المسؤولية الأخلاقية عن الأخطاء الطبية.. مصطفى إبراهيم

نقلها لكم ناجي أبو عيسى
الأخطاء الطبية أصبحت ظاهرة في العالم وليس في مستشفياتنا في الأراضي الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة، وهناك عدد من الضحايا الذين فقدوا حياتهم أو أصيبوا بإعاقات دائمة، بسبب الأخطاء الطبية الكثيرة والخطيرة التي وقعت، وهناك الكثير من الأمثلة الحية عن الضحايا الذين سقطوا بسبب ذلك، وتسبب فيها أطباء، جراء الإهمال وسوء التقدير أو ضعف الكفاءة، فضاعت حقوقهم في ظل صعوبة إخضاع الطبيب للمساءلة الجنائية والمدنية وعدم القدرة على إثبات ارتكابه للخطأ الطبي، ولم تعترف وزارتي الصحة في الضفة والقطاع بمسؤولياتهما، وعلى من يقع عليه عبء الإثبات، وتكتفيا بأنهما أجريتا تحقيق في ذلك.
مهنة الطب مهنة لها قدسية خاصة لما لها من علاقة شديدة الحساسية بحياة الإنسان خاصة الحق في الحياة، وتأثير العوامل الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية على هذه المهنة، فالمسؤولية القانونية تحددها التشريعات والقوانين، لذا تختلف عن المسؤولية الأخلاقية التي تكون ثابتة ولا تتغير وهي اشمل من دائرة القانون لخصوصية علاقتها بالإنسان نفسه وبغيره وهي علاقة ذاتية أمام ضميره وهي سلطته الأولى.
وفي ظل التطور التكنولوجي العلمي الكبير وما له من أوجه متعددة تصل إلى حد سلب المريض إنسانيته، وفي ظل التركيز على حقوق المريض والاهتمام المتزايد بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وتطور مفاهيم قانونية منها الخطأ المزعوم والخطأ الافتراضي وأخطار العلاج ومسؤولية الطبيب والمريض والعائلة والمجتمع والمؤسسات الصحية التي تعمل على التملص من المسؤولية، كل ذلك يحصل في وقت تحسنت فيه الثقافة الطبية والعلمية للمريض على مستوى العالم من خلال إطلاعه وحصوله على المعلومات عبر شبكة الانترنيت على آخر الأخبار التي تهم صحته والأدوية والعمليات الدقيقة.
وفي ظل ازدياد الأخطاء الطبية زادت خشية كثير من الناس خاصة بوجود اعتقاد سائد لديهم أن لجان التحقيق الطبية تكون محدودة التأثير بسبب ان المحققين غالبا أطباء ويكون من الصعب عليهم إدانة زميلهم الذي ارتكب الخطأ، وفي حال كان ضحية الخطأ الطبي فقد حياته أو أصيب بإعاقة خطيرة ودائمة ويصعب علاجها معنوياً ومادياً.
ومع غياب البعد القانوني وعدم وجود ثقافة التقاضي بين الناس والأطباء، وصعوبة الإثبات بوقوع خطأ طبي، يجب التفكير في المسؤولية الأخلاقية للسلطة في تعويض الضحايا الذين فقدوا حياتهم أو أصيبوا بإعاقات دائمة، وكذلك التفكير في الأهداف الطبية السائدة وعدم قيام السلطة بإشراك القانونيين والمجتمع المدني خاصة مؤسسات حقوق الإنسان، من اجل تحسين الخدمة الطبية والبحث في إيجاد الإمكانات الجديدة في خدمة الطب ومصلحة المريض.
ملف الأخطاء الطبية هو مسؤولية السلطة والقطاع الصحي والمجتمع المدني و لتقليص نسبة الأخطاء الطبية يجب تحسين صيغ التعامل لبناء جسر تعاون وتكامل بين السلطة والأطباء والقانون والمجتمع، وبين المرجعيات الثقافية والأخلاقية من جهة، والقانون ومواثيق الشرف من جهة ثانية، وهو مسؤولية السلطة في الوقاية للحد من فرص وقوع ضحايا وحدوث إعاقات وتعقيدات صحية للمرضى.
المطلوب التنسيق بين السلطة والقطاع الصحي من جهة والمجتمع المدني من جهة أخرى لتحقيق التكامل وضمان حقوق المريض وتعويضه عن الضرر في حال وقوعه، ومساعدته على الانطلاق مجددا في حياة طبيعية، كما ينبغي حماية الأطباء وتقدير عملهم ومكانتهم العلمية والاجتماعية، مع حث الأطراف المسؤولة عن القطاع الصحي على تحمل مسؤوليتهم الأخلاقية وتطوير المؤسسات التي تؤدي إلى ضمان النجاعة الطبية في أراضي السلطة الوطنية وتقليص هدر الاعتمادات المالية في قطاع الصحة، وضرورة وضع النظم والتشريعات الكفيلة للمحافظة على سلامة الإنسان وحمايته من تجاوزات الأطباء ومسائلتهم عن الأخطاء التي ترتكب بحق المريض.
mustafamm2001@yahoo.com
mustaf2.wordpress.com
http://mustaf2.wordpress.com/2011/11/17/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%8A%D 8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%8A%D 8%A9-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%8A/