علاقة
هذا أبى لمن لا يعرفه ، وهذا يومه المتأرجح بين بين ، منذ أن يصحو لصلاة الفجر ، يهرش جانبيه ، ويخرج للصلاة ..هو الإمام فى أكثر الوقت ، عندما يكون ذلك يعود راضياً ، وعندما يأتم بآخر يا لهول المسألة ... يصبح الآخر مادة للإشفاق ويظل اليوم كله عنه ، كأنها دائرة مفرغة ..ناهيك عن أشياء أخرى لا يليق بى عرضها .. وكيف ؟ وهو أبى يسميها هو بالنقد البنَّاء .
فى الواقع فإنه يملك مقومات الناقد ، لكنه يقع فى شرك النقد من أجل النقد .. وهذا ما يقلقنى .
* * *
منذ أيام وأنا أحاول لملمة أجزاء عقلى المبعثرة ، كيف فعل بى ذلك ؟ بل ما الذى دفعه لهذا ؟
أحاول الثبات بكل قوة ، أواجه جسدى المرتجف بحزم ، أراوغ التساؤلات بمحاولة النوم .. لكن هيهات ..
يحاول ما استطاع استنزافى ، فى كل مرة أستسلم .
لكن هذه المرة ، الأمر مختلف ، يجب أن تكون هناك وقفة ، هكذا قررت ، وليلتهب كل شئ .
* * *
لم أنس ما حدث لأمى ، عندما سيطر عليها المرض ، كان وجهها يشع شباباً ونضارة ، كالعنكبوت نسج اللون الأصفر خيوطه على وجهها ، واجهته فى شجاعة .. حاولت من أجلى .. نعم .. الأطباء يدفعونها للشفاء وأنا معهم .
كانت كلمات أبى تنزل عليها كالصاعقة ، الطبيب بكذا .. والعلاج بكذا .. السيارة بكذا ... الطعام بكذا ....
تستسلم ، جسدها النحيل يخفت ويخبو ، تندفع فى غيبوبتها .. بينما تتواتر الأسئلة على عقلى .. أقابلها بالصمت ..
منذ ذلك اليوم والعلاقة بيننا متوترة .. أحسست بأن عينيها تحتضنى ، ساعتها شعرت بارتعاشة شديدة ، وبجدران قلبى تنتفخ ، وبينما أنا كذلك .. إذا بها تروح فى غيبوبتها الطويلة ، انقبضت جدران قلبى إثرها على حزن عميق .
* * *
أيقنت بأن كلماته قد عجلت بذلك .. نظرت إليه والحزن يعتصرنى ، رأيته يبكى ، لم أصدقه .
قلت : أنا الوحيد الذى يعرف حقيقة هذه الدموع
هز رأسه واستمر فى بكائه .
* * *
عندما جرى المال فى يدى ، أقسمت ألا ينال شيئاً منى ، رغماً منى ، وجدتنى أضع كل شئ بين يديه ، كدت أجن ، وكاد الشلل أن يسيطر على عقلى من كثرة التساؤلات .
اكتفيت باندهاشى .
كانت صورة أمى تأتينى بغتة .. أشعر بها تتألم .. ولما مرض أبى جاءت كالحلم ، تربت على كتفى ، تردد فى حنو : المسامح كريم .
الشريط يمر أمام عينىَّ ، أصر على موقفى ، أقسم ، ثم
أحنث ، أقسم ثم أحنث ، والحلم يعود مع كل حنث .. يتملكنى الثأر ، وأنا كما أنا لا أنا أتوقف عن الحلف ولا أنا أفى به .