قد جفَ الماء يا "ابنَ النواب"، تعازينا..

شقَقْتُ صدري بعد أن عزَّ في الأرض المَطَر،

أبحثُ عن ماءٍ تولَّى اليومَ وكان بالأمسِ كَفَر،
...

جُبْتُ فِيَّ سهولي والقِفارَ ونقَّبْتُ كلَّ الحُفَر،

ما رأيت قَطْرا وما أبصرتُ غيرَ رملٍ وحَجَر،

أتُرى الماءَ في الجوفِ غاضَ أم هو على سَفَر؟!

سألتُ بقايا دمي وحِبْرَ عقلي والفِكَر،

والهواءَ سألتُ وعِطْرَ قلبي والشَّجَر،

أين الماءُ، أين دمعُ السماءِ، وأين نزفُ القَمَر؟!

أين تِبْرُ التراب في موطني، أين دفءُ الوَبَر؟!

أين طُهْرُ الحبِّ، شَقْوُ العشقِ، أين حلوُ الثَّمَر؟!

أين ضوءُ الشَّمسِ وقوتِي، أين دوائي يا أبناءَ سَقَر؟!
أ
أين رحيقُ الورد وغَنْوُ الطير، إذا القلب انفطر؟!

أين شدوُ الناي وعزف "الرَّبا" إذا الخيرُ انهمر؟!

كلُّ حُسنٍ بشاهدِ جرمِكم مات واندثر،

كلُّ قائمٍ بحاقدِ سيفِكم هوى وانشطر،

كلُّ آمن بوابل غدرِكم أرهبَه الخطَر،

العدلُ غدا بعهرِكم مضغةَ كلِّ من فَجَر،

والحقُ جعلتموه ضجيعةَ ذُلٍ لكلِّ من عبَر،

أيا قرادَ خيلِ "ابنِ النَّوابِ"، في "دارعةِ" من باعوا،
بدنانِ الخمر، حُرُماً من "شوالَ" إلى "صفر"،

أيا زناةَ ليلِ "ابنِ النَّوابِ"، في "جامعةِ" من استلوا
لنحرِ العفَّة، حميَّة جهلٍ كانوا لها نِعْمَ "الخفَر".

ماذا تركتم لقاموس الشتم من حروفِ الرِّدَّة يا أشباه البشر؟!

يا "ابن النَّواب" تعازينا،
فما تركوا ثورتَنا إناءً لحليب اللوز ينادينا،
يقطر به ثديُ مراهقةٍ من بوادينا،

مِن هنا لهناك، بدمع القلب نحشره في مآقينا،

إن عطشنا باقون، نعيد حفر سواقينا،

إن جعنا باقون، نعيد زرع أراضينا،

إن مرضنا باقون، نعيد صيد أعادينا،

إن هرمنا باقون، نعيد شدَّ أيادينا،

إن متنا باقون، فالموت في وجوهكم هو الذي يحيينا،