ابتسامة مجهول....
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


مازلت أذكر تلك الابتسامة الدافئة التي أخفت وراءها رفدا لفقدٍ خفي...,حيث طلت علي من نافذة تلك السيارة المحاذية لنا, تلك الفتاة الرائعة ,وجه هادئ بريء,ثابت واثق,يحمل آفاقا ونظرات بعيدة المدى, جعلتني أبحر بعيدا عبرها بعيدا جدا..ما أكثر ما أبحر أنا....
من هنا كانت بدايتي مع تلك الابتسامة الغريبة التي لفتت نظري...أما م ذلك الوقور الوسيم كبير السن هذا في أمسيتي الأدبية تلك, وأنا أنتظر دوري قلقة لكنه نثر قلقي وأحل محله قلق لذيذ شهي,
في نفسي:
-من أنت؟
لم يكن المقام يدفعني لسبر الأغوار فدائما أقترب ببطء وأحاول بتردد وأفكر بحذر.
قاربت الأمسية على النهاية, ونظراته الواثقة تشيع في نفسي فضولا غريبا جدا ! وأنا التي لا آبه بكثير من تركيز لكل فضولي , وأترك الأمر يسير وحده...
كان يحمل من الصفات ما جعلني أذكر عنفوان أبي , شباب أبي وقاره وحضورك الطاغي, جاذبيته ومقدرته على لفت الأنظار بحديثه وحركته وسكينته بنفس الوقت!!حتى كنت أحرجه أحيانا وأقول له:
- يا أبتي لم تترك لنا مجالا للكلام..
فيحدجني بنظرة قوية تحرجني جدا حينها.

أعدت إليه نظراته بأشد من الدهشة...يا لوالدي المسكين الوحيد الذي ارتضى عشرة الكتب وقربها عن البشر...
قبضة ً من جمر كانت مسيرته الحياتية والثقافية,لاستقامة لم تعد توجد ولا تولد كما نهوى...
إنه من زمن لم يعد موجودا أصلا ..فحتى نحن شربنا أنخاب النجاح الملون والمموه....
من جديد...
-من هذا الرجل؟
سألت سيدة بقربي فأجابتني على الفور:
- إنه فلان الفلاني ,مثقف كبير كان في السلك العسكري..
لم ترو الإجابة كثير أسئلتي ..ولم تخلصني من فضولي ولا من تركيزه المبهم...
عندها قطعت الشك باليقين وأعطيته بطاقتي التي أوزعها عادة للتعريف بي
-!!!
-هل تزوج أخيرا؟؟
-من؟
-والدك؟
- هه أظن ذلك فمن أنا إذن؟
-قد تأخر كثيرا في هذا الأمر الحيوي وإذن:
قولي له أنني مازلت على العهد..
-أي عهد؟ وكيف سأوصل له معلومة في زمن متأخر كهذا؟فانا أرابط على ألا ينساني هو الآخر وقد تراجعت ذاكرته الآن جدا جدا ...
-حاولي بقدر الإمكان ...ولنا لقاء
اختفى....


أم فراس 1-6-2009