمخرج محمد خان , نجد أقوى المشاهد تلك التى اعتمدت على اللقطة المعبرة , واستغنت عن الحوار , بكيفية فنية معبرة , حتى في شكل البطلة للفيلم , وفي المباني المتداعية , وفي الأرشيف المهترئ , والماعز على السلالم , وفي البساطة الأخضر من أرض القرية , فالسينما الصامتة قالت عن النجاح السينمائي جملة واحدة وهي : تكلم قليلا , وعبر كثيرا ..!!
    وكلما حاول الفيلم ان يعبر قليلا , ويتكلم كثيرا , كلما أخذ المشاهد معه الى بحر من التكرارية والملل , وقديما قالوا : اذا كان الكلام من فضة , فالسكوت من ذهب ..
    وهذا لا يعنى العودة الى السينما الصامتة , بقدر ما يعني العودة الى التعبير السينمائي , بالاستغناء قدر الامكان عن التعبير الحواري ..
    ------------------------------------------------

  4. #4

    رد: السينما بين الشكل والمضمون - كتاب تحت الطبع

    المبحث الثالث
    القيم السياسيه والتجاريه في هوليوود

    ------------------------

    القيم السياسيه والتجاريه في هوليوود
    الحلقة الاولي
    هل لا يزال الاعتقاد راسخا بان هوليوود هي ام السينما في العالم ؟
    ام ان دورها انتهي , وانها ليست اكثر من مؤسسة تتحكم بافلامها العوامل التجارية ذاتها .. ؟؟
    ام انها مؤسسة بها اتجاهات السياسة الدولية ..؟
    .. ايا كان اراي , فان هوليوود هي كل هذه الاشياء مجتمعة .. !!
    لقد قالت الراحلة مارلين مونرو :-
    هوليوود هي المكان الذي يدفعون فيه الف دولار لقاء قبلة , ونصف دولار لقاء روحك ... !!
    ومارلين مونرو كانت صائبة وذكية ..
    فان هوليوود تتسم بتلك السرعة الجنونية في اتخاذ أي قرار بشان العمل السينمائي , والذكي في هوليوود هو الذي ينتهز الفرصة بكل جراة وقوة , ليصل بالسرعة الجنونية نفسها ,
    فلا يهم احدا ما هي مهنتك في مدينة هوليوود , بقدر ما يهمهم ما تفعله من اجل هوليوود السينما اذا سنحت لك الفرصة –
    هكذا تقول " ديان توماس " التي كانت تعمل مجرد خادمة في مطعم هوليوودي – وكتبت قصة عنوانها " جعل الحجر رومانسيا " وقدمتها الي احدي الوكالات التي باعتها للسينما مقابل ربع مليون دولار , لتتحول " ديان توماس " في لحظة خاطفة من خادمة الي كاتبة سيناريو ... !!
    فكل انسان يعيش في هوليوود معرض للتحول المفاجئ والخطير في حياته بين لحظة وآخري ... !!
    والحقيقة الثابتة عن هوليودد هو اعتمادها علي جمهور الصالات السينمائية والاقبال علي افلامها في كل المدن الامريكية ,
    فتدرس نوعيات الجمهور ورغباته سنويا , لكي تؤمن الربح او العائد المادي للافلام التي تنتجها , خاصة اذا ما علمنا ان الذين ارتادوا الصالات السينمائية الامريكية سنة 1978 , يصل عددهم الي مائة واربعة عشر مليونا حسب الدراسة التي قامت بها مؤسسة احصائية مركزها واشنطن .بخلاف رواد الفيلم الامريكي في انحاء العالم المختلفة الاخرى
    فلا بد من عقلية تجارية فذة تجيد فن التعامل مع وسائل الدعاية والاعلام وبالذات مع المحررين والنقاد السينمائيين , فاذا فشل احد الافلام في اوروبا فتحت ابواب هوليوود للنقاد السينمائيين في اوروبا , واذا لم تعرض منعت الافلام عنهم الى ان يتم عرضها وتحقق نجاحا مبدئيا ,
    حيث يقوم كل شئ على اساس ما يتحقق من نجاح في السوق التجارية , وكله يقوم على اساس العرض والطلب ..
    فالشركة التي تسير اعمالها بشكل مربح تتعالى على المواهب غير المعروفة , وتعتمد طريق الربح حتى يتغير حالها فتبحث عن الجديد الذي يمكن ان تقدمه بعد ذلك فالمنع والمنح مع كل الاشياء اسلوب تدبره هوليوود بذكاء شديد يخدم مصالحها قبل أي شئ - كما قالت مارلين مونرو .
    وهوليوود تسير حسب الموجه السائدة فكريا وفنيا ,
    فاذا سعى الناس الى الكاوبوي امتلأت الصالات بأفلامه واذا سعى الناس الى الاثارة , تسابقوا اليها , واذا احسوا بالحاجة الى الاساطير والخيال قدموها , واذا تغيروا الى الرعب لجأوا اليه بكل ما يملكون من آدوات فنية راقية , واذا مالوا نحو الكوميديا اغرقوا السوق بها بما يعتمدونه من تقنية وحرفية , واذا وجدوا في الخيال العلمي امرا مثيلا ومغريا فكروا فيه وتفننوا في تقديمه للناس
    ولا يقفوا عند حد في استلاب احاسيس الناس نحو عالمهم السينمائي الرهيب وهكذا عشنا عالم الكاوبوي في الخمسينات واجواء الاثارة في الستينات والرعب في السبعينات ... الخ ..
    وكل اعتمادها على نجوم الشباك في هذا وذاك , فجاكلين بيسيه لا تستطيع حين كانت نجمة السينما الفرنسيه الاولى في الثمانينات ان ترد كثيرا لفيلم من افلامها في التسعينات وكذلك الحال بالنسبه لابناء جيلها/ وداستين هوفمان وجنيفر اونيل وجين هاكمان ودايان اونيل عملة غير ساخنة - وجون ترافولتا هبطت اسهمه بسرعة البرق - ولي مارفن وتشارلز برونسون تقليديون عفا عليهما الزمن .. !!
    فمن هم الساخنون الجدد بعدهم خلال عقد التسعينات ..
    اورنيللا موتي الايطالية , او ايزابيل ادجاني الفرنسية , ام هي بوديريك , ام هو مايكل جاكسون ... ؟؟؟
    ايا كان النجم , فانهم لا يبخلون ويدفعون له الملايين , ما دام في النهاية سيحقق عشرات الملايين من الدولارات في العرض الاول .. فقد دفعوا سنة 1978 ( لمارلون براندو ) ثلاثة ملايين , ولجورج سكوت مثلها , ليمثلا سوريا في فيلم واحد لم يكونوا قد حددوا عنوانه .. !! ستة ملايين دولار للحجز فقط , لا أكثر ولاأقل ... !!
    فلا يهم كم يدفعون ... !! ما دامت النتيجة في النهاية كم هم سيقبضون من أموال ... ؟؟
    وهوليوود هي دراسة أحوال المستقبل في السوق السينمائي – التفكير بمنطق تجاري –
    فيجدون ان احتمالا يسير الى ان افلام رعاة البقر ستعود للحياة مرة اخرى بعد وقت قصير فيعدون العدة ويجهزون انفسهم لهذاالاحتمال , ويقدمون المكافآت المادية الكبيرة لمن يكتب سيناريو جيد عن فيلم حول رعاة البقر يدفعون ولا يفكرون متى يمكن انتاج هذا الفيلم او هذا السيناريو ... ؟؟ فقط هم يمسكون بالمستقبل بين أيديهم
    والنساء تبحث عن البطولات الفردية التائهة في هذا الزمان ,
    فلا بد ان تكون افلام رعاة البقر لها مذاقها الخاص قريبا ..
    ولا بد ان يستعدوا لذلك مقدما وقبل سنوات متعددة ..
    مسألة تخطيط ..
    وهي في هذا لا تقدم وسيلة لتصل الى اهدافها في احتكار التفوق والنجاح ..
    وتسعى الى الموهوبين والناجحين من مختلف اقطار العالم بلا استثناء , ما دام في مقدرتها ان تضيف هذا المتفوق والمتميز الى رصيدها في عالم السينما , ليبقي اسم هوليوود رنانا ومدويا الى ما لا نهاية ... !!
    ومن هو الفنان الذي لا يسعي للعمل في هوليوود ... ؟؟
    كل المخرجين الناجحين في اوروبا ذهبوا الي هناك ليحققوا شهرة اوسع . فلوي رمال اخرج سنة 1977 فيلم حلوتي الحبيبة في امريكا – و " كلود ليلوش " التيشكي الاصل بحث عن ممولين للافلام التي قدمها من امريكا وهو الذي قدم الفيلم الغنائي " هير " والبرتو برتولوتش قدم " لونا " في امريكا .. !!!
    -----------------------------------------------------------------------------



    رحلة الي هوليوود
    الحلقة الثانية
    ---------------
    بالتاكيد فان هناك عددا غير قليل من المخرجين العرب بحثوا ويبحثون عن الفرصة التي يقتحمون بها عالم هوليوود , وكانت هناك علامات تنبئ بهجوم عربي علي هوليوود , ربما ليحرموننا نحن من ابداع مخرجينا وربما ليجردون المبدعين عندنا من سمات التفوق المحلي والاقليمي ..
    المهم ان ننتبه .. فلا يجرفنا التيار الهوليودي بعيدا كما حدث لعمر الشريف لان هوليوود عالم يفكر بالربح والخسارة ضمن تقنية سينمائية راقية والمبدع العربي الذي سيغامر بالابحارالي هوليوود يجب ان يفهم ذلك ويعيه ..
    فهم هناك في هوليوود يعيشون بالعواطف واي فشل يلغي البقاء والوجود , ويهدم الابداع مهما كان النبوغ . فالنجاح يعني الارتفاع الي اعلي القمم السينمائية اما الفشل فيعني الهبوط الي الحضيض دون هوادة وبلا رحمة ..
    فلو ان فيلما كلف 35 مليون دولار مثل فيلم " الرؤيا .. الآن " انتاج عام 1977 , فمن هو الذي يستطيع ان ينام ملء عينيه من العاملين في الفيلم اذا لم يحقق النجاح المنتظر له .. ولو ان فيلم مايكل سيمنو الذي كلف 44 مليون دولار باسم " ابواب الجنة " فشل في جذب المشاهدين اليه , فان الشركة التي انتجته ستعلن افلاسها وتغلق ابوابها .. انها حرب اقتصادية رهيبة , تحتاج الي مغامرة ومقامرة , وتحتاج الي ذكاء وابهار , وقدرات فائقة في الدعاية والاعلام والاعلان والسيناريو والاخراج والتسلية والترفيه ,
    انها عالم الذي يحقق عائدا لكل هذه التقنية الرهيبة , ومن لا يستطيع ان يقدم شيئا لا مكان له , ويطرد من هوليود مهزوما وطريدا بكل عنف وقسوة ..
    وحتي نتعرف علي المؤسسة الامريكية الخطيرة , وهي اداة طيعة لسياسة كبري تحاول التاثير علي عقول الناس بطريقة او باخري من خلال التقنية المتفوقة في السينما نري موقعها المعادي للعرب .
    منذ ان استقل الانسان العربي بشخصيته في هذا الزمان , وهم يحاولون ادانة الشخصية العربية بالكثير من افلامهم ذات الطعم القذر ومن هذه الاعمال , فيلم قام ببطولته الممثل العربي العالمي " عمر الشريف " الذي كان يقبل علي نفسه ان يكون سلعة تحركها شيكات المنتجين في هوليود وهو يقبل تمثيل دور يدين الشخصية العربية في فيلم اسمه " اشانتي " عن تجارة الرقيق في افريقيا , والتشويه بالعرب والدس ضدهم , في حين تبدو الشخصية المتحضرة التي تدافع عن القيم والمثل لرجل قادم من اسرائيل هكذا ببساطة شديدة , تفلسف هوليود الامر , وتضع السينما في خدمة السياسة الموجهه ضد الوطن العربي كله ..
    لكن ما يخفف الامر الي حد ما اننا كعرب قادرين لو اردنا ان نصل الي العالمية , ونؤثر علي مجريات الامور في السينما العالمية ..
    ولقد حدث ذلك اكثر من مرة علي المستوى السينمائي , مع نجمة السينما الفرنسية " سيمون سيتوريه " التي لا ينس عربي تاييدها لقضية الجزائر وثورتها , والتي وقفت في الخمسينات ترد علي تحية الجماهير لها بعد انتهاء احد ادوارها المسرحية لتقول لهم :
    " من الجميل ان تاتوا الي المسرح وتستمتعوا بالفن , ولكن الفن اذا لم يخدم الحياة , لا يعود له قيمة .. فهل تستمتعون بالمسرح والفن وفرنسا ترتكب افظع الجرائم ضد شعب اعزل في الجزائر " ..
    وسيمون سيتوريه هي سيدة الشاشة الفرنسية , ورغم المقاطعة والتجاهل الامريكي الهوليودي لاعمالها , فانها حققت نجاحا باهرا وهي تفوز بجائزة اوسكار احسن ممثلة لعام 1960 متفوقة علي منافستها العظيمات مثل اودري هيبورن ودوريس داي واليزابيث تايور في ذلك العام .. !!
    وكان سر سعادتها هو انها بعد عشر سنوات من المقاطعة الامريكية لها بسبب توقيعها علي نداء استوكهولم العالمي يحظر استخدام اقنابل الذرية سنة 1950 , استطاعت دخول امريكا والفوزبالاوسكار ..!!
    - اما نجمة السينما العالمية اليونانية " ميلينا ميركوري " والتي لفتت انظار العالم الى افلامها " ابدا الاحد " و " فيدرا " و" هو الذي يجب ان يموت " ونالت الاوسكار عن دورها في فيلم " ستيلا " .. فقد دافعت عن الحرية في بلادها , خاصة بعد ان اعتقل الموسيقار اليوناني تيودور اكيس , مؤلف موسيقى زوربا اليوناني , وقادت المظاهرات وهي تعيش في هوليود ضد مثل هذا الاجراء , حتى غدت وزيرة للثقافة اليونانية , وحليفة وصديقة حميمة للثورة الفلسطينية في موقعها السياسي والفني الجديد ..
    وجين فوندا التي تنتمي الى عائلة عريقة في الفن , والتي بدات افلامها بفيلم " القصة الطويلة " وشاركت بفيلم " جوليا " اختارت الوقوف بجانب الشعب الفيتنامي ضد تورط بلدها امريكا في الحرب هناك , وغني عن الذكر الحديث عن دور فالنسيا رد جريف افضل نجمة سينمائية في بريطانيا ولخمسة عشر سنة سابقة والفائزة بجائزة جمعية النقاد الوطنية الامريكية عام 1984 كاحسن ممثلة عن دورها في فيلم " عالم بوسطن اكبر مناصرة للقضية الفلسطينية في السينما العالمية ,.. الخ
    وسط هذا التطرف في المواقف السياسية الهوليودية , نجد انفسنا امام فيلم مثل " ضاربة الطبل الصغيرة " عن الصراع العربي – الاسرائيلي نجح كرواية كتبها جون لوكاري , فقرر المخرج الامريكي " جورج هيل " , والسيناريست " لودينج مونديل " تحويلها الى فيلم سينمائي انتهى الاعداد له في السنة الماضية , يقول المخرج هيل حوله : -
    اننا لم نصنع فيلما سياسيا , ولا يوجد لدينا بعد سياسي , نحن قمنا بصناعة فيم اثاره وقصة مثيرة , تصادف ان لها خلفية سياسية , فالكتاب يصور الفلسطينيين لاول مرة في ضوء انساني , وهذا شئ جديد ومثير .
    وتقوم بالبطولة النسائية في الفيلم دايان كينون وتلعب دور شارلي العميلة المزدوجة – والفيلم يصور الصراع كما هو دون تحريف وبواقعية الروائي جون لوكاري الذي يحاول ان يعتمد الحياد حتى لا يقابل الفيلم السينمائي بالهجوم والمقاطعة , وبطلة الفيلم هي النجمة العالمية المشهورة الوحيدة في الفيلم بينما اعتمد المخرج في باقي الادوار على ممثلين وممثلات غير معروفين جيدا , المهم ان الجميع يرددون قائلين :-
    اننا نامل ان لا ينظر الناس الى الفيلم نظرة سياسية بل كقضية انسانية وعمل سينمائي فني - لكن الذين شاهدوا الفيلم وجدوا انه غير محايد بالمرة, وبناصر اعداء العرب في نهاية الامر وهكذا الحال مع الفيلم السياسي العالمي .


    رحلة الى هوليود
    الحلقة الثالثة
    -------------
    هكذا نجدهم في فيلم " المدافع والغضب " الذي عرض سنة 1983 والذي يدور حول ايران في بداية القرن الحالي , ويضطلع ببطولته الممثلون " بيتر غرايفس " وكاميرون متشيل وباري ستوكس والعربيان " احمد مظهر وعمر سهم " ..!! وتدور احداثه حول حفر بئر للنفط سنة 1908 , وقد صور الفيلم في مناطق بين مصر وتونس , وقصته شبيهة الى حد بعيد بمسلسل دالاس التلفزيوني الشهير .
    لا شئ يتحقق لاحد في هوليوود دون منفعة او مصلحة متبادلة ..!! فلا يفهمون معنى لود او الصداقة او الجيرة او الزمالة , لا يفهمون سوى النجاح والارباح ..
    وبارغم مما تراه من اهتمام بافلام تتحدث عن الزنوج والسود , ليست مهتمة كثيرا بجوانب حياتهم الانسانية فهى تقدمهم في مشاهد العنف والاثارة والمطاردة والقتل والجريمة ’ وكأن الزنوج لا يعيشون حياة انسانية او عاطفية بينهم , وهذا يعني ان كل شئ مدروس في هوليوود حسب احتياجات السوق السينمائية الذي يصور الاسود تصويرا لا يتميز بالرقة ابدا , فنجده والعنف متلازمان دائما وابدا . انها التفرقة العنصرية , رغم كل تلك المظاهر . خاصة بعد ظهور التأييد الاسود للقضية الفلسطينية بشكل عام
    حيث اصبح اليهود الصهاينة يعادونهم في كل مكان , وتاثير هؤلاء على هوليوود كبير فلا شئ يتحرك في هوليوود , ان لم يتم بقالب سياسي وايديولوجي يتبع تفكير المسيطرين على هوليوود – وهم في فيلم مثل " صائد الغزلان " لا ياخذون المشاهد الى عدالة القضية الفيتنامية , وانما ياخذونه الى عالم الرعب الذي يعيشه الشباب الامريكي الذي يقاتل في فيتنام , ويعود محملا بكل الاضطرابات العصبية والنفسية التي تهز كيانه , هكذا يصورون اثار الحرب الفيتنامية . وهكذا يصورون دور الزنوج في المجتمع الامريكي . بعقلية سياسية محدودة . كون هوليوود مركزا تقنيا واقتصاديا فهي خاضعة لتاثيرات سياسية معينة ..
    والحقيقة التاليه عن هوليوود انها تعيش جو المنافسة الساخنة , فاي فكرة جديدة ,يتم التستر عليها , لان كشفها يعني سرقتها , وتقديمها الى الجمهور بشكل او باخر , ليس من الشركات المنافسة فقط وانما من التلفزيون ايضا , فهو منافس خطير لهوليوود الان , واي فكرة تنجح يتكرر انتاجها –
    أي.تي . نجح , فيمكن تصوير جزء ثاني منه – ويمكن تقليده ببدعة اخرى جديدة – وهكذا مع السوبرمان – هكذا مع كنج كونج – هكذا مع حرب النجوم ومغامرات الفضاء – هكذا مع افلام الرعب – تجد افكارا تتلاحق وتتنافس حول المضمون الواحد – بابداع سينمائي رهيب – التقليد هنا غير ممل لان فيه جديد – كل يحاول ان يقدم اضافة جديدة عما سبق عرضه ولا يكرر نفسه ابدا – رغم وحدة المضمون المهم ان المنافسة واضحة في هوليوود , والافكار الجديدة تجد من يرعاها ويؤمن لها طريق الابداع السينمائي الكامل – ما دامت تحقق ربحا للمنتجين ..
    ان السحر الحقيقي في هوليوود هي تلك التقنية العالية وذلك التخطيط الرهيب , وهذا الجديد , مع ما يتوافر فيه من حرية في النقد الذاتي لكل المظاهر الاجتماعية والسياسية الامريكية ولو انها تاتي في قوالب مفهومة الاتجاه , وتخدم مصالح واستراتيجيات عليا تهيمن على ارض وسماء هوليوود ..!!


    نهاية " الرحلة الى هوليود " في الاوسكار
    - هوليوود مخيفة وقبيحة , بقدر ما هي مشرقة وجميلة وساحرة .. الشئ الوحيد الذي يبعدنا عن الدخول في تناقضات مع تقدمه من الافلام , هو ان نسعى اليها بوعي , وعقول مفتوحة , ونفكر في القصد السياسي والاقتصادي المحلي والعالمي لما تقدمه من افلام لنا . كسوق مستهلكة , ويمكن في النهاية ان نستفيد بما نراه , وان نتعلم منه في ما يمكن ان تتجه , هذا كل ما في الامر , فهوليوود , هي الدنيا الواسعة الامريكية بكل تناقضاتها الاجتماعية الرهيبة .
    - ----------------------------------------------------------------------


    لماذا ... وكيف أفلام جيمس بوند ؟
    سيعرض في صيف 1985 فيلما اخر , من سلسلة أفلام جيمس بوند , عنوانه " منظر للقتل " بطولة روجر مور وقد بدأت سلسلة أفلام جيمس بوند سنة 1962 , وقدم الشخصية ممثلان هما :- شون كونيري وروجر مور , اللذان تقاسما بطولة ما يقرب من أربعة عشر فيلما حول هذه الشخصية الاسطورية في مغامراتها وبطولاتها الخارقة للعادة ..
    الأول استمر يرمز الى جيمس بوند ما بين 1962 وحتى 1967 ... !!
    ثم تولى أمر جيمس بوند روجر مور حتى الان ..
    * وجيمس بوند اسم ذو رنين لشخصية تؤمن بأنها تخدم المملكة المتحدة أولا وقبل كل شئ , وتعلم أن يكون انسانا بدون عواطف انسانية .. فكل عملية قتل يقوم بها تتم ببرود شديد , ولا تخلو هذه الشخصية من تمييز عنصري تجاه أعدائه – وهو لم يكن يوما من الايام صورة انسانية تبعث على الاحترام .. كما لم يكن يوما من الايام موفقا سياسيا يبعث على التقدير.
    وقد وافق شون كونيري علي أول دور لجيمس بوند سنة 1962 مقابل خمسة عشر ألف دولار دفعها اليه المنتجان هادي شولتز مان وألبرت برو شيللي , ونجح فيها نجاحا خارقا .
    ثم حاول ممثل اخر اسمه جورج لازتبي أن يلعب الدور وفشل فشلا ذريعا بعد أن قام ببطولة فيلم " في خدمة صاحبة الجلالة " سنة 1969 واختفي من عالم التمثيل نهائيا .
    واستلم الشوط روجر مور سنة 1971 ونجح فيه , وكان أقوى أفلامه هو فيلم : " الجاسوس الذي أحبني " سنة 1977 , ثم اكتويوسي 1983 , حيث نجد أنفسنا أمام جيمس بوند وهو يتفادى صاروخ موجه لطائرته بطريقة لا تصدق كالعادة .
    وكل القصص السينمائية التي تحدثت عن جيمس بوند كان مؤلفها الروائي الانكليزي إيان فيلمنج , ما عدا قصة فيلم " أبدا لا تقل أبدا مرة أخرى " بطولة شين كونيري سنة 1983 , ولو أن القصة تستند أساسا لشخصية جيمس بوند ... !!!
    --------------------------------------
    الصهيونية تلاحق الفنان العربي

    عندما نقول ان الحرب بيننا وبين الصهيونية حرب حضارية , وعندما تتاكد لنا العلاقة الوثيقة بين الصهيونية وشركات الانتاج السينمائي العالمية , لا نستغرب كثيرا مخطط الصهاينة لجر الفنان العربي , وبالذات فناني الصف الاول في العالم العربي الى حظيرة الاخطبوط الرهيبة .
    في الستينات حاولوا مع عدد من الفنانين ولم ينجحوا الا مع عمر الشريف الذي كان قد ذاق طعم الشهرة بعد ثاني فيلم يمثله في هوليوود , ولم يكن بامكانه ان يفقد هذا المذاق , ولم يكن ذكاء من عمر الشريف , بقدر ما كان استغلالا من الصهيونية لقدراته ومواهبه الفنية في ضرب القضية العربية من خلال ضرب العروبة في احد رموزها البشرية .
    ولا يمكننا ان نبعد انتاج فيلم " موت اميرة " عام 1978م عن حياة اميره سعوديه بعيداعن يد الاخطبوط الصهيوني , كما تاكد للجميع وعلى كافة المستويات بان البرنامج الغنائي في التفزيون الفرنسي يدار بطريقة صهيونية تمكنت من المطربة اللبنانية " صباح "عام 1984م كاحد الرموز الفنية المتفوقة في عالمنا العربي , وحينئذ لم نفكر في شراء هذا البرنامج , او اعداد برنامج مشابه له باي ثمن وفي التلفزيون الفرنسي , واكتفينا بالجانب السلبي في مواجهة الموضوع , ولم نبحث عن الحركة الايجابية لموقفنا العربي على المستويات الثقافية التي تحاول الصهيونية الهيمنة عليها , تماما كما فعلنا في موضوع الفيلم الذي صورته ادوات الصهيونية لتشويه الانسان العربي , ولم نفكر في انتاج فيلم عالمي يؤكد على القيم الاسلامية لنفس المجتمع العربي المعاصر , اكتفينا بالجوانب السلبية فقط وتوقفنا عندها .
    حتى ظهرت فالينسيا ردجريف بفيلم الفلسطيني
    وانطلق مصطفى العقاد بالرساله وعمر المختار
    واخترق يوسف شاهين مهرجان كان الدولي
    ولا تزال الحرب قائمه
    والكيان الصهيوني يحاول سرقة العبقريه الفلسطينيه ويحسبها لنفسه
    اطلاله سريعه حول صراع حضاري مع العدو الصهيوني
    وكل التحيه

    ---------------------------------

    الامريكى القبيح
    هل شاهدت الفيلم الامريكى ( العسكري الأزرق ) ؟ اذا لم تشاهده فسوف تخسر خلفية ضرورية لمعرفتك بالوجه الامريكى القبيح , الوجه الغادر والمخادع والقاتل والسفاح , ففي القرن الماضي بينما كانت الحرب على أشدها بين الهنود الحمر والامريكيين البيض ذوى البذلات القبعات الزرقاء , اتفق الطرفان علي مصالحة , لكن الامريكى ذا البذلة الزرقاء خان الاتفاق وغدر بالهنود الحمر في هجمة بربرية شرسة , اعتدى فيها على النساء بشكل وحشى , حتي أن الفيلم أبرز بشكل سافر كيف اعتدى الجنود الامريكيون على امرأة هندية وقطعوا لها ثديها أثناء اغتصابها دلالة على وحشية الامريكى ووجهه القبيح .
    وهل سمعت عن الطيارين الامريكيين اللذين القيا قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناجازاكي في اليابان ؟ لقد انتحرا اما بالسم واما بالقلق والاضطراب العصبي بعد أن سمعا وقرأ عن الدمار الذي أحدثاه بقنبلتهما الذرية .
    واذا شاهدت فيلم " العرب " فحاول ان تفهم حقيقة المجتمع الامريكى كالتالي :
    • أن هذا المجتمع قائم على المهاجرين من أوربا الغربية بحثا عن الرزق الوفير , وقد نمت بين هؤلاء المهاجرين مجموعة من الرجال المتسلطين المستبدين الذين يسرقون أرزاقهم وخيراتهم , مما زرع في قلوب جميع المواطنين في امريكا الحقد والكره بعد ذلك , وأصبحت الجريمة في أمريكا علامة رقي وتقدم أمريكية .
    • يظهر في الفيلم ايضا أن هؤلاء تدرجوا من مجرمين عاديين الى مجرمين منظمين , الى زعماء خطرين شكلوا ما يسمى بالمافيا , وهؤلاء ( زعماء المافيا ) اثروا في معطيات القرار الامريكى بما لهم من يد طويلة تصل الى اكبر الرؤوس الامريكية , ثم تدرجوا في مراكزهم الاجتماعية حتى اصبحوا أعضاء أقوياء في الكونجرس الامريكي .
    ولا نستبعد أن يكون الكونجرس الامريكى كله الآن من اصل مافياوى والنتيجة من فيلم " العراب " تقول ان أصحاب القرار الامريكى هم في الاصل زعماء الاجرام الدولي .
    اما مسلسل " الجذور " فيعطينا الوجه الامريكى القبيح وهو يستجلب الانسان الافريقى كأيه سلعه يشتريها لكى يجبره على العمل فى الارض بدون اجر مثل العبيد - وحتى الان نجد فى المجتمع الامريكى الابيض والاسود - والتفرقه العنصريه التى كانت تمنع الامريكى الاسود من حق الترشيح والانتخاب السياسيين , وهذا المسلسل سيعطيك الفكره عن حقيقه الاستعمار فى افريقيا , وكيف استغل انسانيه الانسان الافريقى , وجعل منه سلعه للبيع والشراء , وكيف عاملوه بالضرب والتعذيب فى القرن الماضي , وبالتحجيم والسجن فى القرن الحالى رغم حصوله على الجنسيه الامريكيه , حتى ثار وتمرد على ذلك النظام العنصرى المجرم الحاقد , وكسب مواقعه بفضل نشاطه وكفاءته وقوته , وفرض نفسه على الامريكى القبيح الذى لا تنفع معه الا لغة القوه ولسان حالها الكفاءة والتفوق .
    وما اقبح الوجه الامريكي , وما اعظمنا لو استطعنا اذلاله بقوتنا
    وكفاءتنا

    ----------------------
    المشاغبون على الطريقة الأمريكية
    نتفق جميعا على ان تمرير السموم الغربية الى عقولنا , يتم بطريقة فنية لبقه من خلال الافلام الامريكية التى تصور لنا الرجل الامريكي وكأنه "السوبر مان " الوحيد فى العالم , وما عداه صفر على الشمال , وفى حالة وجود "سوبر مان " غير امريكي فاما ان يصوروه على انه ارهابي او شاذ او مجنون كما حدث في اكثر من فيلم امريكي , وبعض هذه الافلام قام بتمثيلة ممثل عربي الاصل اسمه " عمر الشريف " وهذا ليس مجال حديثنا اليوم .
    لكن حديثنا عن المشاغبين الامريكيين كيف تتعرف على عبثهم ولهوهم وفسادهم من خلال افلامهم دون ان تخدعنا الحيثيات التي يحاولون تمريرها الى عقولنا , فمثلا في فيلم " صائد الغزلان " الذي فاز بجائزة الاوسكار في العام الماضي , يصورون لك الانسان الامريكى البسيط الذي لا يريد الحرب في فيتنام !! فمن المسؤول اذن عن القذف بالانسان الامريكي الى حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل ؟
    يجب ان ننتبه ونحن نشاهد مثل هذا الفيلم الى ان الفيتناميين لم يذهبوا الى امريكا لكي يحاربوا الناس فيها ولكن الامريكيين هم الذين ذهبوا الى فيتنام لكي يحاربوا الناس فيها , ومن حق الفيتنامي ان يدافع عن نفسه وعن وطنه وحريته , بكل الاساليب المتاحة امام قوة غاشمة تعتدي على حقه في وطنه دون ان يكون مسؤولا عن انسانسية المشاغب الامريكي القادم اليه بادوات الحرب والدمار .
    وفي هذا الصدد ايضا لابد ان نلتفت الانتباه الى " السوبر مان " المسمى "جيمس بوند " فهو ليس " الدوان جوان " جميل المنظر قوى البنية , وانما هو رسول الدمار الى شعوب العالم الثالث الذي يزرع بذور الفتنة بين الشعوب ويخلق المؤامرات , ثم يصورونه وكأنه منقذ البشرية من المؤامرات والعكس هو الصحيح .
    المشاغب الامريكي ايضا يعتدي على نفسه بنفسه عندما يقدم لنا التفرقة العنصرية بين الزنوج والبيض الامريكيين بثوب يجعلنا نشعر بان هذا الزنجي الامريكي ليس الا سفاحا او مجرما قاتلا , يعيش بين البيض في امريكا , مع اننا لو تتبعنا الانتصارات الاولمبية الرياضية الامريكية فسنجد ان الزنوج هم اصحاب الفضل فيها على امريكا , وفى عالم الغناء والموسيقي فان الزنجي الامريكي هو صاحب الارقام القياسية في توزيع الاسطوانات ومع ذلك لا زال رغم تفوقه النوعي في كل الميادين مواطنا من الدرجة الثانية في الولايات المتحدة ونادرا ما نجد زنجيا امريكيا يعتلى سدة الحكم في ولاية من الولايات الامريكية الخمسين ..
    وبهذه المناسبة فان او فيلم انتج عن قصة " مدسة المشاغبين " كان فيلما امريكيا لمدرس زنجي في مدرسة للبيض الامريكيين الذين يستهزئون بلونه حتى يتمكن في نهاية الفيلم من اقناعها بانه انسان مثلهم , وقد قام ببطولة الفيلم الممثل الامريكي الاسمر(سيدنى بواتييه) قبل اكثر من عشر سنوات وهو من افضل ممثلي هوليوود في ذلك الحين رغم انه زنجي ...واعجبى ..


  5. #5

    رد: السينما بين الشكل والمضمون - كتاب تحت الطبع

    الفصل الثاني
    السينما العربية .. مالها وما عليها ؟
    " الحلقة الاولى "
    لا موقف .. في السينما العربية

    بعد ثمانين عاما من البدايات الحقيقة للتمثيل في حياة شعبنا العربي , ما الذي يمكن ان نقوله في حق اهل الابداع والريادة والموهبة في عالمنا العربي ..؟؟ يمكننا ان نقسم الاعمال الفنية ( مسرح وسينما ) الى
    (1) القسم الذي تم انتاجه ما بين 1927 وحتى عام 1952 تقريبا .
    (2) والقسم الذي تم انتاجه مابين 1952 وحتى 1977 تحديدا
    (3) ثم من 1977 الى 2002
    في الفترة الاولى المنتهية تحديد سنة 1952 نلاحظ على اغلب الاعمال الفنية الطابع الترفيهي " غناء وكوميديا ودراما على الطريق الهندية لاستدرار الدموع " بينما نلاحظ غياب الطابع التاريخي والسياسي – بالرغم من بعض المحاولات الفردية في تقديم الفيلم التاريخي التي حاولت اسيا داغر , وحسين صدقي تقديمهما مثل فيلم " خالد بن الوليد " الذي قام ببطولته حسين صدقي قبل اربعين عاما تقريبا ..
    وبالرغم من ان اغلب قصص الحب – بخلاف افلام فريد الاطرش القديمة – تدور حول شاب فقير يتعلق قلبه بفتاة غنية تكون عادة ابنة احد الباشاوات او الاقطاعيين السابقين وما يمثله ذلك من اشارات واضحة نحو الفوارق الطبقية الا اننا نقف امام نهاية سعيدة ومفرحة لقصة الحب رغم الفوارق الطبقية – حيث نواجه الباشا الطيب والمرح الذي يقبل فى نهاية الامر ان يزوج ابنته ذلك الشاب الفقير بشجاعته وشهامته او لذكائه وتفوقه , تلك النهايات التي مللناها فترة طويلة من الزمان لعدم مطابقتها لواقع الامور وحقيقة الحال الاجتماعي المسيطر علي الكيان السياسي في البنية الفوقية لمجتمعنا العربي حتى عام 1952 – مثل فيلم
    " ليلى بنت الاكابر " لليلى مراد – او فيلم " تمر حنه " لنعيمة عاكف ورشدي اباظه – وفيلم " فاطمة " لكوكب الشرق الراحلة ام كلثوم وللتماثل الممل والمتكرر باستمرار مزعج في افلام الرعيل الاول السينمائية نجد الكثير من المواقف الكوميدية , بحيث يمكننا ربط السنوات الاولى للتمثيل السينمائي بشخصية الفنان الكوميدي الراحل
    " اسماعيل يس " وهو القاسم المشترك لاغلب افلام تلك الفترة حيث يسند البطل في كل الافلام التى كان يمثلها انوار وجدي او حسين صدقي او فريد الاطرش , بعد بشارة واكيم الذي كان يسند البطل في الافلام السينمائية التى قام ببطولتها يوسف وهبي وبدر لاما – ونظرا لاهمية الكوميديا في ذلك العصر وجد " نجيب الريحاني " استاذ الكوميديا في فن التمثيل تهافتا عليه وعلى افلامه – وحقيقة فاننا اذا راجعنا افلام الريحانى سنجد فيها طابعا مميزا ومختلفا له مذاقا طيبا وسط افلام زمان – وهو يمثل ادوار الاستاذ حمام امام ليلى مراد – او دور سي عمر مع
    " ميمى شكيب " اولى ممثلات الانوثة والدلال في السينما العربية واحدى زوجات نجيب الريحاني الذي قدمها بنفسه من خلال مسرحه في مسرحياته التى عرضها في الاربعينيات .
    بهذه المقدمة الموجزة نستطيع القول بان مهمة التمثيل في حياة الشعب العربي كانت مقتصرة على جانب واحد الا وهو الترفيه والتسلية اما عن طريق الفيلم الكوميدي او عن طريق الفيلم الغنائي – سينمائيا – او عن طريق المسرح بجانبيه الكوميدي والاستعراضي .
    والشئ الجدير بالتنويه في هذا المجال هو ان الفترة الفنية الاولى تميزت عن الفترة الفنية الثانية بالاجادة والاخلاص في العمل الفني من ناحية الفنانين بعكس الاستهتار والتهافت التجاري على العمل الفني من جانب فناني الزمان الحالى – كما نستطيع ان نلمس الفرق الواضح فى امكانيات الفيلم الاستعراضي قيل ثلاثين عاما عن امكانيات الفليم الاستعراضي الان ...!!
    فقد امتعتنا ليلى مراد واسمهان وام كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الاطرش ونور الهدى وتحية كاريوكا وسامية جمال ومحمد فوزى بالكثير من الاستعراضات الغنائية الممتعة في افلام زمان , وهي الاستعراضات التى لم نعد نحس بوجودها في افلام هذه الايام – والجدير بالذكر ان المرحوم المطرب فريد الاطرش تخصص في لون واحد من القصص السينمائية والتى تدور حول مطرب مشهور تسعى اليه الحسان من كل حدب وصوب حتى يقتصر الحب في النهاية ايضا كعادة الافلام العربية القديمة بشكل عام – وتبقى كلمة حق في حق اولئك الرواد من ممثلين وممثلات زمان , بانهم رغم العقبات المادية والاجتماعية صنعوا الارضية الطيبة للجيل الثاني من الممثلين والممثلات والذين ساروا على اضواء الجيل الاول من الفنانين ..
    وقد استمر الخط الترفيهى الموميدي – الغنائي لعشر سنوات اخرى بعد الصحوة العربية التى بدأت بعد ثورة يوليو الناصرية مع اجراء بعض التغييرات في مضمون القصة السينمائية , التى استوجبتها بعض الاجراءات الثورية التغييرية في الهيكل الاجتماعي والسياسى بحياة شعوبنا العربية خلال الخمسينات حيث بدا الارتباط بين الادب القصصى والمسرحى بشكل عام وبين الفن السينمائى والمسرحي – وكانت ابرز القصص الادبية التى عولجت سينمائيا فى اواخر الخمسينات قصة يوسف السباعي " رد قلبى " التى تحكى قصة باشا قديم على وشك الافلاس يعانى من عقدة الباشاوية ويتصرف مع اقرب المقربين اليه على ذلك الاساس , حتى يقع فى حب فتاة من بنات الطبقة المتوسطة فتغير كل طباعه القديمة وتجعل منه انسانا جديدا يعمل مثله مثل الاخرين وياكل لقمته من عرق جبينه كما يقولون وفى العشره التاليه :
    فيمكن القول ان السينما العربية اصيبت باضمحلال خطير فى ذلك الزمن كان اقوى مظاهر : افلام الكلام الخالية من أي تكتيك سنمائي .. وافلام الجنس الخالية من التكتيك السينمائي او التوجيه الاجتماعى وحتى عام 1975 لا يمكن القول بان السينما العربية قدمت شيئا مفيدا للشعب العربي .. وكان كل شئ في السينما العربية مقلدا او مكررا او معادا او منسوخا او مبتورا او تافها او غنائيا او كوميديا او مملا سقيما فيما عدا الاعمال التى قدمتها كواكب السينما الافضل حتى الان فى عالمنا العربي وهن : فاتن حمامة وماجدة وهند رستم .
    فكانت اعمال فاتن حمامه دروسا اجتماعية للمفهوم الصحيح فى علاقة المرأة العربية بالرجل وهي تضحى بنفسها فى سبيل زوجها فى فيلم لن اعترف , او هى تبحث عن امها الساقطة بعد موت ابيها فى فيلم الاعتراف , او وهى تقدم لنا صورة الطيبة للفتاة المكافحة الشريفة فى فيلم ايامنا الحلوة , او وهى تعطى المثل للفدائيون المناضلة فى فيلم لا وقت للحب وشاركتها ماجدة فى هذا الطريق لتعميق المفاهيم الجديدة فى مشاركة المرأة العربية للرجل فى مسئولياته وحياته وهي تمثل دور
    " جميلة بوجود " او دورها الرائع عن الفتاة المراهقة التى تحب رغم القيود المفروضة عليها من اهلها فى قيلم " المراهقات " .. وقد شاركتها " شادية " فى مرحلة نضوجها السينمائي بتكريس المفاهيم الجديدة عن المرأة العاملة فى فيلم " مراتى مدير عام " الذي مثلته مع صلاح ذو الفقار عام 1965 . كما قدمت فاتن حمامة صورة للفتاة المراهقة ابنة الذوات في فيلم " لا انام " عن قصة احسان عبد القدوس " لا انا " , وكلها كما قدمنا افلاما تعطي النموذج المثالى لمعالجة مشاكل المرأة العربية فى ذلك الزمان من الخمسينات والستينات ..
    اما "هند رستم " فاجادت وهي تمثل ادوار المرأة القوية , التى تستغل جمالها وجسدها لتاكيد قوتها عند اللزوم , وهى الممثلة العربية الوحيدة التى قدمت الاغراء بصورة محتشمة ودون ابتذال وبلا تعري واضح , وكانت متفوقة في الاثارة والاغراء رغم الاحتشام كما رايناها فى افلام " باب الحديد " " والجسد " و " شفيقة القبطية " .. الخ
    وفيما عدا ذلك فكل ما قدم من الافلام عربية لم تخدم الحياة العربية اجتماعيا ولا سياسيا ولا ثقافيا ولا تاريخيا , وقد يكون هناك بعض الاعمال التاريخية مثل " المماليك " لعمر الشريف , و "واسلاماه " لاحمد مظهر " وعنترة بن شداد " لفريد شوقي " والناصر صلاح الدين" لاحمد مظهر , الا انها رغم قوتها تعتبر اقل مما يجب عمله لخدمة التاريخ العربي الاسلامى من جانب السينمائيين العرب حتى عام 1975 .
    وللحق فاننا نود الاشارة الى النقص الخطير في الاعمال التاريخية السينمائية فلا يمكننا ان نجد اكثر من عشرة افلام تاريخية وسط مئات الافلام التافهة الاخرى المنتجة عربيا طيلة الخمس والاربعين عاما الماضية هي عمر السينما العربية .. وهذا خلل سينمائى لا بد من معالجته
    وما يقال عن الافلام التاريخية يمكن ان تقول عن الافلام الغنائية مع اختلاف واحد , وهو ان السينما العربية فى الفترة الاولى حفلت بالكثير من الافلام الغنائية لعبد الحليم حافظ " لحن الوفاء وشارع الحب – الخطايا – يوم من عمري – معبودة الجماهير – ابى فوق الشجرة " وهي افلام حققت للمشاهد العربي المتعة والتسلية المطلوبة .. بجانب التاريخ الحافل للمرحوم فريد الاطرش فى افلامة الغنائية المرحة والخفيفة مع صباح وسامية جمال في الاربعينات والخمسينات في افلام مثل ازاي انساك وبلبل افندي وحبيب العمر وودعت حبك وفي الستينات بافلام مع فاتن حمامه ومريم فخر الدين ومديحة يسري وسميرة احمد في افلام مثل شاطئ الحب ولحن الخلود ويوم بلا غد وحكاية العمر كله والحب الكبير , ومع زبيدة ثروت ثم مع ميرفت امين في اخر افلامه
    " نغم في حياتى " , بالطبع فكل افلام فريد الاطرش كما تعرف قصتها واحدة ومضمونها واحد , نتيجتها معروفة , وتفاصيلها معروفة , واهم ما فيها اغانى فريد نفسة .وعلى نفس الخط قدمت لنا صباح مجموعة افلام مرحة وخفيفة مثلت فيها دور المرأة المحبوبة المدللة التى لا تعيش أي مشكلة حقيقية فيما عدا شكليتهما مع ذاتها ومع جمالها في افلامها الاولى بالقاهرة وابرزها الحب كده , والمتمردة , ورد قلبي , ومعبد الحب .. الخ ثم في افلام بيروت التى كررت فيها عقدة " فريد " مع القصة الواحدة الخالية من أي مضمون مثل فاتنة الجماهير , وكره الهوى , وافراح الشباب , واهلا بالحب , وجيتار الحب , وكلام فى الحب واخر المطاف كان فيلم " ليلة بكى فيها القمر" الذي حملت معه مضمون مشكلتها مع اخر ازواجها .
    اما " ليلى مراد " فقد شاركت فى تقديم الفيلم الغنائي بافلامها بنت الفقراء وبنت الاكابر وغيرها من الافلام التى تدور حول نفس المضمون الخالى من أي تجذير للمشاكل الاجتماعية او السياسية العربية , مستقلا شهرة المطرب او المطربة فقط ..
    واذا كنا نستعرض تلك الافلام الاستعراضية الغنائية التى نفتقدهم الان حيث تعيش السينما العربية فقرا مدفعا في الفيلم الغنائي يعود سببه الى عدو وجود الكفاءة السينمائية لمطربي ومطربات الجيل الجديد من الفنانين , وتفضيل المطربين والمطربات الاسطوانات والشرائط المسجلة والاذاعة والتلفزيون لتحقيق الربح المادي , والانتشار الجماهيري , عوضا عن الافلام السينمائية التى كانت مركز الشهرة الاوسع فى العالم العربي قبل انتشار الفيديو والتلفزيون واذا كانت السينما العربية لم تقدم لنا اكثر من عشرة افلام تاريخية طوال تاريخها الزمني , فانها لم تقدم لنا افلاما غنائية حقيقية في مرحتلها الزمنية الثانية فيما عد بعض محاولات فيروز السينمائية الفاشلة , او بعض اعمال وردة السينمائية الباهتة . لدرجة تجعلنا نعتبر فيلم وليد توفيق " من يطفئ النار " من افضل الافلام الغنائية التى انتجت عربيا , بجانب افلام نادية الجندى وسعاد حسنى الاستعراضية في السبعينات وخلاصة القول فيما سبق نصل الى التساؤلات التالية :
    اين الافلام الحربية ..؟ اين الافلام السياسية ..؟ اين الافلام التاريخية ..؟ في خارطة السينما العربية لا يوجد تاريخ , وليس لها موقف , هذا يعني ان السينما العربية – فيما ندر من الاعمال – تحيا بلا مضمون , وما يزيد الطين بلة كما يقولون انها مستمرة بلا تكنيك سينمائي – يعني لا تكنيك ولا مضمون وبالرغم من ذلك فان المطربة السينمائية العربية لاتقل في سنها وعطائها عن نجوم السينما ونشير هنا الى النجم العربي الدائمى " عمر الشريف " بطل افلام " نهر الحب " و" في بيتنا رجل " وغيرهما من الافلام وهناك المخرج الفائز بالعديد من الجوائز العالمية التقديرية "يوسف شاهين " الذي حصل اخيرا على منحة فرنسية فى ابريل 1983 مساهمة من وزارة الثقافة الفرنسية في تمويل فيلم ليوسف شاهين عن نابليون , وهو الذي قدم لنا افلام :
    باب الحديد , وصراع فى الوادي , واسكندريه ليه , والعصفور , وحدوته مصرية .. الخ .
    ومن النجوم الجدد قدم لنا الممثل الاول في السينما العربية الان " نور الشريف " افلاما ثلاثة اقترب بها من العالمية وهى افلام : العار , وسواق الاتوبيس , والطاووس .. الخ اما زميلة محمود يس فإن افضل ما قدمه فيلمان هما : على من نطلق الرصاص , وانتبهوا ايها السادة .
    اما النجم الممثل " احمد مظهر " فقد كان افضل ممثلي الشاشة العربية بعيدا عن المشاكل وهموم الرجل العربي
    - بخلاف رشدى اباظة وفريد شوقي اللذان اشتركا معا في تقديم صورة الرجل العربي الفتوة , الذي يداعب احلام الشباب من جمهور السينما العرض , ولذا فان اغلب افلامها , من نوع الافلام الهندسية التى تسحب جمهورها الى عالم الاوهام ..!! فما هو السر في ضياع السينما العربية ..؟؟
    ---------------------------------------------------------
    السينما العربية .. ما لها وما عليها ؟
    ---------------------
    تجارة الفن ام فن التجارة ؟
    -----------------
    " خلصت الحلقة السابقة الى السؤال :
    ماهو السر فى ضياع السينما العربية ؟ ..
    أين التاريخ العربي في المسرح والسينما ؟
    الاجابة التي قد لا يتفق البعض معنا عليها تتخلص في ان هذا الضياع العربي السينمائي يعود اولا وقبل كل شئ الى ابتعادها عن الادب العربي من ناحية , وابتعادها عن الواقع العربي من ناحية ثانية , وعدم انتمائها للتاريخ العربي من ناحية ثالثة , وخوفها من السياسة العربية من ناحية رابعة , وقلة حيلتها مع الحروب العربية من ناحية خامسة , وانتصار المادية التجارية على الروح الفنية الاستعراضية من ناحية سادسة , ثم وأخيرا رحيل المطربين العرب الى عالم الاخرة , وعنجهية وعجز الباقين على قيد الحياة التمثيل من ناحية سابعة فماذا تبقى للسينما العربية بعد كل هذا العجز ...؟؟
    1- افلام عنائية واستعراضية وكوميدية مرحة وخفيفة في العشرين عاما الاولى من حياة السينما العربية , وهي تخدم العمل الغنائي قبل ان تخدم جمهور السينما العربية .
    2- افلام بحثت مشاكل المرأة العربية نظرا للكفاءات الفنية غير العادية بين كواكب السينما العربية في افلام فاتن حمامة وماجدة وهند رستم , وبعض افلام شادية وما عدا ذلك , فضائح جنسية انتشرت رائحتها في العشرين عاما التالية ( وتجد الاشارة هنا الى ان كل الانتاج
    ( سوري – لبناني ) سينمائي اتجه الى ذلك المغنى المبتذل ) .
    3- السينما الجزائرية والمغربية والتونسية والعراقية بجانب الاصوات القوية الجديدة والجادة في السينما المصرية التي ظهرت في السنوات الاخيرة , تبشر الجمهور العربي ببعث جديد للسينما العربية , قد يقفز بها من حومة الانعزال والامتهان والتقليد والتكرار ...!!
    - فما هو المطلوب لسينما عربية من اجل الجمهور العربي ودعم موافقه ..؟؟
    هل المطلوب سينما عادل امام وحسن الامام ونادية الجندي ..؟؟
    ام هل المطلوب سينما يوسف شاهين وسعيد مرزوق ورضا الباهي وهشام ابو النصر ونور الشريف ؟؟
    ام المطلوب سينما محمد عبد العزيز ويحى العلمي ومحمود يس وفريد شوقي ...؟؟
    ونجيب على هذه التساؤلات بالشكل التالي :.
    1- عادل امام ونادية الجندي ظاهرة في السينما العربية , كما كان نجيب الريحاني وميمي شكيب ظاهرة السينما القديمة , وهما يقدمان التسلية والترفيه للجمهور كهدف رئيسي في كل أعمالهما , ولكنهما يمثلان وبحق نجوم الشباك في السينما العربية لانهما :.
    الافضل في عالم الافلام الخفيفة والمرحة والاستعراضية على الاطلاق وسط هموم ومشاكل المواطن العربي السياسية والاقتصادية من المحيط الى الخليج في هذا الزمان . والكوميديا الهادفة مطلوبة , والكوميديا للتسلية والترفيه مطلوبة ... والفيلم الاستعراضي الهادف مطلوب , والفيلم الغنائي مطلوب للترفيه والتسلية ايضا ... ونادية الجندي قدمت لنا ثلاث قضايا في ثلاثة افلام وسط الاستعراض والابتذال وهي :.
    قضية الادمان على الحشيش في الباطنية , قضية الفساد الادارى والاقتصادي في وكالة البلح , قضايا المجانين في انا المجنون , اضافة الى قضايا العوالم والرقصات المبتذلة في شوق وبمبة كشر , وعالم وعالمة , وليالي ياسمين , اي انها قدمت شيئا لا بأس به , وعادل امام ناقش في افلامه الاخيرة قضايا عدة في افلامة الاخيرة مثل :.
    قضية ان الانسان عبارة عن مستند حكومي في فيلم شعبان تحت الصفر... وقضية ان القانون لا يحمى الاغبياء والمغفلين في فيلم رجب فوق صفيح ساخن ...
    وقضية استغلال التجار والملاك لدم الفقراء في فيلم حب في زنزانة ...
    وقضية انهيار الامن السياسي في حياة الشعب العربي من خلال فيلم احنا بتوع الاتوبيس ..
    اما حسن الامام فقد قدم لنا : سعاد حسني في اميرة حبي أنا وخللي بالك من زوزو وقدم نادية الجندي في بمبة كشر , وقدم شريفة فاضل في سلطان الطرب , وقدم بديعة مصابني لنادية لطفي وقدم ماجدة الخطيب في دلال المصرية , وهي افلام استعراضية لا يوجد غيرها ومنذ خمسة عشر عاما ...
    والفيلم الاستعراضي مطلوب , والفيلم الكوميدي مطلوب , ولكن بشكل متزن , وبشكل لا مبتذل , ويا حبذا لو نافشت قضية معينة بداخله .. بحيث لا تصبح كل افلامنا للتسلية والترفيه كما انساق اليها الجميع الان , فليس كل ممثل كوميدي قادر على العطاء مثل عادل امام , كما لا يوجد ممثلة استعراضية في مقررات نادية الجندي الان , والدليل على ذلك فشل سهير رمزي او شريفة فاضل او نادية لطفي او ماجد الخطيب في تمثيل حياة العوالم كما نجحت فيه نادية الجندي الان ...
    اذا :.
    فعادل امام ونادية الجندي وحسن الامام خط سينمائي مطلوب للترفيه عن الجمهور ...
    - ولكن الترفيه لا يجب ان يكون ميدان السينما العربية الاساسي كما يحدث الان , ولذا فان سينما يوسف شاهين , سينما الوعي , سينما المثقفين , سينما السينمائيين , السينما التي تحسبان الى العالمية مطلوبة ايضا بشئ من التبسيط ...ولكنا لا يمكننا ان نطالب يوسف شاهين بالتبسيط لان سر روعته في التعقيد ... فيوسف شاهين خط سينمائي ضروري لمعالجة مشاكل المثقفين بالفن الرفيع ..
    .... وتلك مهمة اساسية ثانية للتمثيل عموما والسيما خصوصا ...
    - يوسف شاهين رغم تميزه في الاخراج السينمائي , الا انه ليس المخرج العربي الوحيد الذي التزم بمشاكل المثقفين وعالجها في افلامه , فهناك المخرج الملتزم " سعيد مرزوق " الذي واجه المجتمع المصري بفيلم " المذنبون " , وفيلم " الخوف " , وفيلم " زوجتي والكلب " و " اريد حلا " الخ .. وهشام ابو النصر الذي بحث في الاحياء الشعبية عن منظور اخر جديد مختلف عن افلام فريد شوقي القديمة , حيث قدم لنا فيلم " الاقمر " وعشناه معه هناك كل النماذج الانسانية التى عالجها بدقة متناهية برع فيها نور الشريف كما بدأت فيها " نادية لطفي " سلسلة افلامها في الدفاع عن المعاني الانسانية والمبادئ السامية بعد بطولتهم لفيلم " المومياء " لمخرجه شادي عبد السلام ثم اتبعتهما بالفيلم الفكري العقائد الرائع " اين تخبئون الشمس " للمغربي عبد الله المصباحي وشكلت مع مجموعة المخرجين الملتزمين ومع نور الشريف الخط الفكري – العقائدي – السياسي الجديد في السينما العربية وشاركتهم سيدة الشاشة العربية " فاتن حمامة " في هذا الخط بمجموعة افلام تدافع فيها عن المرأة العربية المصرية باقتدار عظيم والخط الذي التزمت به نادية مع زملائها الفنانين الملتزمين امثال نور الشريف وشادي وفاتن وشاهين والعقاد وسعيد مرزوق ورحت الباهي وعبدالله المصباحي وغيرهم هو الخط الذي افتقدته السينما العربية كثيرا فوجدته في هؤلاء الفنانين العقائديين اصحاب المثل العليا ... والسينما ان لم تعر الواقع بواقعية متناهية وتدافع عن المبادئ والمثل , تبقي سينما لا قيمة لها وهذا الخط هو الذي تبحث عنه في السينما العربية خط السينما الواقعية الملتزم بالوطن والمواطن وهي من اسمى مهمات العمل السينمائي قاطبة .
    - ويبقي في الوسط بين اولئك وهؤلاء , بين سينما التسلية والترفيه وبين سينما المثقفين والملتزمين , سينما الرومانسية والناس العاديين السينما التي تقدم لنا القصة بشئ من الاسقاطات الفكرية مع جانب من التسلية والترفية وفي هذا الخط يتربع محمود يس , مع المخرج المصري محمد عبد العزيز , وفريد شوقي بثوبه الجديد , وباقي النجوم من مخرجين وممثلين حيث شاهدنا في هذا الخط افلام : الشريدة – انتبهوا ايها السادة – الخبز المر للمخرج اشرف فهمي – ولا يزال التحقيق مستمرا لنفس المخرج , وهذا الخط يتراوح بين الجدية وبين التسلية , وهو يميل الى عطاء دفعة من الالتزام موازية لوقعة من الترفيه – الدرامي – وهو خط موجود في كل انحاء العالم , وفي كل مؤسسات السينما , ومعنى وجوده مرتبط بوجود السينمائيين .. بمعنى انه من المستحيل ان تكون السينما 100% يوسف شاهين او فاتن حمامة ونور الشريف . كما انها من غير المرغوب فيه ان تكون السينما 100% حسن الامام او نادية الجندي وعادل امام .. فهناك دور العرض السينمائية , هناك المنتجون , هناك فنانون , هناك جمهور , هناك تجارة لا بد ان تعيش عائلات تعدادها يصل الى مئات الالاف , ويجب ان تنتج افلام عادية لكي يعيش منها الجميع , وهذا الخط الرومانسي او الدرامي مطلوب لرواج السينما وانتشارها وقد يساعد من ناحية ثانية في خلق ارضية اوسع لثقافة سينمائية اعم واشمل ..
    - ووسط هذا الزخم كله يبقى الابداع ...
    ابداع مصطفى العقاد في الافلام التاريخية :عمر المختار , والرسالة ...
    وصلاح ابو يوسف في افلام العراق التاريخية : القادسية واليرموك ... التي تذكرنا بافلام السينما المصرية قبل عشرين عام , وااسلاماه , وعنترة , والمماليك , والناصر صلاح الدين وتبقى كلمة في هذاالخط وهي :.
    ان السينما العربية لم تعط للفيلم التاريخي حقه , ولم تعط التاريخ العربي عامة روحه .. وهذا نقص خطير في احدى مهمات التمثيل الباحثة عن التاريخ بصدق المؤرخين ..
    - ونفس الشئ يمكن ان نقوله على الافلام الحربية والتي تاني السينما العربية من نقص خطير ومريع فيها فلم تشاهد الحقيقة عن حرب 1967 سينمائيا الا في فيلم " اغنية على الممر" لعلي عبد الخالق , وكان اكثر الافلام ارتباطا بحرب اكتوبر فيلم " العمر لحظة " لمنتجته ماجدة , لكننا لا نريد في الافلام الحربية مفاهيم الجنود , واراءهم , ولكننا نريد مفاهيم القواد وآراءهم في الحروب العربية سينمائيا وحتى الان فالسينما العربية لم تعالج حروبنا العربية من سنة 1948 وحتى سنة 1982 بصدق ويقين .
    - اما الفيلم السياسي فقد انتظر وفاة الزعيم الخالد " جمال عبد الناصر" وبدأ البعض يتملق النظام الجديد المناهض لنظام عبد الناصر وكانت البداية مع فيلم " الكرنك " من قصة نجيب محفوظ , وتبعه عدد من الافلام ابرزها " وراء الشمس " الذي مثلته نادية لطفي " واحنا بتوع الاتوبيس " عن قصة للكاتب الحمامصي وتمثيل عادل امام ... الخ الفيلم السياسي قاصر عربيا ايضا في البحث عن حياة ومواقف واراء اصحاب القرار السياسي بعمق ودراية ونضوج , فالمشكلة في القمة غاليا وليس في القاعدة , وحل المشاكل يفضحها ويعريها دائما , وتعرية وفضح اصحاب القرار مهمة رئيسية للعمل السينمائي عامة , يفتقر اليها الفنان العربي حتى الان , ولو ان فؤاد المهندس وشويكار حاولا في مسرحيتهما الفاشلة " من غير ليه " الوصول الى اصحاب القرار ولم يوفقا بشكل كامل , لا يجتاز النص ضد الحقيقة الكاملة وميلة الى الكوميديا السياسية .. ولكن " عادل امام " وبجرأة وقف في " مشاهد ما شافش حاجة " منتقدا رئيس دولته حين اشار بطريقة هزلية الى العصا التى تعود السادات وضعها تحت ابطه دائما ... وفيما عدا ذلك فان دريد لحام ونهاد قلعي ومحمد الماغوط حاولوا تعرية الزعيم السياسي العربي في مسرحية " ضيعة تشرين " عن طريق المختار – الرمز , ثم في مسرحية " كأسك يا وطن " عن طريق راديو عرب عارلو , وفي مسرحية " غربة " عن طريق التراكتور الزراعي ... الخ
    غير ذلك فما قلناه عن السينما العربية ينطبق على المسرح العربي كما يلي :.
    - تجارة في تجارة , اغرقت فيها شركات الانتاج السينمائي والتلفزيوني عالمنا العربي بمسرحياتها التافههوالساقطة التجارية التلفزيونية بلا قضية وبلا كوميديا , ولا تمت للمسرح بصلة غيرصلتها بالديكور ..
    - وما يقال عن التجارة في المسرح , يمكن ان يقال نفس الشئ عن المسلسلات التلفزيونية المموجة الممطوحة التي لا تخدم قضية , ولا تقدم أي مضمون سوى التسويق والتوزيع وملء الفراغ في محطات التلفزيون العربية المنتشرة في كل مكان الان ...
    فالمسلسل التلفزيوني يختلف عن العمل المسرحي وعن العمل السينمائي في ان مدته الزمنية طويلة , فان لم يكن اقرب الى الملحمه الشعبية .
    او الاسطورة الخالدة
    او الرواية الرائعة
    او الحدث التاريخي
    لا يمكن اعتباره مسلسلا , بل امتصاص لدماء المتفرج العربي , وقتلا لذوقه واعداما لفكرة ومبادئه , وهذا هو ما تلعبه المسلسلات التلفزيونية في حياتنا الان مع الاسف الشديد ...
    وبعد ..
    في الختام ماذا نريد من التمثيل في حياتنا العربية :.
    1- نريد فنا رقيقا , وفكرا رقيقا , كما قدمنا في حديثنا عن الفليم التاريخي والفيلم الحربي , والفيلم السياسي , والفيلم الغنائي , ونريد اكثر من فاتن حمامة واحدة لمعالجة قضايا المرأة العربية المعاصرة , ونريد اكثر من أي وقت اخر فنانين ملتزمين امثال العقاد وشاهين وابو سيف وشادي عبد السلام والمصباهي والناهي , ونور الشريف , ونادية لطفي ... الخ نريد اقترابا اكثر للواقع العربي , ونريد محاكاة صادقة بين السينما العربية وبين الادب العربي , فلا نريد قشور الادب العربي فقط ولكننا نريد تقديم كل أعمال نجيب محفوظ والطيب الصالح ويحيى يخلف وغسان كنافي وتوفيق الحكيم ويوسف ادريس , نريد ان نرى الادب في السينما , ونريد ان نعيش مرحلة الادب السينمائي بشكل عام ...
    2- نريد مسرحيات عربية جادة , وهادفة وعلى مستوى البحث عن الحقيقة وبقولها بأي شكل كان , ولذا نريد أكثر من دريد لحام وصباح جزائري وعبد الحسين وسعاد العبدالله وعادل امام – ونريد البديل لسميحة ايوب وسناء جميل في المسرح الجاد ونريد البديل لماري منيب وعادل خيري ونجيب الريحاني في المسرح الكوميدي – ونريد الكثير نريد النص المسرحي المسؤول الذي يفتقد من القمة الى القاعدة والعكس صحيح ايضا .. وسامح الله تجار الفن المسرحي الذين اجتاحوه بمسرحياتهم التلفزيونية الهابطة ...
    3- ونريد اعمالا تليفزيونية حية , ناضجة , فكرية , وليس اعمالا تجارية هابطة , تدور على نفس النمط , ويقودها نفس الربان المادي التجاري .. اين الروايات العظيمة , اين الجذور العربية , اين دالاس العربية , واين فلسطين العربية , اين التاريخ العربي , لم يقدم التلفزيون شيئا نذكره او نمجده ونخلده مع الاسف , فكل ما قدمه ممثلين داخل استوديوهات مغلقة سامح الله من لا يقرا كلماتنا ولا يحاول ان ينبش فيها لعله يجد فيها شيئا صالحا لتثقيفة .
    -------------------------------
    افكار في السينما العربيه
    --------------
    نبدأ فى حديثنا عن فن التمثيل بالربط بين اهمية التمثيل فى حياة الشعوب وبين الادب القصصى , فهناك ارتباط كبير بينهما , فكما هو الارتباط بين القصيدة والاغنية يوجد ارتباط بين الفيلم والقصة , وكما هو الدور الابداعى لموهبة الشاعر يتماثل فى الدور الابداعى لموهبة الملحن والمطرب ايضا يمكن القول تماثيل الدور الابداعى للقاص او الروائى والدور الابداعى للمخرج او الممثل الموهوب .
    وهناك تقارب اخر بين تلك الاشكال الابداعية من الناحية الزمنية , فالاغنية والمغنى معروف لمئات من السنين السابقه , وكذلك القصيدة والشاعر معروف لمئات من السنين السابقة ايضا فى عالمنا العربي .

    ولكننا نجد ان القصة والروائى معروف فقط لعشرات من السنين السابقه متجاهلين بعض المحاولات وبعض الاساطير او الحكايات الشعبية , ونجد التمثيل والسينما ايضا معروفة فقط لخمسين سنة سابقه لا اكثر , والكثير من ابناء الجيل الجديد – جيل الثمانينات – تعرف الى عميد المسرح العربى " يوسف وهبى " .
    وحتى لنقع فى خطأ التحديد سننتقل الى لب موضوعنا مباشرة وما يهمنا فى هذا المجال هو الربط بين حياه الشعب العربى وبين التمثيل كوسيلة ثقافية راقية , ولكننا كمدخل لحديثنا يمكننا ان نقول بان البدايات الحقيقية للتمثيل كانت فى القاهرة , ولا يمكن ان ننسى زكى طليمات احد رواد التمثيل الاوائل فى العالم العربي والذى نقل مهنة التمثيل الى دولة الكويت بجهد يشكر عليه الان وخاصة من جانبنا نحن جمهور الشاشة الفضية الصغيرة فى الخليج الذى نستمتع باداء سعاد العبدالله وعبد الحسين عبد الرضا وحياة الفهد وخالد النفيسى فى المسلسلات والسهرات التلفزيونية الاكثر من ناجحة .
    والجدير بالزكر ان التلفزيون دخل عالمنا العربي فى اوائل الستينات من القاهرة ايضا وبالتالى يمكننا اعتبار البداية الحقيقة للتمثيل التلفزيونى مع منتصف الستينات فى مسلسلات لا تزال فى الزاكرة حتى الان مثل
    " هارب من الايام " لعبدالله غيث ومثل خماسية عبد المنعم الصاوى
    " الساقية " التى تحولت الى مسلسل لم تكتمل كل اجزائه بعد" الضحيه"
    ثم " الرحيل " حيث كانت حرب سنة 1967 عندما بدا التلفزيون المصرى فى انتاج الجزء الثالث من الخماسية واسمه "النصيب " ومما هو جدير بالزكر ان تلك الخماسية قدمت العشرات من الوجوه الفنية المتألقة فى عالم الثمانينات الان ..
    الان وبعد خمسين عاما من البداية الحقيقية للتمثيل فى حياة شعبنا العربي , ما الذى يمكن ان نقوله فى حق اهل الابداع والريادة والموهبة الفنية ؟
    بداية يمكننا ان نقسم الاعمال الفنية (مسرح وسينما ) الى فترتين زمنيتين هما :
    الفترة ما بين سنوات 1935 وحتى 1960 تقريبا .
    والفترة ما بين سنوات 1960 وحتى الان تحديدا .
    فى الفترة الاولى نلاحظ الطابع الترفيهى غناء وكوميديا ودراما بينما نلاحظ غياب الطابع التاريخى والسياسى – بالرغم من بعض المحاولات الفردية فى تقديم الفيلم التاريخى فيما ندر.
    كما ان اعلب قصص الحب تدور حول شاب فقير يتعلق قلبه بفتاة غنية تكون عادة ابنة احد الباشاوات او الاقطاعيين السابقين وما يمثله ذلك من اشارات واضحة نحو الفوارق الطبقيه الا اننا نقف امام نهاية سعيده ومفرحه لقصة الحب رغم الفوارق الطبقيه – حيث نواجه الباشا الطيب ، والمرح الذي يقبل في نهاية الامر ان يزوج ابنته ذلك الشاب الفقير لشجاعته وطيبته او لذكائه وتفوقه ، تلك النهايات التي مللناها فترة طويلة من الزمن لعدم مطابقتها لواقع الامور وحقيقة الحال الاجتماعي المسيطر حتي سنة 1954 مثل فيلم "ليله بنت الاكابر" لليلي مراد ، او فيلم "تمر حنه" لنعيمة عاكف ورشدي اباظه ، وفيلم "فاطمة" لكوكب الشرق الراحله ام كلثوم ، ونجد الكثير من المواقف الكوميدية ، بحيث يمكننا ربط السنوات الاولي للتمثيل السنمائي بشخصية الفنان الكوميدي الراحل "اسماعيل يس " وهو القاسم المشترك لاغلب افلام تلك الفترة والذي يسند البطل في كل الافلام التي كانت يمثل انور وجدي او حسين صدقي او فريد الاطرش بطولتها وفي نفس الصف كان عبد السلام النابلسي من نفس جيل "اسماعيل يس" بعد "جورج ابيض" في الافلام السينمائية التي قام ببطولتها يوسف وهبي وبدر لاما .
    ونظرا لاهمية الكوميديا فى ذلك العصر من الزمان وجد " نجيب الريحانى " استاذ الكوميديا فى فن التمثيل تهافتا عليه وعلى افلامه , واذا راجعنا افلام الريحانى سنجد فيها طابعا مميزا مختلفا له مذاقا طيبا وسط افلام زمان – وهو يمثل ادوار الاستاز حمام ليلا مراد – او دور سي عمر مع "ميمى شكيب " اولى الممثلات الانوثه والدلال فى السينما العربيه واحدى زوجات نجيب الريحانى الذى قدمها بنفسه من خلال مسرحه فى الاربعينات .
    بهذه المقدمة الموجزه نستطيع القول بان مهمة التمثيل فى حياة الشعب العربي حتى الخمسينات كانت مقتصرة على جانب واحد الا وهو الترفيه والتسليه , اما عن طريق الفيلم الكوميدى او عن طريق الفيلم الغنائى – سينمائيا – او عن طريق المسرح بجانبيه الكوميدى والاستعراضى , والشئ الجدير بالتنوية فى هذا المجال هو ان الفترة الفنية الاولى تميزت بالاجادة والاخلاص فى العمل الفنى من ناحية مواهب الفنانين بعكس الاستهتار والتهافت التجارى على العمل الفنى فى الزمان الحالى – كما نلمس الفرق الواضح فى امكانيات الفيلم الاستعراضى قبل ثلاثين عاما من امكانيات الفيلم الاستعراضى الان ..!!
    فقد امتعتنا ليلى مراد واسمهان وام كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الاطرش وعبد الحليم وصباح ونور الهدى وتحيه كاريوكه وشادية ومحمد فوزى بالكثير من الاستعراضات الغنائية الممتعه فى افلام زمان , وهى الاستعراضات التى لم نعد نحس بوجودها فى افلام هذا الزمان .
    وبالرغم من ضعف المضمون فى اكثر من تسعين بالمائة من الاعمال الفنية التى عارضت قبل ثلاثين عاما , وغياب الدور الاجتماعى والسياسي والتاريخى لتلك الاعمال وفى ذلك الزمان , الا ان ممثلى وممثلات زمان نجحوا فى الترفيه عن جماهير الفن العربي , المقهورة سياسيا واجتماعيا والمغلوب على امرها ما بين الاستعمار والاقطاع , وقد استمر الخط الترفيهى الكوميدى – الغنائى لعدة سنوات اخرى بعد الصحوة العربية التى بدات بثورة يوليو الناصريه سنه 1952 , بدات التغييرات فى مضمون القصة السينمائية التى استوجبتها بعض الاجراءات التغييريه فى الهيكل الاجتماعى والسياسى بحياة شعوبنا العربيه اواخر الخمسينات , حيث بدا الارتباط بين الادب القصصى والمسرحى بشكل عام وبين الفن السينمائى والمسرح , وكانت ابرز القصص اللادبية التى عولجت سينمائيا فى اواخر الخمسينات قصة يوسف السباعى " رد قلبى " التى تحكى قصة باشا قديم على وشك الافلاس يعانى من عقده الباشاوية ويتصرف مع اقرب المقربين اليه على ذلك الاساس , حتى يقع فى حب فتاة من بنات الطبقة المتوسطة فتغير كل طباعة القديمة وتجعل منه انسانا جديدا يعمل مثله مثل الاخرين وياكل لقمته من عرق جبينه , كما يقولون .
    وهذا يعنى الدوران حول نفس الاسلوب سينمائيا , بقصة الحب التى تربط بين الغنى والفقير او بين الغنية والفقير ولو ان الاختلاف هنا واضح فى تفكير الابطال للقصه .
    واذا كنا نستعرض الافلام الاستعراضيه الغنائية التي نفتقدها الان ومنذو سنه 1959 حيث تعيش السينما العربية فقرا مدقعا في الفيلم الغنائي يعود اسبابه : الي عدم وجود الكفاءة السينمائية لمطربي ومطربات الجيل الثالث من الفنانيين ، وتفضيل هؤلاء للاسطوانات والاشرطة المسجلة والاذاعه والتلفزيون في الربح المادي ، والانتشار الجماهيري بدلا عن الافلام السينمائية التي كانتمرك الشهرة الاوسع في العالم العربي قبل انتشار المسجلات والتلفزيون .
    واذا كانت السينما العربية لم قدم لنا الافلامالتاريخية لنفس الفترة من الزمان فانها عوضتنا عن ذلك في اربعه اعوام مابين 1960 وحتي 1964 بمجموعه من الافلام التاريخية الجيدة مثل افلام: اميرة العرب وفارس بني حمدان وعنترة بن شداد والناصرصلاح الدين وفيلم وااسلاماه وفيلم المماليك .
    وخلاصة القول فيما سبق نصل الي التساؤلات التالية : ابن الفيلم الحربي ؟ اين الفيلم التاريخي ؟ اين الفيلم السياسي ؟
    في خارطة السينما العربية لا يوجد فيلم حربي حربي فيما عدا فيلم عمالقة البحار وطريق الابطال، وهذا يعني ان السينما العربية فيما ندرمن الاعمال –تحيا بلا مضمون – ومما يزيد الطين بلة كما يقولون هو افتقادنا للتكنيك السينمائي يعني لا تكنيك ولا مضمون حتي سنة 1960 ، وبالرغم من ذلك فهناك مواهب لاتقل بأي حال في قيمتها وعطائها عن نجوم السينما العالمية ونشير هنا الي مواهب " يوسف شاهين" و "سعيد مرزوق" و " صلاح ابو سيف " و"فاتن حامة" و "نور الشريف" و"عادل ادهم" و "احمد زكي " و"عادل امام" وغيرهم من الفنانين العرب المعروفين في المغرب العربي والكويت والشام الذين يحملون مواهب فذة مماثلة لما ذكرنا من اسماء ربما لايكون لها نفس الحجم، ولكنها تحمل امكانية تعبير الصادق مثل كثيرمن النجوم و الكواكب العالميين ..
    فما هو السر في ضياع السينما العربية هذا ؟
    الاجابة التي قد لايتفق البعض معنا عليها تتخلص في ان هاذا الضياع يعود اولا وقبل كل شئ الي ابتعادها عن محاكاة الادب من ناحية وابتعادها عن الواقع العربي من ناحية ثانية وعدم انتمائها للتاريخ العربي من ناحية ثالثة ، وخوفها من الرقابة من ناحية رابعه ، وقلة حيلتها مع الحروب العربية من ناحية خامسة ، انتصار المادية التجارية علي الروح الفنيه من ناحية سادسة ، ثم واخيرا رحيل الجيل المبدع الي عالم الاخرة وعنجهية وعجز الباقين على قيد الحياة ، من ناحية سابعه ، وبالذات في مجال السيناريو والديكورات والحوار .. فماذا تبقي الان ؟
    1-افلام غنائية واستعراضية وكوميدية مرحه وخفيفة في العشرين عاما الاولي مابين سنوات
    (1935-1955) وهي تخدم الجانب الترفيهي فقط للجمهور وتتجاهل سواه !!
    2- افلام بحثت مشاكل المرأه العربية نظرا للكفاءات الغنية غير العادية بين كواكب الشاشة العربية في افلام فاتن حمامه وماجده وهند رستم ، وبعض افلام صباح وشادية وما عدا ذلك ، الفضائح التي زكمت الانوث مابين 1965 وحتي 1975 .
    وتجدر الاشارة هنا الي مسؤلية الانتاج السوري واللبناني في تلك الفتراة 1965 – 1975 .
    3- وتبقي بعض افلام تاريخية انتجها القطاع العام لمؤسسة السينما المصرية وبعض افلام اخرجها يوسف شاهين وسعيد مرزوق ومصطفي العقاد وصلاح ابو سيف وهشام ابو النصر وعلى عبد الخالق ومحمد خان ومثلها بعض المواهب في عالم التمثيل مابين نور الشريف وفاتن حمامه ونادية لطفي وسعاد حسني وعزت العلايلي وعادل ادهم .. الخ . هذا هو المقروء امامنا .. فما هو المطلوب؟
    --------------------------

  6. #6

    رد: السينما بين الشكل والمضمون - كتاب تحت الطبع

    الفصل الثالث
    السينما والمجتمع
    ------------------
    الواقعيه في السينما العربية
    --------------------
    لو تتبعنا قضية العلاقة بين الفن والواقع , على مستوى السينما العربية , سنجد انفسنا امام مجموعة اعمال راقية في تجريدها للواقع المجتمعى والسياسي والاقتصادى , لعدد من المخرجين السينمائيين الجدد امثال : محمد خان , وعاطف الطيب , وعلي عبد الخالق .. وسعيد مرزوق .. وهانى لاشين .. من مصر , ومحمد ملص من سوريا في فيلم " احلام مدينة " ..
    بعيدا عن رمزية يوسف شاهين , واسقاطاته الفكرية , او كلاسيكية صلاح ابو سيف في افلامه القديمة , التى كان قمتها في فيلم
    " السقامات " او ما لم يتح لنا مشاهدته من اعمال المخرج العربي الجزائري المبدع , الاخضر حامينا في ثلاتيته عن الثورة الجزائرية التي بدأها " بسنوات الجمر " الفائزة بالجائزة الكبرى في مسابقة
    "كان" الرسمية ضمن مهرجان 1975 .. او الواقعية البوليسية – السياسية لكمال الشيخ في فيلم " الصعود الى الهاوية " وفيلم
    " على من نطلق الرصاص " او في قمة اعماله الواقعية – البوليسية بفيلم " لن اعترف " المنتج سنة 1961 او فيلم " الطاووس " المنتج عام 1982 ..
    ويلاحظ من هذا الخط الذي يعتمده , في دراسة العلاقة الجدلية بين الفن والواقع في الوعاء السينمائى , الابتعاد عن الاسماء القديمة المعروفة في عالم الاخراج السينمائي والاقتراب من الاسماء اللامعة الجديدة في عالم السينما العربية , وهذا يعود , لان المبدعين الجدد في عالم الاخراج السينمائي , اكثر احتكاكا من الاسماء القديمة , بقضايا الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المعاصر , بحكم السن , والنشاة في ظروف ما بعد حرب يونيه عام 1967 , التي لا تزال اثارها مخيمة على واقعنا العربي بكل ابعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية ..
    فقد كانت بداية الرحلة بالنسبة لعلى عبد الخالق وسعيد مرزوق , بعد حرب يونيه 1967 بعامين او ثلاثة اعوام , بينما كانت البداية الحقيقة لعاطف الطيب ومحمد خان وهاني لاشين في اواخر السبعينات واوائل الثمانينات ..
    مثلهم في ذلك مثل " هشام ابو النصر " الذي نشم في اعماله رائحة صلاح ابو يوسف من خلال فيلم " الاقمر " او فيلم " قهوة المواردي " بمعايشة موضوعية للواقع الجديد الذي يعيشة الحي الشعبي في زماننا المعاصر ..
    وتبقي واقعية " هشام ابو النصر " في " الاقمر " او " قهوة المواردي " ذات اشكال فكرية , تاخذ المضمون الاجتماعي , في قوالب الواقعية الانتقادية اكثر من وقوعها في قالب المباشرة الفنية , التي تخدم القضايا الواقعية المعاصرة , خدمة مباشرة ومؤثرة على ذهن المشاهد العادي , قبل تاثيرها على اذهان الخاصة من الطبقة المتعلقة او المثقفة ..
    وضمن هذه العموميات التى لا تفرض نفسها في قضية اجتماعية محددة المعالم والاتجاهات , يظهر الآن لهشام ابو النصر , عمل سينمائي اجتماعي في فيلم " البنات والمجهول " .. وهي قضية استهلكت في الكثير من الاعمال السينمائية والتلفزيونية , والجديد فيها , ذلك التوجه الاجتماعي , في لقاء الانسان العربي باخيه العربي , داخل اسوار الجامعة , او في ثنايا القصص العاطفية الانسانية بالفيلم , خاصة وان بطل الفيلم , طالب عربي لم تحدد جنسيته او هويته , يتعلم في الجامعات المصرية , ويبرز حبه لزميلته المثقفه الواعدة والطالبة الجامعية المصرية ..
    وهذا اتجاه مدروس , يحسب لهشام ابو النصر , ضمن اطلالته او استراحته الفنية في فيلم " البنات والمجهول " .
    ولو تعمق هشام ابو النصر في بحث جوانب هذه القضية الانسانية , التى تعد تبشيرا بوحدة العادات والتقاليد والآمال والآلام بين انساننا العربي من مكان الى مكان , لتحقيق للفيلم بعد واقعي ضمن قضية اللقاء الانساني العربي دون حساسيات اقليمية .!!


    ***
    ومن خلال هذه النقطة , قد يتحدد ما يقصده , بالواقعية في الفن السينمائي العربي , والتي نود طرحها ومناقشتها في تلك السطور , من خلال طرح بعض الاعمال السينمائية لقضايا بالغة الاهمية والتاثير في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية العربية , والتى تمثل خطوطا واضحة في خيارنا الواقعي المعاصر , وتحتاج الى وقفات , ووقفات من مبدعينا في عالم الفن والادب المعاصرة , لمعالجتها , والقضاء على مسبباتها ..
    فانحياز نا هو الفن الذي يحدد قضية واقعية معينة ويدرسها ويضع الحلول لها رغم اعترافنا بوجود اعمال فنية اخرى احتكت بواقعنا لكن دون ان تلتف بنفسها حول قضية بعينها ولذاتها , وتشبعها بحثا وتفصيلا كما شاهدنا في فيلم " خرج ولم يعد " لمحمد خان , او فيلم " الكيف " لعلي عبد الخالق او فيلم " انقاذ ما يمكن انقاذه " لسعيد مرزوق , او فيلم " الحب فوق هضبة الاهرام " لعاطف الطيب او فيلم احلام مدينة " لمحمد ملص ..!!
    تلك النماذج الراقية في معالجتها للواقع المجتمعي والسياسي العربي , بتحديد قضية من القضايا الهامة ضمن هذا الواقع , ومناقشتها دون الدخول في عموميات , وتفاصيل اخرى تتشابك فيها القضايا الاجتماعية فتخرج الى المشاهد , سطحية لا تبرز علاجا معينا , وانما تخلق جوا اقتصاديا عاما .. لا يخلق التفافا .. بقدر ما يخلق نقمة عامه , لن تحدث تاثيرا فوريا ومباشرا على المشاهد .. ولكنها بتراكمها تحدث التغيير النوعي الذي ننشده لواقعنا
    لقد وصل الفن الى عمق هذه القضية الاجتماعية .. ونجاحا مدروسا من جميع الجوانب الفنية في تسليط الضوء عليها .. لتجعلنا نضع اسم
    " هاني لاشين " مع مجموعة الاسماء التي طرحت قضايا الواقع , بتحديد , دون التعميم .. فلم يترك جانبا من جوانب العلاقات الاجتماعية في حياة كبار السن , الا وناقشها .. والجلوس مع رفاق الدرب الطويل .. وقتل الوقت بالاحاديث .. والوقوف متآزرين مع بعضهم البعض في المواقف الصعبة .. والحرص على استغلال كل دقيقة من حياتهم والاستمتاع بها بعيدا عن الوحدة والفراغ القاتل .. والغوص في نفسياتهم عند لحظات الخصام في تلك السن بمواقف ممتعة ..
    وهذا التحديد في بحث قضية كبار السن , يقابله عند عاطف الطيب تحديد لبحث قضية الشباب في مقتبل العمل , من خلال فيلم , الحب فوق هضبة الاهرام .. حيث التقت الروعة في الاداء الفني مع القيمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لقضية الشباب في سن الزواج , في اطار فني واقعي , وضعنا امام الحقيقة الحاضة دوما في الاذهان , عن روعة الانسجام والتلاقي بين الفن والواقع اذا ما ناقش قضية محدودة بعينها , وافراغ كل ما في الجعبة الفنية والابداعية , من عوامل النجاح المؤثرة على ذهن الملتقي ..
    الاجواء الرومانسية الدافئة .. وسط الحياة المهنية الرتيبة المملة .. واجواء الحياة الاسرية الصعبة .. بين فتاة تبدأ حياتهم العملية بعد فشلها في تجربة عاطفية لم يكتب لها النجاح لصعوبات مادية بحتة ,وبين شباب في مقتبل العمر , يهرب من الملل الذي يعيشه بغير عمل مجد ونافع في مكتبة الى مقهى يتبادل فيه الاحاديث مع مجموعة من اصدقائة..
    وفكرة اللقاء العاطفي المحموم تسيطر على ذهنه , كلما التقت عيناه , بحسناء على الطريق , حتى يلتقي بالفتاة , ويحب كل منهما الآخر ويفكران بطريقة انقلابية في تحديد مسار حياتهما العاطفية المستقبيلة بالزواج سرا , ووضع الاهل امام الامر الواقع
    وبعيدا عن تعقيدات المهر والشبكة والشقه , واثاث الشقه .. ووسط هذا كله يبحث الشاب عن حل لمشكلته عند احد المصلحين الاجتماعيين , ويناقشه فيوقعه المفكر في عموميات لا يفهم منها الشاب امرا .. وهو يريد حلا محددا ومقنعا لقضيته .. وبين الشاب وذلك المصلح برزت صورة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر .
    فالمفهوم من وجود صورة الزعيم الخالد , بينما وسط المناقشة ان حل قضية الشباب فى هذا العصر المادى , لا تحدث إلا بالعودة للحل الناصري الاجتماعي في قضايا الشباب الاقتصادية , الذين هزمتهم اجواء الصراعات المادية فرفعت الاسعار في كل الاماكن وكل الاشياء .
    وفي حين يعالج عاطف الطيب القضية بابعادها النفسية والعاطفية والمادية , ويضع امامنا اكثر من حل لها , اما بطريقة انقلابية على القيم الاجتماعية البابلية , او بطريقة فكرية بالعودة الى التطبيق الاجتماعي الناصري , او بطريقة اسلامية , فان " محمد خان " ناقش القضية باسلوب اخر من خلال فيلم " خرج ولم يعد "
    ووضع حلا لها , بالانطلاق الى عالم القرية , والابتعاد عن زحمة المدن وضوضائها ومفاسدة ونفقاتها الباهظة المكلفة .. وهو يضع مقارنة محدودة المعالم في قضية الحياة بين الواقع المدينة , وبين واقع القرية .. ويطرح تساؤلا بسيطا ومحددا : ما الذي يشدنا الى المدينة بكل مساوئها .. ؟؟ وما الذي يبعدنا عن القرية بكل محاسنها ..؟ هل هي الوظيفة ؟؟... او الدرجة التى نحلم بالوصول اليها بعد ان يشيب الشعر في رؤسنا ..؟!
    وضمن هذه الخطوط , انطلق سعيد مرزوق في فيلم " انقاذ ما يمكن انقاذه " مطالبا بالقضاء على عناصر الفساد بداية .. والتوجه نحو معاني الحق والخير والجمال , والعودة الى حب الله وتربية الاطفال كحال جذري لقضية التضخمم الاقتصادي الذي يعاني منه الناس .. والذي جعلهم يعيشون الفساد وكانه نهاية المطاف في الدنيا ..!!
    ومن جوانب الفساد التى طالب سعيد مرزوق " بالقضايا عليها في فيلم انقاذ ما يمكن انقاذه " .. امسك " علي عبد الخالق " بقضية المخدرات واغاني الهوس والجنون واللا اخلاقية , وضع منها فيلما محكم العبارات لسيناريو وحوار محمود ابو زيد ضمن فيلم الكيف " الذي وضعنا امام قضية المخدرات , وشرح مسبباتها وكيف اضرارها " على المجتمع كله , من خلال زوايا انسانية ومادية تبين الفارق بين الفن الذي يخدم الواقع , وبين الفن الذي يهدم الواقع .. او الفرق بين افلام قاتلة ومدمرة ناقشت الاتجار بالمخدرات في الباطنية " و " القرش " و " حت لا يطير الدخان " .. وبين فيلم موضوعي وانساني حدد الاخطار وهاجمها في فيلم الكيف " .

    ***
    ومن القضايا الاجتماعية والاقتصادية التى ناقشها الفن بموضوعية , وواقعية , نجد انفسنا امام القضية السياسية في فيلم " احلام مدينة " ... حيث نلتقي حول القضية الحلم , في ضمير كل مواطن عربي .. الا وهي قضية الوحدة العربية .. حين يسحبنا مخرج الفيلم الى الوراء اكثر من ربع قرن , في عام 1958 بالتحديد , وبين المشاكل الاجتماعية لحى شعبي في سوريا العربية .. يبدو كل المواطنين متفق على ضرورة الوحدة , ومؤمنين بالقيادة الناصرية , فالكل يحلم حتى الطفل – الصبي , الذي يحمل مسؤلية امه وشقيقه , ازاء الظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيشها الاسرة , لكنه يحلم بالحب البرئ وبالوحدة , التي تخلصه من نيران الظلم الاجتماعي الواقع على امه , ويتحقق الحلم في النهاية , وتنطلق الوحدة على اغنية محمد قنديل , انا واقف في الاهرام .. قدامي بساتين الشام ..!!
    ولا نبالغ اذا قلنا بان فيلم احلام مدينة مس قضية الضمير العربي ازاء واقع الانقسام والتفرقة , بشكل اكثر نضوجا من غيره وهو يضع في حسبانة مرحلة الضياع التي يعيشها الانسان العربي في هذه المرحلة من زماننا المتردي .. رغم ان احداث الفيلم جرت كلها في زمان الخمسينات وبالتحديد في الشهور القليلة السابقة للوحدة المصرية السورية سنة 1958 .. وكان منسجما كليا مع اسمه , في كون الوحدة الحلم الازلي للانسان العربي المعاصر ..
    والتى ننتصر فيها على عوامل الضعف البادية في بنائنا العربي , اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وثقافيا , وبالتالي اجتماعيا .. لأن التردي في الجوهر يجر معه ترديا اعمق في اصغر التفاصيل الانسانية ..!!
    وروعة الفيلم , انه ناقش قضية الوحدة العربية , من خلال الانسان العربي , بعيدا عن المواقف الحزبية , والخطب النارية الحماسية , والوعود الرسمية .. لقد تجول بنا في اعماق النفس البشرية , للانسان العربي , الذي يعتبر بحق هو القضية الاساسية لاصلاح الحال المتردي لواقعنا العربي على كل المستويات ..

    ***
    وبالمقابل قدم لنا دريد لحام فيلم الحدود " حول قضية الانقسام , والتفرقة , والتشتت الذي نعيشه في اجواء انتقادية كوميدية , نجحت في السخرية من الحدود المصطنعة بين الاقطار العربية , ولكنها لم توغل في عمق القضية الانسانية التى تهمها الوحدة , لحل مشاكلها الانية والمستقبلية , بعيدا عن الاجواء الاقتصادية ..

    ***
    وكاد فيلم " الصعاليك " ان ينجح في طرح القضية السياسية لولا انه جنح في النصف الثاني من الفيلم الى القضية الاقتصادية فلو ترك المخرج داوود عبد السيد القضية الاقتصادية لفيلم اخر وركز على القضية السياسية من خلال المواطن العربي العادي في مرحلة الستينات , كما ركز عليها محمد ملص في " احلام مدينة " وكما ركز عليها يوسف شاهين في فيلم " العصفور " ..
    لاستطعنا معايشة قضية الانسان العربي وضميره السياسي في فيلم ثالث لكن داوود عبد السيد جنح بالسيناريو الى جهة مختلفة تماما عن وجهته في النصف ساعة الأولى من فيلم الصعاليك " .
    وكم كان رائعا لو سحبنا " الصعاليك " الى الواقع السياسي , العربي حتى نكسة يونيه 1967 , وموت الزعيم الخالد جمال عبد الناصر , وعشنا معهم تطورات الحالة الانسانية مع تطورات القضية السياسية العربية .. بدلا من الوقوع في تفاصيل لاتنتهي بالحرب الاقتصادية والتي كان يمكن ان يفرد لها عملا سينمائيا اخر مستقلا ..!!
    وروعة سعيد مرزوق في " انقاذ ما يمكن انقاذه " انه استطاع , الجمع بين كل العصور , وعقد بينهما مقارنة فنية , ضمن واقع زمني ومكاني واحد , يخدم قضية واحدة ومحددة , اخذت مضمونها من اسم الفيلم ذاته في محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه ..!!
    وعظمة يوسف شاهين في " العصفور " انه ناقش القضية الانسانية في زمان محدد ومكان محدد ووضعنا امام الحالة الانسانية في زمان النكسة 1967 .. وهي القيمة التي انسحبت بعد ذلك على فيلم احلام مدينة ايضا , وخسرها فيلم " الصعاليك " في النقلة الزمانية والانسانية السريعة والمفاجئة التي لا تعطي تفسيرات معقولة , للتوجهات السياسية والاقتصادية في زمان ومكان محددين ..
    وهذا الكلام ينسحب على كل ألوان الفنون والآداب المختلفة .. فيبقي العمل الاكثر تأثيرا هو العمل الاكثر تحديدا لاحدى القضايا الاجتماعية او السياسية في زمان محدد ومكان محدد دون الغوص في عموميات لا تحل ولا تناقش , بقدر ما تنقل حكاية , او تسرد رواية ..
    وروعة الفنان او المبدع بشكل عام تتمثل في قدرته الابداعية على نقل التفاصيل في حالة الانسانية المرافقة لاحدى القضايا الواقعية في حياتنا العامة او الخاصة ومن هنا وجدنا الفن يرتقي في النماذج الابداعية التى ناقشت قضية محددة لذاتها , ولم تهرب الى عموميات بسطحية وشفافية , مهما كان نزوعها الفكري , فهي لا تمس جوهر أي قضية .. واذا تتبعنا قائمة الافلام التي فازت بالجوائز العالمية تجدها تلك التي سلطت الضوء على قضية الانسان , وفرغت كل ما في جعبتها من قدرات فنية وابداعية , لدراسة الحالة الانسانية بكل خلجاتها , وانفعالاتها ..
    *فيلم " كرامر ضد كرامر " وقضية الانفصال بين الزوجين ورعاية الابناء ..
    * فيلم " صائد الغزلان " وقضية النفس البشرية المشوهة بعد الحرب المدمرة ..
    * فيلم " غاندي " وقضية الكفاح الانساني ضد قوى الاستعمار ..
    *فيلم "اماديوس" وقضية النجاح الانساني حتى اخر رمق من الحياة ..
    * فيلم " المرأة والغريب " وقضية الانسان العائد الى بيته بعد الحرب فيجد غريبا بداخله ..
    * فيلم " حدوته مصرية " وقضية الانسان المبدع مع بيئته واسرته ..
    * فيلم " الاب الروحي " وقضية المافيا , اخر العصبات الاجرامية المنظمة ..
    *فيلم " كباريه " وقضية الانسان في ظروف الحرب العالمية الثانية ..
    كلها نماذج لم تهرب الى عموميات , ولكنها تناولت قضية واحدة والتقت حولها , وحللتها من مختلف الزوايا والاتجاهات بشكل فني رائع , جعل احتكاكها بالواقع , تجميلا له , بقدر ما هو اشارة ضوء مسلطة على تلك القضية المعينة والمدروسة بدقة ..

    ***
    ان التقاء الفن بالواقع , امر لا يقدر عليه سوى القلة من المبدعين لانه تصوير حياة طبيعية , ونقل انفعالات بنسبة حقيقية ضمن العمل الفني , تحتاج الى قدرات ابداعية هائلة , وبالتالي تقفز الى القمة , وتبقى خالدة مهما مر عليها الزمان ..
    ويبقى الوعاء السينمائي خير شاهد على هذه الحقيقة الثابتة , كما هو في الوعاء الادبي .. حيث القدرة على الغوص في اعماق النفس البشرية , من المسلمات البديهية لاي عمل فني مميز وراق ..

    ---------------------
    نماذج فيلميه
    1

    اخر الرجال المحترمين
    --------------
    مدرس يعيش في احدى القرى البعيدة عن المدينة , توكل اليه المدرسة مهمة الاشراف على رحلة لتلاميذ المدرسة الى معالم المدينة .
    وتلاميذ المدرسة لا يتجاوزون العاشرة ...!! لا يفهمون معنى المواجهة الشديدة بين مدير الفندق وبين مدرسهم حول عدد الغرف التي سيتوزعون عليها في الفندق , ولكن المدرس المحترم يعي تماما ان مدير الفندق يحاول استغلاله , فيرفض هذا الاستغلال بشدة ..
    ومدير الفندق لا يفهم موقف المدرس وهو يطلب الاتصال بوزير الداخلية ليساعده في البحث عن طالبة فقدها في اثناء جولة للتلاميز في حديقة الحيوانات .
    لكن المدرس المثالي في تصوراته , يرى في المسالة ابعادا قد تصل الى حد سفك الدماء , لو فقدت الطالبة فعلا ...!!!
    وهو لا يتورع ان يدفع كل ما يملكه لعصابات النشل من اجل البحث عن الطفلة وايجادها , لان الشرطة لن تتقدم خطوة واحدة في مثل هذه القضية قبل انقضاء فترة طويلة من الزمن , وتلك مسئوليته كمشرف على التلاميذ , فيلجا الى وكلاء القمامة لمساعدته , بعد ان يفشل في ذلك مع عصابات النشل , حتى يهتدي الى طريقها في منزل امراة فقدت ابنتها في حادث اليم , واصيبت بلوثة عقلية , جعلتها تختطف الطفلة لتعويضها حرمانها المفاجئ لابنتها ..!!
    الفيلم من اخراج سيد سيف ,وبطولة نور الشريف وبوسي وعلي الشريف .. وفاز بواحدة من جوائز مهرجان الاسكندرية السينمائي سنة 1984 .
    وتدور فكرته المثالية , حول الجدية في تحمل المسئولية الملقاة على عاتق كل فرد في المجتمع , والتي يفتقدها مجتمعنا الحاضر ..!!

    ----------------------
    2
    خرج ولم يعد

    -------------
    عندما اعلنت نتائج مهرجان قرطاج السينمائي في تونس , فان فيلم " خرج ولم يعد " بجائزته الثانية , وفاز بطل الفيلم " يحيى الفخراني " بجائزة التمثيل .
    وهو فيلم اكتملت له عناصر النجاح والفوز , بجدارة واستحقاق , حيث الموضوعية والواقعية في الفيلم , عن قضية الحياة في القرية , والحياة في المدينة ..
    وعشنا مع الموظف المقهور وسط زملائه في مكاتب حقيقية , ووجوه اكثر صدقا وواقعية , ثم انتقلنا الى مسكن هذا الموظف فوق السطوح وعشنا الصدق في التعبير , والقوة في الاداء مع " يحيى الفخراني " وهو ينتقل بين المكتب وبين المسكن , وبين لقائه بخطيبته التي تمثل لاول مرة واستطاع المخرج من خلال تعبيرات وجهها ان ينقلنا الى الصدق الموضوعي في شكل هذه الفتاة التي تنتظر منذ سنوات بعيدة لتتزوج الموظف المقهور" يحيى الفخراني " دون جدوى , حتى يضطر الى السفر للقرية كي يبيع ارضه , ويشتري بثمنها شقة صغيرة يتزوج فيها , حيث ينتقل بنا المخرج بصدق وواقعية وموضوعية الى عالم القرية ...!!
    حيث الهواء الطلق , والبساط الاخضر , والنفوس المطمئنة .. وحديث المتعة الوحيدة في هذا العالم البسيط هي الاكل الدسم وبشراهة , لم يتعود عليها الموظف الغلبان في المدينة بادئ الامر فيتعب منها , لكنه يتعود على هذا النمط بعد مضي اسابيع على اقامته عند صاحب احدى مزارع الفواكه في القرية , الذي يرى فيه شبابه , فيحاول اقناعه بالحياة في القرية , والزواج باكبر بناته الثمانية .
    وكما رفضت معدته الاكل الدسم بادئ الامر , ثم تعود عليه , فقد رفض عرض صاحب الجنينة بادئ الامر , لكنه وجد نفسه اسيرا للبساطة والحياة الصحية , واصالة بنت القرية , فيعود اليها , ويترك المدينة بمشاكلها المتعددة لاصحابها الذين يزدحمون بها ..!!
    انه واحد من الافلام التي لا يمكن تجاوزها بسهولة , بل انه سيبقى علامة من علامات السينما المصرية , واضاءة جيدة للمخرج " محمد خان " والممثل يحيى الفخراني ..

    ---------
    3
    انقاذ ما يمكن انقاذه ..
    من سعيد مرزوق العالمي في قالب عربي

    تبقى السينما , اللغة الثقافية , التي تجمع بين مختلف الفئات من مجموع الناس , في هذه الحياة , دون حاجة الى قراءة او كتابة , حيث يحدث الاثر الفكري , والاجتماعي , والنفسي المطلوب , بمجرد مشاهدة العمل الفني او السينمائي ..
    ومن هنا تستمد اللغة السينمائية ابعادها في حياتنا الثقافية والفكرية التي تتراكم على بعضها البعض لتعطي نتائج ومضامين اجتماعية تحدث التحول المطلوب في مجريات الحياة العامة بكل تفصيلاتها وجزئياتها بعد فترة معقولة من الزمان .
    من هنا لا بد وان نقف امام العمل السينمائي وقفة جادة , وملتزمة , بتأثيراته المختلفة في مضامين حياتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية !!لان السينما النظيفة , هي مجموعة اعمال فنية وفكرية وهندسية , وتقنية , رفيعة المسنوى , وان كانت لا تغني عن الكتاب الجيد , او عن التفاعل الحيوي بالحضور الذهني والشخصي للمحاضرات والندوات والتجمعات العلمية والثقافيه فهي بالتاكيد اكثر شمولية من الكتاب , او المحاضرة , ولا تقل بأي حال عن تجمع ثقافي وفكري نظيف وملتزم , بحيث لا نتجاوز الحقيقة اذا ما قلنا ان العمل السينمائي الجيد لا يقل قوة عن تجمع حزبي , اومنتدى فكري دائم !!
    والمخرج في العمل السينمائي , هو بمثابة رئيس التجمع او الملتقى , الحزبي او الفكري والذي تنطبع افكاره وتصوراته لعملية التحول الاجتماعي بمضامينها السياسية والثقافية والاقتصادية على سائر افراد التجمع , او سائر افراد الفريق الذي يعمل تحت دفته , وضمن اشرافه وتوجيهاته .
    وبالتالي فعلى مستوى السينما العربية نجد مجموعة من الاحزاب المتنافرة , فهناك حزب المضحكين , وهناك حزب المسفين , وهناك حزب الملتزمين , وهناك حزب الوسط !!
    وفي وقت من الاوقات بعد نكسة يونيو سنة 1967 عشنا , السينما العربية بين حزبين احدهما حزب المسفين , والثاني حزب الملتزمين , وكانت الاغلبية لحزب المسفين , والاقلية مع حزب الملتزمين , وكان عذرنا في ذلك الوقت الصدمة لهزيمة غير متوقعة فقلبت كل القيم والمبادئ والمثل رأسا على عقب , نتيجة الهزيمة فكان التعبير عن الصدمة بافلام الاسفاف الجنسي , المبتذل التي سادت عالمنا السينمائي العربي ما بين سنة 1968 وحتى 1973 .. حيث توقعنا الى حزب الملتزمين باغلبية مطلقة ونحن نحقق انتصارا جزئيا على عدونا , بعد مرحلة الهزيمة المتوقعة سنة 1967 .. لكننا فوجئنا بسينما متخلفة مختلفة تهجم علينا , كما هجمت علينا الاحداث السياسية , باوضاع جديدة وغير مفهومة جعلت كل شئ فينا مضحكا مبكيل , فكان التعبير الصادق لهذه المرحلة موجة الافلام المضحكة المبكية التى سادت اجواء السينما العربية ما بين سنة 1974 وحتى 1981 وتوارى الالتزام في السينما العربية وراء حجب كثيفة , وسواتر ضبابية , الا فيما ندر من الحالات الطارئة التي وجدنا فيها روعة , رغم انها لم تكن الاولى من نوعها .
    ولكن ندرتها في وسط الاسفاف المضحك المبكي , جعلنا نرى فيها نموذجا حيا لسينما عربية ناضجة , تعيدنا الى مرحلة الالتزام السينمائي العربي , الذي عشناه في مجموعة من الافلام التاريخية والسياسية والاجتماعية مابين سنة 1960 – 1967 , والذي واكب مراحل اجتماعية وسياسية , هامة في محيطنا العربي القومي الوحدوى تحت راية التوجيهات السياسية العليا التي انطلقت من مبادئ الناصرية , المقترنة بالفعل الناصري في ذلك الوقت والتي انسحبت على نافذة السينما بافلام مميزة في مضامينها , ومحتوياتها , المواكبة , لمراحل التحول الاجتماعي والسياسي في تلك الفترة السابقة من الزمن ..
    اذن فالسينما لغة تعبر عن واقع الحال الذي يعيشة الانسان العربي !
    نعيش الالتزام فنعايش السينما الملتزمة , ونعيش الصدمة فنعايش السينما المسفة , ونعيش المضحك المبكي فنعايش السينما المضحكة ونعيش الوسط فنعايش السينما الوسطية ..
    والسينما الوسطية هي التى نعيش اجواءها منذ سنة 1982 وحتى هذه اللحظة بكل ما في معنى الوسط من معان ومضامين . وتماما كما نعيش هذه الصفات في حياتنا السياسية العامة , لا تطرف , ولا ابتذال , ومواجهة بالكلمات دون الافعال .. وتماسك وثبات رغم عوامل الانهيار والاستسلام , وتآزر وتضامن رغم مظاهر التشرذم والتفرقة والانقسام .. وكلها محاولات تصب عند نقطة التقاء , تمثل الحد الادنى من القبول بواقع الامر , دون التفكير في تغيير هذا الواقع الى حد الرضا والقناعة ..
    وهذا هو بالضبط , ما نراه في افلامنا العربية المنتجة ما بين سنة 1982 وحتى الآن .. في عملية تشبه عمليات الترميم دون التشييد او التجديد ..
    تحافظ على واقع الحال من انهيار اكبر .
    وضمن هذا الشريط السينمائي يقفز فيلم " انقاذ ما يمكن انقاذه " للمخرج
    "سعيد مرزوق " الذي سبق وعبر عن المراحل الاجتماعية والسياسية في حياتنا باكثر من عمل سينمائي , منذ فيلمه الاول " زوجتي والكلب " سنة 1971 , منتقدا الاسفاف والسقوط في حومة الجنس , ثم في فيلمة الثاني
    " الخوف " سنة 1973 منتقدا حالة الذعر والقلق , والانهيار النفسي والمعنوي عند الشباب , بعد حرب الاستنزاف سنة 1970 , حتى وصل الى النقد الشمولي في فيلمة الثالث " المذنبون " وهو يشير باصابع الاتهام الى الانتهازيين والمستغلين والوصوليين المنافقين في مواقع العمل المختلفة , ردا على الحملات المسعورة التى استهدفت مرحلة التغيير التاريخية ما بين سنة 1960 – 1967 , حيث بين في فيلم " المذنبون " ان الاشخاص السيئين هم المذنبون , اما المبادئ فهي سليمة ولا غبار عليها , ومن وضع المبادئ عظيم في مثل عظمتها لكن الخطأ , في التطبيق , فليس هناك من يمكن الاعتماد عليه الى ما لا نهاية لتطبيق المبادئ المثالية والقيم الاجتماعية التاريخية التى نثرت بذورها في مراحل التحول الاجتماعية العظيمة في الستينات من مراحل تاريخنا العربي الاجتماعي عامة , والمصري خاصة .
    وقفز في عمله السينمائي الرابع الى مشكلة اجتماعية محضة ضمن فيلم
    " اريد حلا " من بطولة " فاتن حمامة " وناقش خلالها قضية اجتماعية , كانت محور حديث الناس والمجتمع في مصر سنة 1979 وما تلاها , وقد اجاد في طرح القضية بكل تفصيلاتها وابعادها , وبقي الحل الذي يسعى اليه كانسان متحضر في عالم متحضر .
    ثم توقف عن رئاسة حزبه الملتزم بكل ما هو راق وجاد ونظيف , حتى جاءت الظروف الملائمة ليقدم افكاره , في فيلم " انقاذ ما يمكن انقاذه " ابتداء من سنة 1984 وحتى موعد عرضه الاول في اواخر سنة 1985 ليقدم لنا خلاصة فكره السياسي والاجتماعي , ضمن هذا الفيلم الغني بالكثير من المضامين الاجتماعية والثقافية والسياسية المبعثرة !
    يبدأ بمقارنه اجتماعية , بين ابن الباشا الذي تصدر والده الحركة الوطنية في عهد ما قبل ثورة 1952 وبين صديقه تاجر المخدرات ابن تاجرة المخدرات الذي غدا في السبعينات رمزا للباشاوات الجدد , البديل عن الباشاوات الثلاثينات والاربعينات . والمقارنة في صالح باشاوات الثلاثينات والاربعينات , لانهم رغم كل عيوبهم ومآسيهم ضد عامة الشعب في مجال الاقطاع الزراعي والرأسمالي , فلم يكونوا يوما من الايام مروجي الفساد !! كما هو الحال مع الباشاوات الجدد في السبعينات , الذين استشرى تحت راية سلطانهم الاتجار بالنساء وبالمخدرات جنبا الى جنب مع استعبادهم لعامة الناس من الفقراء , وهي السمة التى تؤخذ على باشاوات زمان الذين لم يتاجروا بالمخدرات او النساء .
    ويطل بين هذين النموذجين في الفيلم وجه " عبد الشافي " الحارس القيم على قصر ابن الباشا , وهو يحاول بالتكبير في الميكروفون , ايقاف بذور الفساد التى استشرت في البلاد " القصر " .
    وتقف بجانبه تلك الفتاة المثقفة التى عادت من رحلة الغربة لتجد كل شئ يسير بالواسطة والمحسوبية والرشوة , فلا تيأس ولا تندفع وراء موجة الاغراء , وتتماسك , وبارادة صلبة , تتحدى كل الوان الفساد , لتصل الى هدفها وغايتها في التخلص من اكوام " الزبالة " التي امتلأت بها شوارع المدينة ,لتبني مكانها , حديقة ومدرسة للاطفال جيل الامل , الذي يحمل في ثناياه بذور الخير والجمال لمستقبل البلد !
    وتحاول قوى الشر مجتمعة , الوقوف في وجه قوى الخير فتتحد ارادة ابن باشاوات زمان , مع رموز الباشاوات الجدد , ويطردون " عبد الشافي " من القصر – البلد - , لانه يزعجهم بالاذان والتكبير مذكرا اياهم باسم الله العلي القدير , وبعد ذلك يحاولون افتراس " الفتاة المثقفة "" في بدروم القصر , لكن سوء حظهم في هذه المرة , فتك بهم , حين تجمع الناس على صراخ الفتاة , الذي كان عاليا مدويا يستغيث طالبا النجدة من الذئاب البشرية , في الميكروفون الذي نسيه " عبد الشافي " في البروم , وهو يترك القصر .
    وتصل قوى العدل لتوقف حزب الشر , وتجمع الفساد وتضعهم في مكانهم الطبيعي بعيدا عن شمس الدنيا الطيبة .
    ولم يكن " انقاذ ما يمكن انقاذه " هو الوحيد الذي يسعى لتخلص الناس من شرور الباشاوات الجدد وتحالفهم مع الباشاوات السابقين .
    فقد عالجت مسرحية " جحا يحكم المدينة " الموضوع من الزاوية ذاتها حيث ظهرت بطلة المسرحية " نجوى " مع مستشارها بطلة المسرحية "نجوى" مع مستشارها القانوني قي ثوب حزب الشر الذي يحاول استغرل " جحا " الطيب المثالي , وتوجيهه نحو مصالحهم , واطماعهم الشخصية , وغاياتهم الانانية الفردية .. عندما يرفض الانصياع لهم , يدبرون له المكائد والمؤامرات ويزيفون الحقائق , ويزورون الوقائع في وجهه , بمظاهرات المنتفعين والانتهازيين والمؤيدين لهم .
    ويحاول " جحا " ان يتماسك امامهم , ويضع حلا لمشاكل اهل المدينة قائلا: اعطوني الاطفال .. أأدابهم على الحق والخير والعدل واحضروا لي الصحراء .. عمروها واسكنوها وتوسعوا فيها وستجدون الخير كثيرا .. والرزق وفيرا ..
    وهذا العملان بعض من كثير , يحاول ايقاظ الضمائر الميتة , وتنبيه الناس على اختلاف مستوياتهم الى الداء , والى الدواء , حتى لا يحدث الانهيار الكامل .
    و"سعيد مرزوق " الذي واجه موجه عارمة من الانتقادات على فيلمه الثالث " المذنبون " بحجة انه يشرح المجتمع في قوالب سيئة يواجه الآن نفس الحملة من الاشخاص انفسهم تقريبا , بحجة انه يضع المجتمع في صورة سيئة .. مع انه في فيلم " المذنبون " كان يدافع عن المبادئ وقدم رجالا في الفيلم , يدافعون عن هذه المبادئ , وهم الرجال الذين لاحقوا المذنبين ووضعوهم وراء اسوار السجون .
    ونفس الامر في فيلمة الخامس الجديد " انقاذ ما يمكن انقاذه " فقد قدم صورة عن الناس الطيبين واهل الخير , في مواجهة صورة اخرى عن المفسدين , ساعيا بذلك الى ايجاد حل للخروج بالمجتمع من ماساته الدنيوية الآنية .
    ويكفي ان نعرف بأن " سعيد مرزوق " الذي قدم للسينما العربية فيلم
    " زوجتى والكلب " سنة 1971 وفيلم " اريد حلا " سنة 1979 سبق بهذين العملين , افلاما عالمية حصدت جوائز سينمائية عالمية في مهرجان الاوسكار سنة 1982 بفيلم " كرامر ضد كرامر " الذي يشبه في فكرته فيلم " اريد حلا " الى حد يعين , ولا يزيد عنه تقنيا وفنيا وموضوعيا بأي حال من الاحوال .
    وفي مهرجان برلين سنة 1984 كان فيلم " المرأة والغريب " الذي فاز , بجائزة السعفة الذهبية , مشابها الى حد كبير لفيلم " زوجتي والكلب " ولم يكن افضل منه ايضا , ولو تعمقنا ادراك هذه الحقيقة سندرك اننا نظلم انفسنا كثيرا قبل ان نظلم مبدعا مثل " سعيد مرزوق " يحاول "انقاذ ما يمكن انقاذه " في حياتنا العامة !!
    -------------------

    4
    ثرثرة عن ( الثرثرة )
    انيس افندي موظف مهم ( هذا غير مهم ) المهم انه حشاش يكتب التقارير المطلوبة للادارة العليا بقلم خال من الحبر والحمد لله .
    عماد حمدي ممثل كبير , جعلنا ننسي انه ممثل ونتذكر فقط انه الحشاش انيس افندي , فقد كان البطل الحقيقي للفيلم الممتاز ( ثرثرة فوق النيل ) لم يكن الفتي الاول مثل احمد رمزي في ذلك الفيلم , بل كان وزير الكيف الذي لا ينطق بكلمة واحدة لانه مسطول علي طول .
    نعم كان انيس افندي وزير الكيف في وزارة مقرها عوامة علي النيل , فنري الاديب ينسي ما كتبه في آخر رواية طبعها من اجل عيون صبية حسناء مثل ( ليلي زيدان ) الموظفة التي تنفق علي اسرة من عشرة افراد من راتب لا يكفي اولئك الجياع فتضطر ان تعمل اوقاتا اضافية ذات نمط شهواني لتحصل علي ما تريده من ملابس او ماكياج , ومفروشات .
    ونري في الفن رجب القاضي الذي يعمل الابناء علي ما يريده الجهلة من الجمهور واصحاب العقول الفارغة , وهو يكسب الكثير ويستمتع بوقته اكثر من الكثيرين , فيصطاد بين الوقت والاخر امراة تبحث عن مبرر لخيانة زوجها فتجد المبرر لديه , او موظفة تبحث عن زيادة في الاجر فتجد عنده زيادة دخلها , او فتاة في الجامعة لاهم لوالديها سوي السهر ولعب القمار , تساله ان يعلمها التمثيل فيعلمها بطريقته الخاصة ما تريده من دروس .
    وتسير احداث الفيلم حتي نصطدم بالصحفية الجريئة التي تحاول ان توقظ المسطولين والمخدوعين , ويحاول الفتي الاول ان يسرقها من حماسها وجراتها ولكنه يفشل لان انيس افندي يستيقظ بعد عمر افناه في الحشيش والكيف ويهدم الوزارة التي يتربع عليها ويخرج من العوامة صارخا : اصحي يا مصر .
    نجيب محفوظ كتب ثرثرة فوق النيل رواية , وحسين كمال اخرجها فيلما , وما احوج مصر الان الي ثرثرة فوق الاهرام تتحدث عن الانفتاح الي القاع .
    ---

    5
    كلمة

    القط والأسد

    عندما شاهدت على الفيديو فيلم " قط اصله اسد " تذكرت ان بطل الفيلم "محمود يس " كان اسد السينما في السبعينات , واصبح قطها الوديع في الثمانينات .. !!
    الفيلم يحكي عن رجل عصامي , وطموح , ومخلص في عملة , مواظب على صلاته , ويحمل داخله كل ما في الشرف والامانة والتقوى من معان نبيلة !! فيضطر للزواج من فتاة تصغره باعوام ليست بالقليلة , مرحة وهو الجاد , طموحه وهو البيروقراطي الذي تعود على حال الحكومة
    ووظيفتها .. !!
    ومع الايام يتقلب الحال بينه وبين زوجته , فبعد ان كان هو السيد المطاع , اصبحت هي النافذة الامرة في البيت وخارجه .. فضاع الاسد وتحول الى قط مع الزمان .. !!
    هكذا هي الحال مع كل مبدع في عمله , يتحول عند النجاح من مبدع الى جامع للاموال .. !!
    المادة هي النقيض الازلى لكل المبدعين في عالم الفنون وعالم الاداب .. !!
    ورغم ضروريتها للانسان الاديب او الفنان , الا انها يجب ان تبقي في تفكيره مجرد وسيلة يكمل بها مشوار الموهبة والابداع , والا اصبح حاله مثل حال صاحبنا في فيلم " قط اصله اسد " مع الاعتذار لمحمود يس ..
    ---------------------------------
    6
    نهاية رجل
    * يبدو ان التمثل أصبح مرادفا لواقع الاحوال في أسماء الافلام فبعد أن أدى محمود يس بطولة فيلم " قط أصلة أسد " وهو الاسم الذي ينطبق على حال محمود السينمائي أسد السبعينات وقط الثمانينات .
    * فإن سمير غانم عملها ومثل فيلم اسمه " نهاية رجل تزوج " ليشارك مجموعة النقاد والمهتمين الذين يعتبرون مجموعة الافلام التي يمثلها , نجم المسرح " سابقا " سمير غانم هي من اسوا الافلام العربية جمعاء ... !! ولذا فقد ينطبق عليه وصف " نهاية رجل تفلم " على وزن "نهاية رجل تزوج " ... !!!
    * ونحن لا نريد لسمير غانم هذه النهاية , بل نريد منه وبالحاح شديد العودة الى المسرح , واحياء فرقة ثلاثي اضواء المسرح مع جورج سيدهم لكي ينتقل من مسرحية الى اخرى , بدلا من حالة المؤسف مع الافلام ..
    * وقد كان ناجحا ومحبوبا وجماهيريا مع المسرح , لكن حال مع السينما يبكي الحجر الذي لا ينطق , والعودة الى المسرح حلا انسانيا لماساته السينمائية , كما فعل بطل فيلم " نهاية رجل تزوج " فانفصال عن حياة زوجية فاشلة , بحياة زوجية هادئة , وابتعد عن زوجه عاصية عليه , ليقترب من زوجة مطيعة له ... !!!
    والسينما مثل الزوجة العاصية مع سمير غانم ... !!
    اما المسرح فهو مثل الزوجة المطيعة له ....!!
    مع الاعتذار لبطل فيلم " نهاية رجل تزوج " , وبطل واقعة " نهاية رجل تفلم "




  7. #7

    رد: السينما بين الشكل والمضمون - كتاب تحت الطبع

    الفصل الرابع
    السينما والقيم الاخلاقيه
    ---------------------
    السينما والقيم
    بات معروفا بان أفلام المهرجانات هي الأفلام التي تتحدث عن القيم والمثل الاجتماعية بشمولية وموضوعية في استخدام الأدوات السينمائية حيث لا يقف البناء الموضوعي في إخراج الفيلم العربي عند أسماء معينة فقد تمكن عاطف سالم من أدواته الفنية فقدم أفضل أفلامه " النمر الأسود " بطولة احمد زكي ووفاء سالم النجمة السينمائية الجديدة , التي استطاع " عاطف سالم " أن يحرك فيها المضمون بنفس القدر الذي امتلكت فيه ناصية الشكل بما يتناسب مع مضمون القصة عن كفاح عامل عربي مصري في ألمانيا تدرج في حياته العملية حتى غدا مخترعا وثريا في رحلة كفاح إنسانية لم ينسى خلالها وطنه الأم أيام النكسة ..!
    وهو نفس ما فعله علي عبد الخالق , مخرج فيلم " أغنية على الممر " حين صنع بموضوعيته فيلم " بنات إبليس " إطارا جمع فيه حسناوات الشاشة حول قضية مثيرة وفلسفية هي قضية " الشرف " والمجتمع الذي لا يرحم أبدا – واستطاع بذكاء شديد أن يضعنا أمام سؤال خطير : الشرف والعرض أم المال ..؟ وأيهما أهم ؟ .. الحقيقة التي تهدم أم الفضيلة التي تبني ..؟ وبذكاء شديد قال لنا إن مشكلتنا العربية الحضارية هي في عدم وجود الربان الحكيم القادر على توجيه الدفة إلى بر الأمان ..!
    تلك هي الموضوعية – التي تضع المشاهد أمام سؤال يفجر قضية بحجم المجتمع وبحجم الوطن , وبحجم الحياة كلها – ونفس الأسئلة التي طرحها علي عبد الخالق في فيلم " بنات إبليس " حول نماذج معينة من النساء , طرحها أيضا في فيلم " العار " حول نماذج متعددة من الرجال , ومعها سؤال كبير :
    هل يغفر المجتمع لرجل مستقيم ومتدين , أن يتاجر في الممنوعات من اجل الثروة .. ؟!
    وهل يتحول المال إلي سلاح يقتل الأخ من اجله أخاه - ..؟! وهل نهاية العالم أن تتقاسم المتع الدنيوية , أم تواجهها بإرادة صلبة وقوية ..؟ ولماذا ينتقل العار وراثة من الآباء إلي الأبناء ..؟
    هذا بالضبط ما تعنيه السينما الموضوعية , أن تطرح القضية الاجتماعية بشمولية فنية تملك أدوات الإبداع – وهي نفس الموضوعية التاريخية التي جعلت من مخرج الفيلم الواحد " شادي عبد السلام " مخرجا لا ينسي وهو يبحث الأصل التاريخي للتفكير المجتمعي لدي شعب بأكمله في فيلم " المومياء " .. ولا تستطيع أن تقول الرمزية , هي الموضوعية التي تقصدها , إن ما تقصدها هي الشمولية نفسها التي عشناها في فيلم الجوائز المتعددة " سوق الأوتوبيس " للمخرج عاطف الطيب .
    فالقصة واقعية , والنماذج البشرية واقعية , والمخرج هو الأستاذ الذي جمع القصة بنماذجها البشرية في إطار شمولي , جمع فيه قضية المناطق الحرة التجارية , ورب الأسرة الذي يملك المال والبنين , ويزاحم في ميراث صغير , لسائق الأوتوبيس – وهي نفس الموضوعية التي نلمسها عند " عاطف الطيب " في فيلم " التخشيبة " الذي وضعنا أمام الإجراءات الحكومية والروتينية , وانتقدها بعنف وقدم لنا نموذجا عن حياة الموظفين في سن التقاعد وعن الزوج الذي يعاني بين الثقة والشك في زوجته .. ونموذج الشاب الذي يمثل الجيل الضائع – كل هذه الأفكار في فيلم واحد – تبحث في عدة قيم اجتماعية مهمة وخطيرة – تجعل من عاطف الطيب الباحث عن القيم في السينما العربية ونفس هذا الإطار الموضوعي , هو الذي قفز بالفيلم السوري " أحلام مدينة " وقبلة الفيلم السوري " حادثة النصف متر " وهو مأخوذ عن نفس قصة الفيلم المصري " حادثة النصف متر " بطولة نيلي ومحمود ياسين , إلا أن المعالجة السورية شملت جوانب اجتماعية أكثر شمولية من الجانب العاطفي , ولذا وجدنا الفيلم بنسخته السورية يفوز بأكثر من جائزة وغني عن القول بان الأفلام التي تحدثت عن الواقع الاجتماعي بشكل ساخر في مقارنتها بين القرية والمدينة لم تضمن لنفسها أي نجاح يذكر , كما حدث مع فيلم " خرج ولم يعد " في مهرجان قرطاج العام الماضي الفائز بالجائزة الثانية لموضوعيته , حيث تفوق المخرج " محمد خان "وهو يضع المشاهد أمام مقارنة واقعية عن نموذج الحياة في القرية , ونموذج الحياة في المدينة , من خلال موظف حكومي بدرجة رئيس قسم , لا يأكل إلا الفتات , ولا يقدر علي الزواج , ويعيش في بناية آيلة للسقوط في المدينة , بينما يصاب بالتخمة , ويعيش وسط الخضرة والمنازل الفسيحة والوجوه المليحة في القرية ..
    وكان الفرنسيون هم الأسبق إلي إنتاج وإخراج الأفلام التي تبحث موضوع القيم والمثل في المجتمع والتي أطلق عليها اسم " الموجة الجديدة في السينما " .
    ويعتبر المخرج الجزائري الأخضر حامينا , واحدا من أعلامها في أكثر من مهرجان عالمي منذ كان 1975 وكان أول مخرج عربي تناول هذه الموجة في أفلامه هو يوسف شاهين ,حين اخرج وأنتج فيلم " العصفور " وفيلم " الإسكندرية ليه " , حيث تتبعنا معه قضايا امة بأكملها مع ضابط شرطة هو العصفور , الذي ذهب للقرية ليشارك في حملة ضد طريد في الجبل , وكان يسال نفسه أسئلة عديدة يناقشها مع الصحافي , ومع إمام المسجد في القرية , ومع بعض النساء في القرية حول قضية هذا الطريد .. وكانت الأسئلة بحجم الوطن كله ..!
    أما هذا الطفل الذي يصر على الذهاب إلى أم الدنيا رغم كل المحاذير فكان يضعنا أمام سؤال عميق وجوهري .
    ماذا يتوقع أن يرى هذا الطفل الصغير في المدينة المزدحمة ..؟ وصور لنا المدينة , وحال أهلها , في الأيام الأولى لنكسة 1967 ووضعنا معه في سؤال خطير : لماذا يلتف الناس حول هذا الزعيم ..؟ ولماذا النكسة بهذا الحجم ..؟ وما الذي يمكن أن يفعله أمام مسجد وسط ذلك الازدحام ..! وماذا يمثل الأزهر من تراث شعبي أصيل ..؟ هل هو في مراجعة تلك الكتب وقراءتها .. أم ماذا ..؟
    وحاول أن يقدم الإجابة على هذا السؤال في فيلم " الإسكندرية ليه " وهو يستعرض تقييمه التراثي في التغلب على كل عوامل الحاجة والشدة ليحقق طموحه العلمي والفني ..
    فقد صور لنا السبيل إلى مقاومة قوى الاحتلال والاغتصاب بالمقاومة , وبالعلم , وبالثقافة .. وهو يتظاهر مع زملائه من طلاب المدارس الثانوية وينظم معهم مجموعات لمقاومة الاحتلال .. أي احتلال ..
    ثم انتقل بنا من الموضوعية الشمولية إلى الموضوعية الرمزية , في فيلم " حدوتة مصرية " بعد أن وصل إلى قمة الإبداع الفني والفكري .. فما الذي وجده هذا الإنسان المثقف الذي يعاني من مرض القلب , لأنه لم يجد أحدا حوله يصل الى مستوى الإبداع الفكري الذي يريد نقله إلى الناس .. وهو يبحث عن من يفهمه .. أمه .. أو زوجته .. أو شقيقته .. أو ابنته ..! المسالة بهذا الحجم الرمزي , تشير إلى قيم متخلفة في السلوك الاجتماعي .. وهي مشكلة المشاكل التي تعاني منها كل مجتمعاتنا العربية النامية .
    أما " سعيد مرزوق " فهو صاحب مدرسة في الموضوعية المباشرة , هي اقرب إلى الواقعية , لكنها تتسم بشمولية في الطرح ولكن بشكل حياتي مباشر وليس ذلك الشكل الفكري الذي نعيشه في أفلام علي عبد الخالق التي تناقض المثل والقيم الاجتماعية برواية فكرية بحتة أو مثل أعمال هشام أبو النصر التي تعالج القيم الاجتماعية بزاوية إنسانية مطلقة من خلال الحي الشعبي فهو يضعنا في فيلم " الخوف أمام المشكلة مباشرة دون حاجة للتفكير في مسائل فكرية أو مثالية !! فالشباب حائر وخائف من المستقبل والحياة من حوله هي التي دفعته إلى " الخوف " , بنفس الروح الذي وضعنا فيها مع فيلم " أريد حلا " في مناقشة حقوق الزوجة وواجبات الزوج , وموقف القانون في هذه الأحوال
    ------------
    نماذج فيلميه
    1
    اين تخبئون الشمس
    -------------
    المخرج السينمائي المغربي " عبد الله ألمصباحي " سبقته شهرته إلينا قبل أن نرى أي عمل فني , وفي ظل هذه الشهرة المسبوقة لأي رؤية فنية جعلتنا ننتظر الفيلم المسموح به والممنوع " أين تخبئون الشمس " ؟؟ بكل ما نملك من حواس . ولم تمض دقائق قليلة من الفيلم حتى وجدنا أنفسنا مشدودين إلى هذا الفيلم نحاول التعمق في كل كلمة تدور بين الممثلين , وفي كل رقصة يقومون بأدائها , وفي كل زى يلبسونه , وفي كل حدث يصوره الفيلم , فبدون التعمق لا تستطيع ملاحقات الإسقاطات الفكرية التي طرحها الفيلم العربي أين تخبون الشمس .. ؟؟؟ حول قضية مصيرية في حياتنا العربية – عن العلاقة بين الضياع والشباب ونور الإسلام – لقد كان التحكم الفني والشكلي والموضوعي في الفيلم من حق المخرج " عبدا لله ألمصباحي " ولكن هذا لا يعني تجاهل القدرات الفنية الرائعة لشقراء الشاشة العربية " نادية لطفي " وهي تصور لنا لقطة تقاوم فيها إدمان الحشيش الأفيون – أو عندما صورت لقطة أخرى وهي في حالة ذعر شديد من صديقها الضائع في الفيلم " عادل ادهم " .
    كما أن عاد ادهم هو الدينامو الحقيقي لهذا الفيلم , لقدراته الفنية المتعالية في تمثيل المشاهد , كما هو مطلوب منه للمساعدة في تعميق الفكرة الأساسية حول الضياع الذي يعيشه شباب الجيل الحاضر – وكيف وقف مبهوتا ومندهشا وهو داخل المسجد النبوي الشريف وبجوار الكعبة في نهاية الفيلم عندما شعر بإحساس غريب يدخل إلى عقله وقلبه يغزو كل كيانه فيشعره براحة نفسية عميقة , تقول لنا انه اهتدى إلى طريق الحق والنور ... !
    وبالرغم أن إنتاج الفيلم مضي عليه أكثر من أربعة أعوام , وكان يعالج واقع شبابنا العربي اللاهي المصدوم بنكسة سنة 1967 والتي جعلته يشعر بالهزيمة الا أن هذا الفيلم الوقائع والأحداث , عندما تنبأ بان الطريقة التي سوف تنقذ الشباب من الضياع هي طريق الإسلام .
    والغريب إن بعض التلفزيونات تمنع عرض هذا الفيلم بحجة أو بأخرى , رغم أن كل ما في الفيلم ذو مضمون وهدف , ولم تكن الخلاعة التي ظهرت بها " نادية لطفي " في فيلم إلا شيئا ضروريا ومن مستلزمات البناء الفني للفيلم ولم يكن في عرض الفيلم وبالخلاعة التي أجادت فيها "نادية لطفي " ما يخدش الحياء والفكرة التي يدافع عنها الفيلم كافية لان تعطيه إشارة خضراء دون حسيب أو رقيب .. وإلا حق علينا أن نسألكم : أين تخبئون الشمس ؟؟
    ------------------------------------------------
    2
    موقف انتبهوا أيها السادة
    فيلم مصري يتضمن من صورة نقدية من " كأسك يا وطن
    عنوان الفيلم : ممتاز وباخراج فنى رائع كان موضوع سهرة الخميس (15/5/1980) فى تلفزيون قطر , يحكى قصة المنافسة بين ثرى مصرى مهنته في الاساس زبال وبين دكتور فلسفة مصرى .. وكل منهما يحاول ان يقيم نفسة .. فالزبال الثرى يعلم تماما بان دكتور الفلسفة رجل له وزنة وقيمته ومركزه وهو يحترمه .. اما دكتور الفلسفة فانه يعامل الثرى على انه زبال مهما كان لديه من اموال ...
    دكتور الفلسفة عاش احد عشر عاما فى الدرس والتحصيل ليصبح مفكرا كبيرا – والزبال عاش احد عشر عاما يتاجر في الزبالة ليصبح ثريا كبيرا..
    وتلك حقيقة ملموسة في مصر – ان الزبالة والبواب والمسمار والسمكري يحصلون في مصر على اعلي الدخول الشهرية – بينما أي دكتور جامعي يكتب في الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع لا يحصل على 10% من دخل اولئك المذكورين , وخاصة ان طلبة تلك الاقسام في الجامعات اعدادهم قليلة جدا لا يمكن ان تغطي تكالبف نشر كتاب اكاديمى لهم , وهذا ما حدث لدكتور الفلسفة في الفيلم المذكور ( انتبهوا ايها السادة ) حيث قام بتأليف خمسة كتب لم يحصل منها على اكثر من 250 جنيه مصري في السنة , بينما الزبال يقوم بجمع الزبالة في منطقة سكنية ويحصل من كل شقة يجمع زبالتها علي نصف جنيه , فاذا كانت المنطقة السكنية تحوى على 100 شقة فايراده من جمع الزبالة 500 جنيه شهريا .
    ثم يقوم الزبال ببيع القمامة بعد تصنيفها الى اسمدة واوراق وعلب صفيح ويحصل منها على اضعاف المبلغ , وهكذا فمن الطبيعي ان يصبح الزبال في احدي عشر عاما مليونيرا ليبني العمارات ويكسب منها ايضا .
    في نفس الوقت فان اكثر الادباء والكتاب شهرة لا يربحون من مبيعات كتبهم الا اذا فتح الله عليهم ابواب الافلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية.
    وبالتالي فانه لن يكون مستغربا ان نلاحظ الثراء الفاحش يهبط على الراقصات ومطربي الدرجة الثالثة في الملاهي والكازينوهات الليلية , لان من يملكون رأس المال لا يملكون الفكر او الادب فى اغلب الاحوال – اقول هذا ونحن نعرف ان اقل صحفي واقل كاتب صغير يعيش في اوربا وامريكا بمستوى يجعله مقتنعا بمهنته الى حد التضحية بحياته – لانهم هناك يضعونه في مكانه الصحيح على انه السلطة الرابعة والاقوى تاثيرا على الرأي العام – فيلم " انتبهوا ايها السادة " – مخرجه فنان شاب اسمه محمد عبد العزيز , ويصب في نفس القناة التي تصب فيها مسرحية " كأسك يا وطن " في احدي جزئياتها المتعددة ..

    -------------------------
    3

    اين المفر ..؟؟
    - حدثني صديق لي عن تجربته الحياتية وهو يعتصر كل ما في قلبه وعقله من الالم , وقال لي : احببت فتاة , ولكني خفت علي نفسي من حبها , فقد كنت مجنونا بها ...
    - - وعجيب يا صديقي امرك , فكيف تحب .. ؟ وتخاف من الحب في وقت واحد ... !!
    - - هكذا حدث لي ف تقاطعني حتي تفهم موقفي منها , فهو موقف تقليدي من الحياة العصرية ... فهي جميلة , وجمالها ملفت للنظر , خفت ان اسير بجوارها حتي لا تلاحقني العيون وتصيب مقتلا مني . وهي ذكية , وذكاء المراة مخيف لدرجة الخطر علي الذات نفسها , فالاقناع والاقتناع معها سيكون امرا صعبا ,, وبالتالي ادارة الحياة ذاتها سيصبح صعبا , فيلفت الزمام من يدي .. واذا فكرت وابتعدت بها عن الناس وعن الدنيا , ساحرم نفسي من متعة الحياة بمرافقتها وخاصة اذا علمت ان سر اعجابي بها هو قدرتها علي اثبات تفوقها في مجال حياتها وخدمتها ..
    - ولكن هل كانت هي تبادلك نفس الشعور ونفس المحبة ... ؟؟
    - نعم , ... لقد اعطتني من الاهتمام ما هو اكثر من الحب ... فانكرت اهتمامها وانكرت حبي لها , وانكرت الحياة ذاتها , ولجات الي خوفي احتمي به ,
    - انك مجنون حقيقي يا صديقي ... تحكم علي نفسك وبارادتك وتلجا لي لتسالني ... ؟؟
    - المشكلة ليست هنا ... المشكلة في انني احبها .. وجئت اسالك اين المفر منها ... ؟؟
    - ولحسن حظي وحظه اننا شاهدنا في تلك السهرة فيلما عنوانه " اين المفر ... ؟؟ " لصديقين حميمين مثلي ومثله في صداقتهما , احدهما قرر التزوج من محبوبته الجميلة الذكية المتحررة ... فكيف عالج الصديقان موقفهما من الحياة علي هذه الارض .. ؟؟ الاول ترك زوجته تعيش حياتها كما يحلو لها , فكانت النتيجة ان وجدها تعشق غيره معتقدة انه لن يعلم بامرها لثقته الزائدة بها .. والثاني منع عن زوجته كل الوان الحياة , واخذها الي منطقة صحراوية قاحلة لا بشر فيها وحدهما الاثنان , ومعهما رجل ثالث معتوه واحدب يعيش بخيال مريض يجعله يهذي بينه وبين نفسه كل يوم وليلة , ولا خوف منه ابدا , فماذا كانت النتيجة ... ؟؟
    - ان الزوج الذي آمن جانب المعتوه ترك زوجته وحدها معه , وعند عودته وجدها شبه مقتولة اثر اعتداء صارخ من المعتوه عليها ,
    - والسؤال اين المفر ... ؟؟ الحياة مليئة بالمآسي والالام .. فاين المفر ... ؟؟
    - وسالت صديقي : هل فهمت شيئا من قصة هذا الفيلم ... ؟؟ اذا لم تفهم ستحد الحل في تعاليم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم
    - جمالها ونسبها ودينها – ولكنه حضنا علي الزواج بالمراة المتدينة , وحثنا علي ذلك والمراة يا صديقي كما الحياة تماما , اذا ابتعدت عن عاداتنا وتقاليدنا العربية الاصلية , واسس ديننا الاسلامي , فانها ليست لنا ابدا .
    ولعلي وفقت في هدايتك الي السبيل الذي تريده .
    -------------------------------
    4
    الافوكاتو والسينما
    * " عادل امام " النجم الاكثر قبولا بين نقاد السينما وجمهورها , يخرج من قضية ويدخل في اخرى , فبعد خروجه من قضية فيلمه المسلي "المتسول " , دخل قضية حامية الوطيس بخصوص فيلمه الكوميدي الناجح " الافوكاتو " , ولو تركنا الحبل على الغارب في تدخل الناس لمنع هذا الفيلم او ذاك , فان هذا يعني قضايا بالجملة من سكان الباطنية , ومن تجار وكالة البلح , ومن باشاوات زمان ضد درب الهوى .
    * ويحق لطالبات الجامعة ايضا ان يرفعن قضية ضد مؤلف ومخرج فيلم " لا من شاف ولا من درى " الذي عرض من تلفزيون دبي في سهرة الخميس الماضي ..
    * ومع رفضنا لتحويل المسالة السينمائية الناجحة الى دور القضاء , فاننا مع هذه الظاهرة نستشعر قيمة جديدة في عالم الفيلم السينمائي الجماهيري , الذي يحتك بقضايا دنيوية ويمس اساليب مهنية بالتفاصيل الذي يجعل للفيلم نكهة مميزة , تختلف عن نكهة المهرجين الاخرين في عالم الكوميديا السينمائية , وهذا بالضبط ما يميز " عادل امام " عن غيره من نجوم الكوميديا , في بحثه عن مهنة جماهيرية بذاتها بحثا نقديا عنيفا يصل الى حد القسوة التي تؤدي به غالبا للمثول امام المحاكم المدنية , لان النقد الذي يمارسه نقدا محددا لفئة معينة , وهو النقد الذي ياتي بالنتيجة المرجوة غالبا , وغير المرجوة احيانا , وهذا ما نخشاه من افوكاتو السينما ..
    -----------------------------------

    5
    الديمقراطية في الاسرة
    ما هي اهم المشكلات التي تصادف الاباء في تربية الابناء ؟
    قد يكون اهمال الدراسة , وقد يكون التدخين , وقد يكون الحب في سن صغيرة ومبكرة , وقد يكون التخنث عند الصبيان , وقد يكون الاسترجال عند البنات , وقد يكون العمل في السياسية , وقد تكون كرة القدم سببا في المشاكل كما قد تكون الالات الموسيقية ... الخ
    وكيف يعالج الاباء مشاكلهم مع ابنائهم اذا تكاثر مرة واحدة ؟
    في الاجابة علي هذا السؤال نقضي مائة دقيقة كاملة مع سيدة مصر الاولي " فاتن حمامة " في فيلم " امبراطورية ميم " الذي بدات فيه سلسلة افلامها الاجتماعية الهادفة عن المراة حيث قامت بدور البطولة في افلام " اريد حلا " و " افواه وارانب " و " لاعزاء للسيدات " .
    وقد عبرت فاتن حمامة خلال سلسلة افلامها التي قامت ببطولتها في السبعينات عن مشاكل المراة والاسرة من مختلف الزوايا والاتجاهات , وكان تعبيرها صادقا وواقعيا ولذا فانها تستحق اكثر من غيرها لقب سيدة مصر الاولي لانها عالجت مشاكل المراة المصرية وعايشتها ووضعت لها الحلول المرئية والمسموعة من خلال الشاشة الفضية .
    وتتجلي قمة التعبير الفني والانساني عندها في الفيلم الاجتماعي الكوميدي ايضا " امبراطورية ميم " وقد عالجت مشكلة ابنها الذي يعشق كرة القدم وقالت له " الكورة في المدرسة والنادي بس , اما البيت فللراحة والمذاكرة " اما ابنها الذي يدخن ويخطو اولي خطوات المراهقة المتفجرة فقد نصحته قائلة : " لماذا لا تكون لك هواية تملأ بها وقت فراغك ؟ انت مشكلتك عدم وجود هواية عندك " وشجعته علي كتابة القصص وشرائها في نفس الوقت , حتي يبتعد عن التفكير في البنات والسجائر .
    اما معالجتها لابنتها التي ذهبت مع صديقها الي شقة وحدهما , فقد كانت عنيفة وقاسية , ثم تدرجت في عنفها وقسوتها مع ابنتها لتاخذها باللين قائلة لها " اذا كنت عايزة تقابليه قابليه في البيت عندنا وسط اخواتك ومعاهم مش بعيد عنهم " .
    اما ابنتها التي خاب املها في خطيبها فقد قالت لها " اعتبري اللي حصل تجربة , اوعي تحطي في دماغك انها صدمة , تجربة تستفيدي منها لمستقبلك " .
    وكيف عالجت مشكلتها مع نفسها والتي تمثلت في صراعها بين حاجتها لرجل بجوارها وحاجة ابنائها لها ؟ لقد قالتها للرجل الذي ارادها زوجة صالحة له في نهاية الفيلم " سافر بدون وداع " , وانا حااستناك جنب اولادي , وهم محتاجين لي اكثر من حاجتي لك .
    واخيرا فانني واثق من ان السيدة فاتن حمامة لن تقبل باللقب الذي اسبغناه عليها في هذه الكلمة ليس كرها في اللقب ولكن خوفا منه , ولكني واثق ايضا بان نساء مصر لو اخترن لهذا اللقب فلن يخترن غيرها حامة غيرها حاملة له .


  8. #8

    رد: السينما بين الشكل والمضمون - كتاب تحت الطبع

    الفصل الخامس
    السينما والسياسه
    -----------------
    الفيلم السياسي في السينما العربية
    ------------------------------
    تمثل الذكاء الهوليوودي , في استخدام الفيلم السينمائي , لاهداف سياسية من خلال مجموعة كبيرة من الاعمال المثيرة مثل افلام جيمس بوند ...!! ولكن هذا الذكاء خفت حدته وانطفأ بريقه , مع انتشار افلام الموجه الجديدة التى قادتها السينما الفرنسية , في طرح الموضوع السياسي على بساط البحث السينمائي , بكل تفاصيله الدقيقة , التي بهرت الناس وجذبتها الى الفيلم الفرنسي مع بداية السبعينات . حيث تأثر الكثير من مخرجي السينما في العالم الثالث بالموجة الفرنسية وبدا ذلك واضحا في اعمال السينمائيين العرب , الذين حاولوا ان يفهموا المعالجة الشمولية لقضايا الوطن والامة من خلال الفيلم السينمائي . وكان هذا يعني جرأة سابقة لاوانها , فبدت وكأنها لغز غير مفهوم حين عرض فيلم " زائر الفجر " من بطولة ماجدة الخطيب وعزت العلايلي وسعيد صالح فلم يكن فيلما سياسيا معاصرا , بقدر ما كان معالجة بوليسية غير واضحة الا ان المعاناة الفكرية والقلق الانساني لبطلة الفيلم كان يوحي بانها مطاردة سياسيا , فلم يكن هناك اتهام جنائي اخر يعالجه الفيلم سوى الاتهام الثقافي والسياسي , وكان للضجة التى اثارها انتاج فيلم " زائر الفجر " والنجاح الذي حققه , اثره في جذب السينمائيين لتقديم فيلم سياسي مباشر , وكان فيلم " الكرنك " من اخراج علي بدرخان وبطولة نور الشريف وسعاد حسني وشويكار وفايز حلاوة وقصة نجيب محفوظ , اكثر الافلام انتقادا لبعض الاوضاع السياسية الفاسدة التي درسها الفيلم , من خلال احد النماذج السياسية المنتمية الى الصف الثاني من مراكز السلطة , حيث يشير الفيلم الى هذا النموذج بأنه المسؤول عن البلبة , في ظل انشغال المسؤولين بالقضايا الكبرى , وهذا ايضا ما أوضحه فيلم " وراء الشمس " لمحمد راضي وبطولة نادية لطفي ورشدي اباظة ومحمد صبحي ومنى جبر وشكري سرحان , حيث عشنا تصويرا مباشرا لما كان يحدث في السجن العربي , على ايدي نماذج من رجال الصف الثالث في السلطة لجلب الاعترافات بالقوة , ارضاء لرؤسائهم في الصف الثاني الذين كانوا يتصرفون طبقا لمصالحهم الشخصية فقط , مستغلين الثقة التي حصلوا عليها , وقد سخر " عادل امام " في فيلم
    "احنا بتوع الاتوبيس " ومعه عبد المنعم مدبولي , من نفس الاجراءات البوليسية في السجون الحربية ..
    واذا تعمقنا في تلك الافلام (زائر الفجر او الكرنك او احنا بتوع الاتوبيس او وراء الشمس ) سنجد انفسنا اما اجراءات بوليسية بحتة تتحدث عن تجارب شخصية , فردية , وحجم تأثيرها محدود بنسبة ضئيلة من مجموع الناس , الذين وضعتهم الظروف في مواجهة مع هذه الاجراءات التى تمثل الوجه العام لاغلب دول العالم الثالث دون استثناء ...!!
    وعادة ما تمر هذه الدول , في مرحلة انتقالية وتاريخية , من عمرها السياسي ببعض القرارات السياسية التي تمس القلة من الناس بالقليل من الضرر ولكنها تعود بالفائدة على الغالبية العظمى من الناس في نفس
    الوقت ...
    والخطأ يحدث دائما وابدا في الاجراءات البوليسية التى تنفذ هذه القرارات لا يمكن ادانة القرارات لمجرد ان بعض الاشخاص اساءوا التطبيق ...!!
    وهذا بالضبط ما يمكن ان نفهمه فى الافلام السابقة الذكر , وما يمكن تلخيصه من الفيلم الاخير لفاتن حمامة " ليلة القبض على فاطمة " , اخراج هنري بركات , حيث اننا نجد انفسنا امام شخص فرد اساء استغلال سلطاته ضد شقيقته , دون علم المسؤولين بحيث اننا نراه يحاكم ويعاقب في نهاية الفيلم بعد افتضاح امره للمسؤولين والرمزية في فيلم " ليلة القبض على فاطمة " مرفوضا تماما , لان القصة واقعية , وقد نشرتها الكاتبة " سكينة فؤاد " قبل عدة سنوات , وعرضت في مسلسل اذاعي , كما انتجت في مسلسل تليفزيوني , والكاتبة للقصة غير مسؤولة عن استخدام الرمزية والايحاء السياسي ان كان في الفيلم السينمائي او في المسلسل التليفزيوني ...!! لان اساءة اى شخص لسلطته ومسؤوليته تدخل في محاسبته , هو شخصيا , دون ان يتحمل الوطن كله تبعات انانيته وذاتيته فمن غير المعقول ان يتحمل المجموع , ميل احد النماذج لجمع المال والثروة باسم زوجته في فيلم " وراء الشمس " مثلا , كما انه من غير المنطقي ان نحمل كبار المسؤولين , اخطاء ادارة السجون , في أي بلد من البلدان , كما رأينا في فيلم " احنا بتوع الاتوبيس " , والا فاننا ننجنى على حركة التاريخ الذي سيشهد بعد مئات السنين , بان النعمة مست الجميع في مرحلة التحول العظيم .
    لكن الوضع يختلف منطقيا حين نجد انفسنا امام فيلم " وقيدت ضد مجهول" , حيث الرمزية السياسية واضحة للعيان , وتشمل ادائه كاملة , لا تتعلق بفرد او بضعة افراد , تعدد ما يتعلق بوطن باكمله , كما تجد انفسنا امام واقع مجتمعي يعيد الى الاذهان , تسلط القوي على الضعيف , استقلال الغني للفقير , وانهيار النظام والقانون , لخدمة بعض الاشخاص , كما راينا في فيلم " الغول " من بطولة عادل امام وفريد شوقى , وهو يحمل نفس الفكره التى دار حولها فيلم " على من نطلق الرصاص " بطولة فردوس عبد الحميد عزت العلايلى وسعاد حسنى وجميل راتب , ونفس الفكرة التى قدمها هشام ابو النصر فى فيلم " قهوة المواردى " حيث كل شى يتغير الى الوراء , وياخذ الناس الى جحيم الالبوتيكات , وغلاء الاسعار , ولتحكم الفرد الواحد في مجموع الناس البسطاء , ويعلو الصبي الصغير على الرجل الحكيم القدير في زعزعة واضحة للكيلن الاجتماعى , لدرجة تصلى الى ان تبيع الام ابنتها في حفل زفاف مادي , ويموت الانسان الشريف ...!!
    ثم نجد انفسنا امام عهد جديد , وممثل جديد هو " ممدوح عبد العليم " يقدمه ابو النصر رمزا للقاء والصفاء في نهاية فيلم "قهوة المواردي " , الذي اوجز المشكلة السياسية ببساطة شديدة متسائلا عن الافضل للجميع ثراء فرد واحد ام ثراء المجموع .
    وفي موقف يتسم بالموضوعية السياسية للتركيبة الثقافية والاجتماعية نجد انفسنا امام نمط ثالث من الفيلم السياسي , تفوق على كل ما عاداه من افلام سياسية مباشرة , حيث قدم حسين كمال فيلمه الشهير "ثرثرة فوق النيل " وعالج فيه مجموعة من الشخصيات المثقفة كما جاء ذكرها في القصة الاصلية لنجيب محفوظ الاديب , والصحفي , والاداري , والممثل السينمائي , ورئيس الارشيف تجمعوا في عوامة على النيل , وانتقدوا سخرية لاذعة اوضاع العالم السياسي من اقصاه الى ادناه , بسلبية واضحة ,شاركهم فيها نماذج نسائية تمثل الزوجة اللعوب والطالبة الساذجة , والموظفة الفاتنة , والصحفية الملتزمة بقضايا الشعب والبلد حيث يسير الفيلم بنا من موجة السلبية المفرطة , الى موجة ايجابية حادة تقودها الصحفية الجادة بزيارة الى مدن القناة التي اصابها الخراب بعد الحرب فكان هذا الفيلم شهادة سياسية اتسمت بالحياد في الاتهام , وقال الفيلم اننا جميعا مسؤولون عما حدث سنة 1967 من الغفير الذي يتستر على المجون رغم تدينه الى المدير الذي ينسى نفسه وسط الدخان في العوامة … ويبدو ان "ماجدة الخطيب " عشقت هذه الادوار , فشاركت احمد زكي وتيسير فهمي وكمال الشناوي بطولة فيلم " العوامة 70 " وهو فيلم انتقادي , ايضا , على غرار " ثرثرة فوق النيل " مع اختلاف النهج الفكري , حيث دارت فكرة " ثرثرة فوق النيل " حول سلبية المثقفين والاداريين من واقع البلاد بينما دارت فكرة " العوامة 70 " حول الحرب الدائرة بين المشتغلين لاقتصاد البلد وبين المثقفين من الصحفيين وبين هؤلاء وهؤلاء نماذج مختلفة تتفاوت فيها السلبية والايجابية بينهم …
    والفيلم السياسي الثالث الذي تحمل المسؤولية الى الجميع ويشير الى المشتغلين على اختلاف فئاتهم وطبقاتهم هو الفيلم الرائع "المذنبون " من اخراج سعيد مرزوق وبطولة مجموعة كبيرة من الممثلين على رأسهم : " عماد حمدي " البطل الحقيقي لفيلم الثرثرة , والبطل الحقيقي لفيلم المذنبون ..!! " وسهير رمزي " التي تفوقت في هذا الفيلم , ولم تتفوق في سواه .. و "صلاح ذو الفقار " الذي اجاد باقتدار يحسد عليه دوره كمدير عام لاحدى المؤسسات التي يستغلها لاغراضه الشخصية والانانية
    و "حسين فهمي " الذي مثل ابن الباشاوات الحزين , اما " توفيق الدقن " فهو كعادته يعيش مع كل ادواره , فكان متميزا كمدير لاحدى الجمعيات التعاونية التي يستغلها لصالحه الشخصي , و "يوسف شعبان " الطبيب الذي يجري بعض العمليات الجراحية الممنوعة شرعا وقانونا , حتى نصل في نهاية المسار الى صاحب النفوذ الذي يفرض سلطانه على كل كبيرة وصغيرة بما فيها تلك الممثلة التي يتجمع حولها كل المذنبين في حق المجتمع والبلد ..
    وهذا الفيلم الناضج فكريا وفنيا , استطاع ان يضع اليد على الجرح في ازمة الحضارة والتخلف ضمن العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكان شموليا لدرجة اثارت اعجاب الجميع نقادا ومشاهدين على اختلاف اذواقهم ومستوياتهم ويقول : ان العيب ليس في الفرد ولكن العيب فينا جميعا , عندما نصل الى درجة المسؤولية والسلطة فنستغلها ونفس مصالح الناس وحاجاتهم , حيث تفقد القرارات العظيمة
    السينما العربية قدمت افضل ما عندها من خلال الفيلم السياسي
    روعتها على ايدي المذنبين اما كمال الشيخ فقد قدم شهادة سياسية عن تفوق العنصر العربي على اعدائه في ميدان الامن والمعلومات من خلال فيلم
    " الصعود الى الهاوية " الذي صعد بمديحة كامل من كونها مجرد نجمة حسناء الى ممثلة سينمائية لها قدرتها على العطاء الفني , وهي تؤدي دور
    " عبلة كاملة " التى نسيت آمال وطنها وهموم شعبها في شوارع باريس مع رجل يعادي بلادها , ويعد العدة لضربات تلو الضربات بالقنابل والطائرات ضد المدنيين والعسكريين في جبهة القناة بل انها تتلون كالافعي حتى تصل الى الدبلوماسيين من ابناء امتها , لتأخذ منهم ما يفيد العدو , واستخدام كمال الشيخ في هذا الفيلم كل خبراته المشهور بها في اخراج الافلام البوليسية ليخرج فيلم الصعود الى الهاوية , كأحد الافلام الراقية في عقد السبعينات من حيث التسلسل الروائي , ومن حيث استخدام الاماكن الواقعية في باريس او القاهرة , وحتى تقع " عبلة كاملة " في ايدي امينة على الوطن لتلقى عقابها المحتوم , وخيبة الامل تكسو وجوه الذين استغلوها ابشع استغلال ممكن ..
    و" علي بدرخان " عاد ليصحح موقفه من الفيلم السياسي بعد "الكرنك" فأخرج فيلم " اهل القمة " عن الانفتاح وسيطرة رأس المال التي كادت ان تقضي على انجازات شعب بأكمله من اجل فئة قليلة من الناس , والفيلم من افضل الافلام العربية التي عرضت في اوائل الثمانينات .
    وقائمة الافلام السياسية لا تقف عند هذا الحد , فهناك فيلم "رحلة داخل امرأة " لنادية لطفي ونور الشريف وشكري سرحان , وقد بحث الفيلم قضية هامة حول موضوع الحراسات , وحول الشخصيات الثورية التى تحولت الى التجارة والثراء , حيث تعيش مع امرأة موزعة بين شاب طموح وبين رجل قدير , وقد احبت في الشاب طموحه , تماما كما احبت يوما من الايام طموح رجلها القدير ووطنيته في شبابة , ثم خاب املها بعد ان تحول الطموح الى التجارة والثراء عند الرجل القدير , وخاب ظنها مرة ثانية عند الشاب الذي اظهر لهفته على الاملاك والاموال , بقدر ما كشفت قضية الحراسات نقمته على الوطن بكل ما فيه من رموز مخلصة , جعلته في نظرها انسانا متعجرفا وهي لا تريد ان تكرر مأساتها الاولى بمأساة ثانية – وافضل لها الف مرة ان تستمر في حياتها دون تغيير فالحب الاول هو الاقوى , والافضل , بما يعني ذلك من رموز سياسية فالفيلم السياسي هو سياسي , لا يحتاج الى كثير من من الجهد في التفكير صمن الرموز , ويبقى الفيلم النظيف هو الذي يترك للمشاهد ان يحكم على المعطيات السياسية ضمن ما يراه امامه , وفي نمط رابع من الفيلم السياسي نجد انفسنا مع مصر قبل ثورة 23 يوليو سنة 1952 في افلام عديدة ابرزها "الارض" ليوسف شاهين , و" شروق وغروب " من بطولة سعاد حسني ورشدي اباظة ويمكن اعتبار " وداد الغازية " معالجة سياسية للوضع ما قبل الثورة في سنة 1952 حيث عشنا نقمة ضابط البوليس الوطني على الباشا وعلى رؤسائه في وجه الاقطاع المستغل للفلاح الفقير , ونعيش ايضا في فيلم " شفيقة ومتولي " ذلك الجو من السخرة الذي كان يفرضه الاحتلال البريطاني على الفلاح المصري للخدمة في جيوش بريطانيا العظمى , ثم نجد انفسنا امام الارهاب العظيم المتمثل في شخصية احد وزراء الداخلية للعهد الملكي في مصر بفيلم "سنة اولى حب " بطولة نجلاء فتحي وبوسي ومحمود ياسين وجميل راتب , حيث يناقش قضية الاغتيال السياسي وحال مصر قبل ثورة 23 يوليو اضافة الى هذه المجموعة من الافلام , نلمس الاجواء السياسية في فيلم " آه يا ليل يا زمن " من بطولة وردة الجزائرية ورشدي اباظة حيث تعيش قصة امرأة من اسرة عربية هاجرت الى باريس وحاولت ان تستعين باصدقاء الاسرة القدامى هناك فلم تجد احدا يمد لها يد العون او المساعدة فتعمل مطربة في الملاهي الليلية , حتى تلتقي بذلك الضابط الذي اختبأ في قصر والدها اثناء هروبه من البوليس , ذات ليلة قبل 23 يولية 1952 حيث اصبح مسؤولا كبيرا بعد الثورة , يقرر مساعدتها واعادتها معه الى بلدها معززة مكرمة , وعلى نفس الوتيرة تعيش قصة حب احد المسؤولين الكبار بمطربة في فيلم " اسياد وعبيد " من بطولة عادل ادهم وحسين فهمي ومحمود ياسين وفريدة فهمي وهدى سلطان , تعيش قصة مشابهة اخرى في فيلم " اثنان على الطريق " من بطولة شمس البارودي وعادل امام , حيث نجد امامنا بنت الباشاوات التي يرغمها مسؤول سياسي كبير على حبه , وهي قصة عولجت في اكثر من فيلم اخر ايضا , منها فيلم قام ببطولته محمود عبد العزيز ومحمود مرسي ونيللي وشويكار وعادل ادهم حيث نجد المسؤول الكبير مغرما بامرأة يحميها من احد القضاة الذي يسعى لاثبات براءة احد المتهمين بجريمة قتل جنائية .. ودليل براءة
    المتهم في ليلة حب قضاها مع عشيقة ذلك المسؤول الكبير .. والحقيقة ان هذا الكم من الافلام السياسية التى عالجت المواقف السياسية المباشرة في مصر لم تجد لها أي صدى مماثل في أي سينما عربية اخرى , اذا ما تجاوزنا تلك الرمزية الوطنية في بعض الافلام السورية او المغربية , والرمزية هنا عامة وليست خاصة بحيث اننا نجد في "امبراطورية غوار" رمزية تنتقد الزعامات التى تتغير وهي مجرد فكرة لا اكثر ولا اقل .
    كما نجد انتقادا للحدود المصطنعة بين الدول العربية في فيلم "الحدود" وهي فكرة مثالية ايضا , لا تضع اليد على الجرح المباشر ابدا ..
    السينما العراقية قدمت لمحة عن الفيلم السياسي بواقعية ومباشرة بفيلم
    " المسألة الكبرى " كما قدم فيصل الباسري فيلما عن الحرب اللبنانية بمعالجة فكرية ناضجة من خلال " القناص " من بطولة آمال عتيش ..
    يمكن ان نجد سمات الحرب في لبنان موجودة في العديد من الافلام اللبنانية الجديدة , لكن لا تصل الى مستوى المباشرة في النقد السياسي من خلال العمل السينمائي بنفس القوة التى عشنا فيها جو العمل السياسي في لبنان من خلال فيلم " القناص " الذي يتفوق على الافلام لبنانية عديدة قدمها يوسف شرف الدين وفؤاد شرف الدين بصورة غير مباشرة عن لبنان ما بعد الحرب وقد يكون من الاهمية بمكان ان نذكر بأن السياسة هي التعامل بين الحاكم والمحكومين وبينه وبين الآخرين وهذا يجعلنا نضع في اعتبارنا مناقشة كل الافلام التى العلاقة بين الرؤساء ومرؤوسيهم ضمن اطار الفيلم السياسي الجاد اضافة الى ان الفيلم السياسي هو الذي يقدم الفكرة العامة عن حال المجتمع في زمان التحولات السياسية الهامة .. ففيلم "الايدي الناعمة" سياسيا بمضامين اجتماعية حيث يتحول العاطل بالوراثة الى انسان منتج , وفيلم " جفت الدموع " سياسيا بمضامين ثقافيا , حول الصراع بين الصحفيين على مراكز النقابة والقيادة . ونذكر للحق والحقيقة بان السينما العربية قدمت افضل ما عندها من خلال الفيلم السياسي , وتعتبر مجموعة الافلام العربية السياسية نموذجها رائعا تتميز به السينما العربية على قريناتها في العالم الثالث , بل انه يقربها من مصاف السينما العالمية بشكل عام في مجال الافلام السياسية ..!
    ---------------------
    الفيلم السياسي 2
    ----------
    لايمكن لاي مهتم بالحركة الثقافية في العالم العربي تجاهل اهمية السينما في البنية الثقافية ككل – لان المنظور الواقعي للسينما يرتبط بالمنطق والعقل مع الالوان الثقافية ان كانت في الميادين الادبية او السياسية او الاجتماعية او العلمية .. الخ
    وقد اختار , بعض الدخلاء على السينما العربية , ان يقدموا لنا الفيلم الهزلي والتافه , بشكل طغى على كل الالون السنمائية الاخرى ولا يمكن لهؤلاء الدخلاء ان يقللوا بمنظورهم , اهمية السينما ودورها الحقيقى الذي يتبناه عدد لابأس به من المخرجين والممثلين في الساحة العربية .
    وهم النوعية التى خاضت تجربة الفليم السياسي , كشكل من اشكال النقد البناء للبنية الفوقية , التي تهدف في نهاية الامر الى فضح وتعرية الخطايا والاخطاء لبعض القرارت الفوقية التى تؤثر على مجموع الناس بشكل عام .
    ومن هنا نجد امامنا مجموعة من الافلام السياسية التي تنتقد الناصرية كواقع فكري , ثم تجد امامنا مجموعة من الافلام السياسية التى تنتقد الساداتية كواقع اقتصادي , وهذا يوصلنا الى نتيجة اتفق عليها السينمائيون المعارضون او المؤيدون لهذا النظام او ذاك ... وتلك النتيجة تتخلص في محاكمة الناصرية من واقع فكريي وهو امر عادى .
    اما محكمة الساداتية من الواقع الاقتصادي فهو امر غير عادي .
    الامر العادي ان الفكر يمكن الاختلاف عليه فى كل زمان ومكان .. اما الامر غير العادي هو ان الاقتصاد امر ثابت لا يمكن الاختلاف عليه , فاما ان تكون لصا فاسدا واما ان تكون نزيها مخلصا ..
    واللصوصية يحاسب عليها القانون الإلهي , والقانون الدنيوي , وهي أمر مادي محسوس وملموس , متفق على حدوده وضوابطه ...
    من خلال هذا المقياس الذي قدمه لنا الفيلم السياسي المصري , يمكن بالسهولة لكل مثقف عربي من المحيط إلى الخليج أن يقف مع أو ضد الناصرية , أو يقف مع أو ضد كتاب هيكل " خريف الغضب " أو يقف مع أو ضد رواية نجيب محفوظ " أمام العرش " .
    وماذا نريد من السينما أكثر من ذلك الوضوح والتبسيط ..
    وكان لا بد للسينما العربية من موقف سياسي , في هذا الطوفان التجاري الرهيب من الأفلام الحقيقية والهادئة , ومن نجوم الإخراج السينمائي على مستوى الفيلم العربي السياسي نذكر " برهان علوية " الذي نجح في تسليط الضوء على أحداث كفر قاسم , نجده في فيلم آخر يسلط الضوء على الاغتيال السياسي كردة فعل ضعيفة , وعلى الطفرة المادية التي يعيشها الإنسان العربي في هذا الزمان ولكن إلى أي حد نطاحن هوليود ..؟؟
    هناك أفلام عربية تحمل أسماء كثيرة لم يسمع بها المشاهد العربي مثل فيلم " الصمت العنيف " لمؤمن السميحي المغربي , وفيلم " سجنان " للمخرج عبد اللطيف بن عمار التونسي , وفيلم " عمر قتلته رجولته " للمخرج الجزائري العظيم " مرزاق علوش " أو فيلم " السفراء " للتونسي ناصر ألقطاري أو فيلم " اليازلي " العراقي للمخرج قيس الزبيدي أو " السيد التقدمي " للمخرج السوري نبيل المالح , او فيلم " يوم عادي في حياة قرية سورية " للمخرج عمر أميرالاي .
    ويمكن أن نسجل هذه الأفلام ضمن الفيلم السياسي , أما بشكلها الروائي التسجيلي , أو بشكلها الموضوعي المنهجي , وهي تمثل لونا سياسي في سماء السينما العربية يعمق الوعي بأهمية دور السينما في حياتنا
    إلا انه يظل ناقصا في تلك المسحة الجماهيرية التي يحتاجها المشاهد العادي وهو يتابع الفيلم السينمائي , باحثا عن قدر من الترفيه مع قدر من الجدية
    أما الترفيه الكامل , والجدية الكاملة , فهي مضرة في اغلب الأحيان حين تقديمها كوجبة سينمائية للمشاهد العادي ..!!
    مع الاعتراف بصعوبة أن يكون لدينا فيلما روائيا وسياسيا متكاملا ضمن التقنية السينمائية المتواجدة لدينا , واتي تحتاج إلى خبرات قوية في ميدان الفيلم الروائي السياسي الكامل , والجماهيري المثير .
    ولو أننا نسجل لفيصل الياسري نجاحه في إخراج فيلم " القناص " عن الحرب اللبنانية , كما نسجل " لمارون بغدادي " بعض محاولاته في هذا المجال أيضا .
    وبالتأكيد فان كل محاولاتنا تبقى قاصرة بجانب الإنتاج الهوليودي الضخم عالميا

    -------------------------
    الفيلم السياسي وهواية الرجوع الى الخلف
    مازال الفيلم العربي السياسي يراوح في مكانه , فلا نراه ونشاهده الا بعد أن تمضي على احداثه سنوات وسنوات , حيث تصبح الديمقراطية عند كل نظام جديد هي السماح لأعداء النظام القديم بأن يشمروا عن سواعدهم , ويستعرضوا عضلاتهم الفنية والأدبية في التشنيع على ذلك النظام الذي مات زعيمه او اعتقل او تم ترحيله الى خارج البلاد .
    استعراض العضلات الفنية يظهر في مصر السينمائية بشكل واضح في انتاج العديد من الافلام السياسية التي تظهر عيوب الحاكمين في مصر قبل عشر سنوات ! , ويحاول المتسلقون والمستفيدون وتجار الانقلابات ان يمارسوا هوايتهم , في الترويج لتلك الموضة وتشجيعها ما دام المكسب هوهو .

    المهم ان مظاهر الديمقراطية في وسائل الثقافة المصرية الآن هي توجيه التهم وكشف العيوب التي عاشها النظام في مصر قبل السادات , وكان كتاب القصة والروائيين لم يجدوا عندهم حكايات عن القضية المعاصرة في مصر الان وكان الرجوع الى الوراء عشرة أعوام هواية محببة ومريحة .
    هكذا فعل جلال الدين الحمامصي , ذلك العجوز المنافق عندما كتب قصته التي انتجت في فيلم سياسي عنوانه " احنا بتوع الاتوبيس " والتي ركز فيها على اليسار المصري الذي ينادي بالتغيير عن طريق الدم وليس غير الدم , كما ركز فيها على الموقف المتأزم بين الاخوان ونظام الحكم , ثم اوضح ان اليمين المصري هو الذي مات وقتل , ومع هذا كان يردد :
    ( خدنا منك كتير يا بلدي , فيها ايه لو في يوم نعطيك ) واطلق ثلاثة شعارات على لسان الممثل هي :
    حرية وحب وسلام بدلا من وحدة وحرية وعدالة , وكان الوحدة والعدالة لا تعنيان الحب والسلام في حقيقتهما ومعناهما السليم .
    والمؤسف , اقحام شخصية تاريخية مثل شخصية عبد الناصر في مثل ذلك التهجم واشراك خطاب التنحية الذي القاه بعد النكسة , في كل فيلم سياسي , مثل فيلم ( الكرنك ) قصة نجيب محفوظ , او فيلم ( احنا بتوع الاتوبيس ) قصة الحمامصي .
    ما هي سياسة والا ايه ؟ !

  9. #9

    رد: السينما بين الشكل والمضمون - كتاب تحت الطبع

    الفصل السادس
    السينما وفلسطين
    -------------------
    السينما وفلسطين
    أهمية الحضور السينمائي الفلسطيني
    ---------------------
    - فلسطين هى الهم العربي المشترك في كل مكان وزمان انها الحاضرة والغائبة دائما وابدا.. موجودة بداخلنا , وتعيش في وجداننا ..
    هي في القلب من عالمنا العربي ..
    وهي التي تصل مشرقة بمغربه ..
    ومهما طال الزمان ستعود فلسطين عربية محررة ..
    - ولان معركتنا مع اعدائنا , معركة حضارية , هي في الأساس معركة بناء الانسان القادر علي الصمود والمواجهة وعلي مختلف المستويات , والسينما واحدة من معاركنا الحضارية ضد اعدائنا , فلزاما علينا ان نقدم كشف حساب لما قدمناه سينمائيا من اجل قضية العرب الاولى :
    قضية فلسطين ..
    - خاصة وان عدونا له , في هذا المجال الف ذراع وذراع وهو مثل الاخطبوط , ينشر اكاذيبه علي العالم اجمع بكل ما اوتي من ثروة وجاه , في انتاج الافلام السينمائية التي يؤلب الراي العام العالمي من خلالها علي الحق , والحقيقة .. وقد استخدم من افلام هوليوود ذات الامكانيات الضخمة شعارا نشر من خلاله الزيف والخداع , الذي تميز به علي مر العصور والازمان ..!!
    - وقد ظهر هذا الزيف في السينما الصامتة سنة 1923 بفيلم عنوانه
    " الوصايا العشر" لسيسيل دي ميل , وسنة 1926 بفيلم صامت اخر اخراج فريديتيلو , حيث يتحدث عن الحروب بين العبرانيين والرومان بشكل يقدم التفوق الزائف لهم , وقد استمرت هوليوود فى خطها المعادى للقضية العربية عن فلسطين وانتجت افلاما تمجد فيها اعدائنا ..
    فيلم / أرض الفراعنه سنة 1950 إخراج هيوارد هوكس ..
    وفيلم / سليمان وملكة سبأ سنة 1959 إخراج كينج فيدور .
    وفيلم / السير والملك سنة 1960 اخراج راوول ولش .
    واغلب هذه الافلام مستمدة من الاساطير والاكاذيب التاريخية التي قلبت الصهيونية من خلاها الحقائق , لتحصل على الشرعية الدولية التي اجهضت فيها حق الشعب العربي الفلسطيني .
    - ولم تكن الاساطير سلاحهم السينمائي الوحيد .. بل اتجهوا الى تقنية الشعور بالذنب الجماعي تجاه الابادة النازية لليهود , متجاهلين الاضطهاد الذي لقيه الشعب الفلسطيني الاعزل في دير ياسين سنة 1948 وكفر قاسم سنة 1956
    - ولكن هل يتجاهلون ما حدث في بيروت سنة 1982 ..؟؟ ومجزرة صبرا وشاتيلا بعد جلاء قوات المقاومة عن بيروت سنة 1983 ؟
    - قد يتمكنون ..
    ليس لكونهم متفوقين ..!
    ولكن لاننا عاجزون ..!!
    - هكذا كانت هزيمتنا البشعة سنة 1967 ..!!
    لاننا اردنا الهزيمة ولم نقاومها .!!
    - ان السينما سلاح حضاري يجب ان نستخدمه ونشهره في وجه كل اعدائنا , بقوة , ولا يجب ان نقدم أي وسيلة في هذا الاتجاه , وهذا ما يعزز الحديث عن السينما وفلسطين ..
    - ----------------------
    كانت البداية الحقيقة للسينما الفلسطينية سنة 1969 حيث انتج اول فيلم سينمائي بعنوان " لا .. للحل السلمي " ثم انتجت عدة افلام منها ..
    " عدوان صهيوني "," مشاهد من الاحتلال في غزة " , " سرحان " , " لماذا نزرع الورد ." لماذا نزرع السلاح " , " على طريق النصر "
    " الارض المحروقة " , " المفتاح " .. الخ .
    - وخلال تصوير هذه الافلام الوثائقية وغيرها من الافلام عن الحرب الضروس للمقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان استشهد المصور والمخرج السينمائي " هاني جوهرية " اثناء تصوير معركة الجبل اللبناني في عينطورة , وهو واحد من ثلاثة اسسوا وحدة السينما والتصوير الفلسطينية .. واول من رافق الثوار في العمليات الاولى داخل الارض المحتلة ..
    كما استشهد عبد الحفيظ اسمر وابراهيم مصطفى في بنت جبيل اثناء تصوير العدوان الاسرائيلي علي جنوب لبنان ..
    - وقد شاركت مؤسسة السينما الفلسطينية في تصوير فيلم " الفلسطيني " انتاج " فانيسيا رد جريف " التي تعاطفت بقناعة كاملة مع الحق الفلسطيني ودافعت عنه عمليا بهذا الفيلم , رغم ما اصابها من مضايقات , الا انها استمرت في طريقها العادل والثابت للدفاع عن حق الشعب الفلسطيني بسلاح السينما ..
    - ولعل في هذا درسا للفنانين العرب في كل مكان يجعلهم يتحركون خطوة الى الامام نحو سينما تدافع عن الحق العربي في فلسطين التي لم تجد من ينصفها بافلام روائية او وثائقية من مشاهير الفنانين العرب , وكان فلسطين امر لا يهمهم كعرب سينمائيين .
    السينما وفلسطين
    بعض المحاولات في السينما التجارية عن الفدائي الفلسطيني , ابرزها فيلم " كلنا فدائيون " من يطو غسان مطر ..!! لكن هذه المحاولات لم تكن بالمستوى المطلوب ابدا لكي نغزو بها العالم وتقدم من خلالها قضيتنا بشكل جيد او مقبول ..!!
    - ومع هذا فالحضور السينمائي الفلسطيني تم في اكثر من مهرجان واكثر من مكان , واقيم اكثر من مهرجان دولي للأفلام الفلسطينية حيث تعرف السينمائيون من اقطار عديدة في العالم على هذه السينما الوليدة التي تعبر عن قضية شعب شرد من ارضه ويعيش بعيدا عن وطنه , ويكافح ويقاوم من اجل العودة للارض , واسترداد ا*وطن .
    - وقد نال فيلم " تل الزعتر " الجائزة الفضية في مهرجان بغداد الدولي حول السينما الفلسطينية , وهو الفيلم الذي اخرجه المخرج اللبناني جان شمعون , وعرض في التلفزيون الايطالي , وانتج بمشاركة ايطالية من خلال مؤسسة " يونتيل فيلم " الايطالية ..,
    - ولكن يبقي امر واحد هو ان السينما الفلسطينية رغم انتاجها لاكثر من خمسين فيلما سينمائيا , لم يصل الى انتاج أي فيلم روائي وهذا يعني بان السينما الفلسطينية لم تنضج الى الحد الذي يجعلها قادرة على صنع الفيلم الروائي , بنفس القدرة الذي سجلت فيه نجاحات بارزة ضمن الفيلم التسجيلي والوثائقي ..
    - ويكفي هذه السينما شرفا انها الوحيدة التى مثلت السينما العربية في مهرجان برلين السينمائي سنة 1980 بفيلم "صور من ذكريات خصبة" للمخرج السينمائي / ميشال خليفة , في محاولة مزجت بين التسجيلية والروائية وهو يتحدث عن نضال امرأتين فلسطينيتين , وقد عرض هذا الفيلم لاول مرة في مهرجان قرطاج بتونس سنة 1980 , قبل اشتراكه في مهرجان برلين سنة 1980
    - ولقد شارك سينمائيون من المانيا الغربية ومن بلجيكا بخلاف النجمة العالمية فانيسيا رد جريف , في صنع الفيلم الفلسطيني التسجيلي , كما شاركت في تقديمه احدى المؤسسات السينمائية الايطالية ايضا..!! حتى ان مخرجا يهوديا هود . او تنبرغ قدم فيلما تسجيليا عن الشعب الفلسطيني عنوانه " العودة الى الارض " دعا فيه الى الدولة العلمانية الفلسطينية حين عرضه في مهرجان ليبزغ للافلام التسجيلية سنة 1977 ..
    فأين هو الفنان العربي من سينما القضية وفلسطين ..؟
    ولو انه قد حدث تكريم خاص للسينما الفلسطينية تم خلال مهرجان القاهرة السينمائي الدولي سنة 1974 , حيث اشترك المخرج قيس الزبيدي بفيلمه " شعب وتاريخ " كما شاركت المخرجة الالمانية مونيكا موديرة بفيلمها " معمل الحرب " وهو فيلم تسجيلي قصير عن الثورة الفلسطينية ..!!
    - كما عقدت ندوة في مهرجان قرطاج السينمائي بتونس سنة 1984 عن السينما الفلسطينية , لكن ما عرض في ايام قرطاج حول القضية الفلسطينية افلام قديمة سبق عرضها لان الافلام الجديدة نادرة , بسبب الظروف الصعبة التي تمر بها مؤسسات الثورة الفلسطينية ..!!
    - وقد تحدث في الندوة عدد من المهتمين بالسينما الفلسطينية منهم المخرج , قيس الزبيدي , والناقض اللبناني / وليد شموط , وكاتب عام مهرجان قرطاج علي بلعربي , وكلهم اتفقوا على ان غزو العالم لفيلم يتحدث عن القضية الفلسطينية امر صعب , الا ان امكانيات التعبير يمكن اعادة النظر فيها لتستطيع اختراق الحدود الى العالم الخارجي رغم ان فيلما مثل " الذاكرة الخصبة " لميشال خليفة عرض في اغلب شاشات التلفزيون الاوروبية واستطاع ان يخترق الاعلام الغربي ..
    - الا ان المنتدين اتفقوا على لسان " علي بلعربي " على ان قضية السينما الفلسطينية هي قضية كل الامة العربية , فكل الاقطار العربية يجب ان يكون لها نصيب في دعم وجود سينما فلسطينية تعبر عن قضايا الشعب الفلسطيني وبطولاته وماسية ..!!
    - واننا نرجو ان يتبع هذا الاهتمام من جانب المهرجانات السينمائية العربية اهتماما اكبر بانتاج الفيلم الروائي الطويل عن القضية الفلسطينية وتوضيح وجهة النظر العربية حول القضية الفلسطينية سينمائيا .
    -----------
    الخبز المر
    فقال سالم للضابط وهو يضع في يده حفنة من الرمال : الأرض هي العرض , وعرض الواحد منا أرضه , واذا مات عشان الأرض يكون مات عشان العرض ( في تلك العبارة العلاقة بين الانسان والأرض ) ويكررها سالم لشقيقه الذي يريد ان يرفع رأسه ويدفع مهر عزيزة : (ويلعن أبو الأرض اللي حتحط رأسنا في التراب ) فيرد عليه سالم بعبارة قوية : ( اذا دفعت النهارده مهر عزيزة وما اقدرتش أدفع ثمن الأرض , بكره أدور علي الشوارع بعلبة ورنيش عشان أجيب ثمن لقمة العيش لي ولزوجتي ) .

    وعندما تشكو عزيزة ابنة خال سالم حالها معه وأنه لا يفكر فيها أبدا , تقول لها فهيمة زوجة والدها : (سالم ما بيفكرش في حاجة غير الأرض) .
    وبينما الكل يريد ان يسرق عزيزة لجمالها وشبابها وانوثتها فان سالم كان يفكر في الأرض , واكثر من عزيزة , وعزيزة مظهر ولكن الأرض هي الجوهر , وكيف يعيش مع عزيزة بلا أرض تؤويه معها ؟ وكيف تكون تلك الحياة ؟
    تماما كما يقولون للفلسطيني , أو كما قالوا : اعمل حكومة مؤقتة أو وافق على الحكم الذاتي , وكل هذا بلا أرض , فكيف تكون تلك الحكومة أو الحكم الذاتي ؟
    تماما كما يفكر الجميع بفلسطين شماعة يضع عليها كل واحد مشاكله وهمومه الداخلية , او يضع عليها خسائره وهزائمه , او يجدها لقمة سائغة يصعب من خلالها للربح والمكسب .
    هكذا كان الحال في الشخصيات التي درسها الفيلم : " طلبة " رئيس العمال في الميناء يريد عزيزة بارضها وبدون ارضها , ويجمع مهرها من الاتاوة التي يفرضها على العمال المساكين , عواد يريد الارض ولا يريد عزيزة لانه سجن خمسة عشر عاما من اجلها وقتل والده بسببها , وعتريس الرجل الذي ربى عزيزة فاعتقد ان له الحق عليها والزواج منها اكثر من غيره , وعتريس هذا كما تحكي قصة الفيلم هو " السوبرمان " الذي ياخذ ولا يعطي , وقد يعطي ولكن في حدود ان يكون الاكبر دائما , واذا وجد من يعارضه يقتله او يدبر له مكيدة كما حاول ان يدبر لسالم مكيدة يقتله بها بواسطة عواد الذي يريد ارض عزيزة عروس سالم بالقوة ودون اية معارضة , لكن الرياح تاتي بما لا تشتهي السفن .
    ويلعب المخرج دورا في اعطاء الصبغة الرمزية لقصة الفيلم حيث يموت جميع شخصيات الفيلم وبينهم عتريس وطلبة واخوته وعواد ورضوان شقيق سالم , كما يصاب سالم بجرح خطير ولكنه يعيش بجانب عزيزة ليصرخ قائلا : ازاي بيقولوا الحرب انتهت , الحرب لم تنته , الحرب لم تنته , ولا اعرف بالضبط مدى الرمزية التي قصدها مخرج فيلم " الخبز المر " وكاتبه , ولكنني لو كنت احدهما فان هذه القصة لا ترمز الا للانسان الفلسطيني ما بين عامي 1948 – 1973 .

    الخبز الفلسطيني المر
    الرمزية في الادب والفن , ملجا المبدعين القوميين في العالم العربي , وفلسطين هي هاجس كل مبدع عربي في مجال الادب والفن .
    قصة فلسطين انها نكبت بهجمة صهيونية استعمرت 79% من اراضيها, وتركت 3% من فلسطين في قطاع غزة , اضافة الى 18% من فلسطين في الضفة الغربية .
    وما بين 1948 وحتى 1965 كان الشعب الفلسطيني محروما من كل شئ , ومن أي شئ يجعله ممارسا حقيقيا له دوره الفعال والايجابي لصالح قضيته , وما بين 1948 و 1965 مرت على الوطن العربي زعامات وحكومات بالعشرات , كلها تدعي امرا واحدا هو انها قامت بحركتها الانقلابية من اجل فلسطين وتحريرها .
    وازدادت حدة النزاع بين الدول العربية حول الهيمنة على مستقبل القضية الفلسطينية , وادعى المتقاعسون مثل المجتهدين الافضلية في هذا الموضوع .
    ووسط هذه التناقضات والنزاعات والانقلابات في العالم العربي كان الانسان الفلسطيني ينظر ويتامل ويضرب كفا علي كف حسرة علي فلسطين الحبيبة الاسيرة , والتقي جمع الفلسطينيين في الضفة والقطاع علي امر الكفاح المسلح , وجمعوا القرش علي القرش في اول مرحلة لتنظيم الكفاح المسلح من اجل تحرير فلسطين , وفي تلك المرحلة واجهوا الوانا عديدة من الاضطهاد والقهر والمطاردة والملاحقة حتي تمكنوا من اعلان اثورة في الفاتح من يناير 1965 بعد سبعة عشر عاما من ضياع فلسطين .
    وللمرة الاولي منذ النكبة 1948 بدات فلسطين ترتبط بالانسان الفلسطيني فاختلفت المواقف علي هذا الانسان بين التاييد والدعم , وبين التنديد والرفض , حتي حلت نكسة 1967 وخسر الجميع كل خططهم وكل ما رتبوه من اجل فلسطين , لانها كانت خططا مبنية علي غير اساس استراتيجي حكيم وسليم , بل انها كانت خططا مبنية علي اسس تكتيكية فقدت فعاليتها في الحرب المؤلمة عام 1967 .
    واثبتت الثورة الفلسطينية فعاية الخط الاستراتيجي الذي اعتمدته منذ بدء انطلاقتها في يناير 1965 , وكانت هذه الفعالية هي التي ابقت علي ساحة الصراع المسلح .
    طرفان هما الذان حكما معادلة الصراع من اجل فلسطين , والثورة الفلسطينية في هذا اصراع هي الطرف الاقوى الذي يحاول ترجيح كفة الميزان لصالح الانسان العربي ومستقبله القومي .
    ولا ادرى ما الذي جعلني اربط بين قصة الفيلم ( الخبز المر ) وبين رموز القصة العربية حول فلسطين , ولا أدري ما الذي جعلني متيقنا من أن كاتب ومخرج الفيلم ارادا ان يقولا شيئا عن الحكاية العربية حول فلسطين من خلال رموز أدبية وفنية .
    -----------------------------------------

    الحرب الخفيه
    اعدام ميت

    --------------------
    فيلم " اعدام ميت " اخراج علي عبد الخالق , والذي عرض عام 1985م من الأفلام التي تحدثت عن الصراع العربي الصهيوني الخفي المباشر, ورسم خيوط الواقعية , التى تحدثت عن الصراع في المجال الأمني , نقلا عن قصة حقيقية جرت وقائعها العقلية في سنة 1970 , حيث تمكن ضابط مصري من التنكر في شخصية شاب ينتمي لقبيلة كبيرة تعيش في صحراء سيناء بالقرب من الحدود بين مصر و " اسرائيل " ...!!
    واستطاع هذا الضابط بذكاء وارادة قوية , ان يدخل المفاعل الذري الاسرائيلي , ويكتشف حقيقته الزائفة في كونه مصدر تهديد ذري خطير للبلدان العربية المجاورة , ويحصل على المعلومات الكافية , بعدم وجود أي قنابل نووية تخيف الجيوش العربية اذا ما أعلنت الحرب لتحرير الأراضي التي احتلت في يونيو " حزيران " سنة 1967 ...!!
    وقد مثل دور الضابط , وشبيهه / الممثل محمود عبد العزيز والذي لمع نجمه في سينما 85 , من خلال عدة أدوار سينمائية قام ببطولتها وبالذات في فيلم "الصعاليك" مع نور الشريف , وفيلم " اعدام ميت " الذي شارك في بطولته يحيى الفخراني والحاصل على جائزة احسن ممثل في مهرجان قرطاج السينمائي بتونس لسنة 1984 , عن دوره في فيلم " خرج ولم يعد " وكان دور يحيى الفخراني هو دور الضابط الاسرائيلي الذي ضحك عليه الضابط العربي , فادى به الى الانتحار في نهاية الفيلم ...!!
    ضم الفيلم مجموعة اسماء قديرة في عالم التمثيل , على رأسها فريد شوقي الذي قاد العملية وخطط لها واشرف عليها في الجانب العربي – المصري .
    و" ليلى علوي " نجمة السينما المنتشرة في اغلب الافلام الجماهيرية والتي عرضت خلال موسمي 84 – 85 , وقد اسند المخرج لها دور الفتاة البدويه الطيبه التي تكتشف حقيقة الضابط , المتنكر في شخصية شقيقها الطالب بالجامعة ولكنها تتستر عليه , وتحاول ان تحميه , وتبعد عنه أي شبهة , من جانب خطيبة شقيقها , التي قامت بتمثيل دورها "بوسي " والتي مثلت دور العميله للضابط الصهيوني , وتبلغه شكوكها في شخصية الضابط المصري الذي ينتحل شخصية حبيبها البدوي , ويمكن القول ان اسناد هذا الدور " لبوسي " لم يكن منسجما مع الشخصية تماما , وكان نقطة الضعف في سيناريو الفيلم , لأنها لم تتمكن من توصيل المنطق الشرير للشخصية شكلا وموضوعا , رغم ان هذه الشخصية تمثل نقطة الارتكاز الأساسية للفيلم بل هي الثغرة الوحيدة التى كشفت عن شخصية الضابط الحقيقية في مهمته الخطيرة ...!!
    وكانت المقدمة الطويلة للفيلم , بمشهد في داخل " غرفة الاعدام " , وهو المشهد الذي يعطي التأثير المناسب عن فكرة ومضمون الفيلم اعتمادا على اسمه , ومع هذا فالفيلم علامة على نضوج السينمائيين العرب عامة , ومؤشر حقيقي على وجود تيار فكري وفني , يمكنه ان يقول الكثير من خلال السينما , التى تلعب دورا حيويا في حياتنا الثقافية , بمثل هذه النوعية الجادة والمتقنة من الأفلام السياسية الملتزمة بالمبادئ العربية – والقوميه الأصلية .
    وقد اشتاق المشاهد العربي لمثل هذا الفيلم السياسي , الذي يتحدث عن الصراع المستمر بين الانسان العربي واعدائه , مذكرا ببطولات هذا الانسان الواضحة , في ميدان حضاري من ميادين ذلك الصراع , الذي سبق وان قدمه المخرج كمال الشيخ في فيلمة المتقن " الصعود الى الهاوية" من بطولة مديحة كامل ومحمود ياسين , وان اختلف مكان الصراع وزمانه , ما بين مكان فيلم الهاوية في باريس , ومابين الأرض المحتلة في فيلم الاعدام , وما بين الاختيار الجيد , " لمديحة كامل " في فيلم الهاوية , والاختيار غير الموفق لبوسي في فيلم الاعدام ..
    و " علي عبد الخالق " مخرج فيلم " اعدام ميت " , قدم في حياته السينمائية عددا من الأفلام التسجيلية السياسية والوثائقية , منها تصوير فيلم وثائقي عن تشييع الزعيم الخالد " جمال عبد الناصر " الى مثواه الأخير ,
    وقد سجل تفوقا ملموسا واضحا في اخراج فيلم " اغنية على الممر " عن نكسة حزيران " يونيو " سنة 1967 ومن بطولة محمود مرسي واحمد مرعي في سنة 1971 , ورشح الفيلم ليمثل مصر في احدى مسابقات الاوسكار ذلك الوقت وهو صاحب اسلوب مميز في التعامل مع القضايا الاجتماعية من خلال السينما , حيث يضع المشاهد امام معالجات فكرية معقدة ومتشابكة تجذب المشاهد الى الفيلم حتى نهايته دون ان يعطيه لمحة ولو بسيطة عن طبيعة هذه النهاية والتى تأتي على غير ما يتوقع المشاهد , في جو فكري وفني مثير للمتابعة .
    وهكذا عالج قضية الشرف عند الرجال في فيلم " العار " سنة 1983 , كما عالج قضية الشرف عند النساء في فيلم "بنات ابليس " سنة 1984 , وهو ينقل المشاهد العربي الى نماذج متباينة من البشر , لا تطيل في الحوار , وانما تعبر عن الفكرة بالسيناريو والتمثيل , وفي اخر فيلم اخراجه هذا العام ولم يعرض بعد , باسم " شادر السمك " اضطر لبناء سوق للسمك في الاستوديو , مشابه تماما لسوق السمك الحقيقي , حتى يعطي الصورة الحية لافكاره الفنية الأبداعية ...!!!!
    ولم يبتعد عن هذه اللمسات الفكرية الناضجة , في فيلم "اعدام ميت " وهو يسجن مع شيخ الفيبلة في مطاردة للضابط وملاحقة مستمرة , مطالبا به رهينة حتى يعود اليه ابنه الشاب , والكل يتوقع بعد هذا كله ان يقابل الشيخ, ابنه العائد اليه , بالقبلات والاحضان , فيفاجأ المخرج بمشهد اسقاطي مبدع , والشيخ يغمد خنجرة بحرقه وألم في قلب ابنه , ثم يبكي فوق جثته بنفس الحرقة , ونفس الألم !

  10. #10

    رد: السينما بين الشكل والمضمون - كتاب تحت الطبع

    الفصل السابع
    السينما والتاريخ
    -----------------
    الشكل والمضمون : الفيلم التاريخي
    لماذا كل هذا الجحود للتاريخ العربي ؟

    -----------------------------------------
    شهدت السينما العالمية فترة من زمان , انشغلت خلالها بالفيلم التاريخي من خلال الاسطورة , والحدث , والشخصية , الخالدة ..
    وكانت بهذا تحيى في زمننا الحاضر قصص التاريخ القديم بكل احداثه ومآسيه , بكل ما فيه من بطولات خارقة , وفروسية نادرة , وبكل ما فيه من مؤامرات وثورات , عشنا فيها اصل المكر والدهاء , وعراقة الداء والدواء في حياتنا السياسية المعاصرة ليوسع من افق المشاهد ومداركه وينطلق به نحو عالم اوسع وارحب , اصابه الخراب والدمار في الحرب العالمية الثانية , ولعل هذا او ذاك يجعل الانسان المعاصر من القمة الي القاعدة , متهيبا النتائج مستعدا لكل المواقع , متمثلا البطولات , وربما لنخفف عنه ما رآه من ويلات القنابل الذرية والهيدروجينية التي جعلت الانسان المعاصر يشمئز من الجناة , القتلة .
    فكانت هوليوود السباقة ألي استخدام التاريخ القديم بكل ما يحمله من حروب ومؤامرات الي الانسان المعاصر , كي ينسي حروب الحاضر بمآسية البشعة !
    وبرزت الي الوجود الشخصية الاسطورية " هرقل " المصارع الجبار الذي مثل ادواره " ستيف ريفز " وكان منها فيلما عنوانه " لص بغداد " وظهرت الي الحياة مؤامرات الامبراطورية الرومانية , ويوليوس قيصر , وكيلوباترة ملكة مصر آنذاك وانطونيو وحروب الولايات المتحدة والطوائف في ذلك العهد الروماني وكان ابرز ما سجلته السينما العالمية في هذا المجال فيلم " سقوط الامبراطورية الرومانية " من بطولة صوفيا لورين !
    وتحدثت السينما العالمية عن المكر والدهاء وحصان طروادة في فيلم " حصار طروادة " الشهير !!
    وهكذا كانت الفترة التي انتعش فيها الفيلم التاريخي محصورة ما بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1945 وحتى منتصف الستينات !
    وقد واكبت السينما العربية هذا الانتعاش بفضل اهتمام مؤسسة السينما المصرية – القطاع العام لاحياء التاريخ العربي المجيد , وبطولات الانسان العربي الاكيدة , وقدراته الخارقة في الشجاعة والفروسية القادرة على مر العصور والازمان منذ عنترة بن شداد , وحتى محمود قطز , والظاهربيبرس , واحمد باشا الجزار , واحمد عرابي الخ .
    فاذا كانت السينما العالمية قد قدمت الشخصية الاسطورية الخارقة " هرقل " فالسينما العربية قدمت الشخصية الاسطورية " عنترة بن شداد في اكثر من فيلم , قديم عن عنترة من بطولة " سراج منير " وفيلم عن " بنت عنترة " لسميرة توفيق التي ورثت البطولة النادرة عن ابيها حيث يشاركها التمثيل في الفيلم احمد مظهر وفريد شوقي , الذي مثل اقوي الافلام العربية التي انتجت عن عنترة بن شداد امام كوكا , التي تميزت في تاريخها السينمائي الطويل بتمثيل الادوار البدوية , وكانت اصدق من مثل دور " عبلة " للسينما العربية .
    واستخدم عنتر بشكل سئ بعد ذلك في اكثر من فيلم تجاري . فيلم لبناني اسمه " عنترة في بلاد الرومان " شارك في تمثيله سيلفيا بردخان , وسيد المغربي وضع عنترة في قالب مرفوض عن قصة زواجه باحدى الرومانيات , وهي القصة التي عولجت في فيلم لبناني آخر " عنترة بغزو الصحراء " بموضوعية تاريخية مقبولة , وقد مثل في الفيلم الاخير مجموعة كبيرة من الممثلين والممثلات علي راسهم فريد شوقي ومحمود سعيد وناهد شريف وكوكا ومريم فخر الدين التي مثلت دور الرومانية المغرمة بعنترة , بينما كان " كنعان وصفي " يمثل دور الشرير " لكن لا يبقي في الذاكرة سوى فيلمان هما " عنترة بن شداد " و " بنت عنترة " . ولم تكن شخصية " عنترة " الاسطورية في بطولتها الوحيدة التي عالجتها السينما العربية , فقد قدمت السينما العربية القديمة , فيلما عن " خالد بن الوليد " من بطولة حسن صدقي وانتاج اسيا داغر سنة 1949 .
    كما قدمت شخصية الفارس العربي وبطولاته في فيلم " فارس بني حمدان " الذي قام ببطولته فريد شوقي وسعاد حسني وليلى فوزي , وتميزت عن البطولات العربية في عهد الدولة الحمدانية التي ظهرت بعد انهيار الخلافة العباسية , والتي انتج التلفزيون عن رجالها مسلسل " الطريق الي القدس " الذي عرض قبل عامين من بطولة محمود ياسين وكرم مطاوع وايمان الطوخي وغيره .
    وفي نفس الفترة الزمنية ما بين سنة 1960 وسنة 1965 انتج الفيلم العربي التاريخي الكبير " وا اسلاماه " عن انتصار العرب والمسلمون في معركة عين جالوت , بعد موت شجرة الدر ملكة مصر , وموت اقطاي وعز الدين ايبك اقطاب المماليك , وهجوم التتار على بغداد .. حيث وقف قطز وبيبرس يدا واحده لمواجهة طغيان التتار ودحرهم وهي الاحداث التي اظهرها الفيلم التاريخي العظيم فيلم " وا اسلاماه " من بطولة احمد مظهر ولبنى عبد العزيز ورشدي اباظة وحسين رياض وتحية كاريوكا وعماد حمدي ومحمود المليجي .
    وبعد انتصار العرب في عين جالوت سنة 1260 ظهرت دولة المماليك , وتفشى طغيانهم وعميت ابصارهم فكان للسينما العربية , موقفا من الاحداث التاريخية لدولة المماليك في فيلم باسم " المماليك " من بطولة عمر الشريف وحسين رياض ونبيلة عبيد من انتاج المؤسسة العامة للسينما المصرية – القطاع العام ايضا ..
    والتي انتجت فيلما تاريخيا عن الفروسية العربية البحتة ضمن , فيلم " اميرة العرب " من بطولة حسين رياض ورشدي اباظة ووردة الجزائرية وقد تحدث الفيلم عن قصة اميرة عربية يخطفها الاعداء ليساوموا والدها على كرامة الوطن والحق , ولكن الفروسية والكرامة العربية تقف في مواجهة الاعداء وتستعيد الاميرة العربية المخطوفة التي مثلت دورها الفنانة المطربة " وردة الجزائرية " والتي قامت ببطولة فيلم آخر عن التاريخ المصري الحديث في فيلم " المظ وعبده الحامولي " امام حسين رياض ايضا , والمطرب عادل المامون ولو ان الفيلم من النوع الثنائي الاستعراضي الذي تميزت به كل افلام المخرج حسن الامام .
    وعن تاريخ الحضارات القديمة قدم شادي عبد السلام فيلم " المومياء " عن الحضارة الفرعونية , وكان يعد لفيلم مماثل آخر عن اخناتون والتاريخ الفرعوني في مصر القديمه.
    وبخلاف هذه المجموعة من الافلام التاريخية كان الانتاج الضخم لفيلم " الناصر صلاح الدين " وتوقف لفتره طويله انتاج الفيلم التاريخي حتى العام 1977م
    ثم انتج المخرج العربي مصطفى العقاد فيلمه " الرساله " عن ظهور الاسلام
    ثم اتبعه بفيلمه التاريخي الثاني " عمر المختار " عن الثورة الليبية ضد الاحتلال الايطالي سنة 1983 م
    وبعده انتجت المؤسسة العامة للسينما العراقية فيلم " القادسية " بطولة عزت العلايلي وشذى -ةسالم وسعاد حسني واخراج صلاح ابو سيف عام 1984 أي ان السينما العربية صمتت عن معالجة الفيلم التاريخي سبعة عشر عاما , ثم تكلمت بعمر المختار والقادسية والرساله
    ثم فيلم " نابليون " ليوسف شاهين عام1985م
    ومن بعده فيلم المصير ليوسف شاهين ايضا عام 1989م
    اي اننا نحصي الفيلم التاريخي على اصابع اليدين فقط
    والسؤال الآن :
    لماذا هذا الجحود السينمائي للتاريخ العربي ؟!
    لماذا هذا التوقف الطويل والانقطاع عن انتاج الفيلم التاريخي , منذ ان توقفت المؤسسة العامة للسينما المصرية عن خوض ميدان الانتاج السينمائي ؟!
    هل هي ميزانية الفيلم التاريخي وتكاليفه الباهظة ؟
    ام هي المادة التاريخية نفسها وعدم وجود السيناريست المتفرغ لمثل هذه الافلام التى تحتاج الى جهد ووقت ؟!!
    ربما يكون السبب في هذا كله ,
    لكن الشئ الذى يجب تأكيده الآن اننا بحاجه الى تعميق الاصاله اعربية فى نفس كل مواطن عربي من خلال الفيلم التاريخى , والآن اكثر من اى وقت مضي .


    ---------------------------------------------------------
    يوسف شاهين
    يودع " بونابرت "
    بطريقتة الخاصة
    تعمد الفصل بين المعطيات التاريخية للحملة البونابرتية وبين نظرته الشخصية المعاصرة
    هذا الشاب الصغير الذي تلاحقه الفتاة الفرنسية الشقراء على شاطئ الاسكندرية في سنة 1798 والمسمى " بعلى " في فيلم " الوداع يا بونابرت". لم يكن في حقيقة الامر سوى صورة خيالية – او سينمائية – لمخرج الفيلم " يوسف شاهين " نفسة , وهو يبحث من خلال تواجده الخيالي في تلك الحقبة التاريخية , عن منطقه الآني في مواجهة الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798 , على اعتبار انه كان يعيش في ذلك الزمان من خلال الشخصية السينمائية التي ابتدعها , ومنحها اسم "على"...
    وهكذا تجده يرسم صورة لوالده , تتسم باللامبالاة والعفوية , وعدم الاهتمام بما هو اكبر من الدائرة التي تحيط به ويغنيها بقدراته المادية المحدود , كصاحب مهنة بسيطة , لا تزيد عن كونها مهنة خباز , او صاحب فرن , يبيع الخبز الطازج للناس ..
    هذا الاب لم يكن يهمه ذلك التناقض الذي يعيش فيه ابناؤه الثلاثة – علي العاشق لحضارة الغرب – وبكر المتفاني في حب الاسلام – ويحيى المراهق الصغير المتردد بين حضارة الغرب واصالة الاسلام ..
    هكذا انتقل " يوسف شاهين " باسرته من القرن العشرين الى القرن الثامن عشر , ونقل مع اسرته اهتماماته الفكرية والحضارية كلها من القرن العشرين الى القرن الثامن عشر , ليعاصر بخياله الحملة البونابرتية الفرنسية على مصر , بمنظوره الشخصي , كما لو كان حيا يرزق اثناءها..
    وقد تعمد " يوسف شاهين " الفصل بين المعطيات التاريخية المباشرة للحملة البونابرتية , وبين نظرته الشخصية المعاصرة في مواجهة اهداف تلك الحملة .. واستخدام في الجانب التاريخي المباشر , الممثلين الفرنسيين الذين تركهم يتحدثون في الفيلم بلغة فرنسية مترجمة الى العربية , وترك لنفسة العنان في الجانب المصري بلغة عربية صميمية ..!!
    هكذا يمكن ان نفهم فيلم يوسف شاهين الاخير " الوداع يا بونابرت – الجانب التاريخي منه باللغة الفرنسية – والجانب الدرامي الذي يقدم فيه يوسف شاهين وجهة نظره الخاصة يدور باللغة العربية .
    وهذا يعني اننا لم نكن امام فيلم تاريخي بحت بقدر ما كنا امام مواجهة معاصرة لتاريخنا الحديث والذي تعتبر الحملة الفرنسية فيه , بداية تحول من التبعية الكاملة للحكم العثماني بكل مساوئه المعلن عنها , الى مرحلة بدأ فيها العد التنازلي لانهيار الحكم العثماني على الوطن العربي المستتر , متاثرا بما جلبه " كافاريللي " من معدات حضارية الى اهل الشرق في مصر وفلسطين ..
    وعمل مثل هذا , لا يقدر عليه سوى " يوسف شاهين " في نقل الماضي الى الحاضر , ونقل الحاضر الى الماضي , عملية تحتاج الى خيال مجنون , واحساس مبدع ..
    هذا الخيال المجنون , وذلك الابداع في الاحاسيس امران متلازمان مع شخصية يوسف شاهين السينمائية التي تميزت بقدرتها على الربط بين الماضي والحاضر بواقعية وموضوعية فريدة من نوعها , ربما لم يسبقها اليها , احد من المخرجين السينمائيين في العالم العربي .
    فقد كان قادرا على اخراج فيلم تاريخي مباشر ينال من الجماهيرية الكثير , ولكنه فضل ان يقدم لنا , كعادته دائما , شيئا غير عادي , وغير مالوف , اراد ان يقدم لنا " حدوتة مصرية " في القرن الثامن عشر , بعد ان قدمها لنا في القرن العشرين .
    بهذا الاسلوب السينمائي غير العادي , حاول ان يستفز مشاعرنا الوطنية والقومية , من خلال التركيبة الانسانية لشخصية " علي " بطل الفيلم هذه الشخصية المجنونة بحب مصر , والتي تقدر بوضوح الدين الاسلامي والازهر الشريف , والتي تعشق في الوقت نفسه القفز علي واقع التخلف الذي يعيشه الناس من حولها , بالوصول الي مراكز المعرفة والتنوير ايا كان منبعها , دون تفريط بالحب المثالي للوطن , او التقدير اللامحدود للاسلام ..
    تلك الامور اتي نلمسها باخلاص شديد في افلام يوسف شاهين القديمة , من " الناصر صلاح ادين " , الي " الارض " , الي " العصفور " الي " الاسكندرية ليه " الي " حدوته مصرية " وحتى " الوداع يا بونابرت " ..
    ونشاهد تلك الغادة الشقراء ذات العيون الخضراء , في بداية " الوداع يا بونابرت " كما شاهدناها في بداية " الاسكندرية ليه " وهي تحميه من شر الجنود اثناء احدى المظاهرات الصاخبة .
    فالمراة لها حيزها الكبير في حياة يوسف شاهين وتفكيره , فزوجته التي وقفت بجانبه في حدوتة مصرية وتلك الفتاة القاهرية وجد عندها راحته وسعادته بعد هزيمة 1967 في فيلم العصفور ..!
    هي نفسها المراة التي داوت جروحه في فيلم الاسكندرية ليه وهي نفسها التي اخذته بعيدا عن الحقد والكراهية الذي عاشته اسرته في فيلم عودة الابن الضال ..
    وهي نفسها ابنة التاجر الفرنسي اتي ودعته بدموعها وهو يترك الاسكندرية متجها الي القاهرة في الوداع " يا بونابرت " ..ّ!!
    وقديما قالوا : وراء كل عظيم امراة عظيمة .. وهو يؤكد هذا القول في كل افلامه ..
    وتقديره الشديد للاسلام والازهر الشريف – رغم انه يدين بالمسيحية – كان واضحا في فيلم العصفور , وفي الناصر صلاح الدين , واخيرا في الوداع يا بونابرت , حبه لوطنه مصر , ولامته العربية , واضح فيه فيلم الارض بالذات , وفي فيلم " حدوتة مصرية " , وفي فيلم " الوداع يا بونابرت " وفي فيلم " جميلة " و وفي فيلم " الناصر صلاح الدين " , وفي فيلم " الاسكندرية ليه " , وفي فيلم " العصفور" ايضا ..
    ولو بحثنا في اعمال كل السينمائيين العرب , لن نستشعر تلك اللمسات الدافئة والعاشقة للوطن مثل ما شعرنا بها ونحن نتابع مع " يوسف شاهين " ثورة القاهرة الكبرى ضد الحملة الفرنسية , او ذلك المشهد الاسقاطي للنجاح الوطني في مهرجان موسكو ضمن فيلم حدوتة مصرية , او المشاهد التي صورها عن مغامرته السينمائية في دخول الجزائر ليعيش عمق الثورة الجزائرية قبل تصويره لفيلم جميلة .. لدرجة انه عاش متنقلا بين مصر وفرنسا والجزائر طيلة الخمسة عشر عاما الماضية , وانتج واخرج فيلما مصريا – جزائريا مشتركا خلالها هو : "عودة الابن الضال " وكان يقصد فيه الكثير من الاتجاهات السياسية والاجتماعية التي نتجت عن هزيمة يونيو 1967 – من ضمنها حبة الازلي للعلم والمعرفة , والتقرب من حضارة الغرب , ومنافستهم في عقر دارهم , وهي القضية المحورية لشخصية " علي " في فيلمه الاخير " الوداع يا بونابرت " ..
    تلك هي مدرسة يوسف شاهين السينمائية وهذا هو اسلوبه يقدم افكاره بأشكال مختلفة منحازا الى كل ما هو مثالي ان كان عند المراة ..
    او في الوطن ..
    او في الدين ..
    او في العلم ..
    واضاف الى تلك الافكار , بعد فيلم " الوداع يا بونابرت " اضافة جديدة , كانت توجها عنده في فيلم " الناصر صلاح الدين " قبل عشرين عاما واتضحت معالمها في فيلم " الوداع يا بونابرت " حول قضية الاستفادة من الدروس والعبر في تاريخنا العربي المشترك .. ؟؟ حيث يضع الاسئلة وهو جاهز بالاجوبة .. ؟؟ ومع ذلك يترك للجميع الحرية في ان يفكروا بطريقتهم الخاصة بهم ..
    لماذا انتصر صلاح الدين ؟ .. ما هي الاهمية لعيون التي بثها حول اعدائه ..؟ كيف كان قويا بقدر ما كان متسامحا ..؟ وكيف احب المسيحي القتال تحت راية الاسلام في عهد صلاح الدين ؟ .. وايضا وضع الاجابات بطريقته .. فهو " عيسى العوام " في الناصر صلاح الدين .. كما هو " علي " في الوداع يا بونابرت الذي وضع تساؤلات عديدة امام المشاهد : ماذا الحملة الفرنسية ..؟ وأين ضربت ..؟ وكيف عمرت ..؟ وماذا استفدنا منها ؟.. وكيف نتعلم المقاومة المنظمة ؟؟.. وكيف نلرفض الفوضى في المقاومة ..؟ وكيف نتعلم النهج الحضاري في حياتنا ونستخدم الاسلوب العلمي لبناء صرحنا الاقتصادي والسياسي والعسكري ؟.. ومتى نتقرب من اعدائنا ومتى نبتعد عنهم ..؟؟
    وكل هذا في ظل راية الوطن , وتحت لوائه , وخدمة له دون تهاون او كسل او تخاذل , فنحن اذا نسينا الوطن وتذكرنا انفسنا ومصالحنا الشخصية بأنانية نصبح قذرين وعملاء لغير أوطاننا ..!! " ويوسف شاهين " حين طالب بالاستفادة من حضارة الغرب , طالب بها لتكون نورا لنا ونارا عليهم ليس كما اعتقد او يعتقد البعض بأنه يفضل الغرب وحضاتهم , ليعيش بعيدا عن وطن العرب وهمومهم , ابدا ,,! لم يكن هذا قصده ..
    وليفهم ذلك كل الذين تأثروا بحضارة الغرب .. تعلموا , واستفيدوا وحققوا النجاح , ولكن عودوا الى اوطانكم واخدموها بعيونكم , وقدموا لها عصارة نجاحكم , وابذلوا من اجلها الغالي والرخيص , و تنسوا انها هي امكم وابوكم واخوتكم وابناؤكم , مهما علا قدركم في الغرب , الذي هو عدو للوطن ان م يكن صديقا .. هذا هو الدرس المستفاد من " الوداع يا بونابرت " وهو دس كبير كما الفيلم كبير

    ----------------
    ( الرسالة ) والفن الملتزم
    حمزة بن عبد المطلب صياد الاسود , وفارس الثورة الاسلامية الهمام , وعم النبي محمد ( صلعم ) قائد الثورة الاسلامية والمبشر بالرسالة الالهية , هو في حد ذاته ايضا شقيق ابي لهب الكافر الوثني عابد الاصنام .
    ملك الحبشة النصراني , الذي استقبل وفود المهاجرين الاولي الي الحبشة , ورفض تسليمهم لوجهاء قريش واعوانها رغم الصداقات التي تربطه معهم قال في عبارة موجزة حاول مصطفي العقاد مخرج فيلم الرسالة ان يبرزها بوضوح : " ما بين النصرانية والاسلام خط واه وخيط رفيع ورب الاثنين واحد "
    عبد الله بن سلول المنافق المشهور والمعروف في يثرب والذي كان يحاول ان تمضي حياته بين المسلمين بالحسني , وهو يضمر في قلبه لهم كل الشر , ويستكبر ان يكون المهاجرون اندادا له ورفاقا .
    ومع ذلك فلم تظهر في فيلم ( الرسالة ) اى اشارة لدور اليهود ومكرهم وحقدهم , وهذا ما يمكن ان يعيب ذلك الفيلم الديني الذي اخرجه مصطفي العقاد .
    كان تركيز الفيلم علي تعاليم الدين الاسلامي , قاصدا من هذا ان تكون الرسالة الي اوربا , وامريكا لكي يفهم الناس هناك تعاليم الدين الاسلامي لكنه مع الأسف نسي ان يوجه لهم رسالة اخرى عن اليهود الخبثاء ذمي الوجوه المتعددة وقد يكون مقصده من ذلك تحاشي أي هجوم علي الفيلم يمنع عرضه هناك .
    في هذا الفيلم الديني تتأكد العلاقة الجدلية بين الفن الملتزم وبين قضايا الحياة المتعددة واهمها قضية العقيدة الاسلامية , ورغم ان فيلم الرسالة ليس هو الفيلم الوحيد الذي يبحث في الرسالة الاسلامية الا انه يتميز عن غيره من الافلام كون انتاجه ضخما وباللغتين العربية والانجليزية وهذا ما يجعله اكثر ذيوعا وانتشارا عن غيره من الافلام الدينية .
    الا اننا لا يمكن ان نصف فيلم الرسالة بالافضلية رغم ضخامة الانتاج والاخراج وهناك الكثير الذي يستطيع الفن تقديمه من اجل العقيدة والدين ويمكن ان يعتبر فيلم المخرج المغربي عبد الله المصباحي " اين تخبئون الشمس " علامة على هذا الطريق .

    العقاد في " عمر المختار " لا يطالب إلا بشيء من الغضب
    هناك امور كثيرة تدفعنا الى التفاؤل والاستبشار خيرا بالمستقبل العربي والحمد لله .
    وهذه الأمور تجلت ببراعة الفنان العربي الاسلامي فنيا .
    وازدادت وضوحا باشتراك هذا الزخم الوافر من الفنانين العالميين خدمة للانسان العربي وتاريخه , ويكفي ان يشارك ثلاثة من كبار نجوم السينما العالمية في تمجيد التاريخ العربي وسط الهجمة العصرية القوية ضد الوطن العربي في وقتنا الحاضر , وهؤلاء الثلاثة جزء من جيش بشري اجنبي عمل في فيلم " عمر المختار" وهم يعملون ماهية الفيلم عربيا واسلاميا .
    ان مصطفي العقاد فرد عربي واحد , لكنه انسان موهوب , مؤمن بكينونته وعقيدته , والموهوبة مع الايمان جعلت منه فنانا عالميا , لصالح عروبته ودينه الاسلامي .
    وهكذا يقول العقاد للفنانين من خلال فيلم عمر المختار انظروا الى الدقة في التصوير والبراعة في الاخراج , والموهبة في توظيف الفن للحديث الانساني – لقد اهتم بطريقة التعليم المنتشرة في العشرينات واظهرها بشكل مركز – ولقد ركز على الاهالي ولم يبخل على تصوير الفيلم بالملابس المناسبة والماكياج المناسب – ثم هناك الطفل الصغير الذي استشهد والده مع عمر المختار , واعدم الفاشيون امه , انه الأمل , انه المستقبل الذي سيعيش بعد عمر المختار كما ظهر في آخر لقطة من الفيلم .
    ويقول العقاد للاعلامين العرب , الاعدام ذكاء , واذا اردت اختراق جدار صعب اختراقه ادخل عليه من فجوة صغيرة , وهذه الفجوة اخترقها عمر المختار من خلال التهجم على الفاشيين , انها نقطة ذكاء تجعل كل دور العرض وكل المؤسسات الثقافية في العالم المعادي للأمة العربية يقبل الفيلم كونه يهاجم الفاشية , وهو في حقيقة الأمر وكما اوضح مصطفي العقاد نفسه سيقرب الواقع الفلسطيني امام العنصرية الصهيونية في اذهان العالم .
    والعقاد يقول للاثرياء والمليارديرات العرب , ويمكنكم ان تكسبوا كثيرا ويمكنكم ان تكونوا اكثر مجدا , واكثر ثراء لو حاولتم ان تصنعوا شيئا لاصلكم ومعتقداتكم .
    العقاد في فيلم " عمر المختار " وعلي لسان احد نجوم الفيلم يطالب العرب في الحوار السينمائي : بشئ من الغضب , وآه لو تحقق مطلب العقاد هذا , شيئ من الغضب ..
    بقي ان تؤكد علي حقيقة ابرزها العقاد نفسه حينما قال : ان الصدفة وحدها جعلت من عمر المختار ليبيا , بينما الفيلم كله عن عمر المختار العربي – وهذه حقيقة ان عمر المختار معروف وموجود علي الاقل بيننا نحن سكان فلسطين في اكبر شارع من شوارع مدينة غزة , ولذا فهو يعيش مع الانسان الفلسطيني ارفيع والعجوز علي سبيل المثال , والامر الثاني ان معركة الكفرة التي دارت بين الايطاليين والثوار العرب في الكفرة , هي نفس المعركة اتي دارت بين الفلسطينيين والصهاينة في خان يونس سنة 1956 , وسنة 1967 اضافة الي ان خطة الاسلاك الشائكة استخدمها الصهاينة في وقت من الاوقات علي الحدود العربية في الاردن لمواجهة العمل الفدائي المتعاظم وفوق هذا وذاك ان الفترة التاريخية لعز الدين القسام في فلسطين مع اختلاف بسيط ان عمر المختار كان يحارب الايطاليين والقسام كان يحارب الانجليز .
    فكثيرا من الدعم , وكثيرا من عرض مثل هذا الفيلم علي شاشات التلفزيون , خدمة للمستقبل العربي .

    فرق كبير بين إبداع .. وإبداع
    رغم ان تكاليف الفيلم التاريخي الباهظة الضخمة فقد انتجت السينما المصريه قبل العام 1967م الكثير منها مثل
    الناصر صلاح الدين لاحمد مظهر وليلى فوزي ونادية لطفي وصلاح ذو الفقار وحمدي غيث ومحمود المليجي والمخرج يوسف شاهين .. الخ
    ومثل عنترة بن شداد لفريد شوقي وكوكا وحسن حامد ونور الدمرداش والمخرج نيازي مصطفي ,
    وواسلاماه لاحمد مظهر ورشدى اباظة وحسين رياض وفريد شوقي ولبني عبد العزيز وتحية كريوكا ..
    وفارس بني حمدان لفريد شوقي وسعاد حسني وليلي فوزي ,
    وجميلة ليوسف شاهين وماجدة ,,
    واميرة العرب لرشدي اباظه ووردة الجزائرية وحسين رياض ,
    والشيماء لسميرة احمد ,
    والمماليك لعمر الشريف ونبيلة عبيد وحسين رياض
    ايضا فجر الاسلام لماجدة
    وكثير من الافلام التي انتجتها مؤسسة السينما المصرية في اوائل الستينات باقل التكاليف الممكنة بحيث يضعنا هذا امام التساؤل التالي ,
    ما هو الهدف من التطبيل والتزمير لابداع الفنانيين العرب علي انتاج ثلاثة او اربعة افلام في الاربعين عام التاليه بملايين الدولارات مع ان هذا الامر يبدو عاديا بالمقارنة مع افلام انتجتها مؤسسة السينما المصرية قبل العام 1967م ..!! ان الهدف واحد ولا شك يدخل ضمن التلاعب التجاري والمالي الذي اكتسح السوق السينمائي ..!!
    واذا كان البعض يرى ان ثلاثة او اربعة ملايين دولار تنتج فيلما ممتازا واحدا
    فان ميزانية اخر الافلام التاريخية الاسلامية والتي بلغت اثني عشر مليون دولار فقط لا اكثر فانها تغير حال جميع الافلام السينمائية العادية التي يحتج بعض الصبية علي تدني مستواها ورغم ذلك يدمنون مشاهدتها ,
    وهكذا نلاحظ الفرق بين ابداع من اجل الابداع وبين ابداع من اجل التجارة ..!!
    ولمن يعترض امامه العمل الجديد ليوسف شاهين عن حملة نابليون على فلسطين ومصر الذي لم يكلف اكثر من ثلاثة ملايين او اقل من ذلك في حين بلغت تكاليف فيلم عمر المختار ثلاثون مليون دولار قبل انتاج فيلم بونابرت
    القضيه هنا اننا بحاجه الى الفيلم التاريخي وخاصه انتصارات الهرب والمسلمين لنعيد الامل في النفوس لدي الجماهير العربيه وسط هذا الانهيار الذي نعيشه
    وبئسا لثراء العرب الذي لم يتمكن من انتاج اكثر من خمسة افلام تاريخيه عربيه في الاربعين عام الماضيه هي
    الرساله وعمر المختار للعقاد
    والقادسيه لصلاح ابوسيف – وانتاج عراقي
    وبونابرت والمصير ليوسف شاهين بمساهمه انتاجيه فرنسيه وليس عربيه
    وماذا بعد هذا تريدون من انظمة العرب الغنيه المهلهله سوى الذل والهوان

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. أسفار الورود-كتاب تحت الطبع
    بواسطة محمد بن الشيخ في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-17-2011, 08:51 AM
  2. الشكل والمضمون في العروض
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-05-2010, 07:19 PM
  3. قبل الطبع
    بواسطة هشام مصطفى في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 07-25-2010, 06:29 PM
  4. الطبع قبل التطبع
    بواسطة يعقوب القاسمي في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-27-2010, 08:07 PM
  5. الحجاب بين الشكل والمضمون
    بواسطة يسري راغب شراب في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 01-20-2010, 07:10 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •