"نساء"الثورات العربية ..المرأة العربية الجديدة (3)
رأينا في الحلقة الماضية (قطرة) من انعكاس خروج المرأة للعمل بأجر ... ولعل ما يتبادر إلى الذهن هو قدرة هذا الكائن الضعيف .. القوي،على الجمع بين الأعمال المختلفة التي وُضعت على كاهله. بعد تكرارنا لما يتعلق بالفرق بيت عمل المرأة بصفته(رسالة) وعملها بأجر .. ننقل وجهة نظر إحدى الأديبات .. (أخذت سلوى بكر الكلام فقالت : همومنا كثيرة كنساء،لكن أبرزها هو التقييم الاجتماعي للعمل،هذا التقييم الذي يبدو شديد الإجحاف بالنسبة للمرأة،فمن واجبها الإنجاب والغسيل والطبخ والقيام بكل الأعمال المنزلية الشاقة،فإذا أرادت أن تعبر عن نفسها من خلال الكتابة أو الرسم أو الموسيقى استكثروا عليها ذلك.
في بلادنا،يريدون من المرأة أن تكون والدة حنونا،وزوجة متفانية،وسيدة بيت من الطراز الأول،بيتها لامع وأطفالها رائعون وطبخها لذيذ،وإذا أرادت أن تكتب قصصا بعد كل ذلك فلا بأس،شرط ألا تهمل واجباتها الأساسية الأولى.
إن هذه النظرة إلى المرأة الكاتبة هي كذبة كبيرة،وأنا أرى أن على المبدعة أن تهتم بإنتاجها الأدبي في المرتبة الأولى،حتى ولو قصرت في أدوراها الأخرى.){ عن "ندوة في مركز جورج بومبيدو الثقافي" / مجلة كل الأسرة العدد 62 في 21/12/1994م}.
لعل هذه فرصة لتسجيل موقف مختلف،هو موقف الأستاذة أليفة رفعت،حين تعارضت مسؤولياتها .. (فرددت بقولتي الشهيرة التي ترجمت بعد ذلك وأعجبت بها الأديبة الأمريكية موز ان جريفين حين قابلتها في لندن : "خير لي أن أكون أما مجهولة من أن أكون كاتبة مشهورة فهذا مجد زائف."){ أليفة رفعت : "تجربتي مع الحياة والإبداع" / مجلة الهلال القاهرية / سبتمبر 1994م}.
نتجاوز هذه النقطة،لنصل إلى نقطة أخرى .. هي أن الإنسان بطبيعته حين تكون لديه رغبة في الحصول على شيء ما،فإنه – خصوصا في البداية – مستعد لـ(قتل نفسه) ليثبت أنه قادر على القيام بذلك الشيء .. حالة المرأة – في موضوعنا – ليست شذوذا عن تلك القاعدة .. قبل أن نسافر في رحلة طويلة مع بعض من دراسة للأستاذة نهوند القادري،نذكر فقط بالأحاديث المتكررة عن حرمان المرأة من المناصب القيادية،وسوف نرى كيف كان الأمر في البداية،وكيف كانت المرأة تعلن تعففها عن التكسب بالعمل بأجر،وعن البحث عن المناصب،وتركز على الأعمال التطوعية .. ( باختصار بعد ما خاب ظنهن بمفاعيل العلم السحرية،عدن من جديد للاعتراف بسلطان الطبيعة،وبالوظائف الطبيعية لِكُلِِ من الجنسين،وبالعمل على إيجاد صورة مثالية لعمل المرأة بعيدا عن تحصيل المال وعن المنافسة والمزاحمة،مركزات على أهمية العمل التطوعي للمرأة بحكم طبيعتها. وهكذا أمام المزاحمة والمنافسة،وأمام المواضيع الخلافية تتسامى المرأة وتتعفف وتعلن أنها لا تهوى المناصب ولا الوظائف العالية،ولا تهوى جمع الثروة ولا الشغل بالسياسة والتلهي بها،لا الاهتمام بنفسها. أي تتخلى عن كل ما هو من مقومات السلطة،هاربة إلى الأمام نحو التضحية و الوطنية. {في الهامش : تقول نجلا أبي اللمع في خطبة لها نقلتها مينرفا : " .. الرجل ينادي بمساواة المرأة طالما هي بعدية عنه لأنه يخاف فقدان سيطرته عليها .. لا يحمل أحد قولي إني أقصد بهذا التمرد والشذوذ عن كل عادة وخلق مألوف كلا،بل إنني أريد أن أقول إن المرأة تطلب الرقي والمساواة في سبيل التفاهم والخدمة والسعادة،لا في سبيل التمرد والسيطرة اللذين يفهمها الرجل" : مينرفا،السنة 1،العدد 10 (1924).} ..){ ص 89 (صحافة اللبنانيات وجمعياتهن في العشرينات : وجهان لعلة واحدة ) بقلم : نهوند القادري(أستاذة مساعدة في كلية الإعلام والتوثيق،الجامعة اللبنانية) : نقلا عن : ( النساء العربيات في العشرينات حضورا وهوية) / مجموعة من الباحثات و الباحثين / مركز دراسات الوحدة العربية + تجمع الباحثات اللبنانيات}.
وتقول أيضا.. (أما الصحافة النسائية،فبعدما عملت جاهدة على رسم صورة متسامية للمرأة ذات القدرات السوبر خارقة،القادرة على القيام وبشكل مثالي بوظائف : الأم،الزوجة،الأنثى،المثقفة،العاملة،الوطنية،المضحية التي لا غاية ولا مصلحة شخصية لها من كل هذه الأعمال،فإنها راحت تتبذل وتتقلب مع تقلبات الظروف والسوق إلى أن استقرت مؤخرا في حضن البائع.){ص 93 }.
على العكس تمام من نداء السيدة هدى شعراوي، تنقل لنا الدكتوةر"نهاوند" رسالة من إستير خوري - من البترون - نُشرت في مجلة "مينرفا"في عددها رقم "11" في 15/2/1924م،تقول فيها :
( احذري تقليد الغربيات بما يمجه الذوق وينبذه التقدم الشرقي. لا يليق بك أن تظهري بين الناس بمظهر راقصة على مسرحها. إيه فتاة الشرق كأن ما كفاك التشبه بالغربيات لبسا بل زدت عليهن بحركات جسمك ومشيتك بصورة يخجل الأديب من النظر إليك وتستحي العين من أن تراك على هذا المثال. كأني بطرقاتك كلها أصبحت مسرحا وأنتن عليها راقصات. أقترح عليكن تأليف جمعية لمحاربة الأزياء الخلاعية والعادات غير المألوفة ).
هكذا ولشدة الاتهامات وخوفا من أن يرمين بالتهتك والفجور،رحن يركزن في صحافتهن على مخاطر التغيير المفاجئ في العادات من ناحية،وعلى أهمية أخذ العلوم من الغرب من ناحية ثانية. ورحن يبحثن عن نقاط الالتقاء ويبتعدن قدر الإمكان عن المواضيع الخلافية،فركزن في البداية على المناداة بتعليم المرأة لما في ذلك من سعادة لعائلتها وزوجها ومن فائدة لوطنها وأمتها. ولما كان عمل المرأة المأجور لمّا يزل بعد موضع خلاف،,لم يشكل بالنسبة إلى هذه الفئة من النساء المرتاحات ماديا حاجة ملحة وماسة،أو لمّا كانت الوظائف المتاحة للنساء قليلة أو بالأحرى نادرة،فإن التركيز على تثمير العلم تحول من العمل المأجور نحو العمل التطوعي. وتجلى ذلك من خلال دعوة المرأة إلى تأليف الجمعيات الخيرية،استكمالا لرسم صورة المرأة الفاضلة المتسامية التي لا تبغي من نهضتها سوى القيام بواجبها الرعائي سواء على الصعيد الخاص أو العام.
وراحت الجمعيات تتلاقى مع الصحافة على الدعوة للأخذ من الغرب العلوم دون العادات.
لقد ساهمت عوامل عديدة في ازدهار الجمعيات النسائية،وفي إضفاء الصفة الإصلاحية على الحركات النسائية في لبنان بعد الحرب العالمية الأولى،فالكثير من المسائل التي كانت الصحافة النسائية في السابق تتردد في إثارتها ولو نظريا،أصبحت أشبه بالحقائق الملموسة في هذه الفترة "بدءا بخلع الحجاب أو التخفيف منه،التعليم،الاختلاط". ومن هذه العوامل نذكر :
-التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي رافقت الحرب العالمية الأولى،خصوصا لجهة صعود الرأسمالية وما تبعها من بحث عن أسواق جديدة وخلق طبقات جديدة منها الطبقة العاملة الناشئة،ومن تحول متزايد نحو الحضر من ناحية. ولجهة صعود الحركات الوطنية والنضال من أجل استقلال الشعوب في الشرق من ناحية ثانية.
-اتساع التعليم بشكل عام وتعليم البنات بشكل خاص،وإن كان بقي متسما بالتوازن على صعيد الجنس،المناطق،الطوائف.
-الأثر الذي مارسته الحركة النسائية في مصر على المرأة للبنانية وخصوصا المسلمة،كون هذه الحركة اختمرت بطيئا،واتّسمت بالإصلاح التاريخي "1923 هدى شعراوي أول مسلمة خلعت الحجاب"،إضافة إلى تبادل الزيارات بين زعيمات النهضة في البلدين "مثلا شهدت بيروت مع إحسان أحمد أول امرأة مسلمة تخطب على المنابر سافرة الوجه".
-الأثر الذي مارسته أيضا الحركة النسائية التركية على المرأة المسلمة،خصوصا بعدما صعدت هذه الحركة سريعا بدءا من إعلان الدستور ومرورا بإصلاحات أتاتورك.(..) – التغير الذي طرأ على صعيد المرأة المسلمة "خلع عنبرة سلام لحجابها بعد رحلة لها لمدة سنتين إلى لندن 1928،وإلقائها للمحاضرات في الأماكن العامة". إضافة إلى ظهور كتاب نظيرة زين الدين 1928،والدور الذي لعبته نظيرة جنبلاط،ولا سيما بعد موت زوجها. ){ ص 76 – 78 }.
من المرأة الخارقة،في بداية القرن العشرين،إلى المرأة الخارقة في نهايته!! .. في لقاء مع السيدة أسمهان بدير رئيسة الاتحاد النسائي العربي،سئلت عن ما يميز المرأة العربية .. (المرأة العربية تتصف بالتضحية والإيثار فهي على استعداد أن تضحي بحياتها في سبيل بيتها وأولادها وهي قادرة على تحمل أعباء العمل ومسئولية الأولاد ومطالب الزوج وغيرها في آن واحد،وهذه السمات لا تتوفر إلا في المرأة العربية.(وفي سؤال عن سبب قلة الأديبات والشاعرات العربيات،نسبة إلى أعداد النساء،ذكرت أن من أسباب ذلك والمسؤولية تقع على المرأة فهي قليلة القراءة،لا تتعمق في الثقافات المختلفة،وانشغالها بأشياء بسيطة كالجمال والموضة ..) { مجلة المنهل العدد 522 / ذو القعدة وذو الحجة 1415هـ = إبريل و مايو 1995م}.
الملاحظة الأخيرة تقودنا إلى السؤال التالي ("العمل هل يحرر المرأة؟" : ( تحت هذا العنوان بصحيفة الأهرام المصرية (20/2/1980 ص 5) جاء في الركن الخاص بالمرأة ما يلي : "منذ أن اقتحمت النساء ميادين العمل المختلفة أصبح العمل هو الأسطورة أو الأيديولوجية أو السلاح الذي يتذرعن به للتحرر (..) نستطيع أن نقول أن العمل أصبح مضادا للتحرر لأنه وإن ساعد على تفادي المشاكل الحقيقية فإنه لا يحلها لأنه وإن كان يسد في الواقع الطريق أمام المرأة للتحرر العقلي. لأن المرأة التي تعمل تعود إلى منزلها مرهقة وفي نفس الوقت هي مطالبة بإعداد الطعام وتلبية طلبات الزوج والأولاد مما لا يتيح لها بعد ذلك الفرصة للقراءة أو التثقيف أو حتى الفرصة لتجديد علاقتها بزوجها وأطفالها){ص 86 – 87 )المرأة العربية المعاصرة إلى أين؟}.
هنا يجدر بنا أن نشير إلى الفرق بين (عمل المرأة) كحق من حقوقها – يتحدث الشرعيون عن "ضوابط"ذلك العمل – وبين العمل كـ(قضية) ذات دلالات فكرية .. فالأول تقوم به المرأة – في الأصل - (الكادحة) – وقد أصبحن كلهن،أو معظمهن، كادحات .. أو كدن – لينفقن على أنفسهن وأسرهن .. أو لدعم الزوج .. أما الوجه الآخر للعلة فتقوم به الفئة التي ليست أصلا في حاجة إلى دخل مادي .. ولكنهن ينطلقن من (قضية)،ويقمن بالدعوة لها : تحرر المرأة من سلطة الرجل .. تحقيق الذات .. الاستقلال الاقتصادي .. أي أن الأمر يبدأ من البحث عن (المساواة) ويعود إليها .. ولا أدل على ذلك من أن المرأة كانت تعمل ولم تكن هناك أية مشكلة .. لسبب بسيط .. لأن الأمر يتعلق بالنمط الأول . وسوف نأخذ أمثلة من بيئة تكاد أن تكون منعزلة .. أو تعيش عزلة نسبية .. تقول الدكتورة "ثريا" أستاذة الأنثروبولوجيا في الجامعة الأمريكية في القاهر .. (لم تقتصر حياة نساء الجزيرة على ممارسة الأنشطة الشعائرية التي تتيح لهن إشباعا روحيا،وترويحا عن النفس،وتعتبر مناسبة مقبولة اجتماعيا لممارسة بعض اللهو البريء،ولا على التعليم – كما سنشرح فيما بعد – بل زخرت حياتهن أيضا بالعمل الشاق والسعي الجاد إلى خدمة المجتمع وكسب العيش. إضافة إلى هذه الحياة الشعائرية الغنية،وإضافة إلى وجود التعليم للنساء في الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر،لعبت المرأة دورا مهما في نظام الإنتاج القائم في ذلك الوقت. من المهم هنا التنبيه إلى أن المصادر الوصفية للزراعة والتجارة في الجزيرة حينئذ كانت قليلة،إلا أنها تتصف بالدقة والإسهاب في الوصف،ما يساعدنا على استخلاص شكل النظام الاقتصادي القائم ودور النساء فيه. (..) كان الذكور يقومون بكل ما يتعلق بالنخيل من أعمال،إلا في الحالات النادرة التي كان الفقر فيها يضطر الإناث إلى القيام ببعضها. أما عمليات إعداد التمر للحفظ بعد انتهار الحصاد،فكانت تقوم بها في الأساس النساء. وتبدأ بتصنيف التمر باليد حسب أنواعه المختلفة،ثم تقوم النساء بمزج الأنواع الجيدة من التمر ببعض الشراب السكري المختزن من المواسم السابقة،ثم يوضع التمر في عبوات تسمح للماء بالتسرب،وبعد ذلك يوضع التمر في عبوات أكبر ثم يجري كبسه بعد أربعة أيام أو خمسة،وفي النهاية توضع أثقال كبيرة فوقه ويترك حتى الشتاء. (..) وحينما يأتي وقت الحصاد يكتسب عمل النساء أهمية،إذ يقمن بقطع عيدان القمح بالمنجل إما بمفردهن أو بمساعدة بعض الرجال،ثم يقمن بوضعها في أكوام إلى أن تنقل إلى مكان مركزي في المزرعة للدراس،فإذا كانت كمية القمح المطلوب نقلها كبيرة حملها الرجال،وإلا قامت النساء بحملها.){ ص 109 – 112 ( عنيزيات في زمن يهتز) / ثريا التركي / ( النساء العربيات في العشرينات حضورا وهوية) : عنيزيات : نسبة إلى مدينة "عنيزة"إحدى مدن منقطة القصيم،في قلب نجد، بالمملكة العربية السعودية}.
كما نجد الأستاذ أحمد الكاظمي يقول،وهو يتحدث عن مدينة الرياض، سنة 1356هـ / 1937م .. (الأسواق أو السوق : عبارة عن دكاكين صغيرة أو مخازن،فسوق الأقمشة والأشياء التي تستغل في اللباس تباع في محل واحد،وسوق الخضار في جهة واحدة،والحراج في ناحية. وسوق الخضار والفاكهة سوق طويل وأصحاب الدكاكين من النساء،فهن يبعن جميع الخضار وما تبعها وليس لهن دكاكين،بل يجلسن على الأرض ويضعن فوقهن شيئا للاستظلال. وسوق اللحم في جهة بعيدة عن هذه الأسواق،ولا يباع اللحم إلا بالقطع أي: لا يوزن،والأفران توجد بجانب سوق اللحم،وأمام سوق اللحم ساحة كبيرة تسمى"بالمقبرة"وهي كالحراج للفحم والحطب والمواشي.
أما الأسواق التي فيها الأقمشة والبضائع الثانية فيجد فيها الإنسان كل ما يريده من الأشياء اللازمة والكماليات. وما أكثر الصيارفة في السوق،وأظن أن كل واحد عنده جنيهان جلس صيرفيا.) {ص 61 - 62الجزء الأول "يوميات الرياض : من مذكرات أحمد علي بن أسد الله الكاظمي" / دارة الملك عبد العزيز / الرياض /1419هـ = 1999م}.
قبل ختام هذه الحلقة نحاول لملمة شتات هذه الأفكار ..
نحن – إذا – أمام ثلاثة أنماط .. عمل المرأة بدون أجر،وتستطيع أن تقوم به مهما كان شاقا ... وعمل المرأة (الكادحة) والذي قد يكون بأجر .. وقد يكون مع زوجها أو أسرتها .. أما النمط الثالث فهو (العمل) انطلاقا من (قضية) .. وحوله يدور الحوار .. والذي يصل حد (المعارك) أحيانا ... وفي أحد منعطفاته نجد امرأة عربية خليجية معاصرة تقول،عبر جريدة الراية القطرية في 15/6/1980م :
(والآن بدأ المجتمع يتفتح قليلا وسمحت العادات والتقاليد التي تقيد الفتاة عن العمل في شتى ميادين المجتمع قد سمحت لها أن تذهب إلى العمل ولذلك نجد الفتاة .. الآن في جميع ميادين الدولة. أتمنى أن نصل إلى هدفنا الذي نريده وهو أن نعمل بجانب الرجل"توقيع أ.ر" ){ص 95 (المرأة العربية المعاصرة إلى أين)}
يبدو العمل هنا – كعمل – وكأنه لم يعد (هدفا) .. بل وسيلة إلى العمل (بجانب الرجل)!!! ولعل من نتائج ذلك .. (الخبر المنشور في مجلة "المستقبل – العدد 149 – ديسمبر 1979 / ص 68"الذي جاء فيه :
"دراسة أجراها أحد الأطباء تتهمك سيدتي بأن شكلك الخارجي قد بدأ يأخذ شكل الأحجام الرجالية،والدراسة التي أجريت بناء على طلب شركة لصنع الملابس الداخلية النسائية،وقد أخذت مقاييس حوالي سنة آلاف امرأة في عمر الثلاثين وقورنت بدراسة أجريت عام 1951 وكانت النتيجة أن المرأة بدأت تفقد تضاريسها الأنثوية فهي اليوم أطول بمقدار 1.63 سم،وخصرها ازداد سمنة بنسبة 2.26سم .. إلخ.){ ص 150(المرأة العربية المعاصرة إلى أين؟}.
في الختام .. هذه لمحة من دراسة أعدتها الدكتورة "مي"،وهي كما أتصور تعلق بالنمط الأخير من النساء،حين ضاعت البوصلة بين العمل داخل المنزل وخارجه .. تؤكد الدكتورة .. (وجود مأزم في الأدوار : وذلك بين دورين رئيسين الأول (حديث) والآخر (تقليدي) الأمر الذي يعكس في رأينا انشطارا في ذات المرأة اللبنانية. فهي ممزقة بين دورين أحدهما ذكوري والآخر أنثوي. الذكوري وتلعبه في الخارج وهو الدور الحديث لها،وأما الثاني فهو الدور التقليدي الأنثوي وتلعبه في الداخل"في البيت" (..) وجود صراع بين أنا أعلى(قاسية) ويبن مثال الأنا المتأخر (الثانوي). ولقد تبينا أن محتوى الأنا الأعلى ونوعيته هما أموميان في حين أن مثال الأنا هو ذكوري (تماهي بالرجل) وإنما هي نرجسية لا يوجد رفض للأنوثة لديها. وبهذا نتوصل من خلال هذه الدراسة إلى القول أن المرأة اللبنانية تعاني راهنا من مأزم الانشطار ما بين شخصية ظاهرة وأخرى كامنة – عميقة ){"مأزم المرأة اللبنانية من خلال رائز اسقاطي"/ د.مي جبران – الجامعة اللبنانية – قسم علم النفس : مجلة الثقافة النفسية،العدد العاشر،المجلد الثالث – نيسان 1992م}.
إلى اللقاء في الحلقة القامة .. إذا أذن الله سبحانه وتعالى.
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة في 1/3/1433هـ
Mahmood-1380@hotmail.com