كل الطرق قد تؤدي إلى ملهى الفصول الأربعة ...

كلما وددت أن أسأله عن حياته و حبه وحلمه الكبير
بأن يصبح طبيبا جراحا
للقلب ، إلا وشعرت بشيء
يمنعني ...

وطلب مني أن أرافقه في الزيارةالخاطفة ، التي يريد
القيام بها لوالدته
هذا المساء ، والتي اعتاد أن يقوم بها آخر
كل شهر ، كما حكى لي ...
فوافقت شريطة أن يسلك بنا طريقنا القديم ...
ومررنا بالمدرسة التي تعلمنا فيها معا ، والمستوصف
الصغير الذي كنا
نعالج فيه ، والذي مازال
على حاله ، والمسجد
الذي بناه جده من ماله
الخاص ، والفرن
القديم ، والساحة التي كانت
ملعبنا
لكرة القدم ولكل الألعاب الأخرى، ثم المقبرة
التي دفن فيها أبوانا والأجداد ...
ولما طلبت منه أن يتوقف قليلا لأترحم على
أرواحهم ، ضحك
وقال لي بصوت لايخلو من
تهكم : يبدو أن
بلاد الصقيع والضباب لم تحقن
شيئا
من بردها في قلبك ...
وضغط على البنزين ...
وتذكرت حلمه مرة أخرى ، وأوشكت أنأسأله ، لكنني
شعرت بذلك الشيء
يمنعني من جديد ...
كانت الزيارة خاطفة كما قال ، تركني في السيارة
وغاب لبضع

دقائق ثم عاد يدندن كأنه يغني : الأمر على مايرام ...
كنت أنتظر أن يعود بنا من نفس الطريق ، ولكنه
عرج بالسيارة
على الطريق الذي نبتت فيه
كالفطر، الأبناك والمقاهي ووكالات الأسفار
وصالونات التجميل
والحانات وعلب الليل ...
وبينما كنت أفكر في ذلك الطريق وهذا
الطريق ، شعرت به يخفف
من سرعة
السيارة ، ويقول لي : لنتوقف
هنا ، أنت ضيفي الليلة ...
نظرت إليه باستغراب ، فقال مشيرا
بيده :مرحبا بك في مملكتي ...
نظرت إلى حيث أشار ، فاصطدم بصري
بثلاث كلمات: ملهى الفصول الأربعة...