حين يحكي المسجد جرحه دمعا ....
الكاتب علاء الريماوي
لمساجد فلسطين حكايات مع الاحتلال الإسرائيلي الذي مارس أبشع عمليات التدنيس والتهويد مع غياب للصور التي تشهد على الجريمة .
في الاسابيع القليلة الماضية كان عزم على إقامة حفل للخمور في وسط مسجد في مدينة بئر السبع يرجع للعهد العثماني ، وقبلها دنس مستعمرون حرمة المسجد الأقصى وما زالوا يفعلون من خلال اقتحامات متواترة ودائمة ، القرى المهجرة في الج
ليل والوسط تحولت مساجدها لمتاحف ومطاعم ، ومراقص ، وحركة الاعتداء لم تقف عند ذلك أذ سجلت مؤسسات حقوقية تعرض أكثر من 13 مسجدا للحرق أو التدنيس المباشر في الضفة الغربية خلال العام الماضي .
هذا الحديث ألفته وسائل الإعلام فغدى الجمهور المتابع يمر على الأنباء وكأن الحديث يدور عن هامش ليس من المهم الوقوف عليه .
في زيارة لمدينة الخليل في الأمس كان لنا شوق الدخول إلى المسجد الإبراهيمي ، سلكنا طريقا فرعيا واقتربنا من شارع الشلالة المطل على البلدة القديمة في وسط الخليل ، ما أن ينكشف لك المكان حتى يصدمك مشهد الأعلام الإسرائيلية التي تعربد في ساحات ومداخل البلدة القديمة ، تيمم وجهك يمنة ويسرى في جنبات المكان فترى أبنية قديمة عربية إحتلها صنف اصفر من البشر تعلوا رؤوسهم غرابيب سوداء تتدلى منها اقنية قاتمة تحكي وحشيتهم وظلمهم للمكان .
اقتربنا من بوابات المسجد وإذا بثكنة عسكرية يفصلها عن الناس بوابات وأشياك الكترونية تعبر خلالها وكأنك مسافر إلى دولة في أقاصي الأرض ، ما أن عبرنا ماكنة الفحص حتى علا صراخها فطلب منا الجندي نزع كل ما هو معدن ، ثم صودرت أدوات التصوير التي بحوزتنا وبعد نقاش طويل سمح لنا بالدخول .
وصلنا إلى الباب الرئيسي للمسجد وإذا بنقطة تفتيش ثانية مع أبواب الكترونية أخرى ، ضيق الإجراءات كان مقصودا في مسارب ضيقة لا تتسع لكثير من الزوار ، دخلنا المسجد فوجدناه حزينا تدنس حرمته أفواج السائحين الذين لا يراعون حرمة المكان ، وقفت أشاهد حالة الفوضى إذا برجل يقول لي شاهد من هذه الطاقة الصغيرة ، نظرت وإذا بجموع من المستوطنين ينقرون في شق الحرم الآخر نكر الديكة في شكل صلاة غريبة ، مرشد وحيد وأوحد في المكان تطوع صحبتنا ، طاف بنا غرف المسجد وأروقته ، تحدث لنا عن مرور سيدنا ابراهيم عليه السلام وزوجه في المكان ،وكذلك أنبياء الله يوسف و إسحاق مع تأكيد على أن من الأنبياء من دفن في مكان ما في زوايا المكان ، برغم أن الرواية التاريخية لم تجزم بذلك لكننا وقفنا على منبر الذي شيده العرب في عصر نور الدين زنكي .
في نقاشي مع طلاب في المكان ، كان واضحا حجم الجهل الذي يسيطر على عقلية الفلسطيني خاصة في ما يتعرض له المسجد من سياسة ممنهجة للسيطرة الكاملة عليه ، ما زاد الطين بلة ما قاله حاج من أهل المكان عن القيام المتكرر لعصابات المستعمرين بدخول المسجد بأحذيتهم وتدنيس المكان .
خرجنا من المكان وقد سجلت عدسة هواتفنا النقالة حكاية حزينة عن المكان ، ما أن وصلنا الى مخرج المسجد وإذا بشاب ينذر الناس بأن مجموعات كبرى من المستعمرين تتجمهر للصلاة في شق المسجد الإبراهيمي الذي حول إلى كنيس يستقبل آلاف الزوار اليهود يوميا .
انهينا الزيارة وعدنا ادراجنا الى مدينة رام الله ، في الطريق تجمع العشرات على ابواب القرى والمدن التي مررنا بها ، وقد علت رايات ملونة دالة على على انتماءات حزبية ، يهتف البعض منهم للزعيم ، وآخر لراية حمراء ، صفراء ،و برتقالية ، وقسم يصفق على خط الحياد مدعيا القرب للأطراف جميعها في عملية الانتخابات المحلية التي غابت فيها المنافسة .
صديق في الرحلة لم يترك المشهد محايدا طبيعيا حتى ( نكشه ) قائلا ويح دولة يعربد الاحتلال على مقدساتها ثم حين الجد تستبدل حكاية الوطن (بكراس) يحكمها منطق التبعية للمخططات الدولية التي ساندت إسرائيل السيطرة على التاريخ العربي في فلسطين .
اليوم في حكاية المقال وجع يسكن منابر المساجد ، ودمع يعتلي مآذنها الشامخة ، وفي مسار الفعل عجز بلغ موت الرضيعة في صحراء قاحلة ، وعلى مسافة غير بعيدة يكثر الاستئساد ، والتلويح ، والتهديد كلغة بين الفلسطينيين في البيت الواحد ، حتى إذا كان الختام كانت الأمنية ، بأن يجمع الله الصف من لمواجهة الاحتلال ومخططاته .