سيزيف
شعر : د. جمال مرسي
انثروا
في مدى مقلتيهِ وروداً
و زفُّوا لهُ أن سِيزيفَ بعدَ عناءِ الصعودِ/الهبوطِ
الهبوطِ / الصعودِ
استوى فوق قمتِهِ
يلمسُ الغيمَ
يقطفُ من أنجمِ الأفْقِ نوراً يضئ لَهُ
في فضاء القصيدةْ .
كان يعلمُ أن هناكَ سيوفاً
بحجمِ المعاناةِ
تنتظرُ البدرَ أن يتهاوى
إلى السفحِ
يلتحفُ القيظَ في مهمهِ العمرِ
سوف تُسَلُّ عليهِ
لتثخنهُ طعناتٍ
و ترهقَ كاهلَهُ بالجراحِ العتيدةْ .
يشربُ الرملُ من دمِهِ
قطرةً
قطرةً
تأكل الطيرُ من فمهِ
لقمةً
لقمةً
فيموتُ
من النزفِ و الجوعِ
موتاً بطيئاً
و تغدو دماهُ غَبوقَ السباعِ
و أغنيةَ النارِ
حين تؤججها
نسوةٌ
قد توشَّحنَ بالليلِ
ثم ترنَّمنَ بالأغنياتِ العتيقةْ .
و رجالُ القبيلةِ
ينتظرونَ النبيذَ المعتَّقَ
كي يشربوا نخبَ نصرٍ تحقَّقَ
في لحظةٍ
بسيوفٍ أتتهم من الهندِ
و الجندُ
من تلعةٍ خلف ليلِ البحارِ البعيدةْ .
و الخيولُ التي طالما صَهَلَت
بنشيدِ الحماسةِ
قد أبدلوها بخيلٍ تجيد الترنَّحَ
و الرقصَ
فامتنعت أن تثيرَ غبارَ الحروبِ المجيدةْ .
و على الأوجِ سيزيفُ يضحكُ
يضحكُ
ثم يدندنُ غيرَ مُبالٍ بهمْ .
***
انثروا
في مدى مقلتيهِ الورودَ
و لا تخنقوا صوتَهُ
إنهُ صوتُهُ
قد سقاهُ كؤوسَ العبيرِ
فميَّزَهُ
عن نشيجِ الكمنجةِ
ألبَسَهُ
حُلَّةَ الضوءِ في ظلمة الليلِ
كي ما يغرِّد مثلَ طيورِ الكنارِ الطليقةْ .
توِّجُوا رأسَهُ
بالقَرَنفُلِ و النرجسِ الجبليِّ
و لا تقربوا عَرشَهُ
إنهُ عرشُهُ
فدعوهُ و لا تحدثوا ضجَّةً
أنهُ نائمٌ
يستريحُ قليلاً
و من ثمَّ يرجعُ بالأغنياتِ الجديدةْ .
اصل الاسطورة
نعم قد يكون الجرم الذي اجتنيناه بحجم جرائم سيزيف
ولكن سيزيف كان غبياً
وربه كان مزعوماً
فلم ينر له طريقاً ولم يرس له أخلاقاً
لذلك انزلق
واحتوشته حماقة الآلهة الأسطورية فكانت تلك نهايته