مقدمـــة

تحيــة حــارة مـن القلب أبثها إلى فرســان الثقافــة، كبيرهــم وصغيرهــم، شــاعرهم وكاتبهــم. وأســأل اللـــه أن يجـزل الثواب والعطـاء إلى من أحســن منهم، فهـم جديــرون. ولاشــك بأن كـل الفرســان يعلمــون أن للقلــم محطــات، تحـط في حاضرنـا وربمـا تعـود إلى مافات من الذكريـات. وقصتي مع هذا المنتـدى كانت طريفـة قبـل أن أعلـم بأن السيدة التي تقـوم عليـه، هي وجمـع كريـم من الأدبـاء والكتــاب، هي الأخت وابنـة العـم السـيدة ريمـة الخـاني.

وفي يـوم منذ سـنوات قليلـة، كنت أبحث عن أحـد المقـالات العلميـة التي أكتبـها بيـن حيـن وآخـر وتنشـرها لـي بعض الصحف والمجـلات في المملكـة العربية السـعودية. واضطـررت إلى استخدام محرك البحث (غوغـل) لتحديـد موقـع المقـال والصحيفـة. وكان اسـمي بالطبـع هو كلمـة البحث، فما إن دخـلت حتى فوجئت بكـم كبيـر من المواقـع التي ورد فيهـا اسـم السيدة ريمـة الخـاني.

خلت نفســي مخطئـا، ذلك أن اختـي اسـمها (ريمـة الخـاني)!! ورغـم ان أختـي تعمـل مدرســة في متوسـطات وثانويـات جـده في المملكة العربية السعودية، ولهـا كثيـر من المحبيـن والطالبــات، إلا أننـي كنت مدركـا تمـاما بأن تلك المواقـع العديـدة تتحــدث عن ريمـة أخـرى.

وبمتابعـة البحث، علمت أن السيدة تلك هي ريمـة ابنـة العم المرحـوم الدكتـور عبد الإلــه الخـاني. ولمن لايعرف الدكتـور عبـد الإلـه الخـاني يكفينـي أن اقـول بأن هذا الرجـل كان حتى أمـد قريب جـدا مرجـعا من مراجـع القانـون في ســوريا، ورائــدا علمــا من رواده. فبخـلاف ترؤسـه لمجلس الدولـة في سـوريا لسـنوات طويلـة، فقـد حفلت المكتبـات بمؤلفاتـه وإبداعاتـه في مجـال القانـون.

عـدت إلى الـوراء بالذاكـرة قليـلا، فتذكـرت أنني قابلت تلك الفاضلـة في مطـار دمشـق منذ ســنين ليسـت بالقريبـة. ولـم أكـن لأميزهـا لولا أنـي رأيت عمـي الدكتـور عبـد الإلـه يلـوح لهـا من بعيـد مودعـا. فدفعتنـي عاطفـة القـربى إلى تقديـم نفسـي إليهـا، وعرض المسـاعدة أمـام نقطـة الجـوازات .. إذا كانت تضـم طفلهـا الرضيـع من جـانب وتحمـل جملـة من الحقائب من جـانب آخـر، كما هـو حـال كل أم تسـافر بمفردهـا. سـألتها أن تعطينـي الطفـل لأحملـه عنهـا ريثمـا تقـدم أوراقهـا وتنهـي إجـراءات ســفرها. وكنت سـعيدا بتقديـم المسـاعدة إليهـا، وكـذلك بالطفـل.

وبالعـود على البـدء، ترابطت الأحـداث في ذاكـرتي، وعـدت إلى الـوراء لأعلـم أن فارسـة المنتـدى هي تلك الفتـاة التي قابلتهـا منذ سـنين. ومنذ ذلك الحيـن بـادرت بارتيــاد المنتـدى الأغـر مشـاركا بالقليـل والخجـول من المسـاهمات أو المقـالات. إلا أن نشـرة الفرسـان اليوميـة ظلـت تــردني. وكان مـاكان من علاقـة طيبـة ربطتنـي بهـذا المنتـدى. وماشــد انتبـاهي (منـذ فتـرة) ذلك الشـاب الذي بـات يكتب في المنتـدى (وهو السـيد فراس نجـل السيدة أم فراس) !! فتحركت النفس بين الماضي والحاضـر، ودفعتنـي مشـاعر السـرور لكتابـة مقامـة متواضعـة سـردت من خلالهـا مشـاعري بين رضيـع حملت وفارسا أبصـرت. وتابعت ســرد الســطور متذكـرا معظـم الفرسـان ذوي الأيـادي البيضـاء على هذا الملتقـى الذي لاتمـتاز عنـه اي من النشـرات الثقافيـة أوالصالونـات الأدبيـة في سـوريا. بل ربمـا فــاق معظمهـا علمـا وثقافـة.

حبــي وتقديــري .. مــرة أخــرى .. لفرسـان الثقافـة في هـذا المنتـدى الطمـوح، وليعلـم كل من لـم أذكـره بالاسـم أنني ذكرتـه بالقلب والوجـدان ... دون مجاملــة.

هشـام الخـاني





مقـــام الفرســـــان
في المقامـة الفرســانية
(هشــام الخــاني)


لغتـي الحبيــة ... أنت أجمـل اللغـات وأدقهـا تعبيـرا وأتمهــا وفــاء للمعنــى وأكثرهـا تطابقــا بين الكلمــة والفعـــل والصـوت .. أولم يكف أن اللــه اختـارك لغـة لكتـابه الخـالد المبيــن ؟؟
هشــام

حيــا اللــه لقــاء الفرســان، في منتــدى اللغــة والقــرآن. يتحـاورون ويتبــادلون، وعلى الخيــر يجتمعــون. رادتــه ثلــة أكفـاء كـرام، جمعهم حب الخيـر والوئـام. أعطـوا فأجزلـوا العطـاء، ووفــوا فأتمــوا الوفــاء. رامتــه للخيــر ريمــة، بكــل إخـلاص وعزيمـة. والنيــة طيبــة خالصـة، عقدتهـا سيدة فارسـة. غرسـت الزرع بثقـة عاليــة، ورصعت المكان بالدرر الغاليـة. فرغـــد جــاورها ظميــان، والغديـر بالخيـر ريــان. وملداهـم الماهـرة، على العطـاء ســاهرة. لكل ثميـن ناشــرة، تضيء أركانـا سـاحرة، بمضامين راقيــة فاخـرة. والشـراط من مغرب العــز أتــانا، يسـاهم بحـب وفـي لمنتــدانا. فأهـلا بأهـل الفضـل والربــاط، أهـلا بتطـوان وبالدار وبالربـاط.

أما النشـاوية الأديبـة، فارسـة القلم الأريبـة، قـد أتحفـت الجمــع بالمقـالات، وأحسنت في خيـر المجـالات. والأسـعد على ثغـــر الثغـور، ينشــر بالــورد والعطــور، بســخاء جــم ومـرور، على كل مكتوب ومنشــور. فتذخـر ردوده بجلـي البيـان، لتتحف كل ذي قلـم ولسـان. وعبـد للرحيـم محمـود، ليس لعطائـه حـدود، يتابـع ويجيب، ويــرد ويصيب. كلامـه بالخيـر معسول، وردّه باللطف مشــمول. وفي أرض الشـآم يشـرب الأطفـال، لبـن العروبـة وهم أشـبال. فتلك (هيـا) الطفلـة الذكيـة، تنســج القصص وهي فتيـة. في ربيـع فاق العشـرة قليـلا، خطت إلى العليـاء سـبيلا. فيا ابتنـي .. أتحفينـا بما لديـك، فالمستقبل قـادم إليــك. وتذكـري بأن لغـة القـرآن، فاقت بفضلهـا كل لســان.

إنهـا خيمـة الأدب والثقافـة، تضـم أهل العلـم والحصافـة. توسـط الريــم عقدهـا المضــيءَ، حــاملا بالخيـر قلمـا جريئــا. والياسيني يعـلو الهـام برايـة، وبأبيـات تنشـد أشــرف غايـة. هـمُّ أمتــه في القلب والبـال، من المنشـأ إلى المــآل.

من عربي وصبـري إلى الحجـاج، شــعر غنـي بطيب النتـاج. وفاتنــة الياســمين بالإجــلال تنظــم، بـرا بالوالديــن يفيض ويكــرم. عاطفــة بالصـدق محفوفـــة، وأبيـات للبـــر مرصوفـة. وقصـائد ثنــاء على خيـر الـورى، تشـهد السـماء ويشـهد الثـرى. ومكــة والمدينـة والشــآم، كلمـات حـق إخـلاص وإلهـام.

القصـة كانت طريفـة وفريـدة، وهمتـي في البحث ظلت شـديدة. ففي ذات الأيـامْ، عـز علي المنــامْ. وقصــدت الشـــبكة العنكبوتيـة لاهثــا، اســتلهم منهــا العلـم باحثــا. ولاأخفيكـــم .. فـالـدم يتـوق في عـروقي، إلى العربيـة مع الشــروق. فقصدت للبحث محركــا، وللنتيجـة لم أكـن مدركــا.، فــإذا بابنــة عبـد الإلــه، يلمــع اســمها فـوق الشــفاه. أمنتــدى بالمنشــود مُكتنــز؟ وشـــعر بالبحـور مـُـرتـَجـز! سـبحان ربـي .. هي الضـالة المنشـودة، تفتـح الطـرق المسـدودة. من أيـن أبـدأ بحثي مســتهلا؟ بين الكلــم والحواشـي والأهلـة.

رائـدة المنتـدى قابلتهـا، في مينـاء دمشـق عرفتهـا. سـبحان اللــه إنهـا ســنواتْ، فاتت من العمــر وهيهـاتْ. فـذاك يـوم لن أنســاه، بـــدؤه أوســطه ومنتهـاه. كانت تمشـي إلى الـوراء، وعيناهـا تنــدّى بدمـع الوفــاء. تحمـل فارســها الحكيـم حنــانا، تنشـد رزقـا تتـرك الأوطـانا. والنظــر مني مشــفقُ، لبـرّةٍ عينـاها ترمــقُ، والـدا رحيمـا قصــد المطــار، وأمـا رؤومـا تطيـل الانتظـار.

زان الحجـاب وجهـا كريمـا، بالخـلق بالوقـار تميمــا. دعينـي أسـاعد في حمـل الرضيـع، فــذاك مني أقـل الصنيع. فحملتـه غضــا خفيفـا، وقلبـه نحـو أمــه ملهـوفا. وطـارت الذاكـرة في الآفـاق، تذكـرني بسـاعات الفـراق، للوطـن الحنــون مغــادرين، للرزق نطلب القوي المتيــن.

في بـلاد الحرميـن وضعنـا الرحـال، من واهب الرزق نطلب الحـلال. فودعتهـا والغـلام يصيـح، ومنظـر الشـآم في الأفـق يلـوح. نـراك ريمـة الخيـر قريبـا، بصحبـة الحكيـم صهـرا نجيبـا. فأجــابت وابتســامة الشـكر، تلف وجهـا زيـن بالبـِشـر.

دقـائق كانت تفيض بالخـواطر، وحاســوبا أمـامي لم أغـادر. أحقـا أصبـح الفراس الحكيــم، يرتـاد دوح الأدب عليـم؟ سبحان من قلب الأزمـان، وخـلق المكـان والأكـوان. حيــاك اللــه أم هشــام، فاللــه البـاقي على الـدوام. فالســنون تمضي ويبقـى العمـل، ورحمـة الرحمن هي الأمـل. فيافـوز من كان في عقبى الـدار، مع النبيين والشهداء والأبـرار. تلك هي ســنة الرحمـن، بـــلاغ من مُنـزل القـرآن.

وكانت النتيجة أن المنتـدى، أعـادني إلى حيث المبتـدا. شــآم العـز لن أفـارقا، موطـن ضـم عالمـا وحـاذقا. وهـذا مركب الفرسـان يســـير، يرفـده منبـع للخيـر نميــر. وسـاحة تـرحيـب تطرب الزوار، وصبـاح الخيـر تنثـر الأزهـار. والســاخن من موضوع أو خبـر، يسـطع بشـعاع يبهـر النظـر. ليقـرأ من عجيب الخبـر ... أفي الأرض نحن أم فوق القمــر؟

يازاويـة الإهــداء، يازيــن العطــاء. الإهـداء ســنة المصطفى، طـوبى لمن لأثـره أقتفـى. وللإسـلام والدعـوة حـظ وفيـر، ركـن حـق في المنتـدى مبـرور، وأسـماء تلمـع بهـا الســطور، ترقـى إلى العـلا وتطيـر.

والعـروض والقصـة والمقالــة، وتفسـير لكتاب الله تعـالى. وشعر فصيح منثـور وسـاخر، ونظـم بليـغ بالحـق ذاخـر، وقلب بسـحر البيـان طـائر، وركـن فصـاحة بالجمـع عامـر، ضـاء منه المنثـور والخواطـر، والقصـة تختـال فيـه والمآثــر، لتزهـو بخيـر الكلــم المنابـر.

إنهـم زمـرة الفضل والثقافـة، في ملتقى الحوار والصراحة. ويزيـدون في العلـوم مزيــدا، كشـفا وبحثا أمسـى فريـدا. وزاويـا للطب موجـودة، ونصـائح للخيـر مرصـودة. وللتيقـن من كل عبـارة، ماعليك إلا الزيـارة. فالدعــاء لي منكَِ فائـدة، إذا صــرتَِ في المنتـدى رائـدا(ة).

لسـاحاتكم ايها الفرسـان تحيـة، من نفس محبـة ووفيـة. يافرسـان العلـم والقلــم، يـاأهـل الشـهامة والشـمم. أمتكـم هــي الرائـدة، فأحيـوا قيمهـا الماجـدة. فالأمانـة في أعناقكـم كبيـرة، دونـوا الأمجـاد صحفـا وسـطورا.

هشـام الخـاني