الفرق بين العروض وعلم العروض
الفرق بين العروض وعلم العروض

أدين بالوعي على ما بين العروض وعلم العروض من فرق للدكتور محمد جمال صقر في توضيحه لكل من النحو وعلم النحو[1]

تراقص الطفل على هدهدة أمه إحساس بالإيقاع الفطري الذي يمكن أن يكون أولى درجات الوعي على العروض[2]

الحكم على سلامة وزن الشعر بالأذن المجردة لدى كثير ممن لم يتعلموا العروض هو درجة من درجات الوعي على العروض.

الهينمة والملالاة لدى العرب في أريافهم وبواديهم ميزان عروضي متقدم[3]

دراسة البحور والتفاعيل وأحكام الزحاف والعلة في كل بحر هي المعرفة الواعية بالعروض.

فما هو علم العروض ؟ وكيف يختلف عن العروض ؟

قبل أن أجيب سأضرب أمثلة للعروض وعلم العروض

المثال الأول :
الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه (موسيقى الشعر):


يستثقل زحاف مستفعلن الثانية في شطر البسيط على متفعلن ... ... ... ... ... 4 3 2 3 3 3 1 3
ويستثقل زحاف مفاعيلن الأولى في شطر الطويل على مفاعلن ... ... ... ... 3 2 3 3 3 2 3 3


هكذا أورد الزحافين منفصلين.

لو قلنا إن وجود 3 3 3 أو ثلاثة أوتاد صوتية متتالية في الطويل والبسيط مستثقل فهذه خطوة نحو علم العروض، لأنها تقدم قاعدة تشمل البحرين معا وتبين حكم زحافين فيهما معا.
ولو ربطنا الأمر بدائرة ( ب – المختلف ) ورحنا نستقصي الأمر عند ورود 3 3 3 في بحر المديد ( في حال كف فاعلاتن ( 2 3 1 2 3 2 3 2 = 2 3 3 3 2 3 2 = فا علا تفا علن فا علا تن) ثم نرى ما هو الحكم ونحاول ربطه سلبا أو إيجابا بالحكم الأول مع تعليل ذلك فتلك خطوة أكثر تقدما في علم العروض فإذا رحنا نستقصي حكم التركيب 3 3 3 في شتى البحور ونحاول تعليل حالات كونه مستساغا وحالات كونه ثقيلا، فنحن لا شك في رحاب علم العروض، وإذا خطونا خطوة أخرى لدراسة الزحاف الذي ينتج عنه تكرر الرقم 3 الصوتي في البحور كافة سواء نتج عن ذلك التركيب 333 أو 3333 وأثر ذلك على الوزن وتصنيف ذلك فنحن بدون شك تجاوزنا العروض إلى علم العروض


وعندما يعبر عن استساغة متفعلن 3 3 في أول شطر البسيط واستساغة مفاعلن 3 3 في آخر شطر الطويل فذلك يقع في نطاق العروض، والقول بأن السبب الأول من السببين 2 2 في دائرة ( ب- المختلف) مستساغ الزحاف عندما يقع السببان في أول الشطر أو آخره فتلك خطوة باتجاه علم العروض.

2- المثال الثاني
الجوهري في (عروض الورقة )
عندما يقول الجوهري إن المنسرح ناتج عن الرجز باعتبار تحول مستفعلن الثانية = 2 2 21 فيه إلى مستف عنلُ = مفعولاتُ = 2 2 12 وذلك بتحول الوتد المجموع 21 إلى الوتد المفروق 12 ، ويقوم بناء على ذلك بإخراج المنسرح من دائرة (د- المشتبه) ويلحقه بدائرة (جـ المجتلب ) باعتباره إحدى حالات الرجز، فهذا عروض – بغض النظر عن الموقف من صحته.
وتعميم ذلك على بحور دائرة ( د- المشتبه) وإلحاقها جميعا ببحور دائرة ( جـ- المجتلب) – بغض النظر عن الموقف منه، فذلك القول خطوة باتجاه علم العروض.
للمزيد حول هذا الموضوع :
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/105-alwaraqah-1

3- المثال الثالث
الدكتور أحمد كشك في ( الزحاف والعلة )
يقول د. أحمد كشك عن البسيط ( الزحاف والعلة – ص – 216) :" ومن النادر أيضا البدء بطي هذا البحر أي بمستعلن [2 1 3] لأننا نكون قد قبلنا هذا التتالي = /ه ///ه ///ه [ مستعلن فعلن=2 1 3 1 3 ] أي وحدتين من نوع الفاصلة الصغرى " ويفهم من كلامه هذا أن [ مستعلن فاعلن = 2 1 3 2 3] أقل ندرة أو أقل ثقلا لأن عدد الأسباب الصوتية المتوالية أقل.
فهذه خطوة متقدمة في العروض، وتكاد تلامس الرقمي فقوله "وحدتين من الفاصلة الصغرى" يعني أربعة أسباب وهذه كما نعلم من استئثارات الخبب.


من آثار التفاعيل على تفكير أن العروضيين ذكروا الخبن في البسيط وشاهده المفصل عندهم على حدود التفاعيل هو :

لقد خلت حقب صروفها عجبٌ ... ... ... ... فأحدثت عبرا وأعقبت دولا


وذكروا الطي فير البسيط وشاهده المفصل عندهم على حدود التفاعيل هو :


ارتحلو غدوةً فانطلقوا بَكَرًا ... ... في زمرٍ منهمُ يتبعها زُمَرُ


ولكنهم لم يذكروا الحالة الأكثر أثرا حيث يقترن فيها طي مستفعلن بخبن فاعلن، لأن هذا التفصيل لا يتفق مع ما تتطلبه حدود التفاعيل من وحدة التوصيف. وانظر للبيت :


كلا وباري طوال الهدب والحور ..... ما قل حبيك من بعد ومن غير


كيف يضحي من البسيط ( رسميا) كما من الخبب في البيتين التاليين على التوالي :


قلتُ وبارئ طول الهدب النّضُرِ..... ما قل حبيك من بعد ومن غير


قلتُ وبارئ طول الهدب النّضُرِ..... حبي باقٍ أبَدأ رغم السفرِ


وهنا يظهر تقدم د. كشك على العروضيين. ولكنه لا زال في حدود العروض. أما البناء على هذه الخطوة باختبار القول إن تتابع أربعة أسباب من خصوصيات الخبب وأنها حيث وجدت ثقيلة ثم دراسة هذا القول في واقع الشعر ككل كما في ( مفاعيلُ فعولُ مفا في الطويل ) ومن حيث كف ( مستفع لن ) في الخفيف أو طي ( مستفعلن ) في الخفيف لمن لا يقول بالوتد المفروق، وأنهما لم يذكرا في الشعر – كما في مقاربة د. مصطفى حركات التي وردت في حدود الخفيف - ثم محاولة التقعيد لذلك في البحور ككل مع ذكر الحالات التي تستثنى من هذه الظاهرة كما في ( فعول مفاعيلن 3 1 3 2 2 ) في آخر عجز أول الطويل، فإن ذلك يشكل انتقالا من منتهى العروض إلى بداية علم العروض .

ويطول الحديث لو رحنا نستقصي كل حالة على حدة. ولكن خلاصة الأمر أن :


العروض هو الإحساس بنظام الوزن الذي قد يدرك بالفطرة أو التعلم الذي يشمل القدرة على توصيفه، وعلم العروض هو منهج البحث المفضي إلى نظريات وقواعد ضابطة.


أين يقع العروض الرقمي ؟
بدأت العروض الرقمي وكان جله في البداية في العروض وتدريجيا ومع اكتشاف شموليته وتحوله إلى تواصل أو محاولة للتواصل مع شمولية فكر الخليل أخذ يتجاوز العروض إلى علم العروض. بل لقد خطى بعلم العروض خطوات في آفاق جديدة تتعدى الشعر ووزنه.


ماذا تمثل الدورات الثماني ؟
الدورات الثماني تزيد عن حاجة الشاعر، وهي تكفي العروضي.
لكنها بداية الطريق لعالِم العروض، والمواضيع التي تلت الدورات أو جرت في الدورات إشارة عابرة لها هي سبيل العروضي في توجهه ليكون عالم عروض.


بدأنا بالعروض كمرحلة أولى ثم انتهينا بعلم العروض، فهل هذه نهاية المطاف ؟
كلا فإننا إن حملنا علم العروض إلى مجالات أخرى تتخطى الشعر فإننا نرتقي به إلى (الشمولية العظمى) اللائقة بفكر الخليل وعبقريته كما في بعض الأبواب مثل
العمارة والعروض – الموسيقى والعروض – الآثار والعروض – م/ع وهي من بين ما وردت الإشارة إليه في الرابط:
http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/lematha

تكرر ذكر الشمولية في الرقمي وهي صفة ملازمة لكل علم في إطار ذلك العلم، تستوي في ذلك العلوم المادية والإنسانية فإذا ما احتوت هذه النظراتِ الشاملةَ المتعددةَ نظرةٌ شمولية أعظم، لم يكن جماع ذلك إلا توحيد الخالق عز وجل. ومن هنا قال الشاعر:


وفي كل شيء له حكمةٌ ... ... ... ... تدل على أنه الواحد


وإنما كان ذلك بربط هذه الجزئية بالكل الذي يشملها وما يوصل إليه ذلك من استدلال على حكمة الخالق عز وجل.

الشمولية المطلقة ( أساس الأسس ) هي البدء بالتوحيد توحيد الله سبحانه وتعالى والانطلاق منه إلى سواه. وفي قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام معتبر لأولي الألباب.

ما أحوج الإنسان إلى هذه الرؤية في الأمور كلها ولا يتسع المجال هنا لذكر المجالات الحيوية والمصيرية التي يضل فيها الأفراد وتضل فيها الجماعات جراء طغيان الجزئيات على الكليات، فكم طمست كلية بكلمة حق استغلت في تضخيم جزئية، فقادت إلى باطل. ومن نافلة القول أن هذا القصد لا يرد في مجال العروض ولكنها تداعيات الشمولية الفكرية، والفكر لا يكون إلا شاملا.

منهج الفكر يقترن بالشمولية والتجريد
ومنهج الحفظ يقترن بالتجزيء والتجسيد.


بدهيات أي علم وأي مبدأ في غاية البساطة وهي بحق أول الطريق وشمولية العلم هي منتهاه ولكن المسافة بينهما أقصر ما تكون وكأنهما بداية ونهاية على دائرة. والضياع في الممارسة قد ينتج عن إغفال أي منهما، وقد يظن ظان أن من الصعب أن يتوه الشخص عن البدهيات. في مواضيع الرقمي أمثلة عن أخطاء كبيرة لعروضيين وشعراء مردها إلى عدم وعيهم على بدهيات العروض.
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/mutayaat
لعل بساطة البدهيات وشمولية التفكير وجهان لعملة واحدة. فمن انطلق من البدهيات ولم تكبله عقابيل الجزئيات ومصطلحاتها كان جديرا بالتوجه نحو الشمولية.

.................................................. .......... .................................................. .......... .........


[1]http://www.lisanarabi.com/vb/showthread.php?t=1354



""اعلموا - يا أحبابي - أن بين النحو وعلم النحو فرقا مهما ؛
فالنحو هو نظام الكلام والتفكير ، وعلم النحو هو منهج البحث عن ذلك المفضي إلى نظريات وقواعد ضابطة - وأنه إذا جاز أن تتركوا لطلاب علم النحو علمه ، لم يجز أن تتركوا لهم النحو نفسه ؛ فإنكم وإنهم فيه سواء ، لا غنى بأيكم عنه ما دام يتكلم ويفكر .
زعمت ابنتي أنها لا تعرف النحو ولا تحبه ؛ فذكرت لها أنها تعرفه وتحبه !
فلما عجبت قلت لها ألا تُفْهمين إذا تكلمتِ ، ألا تَفْهمين إذا سمعتِ ، ألم تولعي بالفهم والإفهام !
أنت إذن مولعة بالنحو !
وإذا تأملتم وجدتم من الحكمة الاطلاع على علم النحو ، رغبة في سبر أغوار نظام الكلام والتفكير ، ولكن ينبغي أن تتمسكوا بما يؤدي إلى هذه الغاية من الوسائل ، والا تعبؤوا بما يضللكم عنها ، أو يكرهها إليكم !
بارك الله فيك ، وأحسن إليكم !""





[2]http://www.aleqt.com/2011/06/04/article_545380.html



يدرج الكتاب [ أجمل قصة عن اللغة] حكايات مدهشة عن تجارب العلماء علىالأطفال واللغة لديهم، ونحن لا نملك إلا أن نقول "سبحان الخالق عزّ وجلّ" فالطفل يتعرف على لحن الكلام أولا أي ما يسمى "علم العروض" وفي توضيح ذلك تم إجراء تجارب على أطفال لا تتجاوز أعمارهم شهرين لاستيضاح تأثير الاستماع للهجات مختلفة ومدى تفاعلهم معها.




[3]أبو عبد الرحمن بن عقيل في كتابه (الشعر النبطي-ص21) :"أما الشعر العامي فما كان يقتضي برهنة لأننا في قريتنا لا نعرف أوزانا ولا بحورا، وإنما هي ألحان نتمثلها ونهينم بها هكذا مثلا:هها هم، أوههم هاها وبعضهم يتخذ الملالاة بدل الهينمةهكذا يلا لي للا لي ."
__________________________________________________ _




نشرت هذا الموضوع على الرابط:



https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alfrq-byn-alrwd-wlm-alrwd



وإن خطرت لي إضافة أو تعديل فستكون على الرابط المذكور
http://www.arood.com/vb/showthread.p...8529#post48529