السلام عليكم
اصطدت خبرا في صحيفة بلدنا عن استاذي في المعهد الموسيقي في دمشق ولاانس موقفه معي عندما كنت على وشك الاغتراب وقد سلمني شهادتي في الموسيقا اختصاص كمان لاتابع مسيرة العلم....
كان انسانا بكل ماتحمل هذه الكلمة من معنى وقد حز في نفسي ماكتبه الصحفي البارع
لقمان
عندما ضمن مقاله نسيان المعهد لانجازات هذا العملاق..الذي قدم مسيرة حياته للثقافة..
فهل ينسانا الناس فعلا لو غبنا عن عالم الواقع؟
ام هو يقاس بالعمل للآخرة ام ماذا؟
لاادري
اليكم المقال ارجو ان اجد اهتماما ....

لقمان ديركي : صلحي الوادي
المصدر لقمان ديركي
12 / 05 / 2007
ولد صلحي الوادي في بغداد لأب عراقي وأم أردنية عام 1934 قبل أن تنتقل عائلته للإقامة في دمشق وهو تلميذ في المدرسة الابتدائية، ومن وقتها ارتبط اسم المؤلف الموسيقي صلحي الوادي بسورية ، بل وأنه عاش كسوري بامتياز. كان متمرداً منذ طفولته فاضطر أهله إلى وضعه في مدرسة داخلية بمصر، ولكنه هرب منها وعاد إلى دمشق فوضعه أهله هذه المرة في " فيكتوريا كوليج " المدرسة الداخلية الإسكندرانية الشهيرة وهو في سن العاشرة، ثم درس الموسيقا في كونسرفاتوار الإسكندرية وتابع دراسته في الأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقا في لندن، وهناك تعرف على عازفة البيانو الإنكليزية "سنثيا الوادي" ومن يومها لم يفترقا،
وعادا معاً إلى دمشق، وفي عام 1960التقى به عميد كونسرفاتوار القاهرة "أبو بكر خيرت" ووقع اختياره عليه ليكون مديراً للمعهد العربي للموسيقا المعروف حالياً بـ" معهد صلحي الوادي "، كان المعهد بسيطاً جداً، وكانت إمكانياته بدائية ولكن هاجس "صلحي الوادي" بإدخال الموسيقا الغربية إلى بلادنا وتشكيل الفرقة السيمفونية الوطنية جعل المعهد العربي يستقبل الأطفال الموهوبين ويخرجهم جيلاً بعد جيل حتى افتتاح المعهد العالي للموسيقا بداية التسعينات وبداية أول بروفة للأوركسترا السورية الوطنية بخليط عازفين من الطلاب والأساتذة، وما هي إلا سنوات حتى أصبحت الأوركسترا الوطنية السورية مصدر فخر لكل سوري مهتم بالموسيقا ، فقد بدأت العروض تأتيها من كافة أنحاء العالم، فقدمت الفرقة عروضها في لوس أنجلوس ومدن كاليفورنيا الأخرى، وفي بيروت وتركيا وبلدان أخرى، وأصبح المعهد العالي للموسيقا في بعض فتراته أفضل معهد موسيقي في الشرق الأوسط، وبدأ الطلبة العرب بالقدوم بكثافة إليه إلى ما بعد الألفية الثالثة بقليل. من حسن حظي شخصياً أنني كنت من طلاب الأستاذ "صلحي"، فقد كان يدرسنا مادة التذوق الموسيقي نحن طلاب التمثيل، وكان يشعرنا برهبة الجمال الموسيقي عندما كان يسمعنا عبر أجهزة الصوت التي كان يحضرها معه إلى كل درس من دروسنا، في البداية كنا نتظاهر بسماع الموسيقا مغمضي الأعين على أساس أننا منسجمين، ولكن شخيراً من هنا وشهقة يقظة مفاجئة من هناك كانت تفضحنا، ولكن الأستاذ "صلحي" لم يكن ييئس وكان يرمقنا بابتسامات ساخرة عارفاً ما يدور في كواليسنا ، ورويداً رويداً بدأنا نحب الموسيقا الكلاسيكية، وبدأنا بالتسابق إلى حصته لسماع ما سيختاره لنا لهذا الدرس من موسيقا، ولم يكن مولعاً بالموسيقا فقط، بل كان له ولع خاص بالشعر، فكان يقرأ لنا قصائد " ت س إليوت " بالإنكليزية وبصوته العذب، ومن الطبيعي أن يكون هناك بعض الطلاب المتحذلقين الذين يقاطعون انسجامنا بتعليقات متثاقفة بين الحين والآخر، فعلق أحد الطلاب ببعض المعلومات عن "موزارت" فنظر إليه الأستاذ "صلحي" مبتسماً وقال له " صح .. برافو "، وبعد قليل عاد الطالب وقال بأنه يعرف "بيتهوفن" ورمى ببعض المعلومات عنه فهز الأستاذ صلحي رأسه موافقاً على مضض، وما إن ذكر الأستاذ "صلحي" اسم "شوبان" حتى انبرى الطالب إياه بمعلومات عنه، أخذ الأستاذ صلحي نفساً عميقاً وسأل الطالب بجدية بالغة " وشو رأيك بـ"جوني ووكر" ؟! " و"جوني ووكر" هو ماركة ويسكي شهيرة، نظر الطالب إلى الأستاذ "صلحي" قائلاً " سامع فيه بس مو سامع له شي " . واليوم ، وبعد غياب الأستاذ "صلحي الوادي" القسري عن المعهد العالي والأوركسترا أنظر إلى حال المسؤولين عن الموسيقا عندنا فأراهم لا يكادون يذكرون "صلحي الوادي" وإنجازاته الكبيرة، بل إن بعضهم لا يعرفه، ولكن ما يشفع لهم هو أنهم جميعاً يعرفون "جوني ووكر" شخصياً ويعجبون به .