كيف انتقل العدد ( 2 ) من شبه الجزيرة العربية إلى لغات العالم ؟؟؟



إعداد وتحقيق / أحمد الأقطش


قصة العدد ( 2 ) :

الصورة الأصلية لهذا الرقم في اللغات العروبية هي (ث ن)، مع انقلاب الثاء شيناً في بعض اللغات (كالأكادية والكنعانية). أما المهرية فانقلبت فيها النون راءً (كما تحوّلت بن إلى بر بمعنى ابن)، فصار فيها الرقم (ثره). وعنها انتقلت إلى الآرامية بعد انقلاب الثاء تاءً، وإضافة صيغة الجمع، فصارت فيها (ترين).

ونظراً لخلو السومرية من الثاء، والالتباس الصوتي للشين في الأكادية (حيث يمكن أن تكون إبدالاً من السين أو الثاء أو الهاء أو الخاء أو الذال)، انتقلت الصيغة الأكادية (شِن) إلى السومرية بعد انقلاب الشين ميماً، فصار فيها الرقم (مِن). أما الحبشية، فقد انتقلت إليها الصيغة العربية (كِلا) و (كلتا) الدالة على المثنى، واستخدمتها لتشير إلى العدد (2)، فصار فيها (كلي)، والذي تحوَّل في الأمهرية إلى (هُلات).

وقد تحوّلت الصيغة العروبية (ثن) في المصرية القديمة ، بعد إضافة علامة المثنى، إلى (سنوي)، والتي صارت في القبطية فيما بعد (شسنونا)، مُقتربةً بذلك من اللهجات السامية التي تنطق الثاء شيناً. وانتقلت الصيغة السامية، عبر المصرية، إلى اللغة البربرية القديمة، فصارت فيها (سن).

والظاهر أن النون في الصيغة العروبية (ثن) لم تكن ثابتة من الناحية الصوتية، إذ كما تحولَّت في المهرية وغيرها من اللغات العربية الجنوبية إلى راء، تحولت كذلك في الكنعانية في حالة التذكير إلى تاء: إذ إن صيغة المؤنث هي (شنيم)، وأما صيغة المذكر فهي (شتيم)، بانقلاب النون تاءً، ووجود صيغة الجمع في كلتا الحالتين.

ونظراً لتذبذب وضع النون في الصيغة العروبية (بانقلابها راءً تارة وتاءً تارة أخرى)، لم يكن من الغريب أن تتعرض لإبدالات صوتية عند انتقالها إلى الألسنة الأخرى: فقد تحولّت النون في الإتروسكية إلى لام، مشفوعةً بإبدال الثاء زاياً، ليصبح الرقم فيها (زل). كما تحوّلت النون إلى واو عند انتقالها إلى اللغات الهندية الأوربية، إضافةً إلى التنويعات الصوتية لحرف الثاء. ففي اليونانية صَحِبَ تحوّل النون إلى واو تحوُّل الثاء إلى دال، فصار هذا الرقم فيها (دوو). وعن اليونانية انتقلت هذه الكلمة إلى اللاتينية، ومنها إلى لغات الفرع الإيطالي: فصارت في الإيطالية (دو)، وفي الإسبانية (دوس). وقد انتقلت الصيغة العروبية المحوَّرة إلى الجرمانية القديمة بتحوّل الثاء إلى تاء، فصارت فيها (توي)، ومنها إلى لغات الفرع الجرماني: فصارت في الإنجليزية القديمة (توا)، وصارت في الألمانية بالزاي (زوي).

هذه الصيغة العروبية المحوَّرة انتقلت شرقاً إلى السنسكريتية، بعد تحوّل الثاء إلى دال والنون إلى واو فارسية، فصارت فيها (دڤا)، وبالمثل في الروسية بواو صحيحة (دوا). وصارت في الأبستاقية (دووا)، والتي اختصرتها الفهلوية إلى (دو)، ومنها جاءت (دو) في الفارسية.

إنها رحلة شيقة .. أليس كذلك !


لكن في اللغة الروسية الرقم إثنين يلفظ (دڤا) ( два )

د.إياد فضلون

فنطق هذا العدد في اللغات السلاڤية (التي منها الروسية) هو بالڤاء إلا البولندية فهي بالواو الصحيحة .

والذي أنتظره أن يدلوا بدلوهم معنا السادة الأعزاء المتخصصون في اللغات المذكورة ..

وفي هذا السياق أنبه إلى أن اعتمادي في إيراد الأعداد في شتى اللغات مردُّه إلى هذه القائمة من موسوعة ويكي الإلكترونية :

http://en.wikipedia.org/wiki/List_of...rent_languages

مودتي واعتزازي

أود أن أحيلك إلى الرابط الاتي
http://www.hmc.org.qa/hmc/health/19th/13.htm
مع كل الشكر و الاحترام
د. راعي
سيدي العزيز د. راعي ،،

قد نستعمل كلمة (عدد) وكلمة (رقم) باعتبارهما مترادفتين، وهو الاستعمال الذي قد يصيب حيناً ويخطئ أحياناً أخرى. فالأغلب في العدد أنه الخاص بالحساب والعد، وأما الرقم فهو الرمز المكتوب لهذا العدد. ومعلوم أن التدوين لاحق على النطق الشفاهي، وهذا يشير كما هو معلوم إلى أن فجر التاريخ كان مرتبطاً باختراع الكتابة والتدوين دون أن يعني ذلك بزوغ اللغات فجأة على مسرح التاريخ!

في مرحلة النطق الشفاهي إذاً كانت الأجيال والأقوام والشعوب تتوارث وتتناقل مفردات اللغة شفاهةً، وهي العملية التي لم تكن تحكمها ضوابط أو تخضع لمعايير. وكلما كثرت عمليات النقل، كلما كثرت التحريفات الصوتية، وهي التحريفات التي لم تقف عند حد حتى بعد ظهور الكتابة والتدوين. وبالتالي فالأعداد أقدم زمنياً من الرموز التجريدية التي اخترعت لها فيما بعد.

تقول سيدي العزيز:
كيف كان أصحاب تلك اللغات يتعاملون مع العد ( إن كان لديهم)

إن كنت تقصد أسلوب العد المكتوب بالرموز، فقد تنوع أسلوب كتابة الأرقام: فكانت تكتب من الواحد إلى الخمسة، أما الستة فتكتب برمز الخمسة إضافة إلى الواحد، وهكذا حتى العشرة. وهذا هو النظام القديم، وكان في بلاد الرافدين وجنوب الجزيرة العربية.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الأرقام بالكتابة العربية الجنوبية

وهذا النظام القديم هو الذي انتقل إلى الإتروسكية ومنها إلى الرومان، ليستقر في هيئته المعروفة بالأرقام الرومانية.

تقول سيدي العزيز:
و هل انتظروا العرب حتى علموهم أسماء الأعداد!!!

أنا تحدثت عن انتقال "نطق" الأعداد من "شبه الجزيرة العربية" وهي الموطن الأول للغات السامية، ويُعلم من التحليلات المقارنة وجود لغة أم كانت سائدة في شبه الجزيرة العربية تعددت وتنوعت باتساع النطاق الجغرافي وتوالي الهجرات منها إلى أطرافها على تعاقب القرون والحقب الزمنية. أنا أعرض لتحليلات لغوية مقارنة تـُـظهر مدى تأثير اللغة الأم القديمة في شبه الجزيرة العربية على سائر اللغات والألسنة في العالم القديم بالشواهد المذكورة.

وظاهرة الألفاظ الدخيلة قديمة جداً في لغات العالم كما هو معلوم وليست وليدة العصور المتأخرة، وهي غير قاصرة على المفردات الثانوية بل تمتد في أحيان كثيرة إلى مفردات في صلب اللغة المنقول إليها، وشواهد ذلك في شتى لغات العالم أكثر من أن تحصى!

تقول سيدي الكريم :
و هل حقيقة أن العرب هم من نقلوا " الصفر عن الهنود؟ و ما حقيقة " الأرقم العربية" و مثلها الهندية"؟ و هل كل هذا ينفي ما جاء في دراستك؟؟؟؟

أنا لم أتعرض هنا إلى "الرموز الرقمية" لتدوين الأعداد، وبالتالي فتساؤلكم سيدي خارج عن نطاق بحثي.

أشكر لك اطلاعك على ما كتبت وتعليقك الذي أثرى الموضوع

وأرجو من سيادتكم ألا تبخل بمداخلاتك فأنا في أمس الحاجة إلى التصحيحات والتعقيبات العلمية

وأكرم بها من تعقيبات

فتقبل خالص شكري وامتناني

عن واتا