كلنا يهود...
رآه من بعيد مقبلا عليه بهمة ونشاط, تذكره تماما إنه أبو ثائر..ببذته العسكرية الضخمة المليئة بالعتاد المرتبط بها وحولها...
مازال يراه في كل أمر هام وأمني... موجودا كقاسم مشترك بين كل الملمات,ويرى في عينيه أسئلة لاجواب لها...
كانت عينيه محمرة وكأنه لاينام جيدا...
-هل لي في كوب ماء؟ يأخذني العطش في هذا اليوم القائظ...كله على الله.
-أمرك يا عمو أبو ثائر..
-ولماذا لم تأتوا بثلاجة إلى الآن؟
-الله اعلم بحالنا يا عمو أبو ثائر فمنزلنا آيل للسقوط. ولم نجد بديلا عنه بعد إنذارنا بالإخلاء...
-الله كريم يا بني الله كريم... الأرزاق على الله,أعطني لفافة خبز فيها جبن ولبن مصفى لم أتناول فطوري هذا اليوم تركت عائلتي هناك في الريف تنتظرني حتى أنهي المهمة...علنا نعود سالمين.
-كان الله في العون...ولكن أية مهمة؟
-هناك سطور وهناك مابين السطور ونحن نبحث من هم مابين السطور..
-لم أفهم..و نحن من أي سطور؟ أخشى أن تمحون السطور كلها...
وضحك رغما عنه وكأنه لم يفهم ماقاله...
خرج أولاد الحي ينادون ويطالبون بإخراج أسراهم..باستلام جثث موتاهم...بحقوق غابت ولم تعد...بأصوات مبحوحة ملحة بالطلب ..تلوح عارية وبإصرار..
رأى أبو ثائر من بعيد..تهلل وجهه بابتسامة عريضة..رأى في عينيه جثة أخيه المرمية في قارعة الطريق... جاره قتيل البارحة...نفى الهاجس عن ذهنه فربما كان أسيرا لم يفرج عنه بعد...من يدري ربما كان لأبو ثائر دورا في إخراجه..
نادى مع المنادين..صاح مع الصائحين.. كان جرحه النازف هو الذي يصيح عله يجد من يسمعه...
كانت الجمهرة تزداد عددا كلما تقدموا...علا صوت الرصاص...وجد يديه مضمخة بالدماء...رأى أبو ثائر مقبلا عليه من بعيد ... يبعد الجمهرة بيديه القويتين...
نظر إليه ... فبادله نظرة فيها معان عميقة جدا...بادره أبو ثائر قائلا:
-أنا آسف يابني...
ريمه الخاني 20 -4-2012