لو طُلِب مني أن أحدد رمزا واحدا لسمة الثبات في العروض العربي لما ترددت في اختيار الوتد. ولم أقرأ في الماضي عن أي خلاف حول ثبات الوتد في حشو بحور الخليل.
المتدارك بالنسبة للخليل بحر مهمل كسائر البحور المهملة فهو ليس من بحور الخليل. وعندما أدخل في بحور الخليل واعتبر الخبب صورة منه حصل خلط كبير وبدعوى احترام عروض الخليل افترضوا حدوث القطع في حشو المتدارك ليبرروا ما حسبوه تسلسل فعْلن 2 2 من فاعلن.2 3 في الحشو، فحطموا عظام الخليل بإجازة القطع في الحشو احتراما للخليل الذي لم يدخل المتدارك ولا الخبب في بحوره.
إضافة إلى هذا ومن جنسه من حيث انتهاك حرمة الوتد في الحشو تمت على يدي عروضيين كريمين غارتان على ساكني الوتدين المجموع والمفروق في الحشو
1- أخي وأستاذي محمود مرعي في غارة على ساكن الوتد المجموع حيث يقول :
http://arood.com/vb/showthread.php?p=31311#post31311
" كنا استحدثنا في كتابنا ( العَروض .. ) علة نقص تتعلق بالأوتاد ، وهي علة الجب ، والجب حذف ساكن الوتد المجموع من اخر التفعيلة في الحشو ، ويدخل على{ مستفعلن / فاعلن = مستفعلُ / فاعِلُ، كذلك متفاعلن المضمرة ، كونها تقرأ مستفعلن"
وذلك تنظيرا لاستحداث بحر جديد.
2- أخي وأستاذي غالب الغول أغار على الوتد الممفروق فحذف ساكنه في مفعولــــاتُ = 2 2 1ه 1 من أجل إدخال الدوبيت في العروض العربي معتبرا أن ذلك يأتي منسجما مع عروض الخليل قائلا
http://arood.com/vb/showthread.php?p=35122#post35122
" والرأي الذي يمكن أن نرجحه هو . ما وافق الوزن العربي فهو للعرب , سواء حسنوه أو أضافوا إليه , وما خالف الوزن العربي ونظام العروض فهو للفرس .
ولكن لاحظنا أن جميع الأمثلة الشعرية التي وصلتنا , القديمة جداً والحديثة , قد اختلفت أجزاء تفاعيلها وتعددت أسماءها , فهل يعني هذا أن كل بيت منها يختلف عن البيت الآخر باختلاف الأجزاء ؟
أم أنها كلها تشترك في تركيبة واحدة وإيقاع واحد وتفاعيل لا تحيد عن ( (فاعيلن مفاعيلن مفاعيلن) أو (مفعولتُ مفعلاتُ مفعولتُ) وهما ماتفقان في الإيقاع والمقاطع وعدد الأسباب والأوتاد لا يخالفان عروض الخليل لا بالزحاف ولا بالعلل ؟ , ثم أليس من حقنا أن نقول بأن هذا الوزن وهذا الإيقاع وهذا الشعر هو من إنتاج عربي ومن أوزان عربية ؟؟؟ "
****************
3- ثم رأيت أستاذي وأخي سليمان أبو ستة يمهد لـ ( كوْدَكَةِ ) ساكن الوتد . بتعبير أسماه تفتيت الوتد أراه صار مسكونا به. أقول كودكة لأنه كان يتكلم بشكل لا بأس به حاصرا الأمر في العامي من أغاني فيروز وبيرم التونسي.
ثم بدأت لام الـ ( لعم ) تميل إلى نون الـ(نعم) حينما صححت الأستاذة ثناء صالح بيتها :
وحين الموج بعثرهم ظماء . . . وتحت الشمس سلقتهم رمال
3 2 2 3 1 3 3 2 .............3 2 2 ( 1 1 1 ) 2 2 3 2
فجعلته
وحين الموج بعثرهم ظماء . . . وتحت الشمس ساطتهم رمال
3 2 2 3 1 3 3 2 .............3 2 2 ( 1 1 ه ) 2 2 3 2
فعلّق قائلا :
http://arood.com/vb/showpost.php?p=60459&postcount=8
تمنيت لو أن الشاعرة أبقت بيتها على حالته الفطرية الأولى :
وتحت الشمس سلقتهم رمال
كنا إذن كسبنا شاهدا آخر على تثقيل الوتد في بحر الوافر، يضاف إلى شاهدي بيرم التونسي في بحر البسيط:
الاوله في الغرام والحبّ شبكوني
والثانيه بالإمتثالْ والصبرِ أمروني
والجمتني المفاجأة لغير سبب ، فهذا كلام في الفصيح، ثم التلهف لشاهد من أي جهة كانت . ورحت ألتمس تأويلا لكلامه ، ثم ... راح في الرابط :
http://www.alfaseeh.com/vb/showthrea...t=#post587275
يقول كلاما حول الموضوع حمال أوجه بين الفصيح والعامي حول تحريك ساكن الوتد ومقارنته بالتكافؤ الخببي في العلاقة بين فعلن 22 وفاعلُ 2 (2).
إلى أن جرى هذا الحوار بينه وبين الأستاذة سحر نعمة الله :
المشاركة الأصلية كتبها سليمان أبو ستة
هذا الشاعر قد استمرأ لعبة تفتيت الوتد .. وسيقول لي أيضا : "عذراً أخي الشعر عندي مجرد تذوق ولا أعرف ماذا تقصد بالوتد " . ما أقصدة بالوتد المفتت هو ما صنعته بهذين البيتين:
متى سنعيـ(ـشُ كأ)حبّهْ ** ونعلي قيمة الصحبهْ
....
ونبدل شرّنا خيرا ** وكره النا(سِ بِمَـ)ــحبّهْ
سوف أشير إلى شواهدك النادرة هذي في كل حديث لي عن الوتد في العروض، وسأستند في دعواي على أن صاحب هذه الشواهد لا يعرف العروض وإنما ينظم على السليقة كما كان العرب قبل الخليل.
بارك الله فيك أستاذي الفاضل سليمان
هل السليقة في عصرنا هذا هي نفسها السليقة التي كان عليها العرب قبل الخليل ؟
نعم ، يا أم يقين. زادك الله يقينا على يقين. فالسليقة هي كالنفس لا تتغير إلا أن سلائق الأقدمين كانت إلى الفطرة البسيطة أقرب وسلائقنا اليوم أعمق لتطور معارفنا التراكمي على مر القرون.
وهنا رأيت أن الأمر تجاوز حتى درك أوسلو
وما كنت لاستطيع السكوت ولا الرد بدون إذن منه فهو أستاذي الذي طالما أخذت عنه والذي أرجع له في معضلات العروض. وقد أذن حفظه الله مشكورا وأعطاني الأمان.
إنه هنا يصدر فتوى عروضية في أمر هو أعرف مني به. ولا أظنه إلا يتجاهل سابق معرفته اليقينية به. لم يكن الدافع لتأسيس النحو والعروض إلا الحفاظ على خصائص السليقة بعد أن تغيرت نتيجة لاختلاط العرب مع غيرهم في العصر الأموي خاصة.
إن أخذنا بصح أن التغير الحاصل على السليقة في اللغة ووزن الشعر نتيجة اختلاط العرب بغيرهم تعميقا وارتقاء فأي رجعية كان عليها الخليل؟ وأية رجعية أدبية ثقافية كان يرتكبها خلفاء بني أمية في إرسال أبنائهم للبادية لتحريرهم من أثر الاختلاط بغير العرب في الحواضر؟
سبحان الله
سليقتنا الشعرية واللغوية اليوم أرقى وأعمق من سليقة العرب في العصور الجاهلية والإسلامية والأموية!! والذي لا يصدق يسمع الفضائيات ليزداد ارتقاء.
****
رغم عدم رغبتي في الخوض في الأمور السياسية إلا أن ما لفت انتباهي أن العروضيين الثلاثة الكبار من أهل المحتل من أرض فلسطين عام 1948
وهنا ألحت على ذهني حكاية الثوابت التي لم يهز جبلها ريح وهي بالف خير والذي لا يصدق يشرب من بحر الوافر.
ثم تأملت الاسمين الذين أطلقهما العروضيان الكبيران محمود مرعي وسليمان أو ستة.
جب الوتد وتفتيته مع الحفاظ على الثوابت تماما كالحفاظ على ثوابت دولة تسمانيا العظمى بجبها وتفتيتها.
هل لهذا علاقة بنجاح تكييف عقول أهل فلسطين لتستوعب الجمع بين متناقضات ( التصفية والثوابت) و ( التحرير والتنسيق الأمني ) و ( VIP والسيادة الوطنية )
قالوا الثوابت لا تزال جدارا ..... من نال منها نقتنصْه جهارا
أين الثوابت حيفا لم تعد وطنا ..... والسّبع ليست لنا يا قومنا دارا
لا غرو أن تُسْلبَ الأوتادُ ساكنها ..... كُرمى الخليل، وتتبع الأمصارا
لاحول ولا قوة إلا بالله.
ولكني أستعين على ما ينتابني بأن ابن عم أستاذي أبي إيهاب واسمه قريب من اسمه ( سلمان أبو ستة ) لم يجرفه تيار الثوابت المتدحرجة، فأقول لعل وعسى.
وأدعوا الله أن يثبت بقية العرب على الثوابت في العروض وسواه.