يا نيلُ أعْتقْ طائرَ اللقْلاقِ
واسْكبْ شموخكَ في فمِ الدُرَّاقِ
انْثرْ على قبرِ العروبةِ زهرةً
و اذْبحْ بمحرابِ الخنوعِ الباقي
انْفثْ على مُكْثٍ بثغركَ في " جوبا "
أَولمْ تَزلْ عِبْريَّةَ الأعْراقِ
" سِيدي أبو زيدٍ " مخاضُ نُبُوَةٍ
و دمُ المروجِ يفوحُ في الآفاقِ
سَائِلْ " دمَ الأخوينِ " عن صَنْعائها
هل سَدُّ مأربَ جادَ بالإغْداقِ
و يمورُ في " البحرينِ " موجُ أهلَّةٍ
لِتُجهَّزَ الأقْمارَ للإطْلاقِ
بَارِكْ " بني غازي " ستضحكُ بعدما
ناحتْ على قبرِ النخيلِ سَواق
و أناخَ في " مصرَ" الزمانُ بعيرَهُ
ليُسطِّرَ التاريخَ دونَ نفاقِ
لا تقْربي يا شمسُ سِفْراً قبلما
تتوضَّئينَ بجدْولٍ رقراقِ
في ساحةِ التحريرِ عُرْسُ رجولةٍ
عافَ الرجالُ تفرُّقي وشِقاقي
يغشاكَ هولُ قيامةٍ فإلى متى
" هامانُ" يزعمُ أنَّ صرحكَ باقِ
ارجعْ أيا " فرعون" إنكَ هالكٌ
قد أقْسمَ البحرانِ بالإغْراقِ
الشعبُ والجيشُ اللذانِ هما يدٌ
العرْوةُ الوثقى تزينُ وفاقي
قد ساقَ فيروسَ البغالِ لحاسبٍ
عارِ الصدورِ بلا قناعٍ واقِ
فتعانقَ الشهداءُ ساعةَ عُرْسهم
و تفرَّقَ الغرباءُ دونَ عناقِ
"فرعونُ" ما أشْقاكَ حين قَتلْتهمْ
و رفعتَ قاتِلَهُمْ على الأعناقِ
لاذَ الجلالُ بفتيةٍ سُمْرٍ كما
لاذَ الجمالُ بشاعرٍ خلاّقِ
يا صاحبَ الخلقِ الكريهةِ ريحهُ
اسْألْ خيولَ الفتحِ عن أخلاقي
أفلا تشمُّ اليوم مسْكَ تسامحي
سلْ راعيَ الأبقارِ عن أعراقي
أمضي فتسْبقُني الكرامةُ بعدما
قد كنتُ أهونُ من رزازِ بصاقِ
يا نيلُ كأسُكَ لم يعدْ لي صاحباً
حتَّى تعانقَ غزَّتي وعراقي
وشفاهُ نَخْلكَ كربلاءُ عقيقُها
وتوضَّأتْ بسنا الحسينِ مآقِ
الريحُ لمْ تطفأْ من السعفِ الجوى
في جيدِها حبلٌ من الأشواقِ
قُدَّتْ خطاكَ من الصهيلِ فأوْرقتْ
و تقاطرت شدوا على أوراقي حلمي سفرجلةٌ يقبِّلُها المدى
و لقد ذكرْتُكَ والفتى " بردي " هنا
مجدافهُ يختالُ في أعماقي
وهنَاك " دجلةُ " يحتفي بصقورِهِ
تتلقَّنُ التحديقَ منْ أحداقي
رتَّلْتَ سِفْرَ دماكَ يا صفصافُ لي
باللهِ فاتْلوهُ على العشَّاقِ
إلْتفِّ يا ساقَ المنونِ بساقي
إنَّي إلى ربِّي بَدأْتُ مَسَاقي
سهمُ الفراقِ دنا فهلْ باعدْتَهُ
أين التمائمُ هاتِها يا راقِ
تتسابقُ الدنيا لتجْنيَ شوكةً
والفلُّ يأتيني بغيرِ سباقِ
الناسُ تشْقى كي تُضَمِّدَ جرحَها
و أنا الذي برْئى بِبَول نياقي
أ طحالبٌ زرقاءُ قد صِيغتْ لهُ
و من النفايةِ يأكلونَ رفاقي
قد أهلكتْ حرْثي ونسليِ عصبةٌ
بمُسَرْطنٍ قد شاعَ بالأسواقِ
أ معسكراتُ الأمنِ في أوكارِهاً
أوْلى من الشيطانِ بالإحْراقِ
و مؤسساتُ النقدِ في أطمارِها
أَ مِنَ اليتيمِ أحقُّ بالإشفاقِ
ولئنْ سألتَ السُمَّ كانَ جوابهُ
إنِّي أعاني من أذى الترياقِ
فالذئبُ قد يأتي ببردةِ ناسكٍ
صِيغتْ فرائدُها من الإْشراقِ
لا تقرأوا فنجانَ من وأدوا الضحى
سكبوا الأسى خمراً على الآفاقِ
القهْرُ أقراطٌ بأُذْنِ بيارقي
و الحزنُ خلخالٌ يطهِّرُ ساقي
شَرِبَتْ مقاماتُ العراقِ على القذى
جرحُ الخزامى غائرُ الأعماقِ
سَرَتْ البوارجُ مسرعاتٍ في دمي
فكأنما تَسْرِي بظهرِ براقِ
ما للرماحِ كأنَّها قطرُ الندى
مثل البغيِّ تلينُ حينَ تُلاقي
أسْيافُنا كمليحةٍ في خدرها
كم أحضرتْ كأساً و غابَ الساقي
قد أَذَّنتْ في الهاجعينَ فما أَتوا
آذانُهم سفحتْ دمَ الأبْواقِ
صاغوا جداَر العارِ من فولاذِنا
قلْ هلْ نُنَبِّئُكمْ عن الإخْفاقِ
يا أهْلَ غزَّةَ سامحونا كلمَّا
قد جاءكمْ خبزٌٌ من الأنفاقِ
شقَّتْ حرابُ النفطِ نحرَ بكارتي
والله ما قَتَلُوكِ من إملاقِ
و بكتْ على صدرِ الصليبِ مآذنٌ
لم تُعْطني مهراً فأين صداقي
ما جاءتْ الأحزابُ بالأطواقِ لا
السوطُ سوطي و الوثاقُ وثاقي
فإذا كَسَرْتِ الطوقَ عاد كأنَّما
في جيد " مصَر " تناسلتْ أطواقي
يا " مصرُ " هلْ قُبِلَتْ لديْكِ شَفاعَتي
برسائلٍ أدْمَتْ يدَ البرَّاقِ