قلة قليلة في كل المجتمعات التي تقول فتفعل, فيكون قولها فعلها, وهم الفئة الفاعلة بقوة تأثيرهم على الآخرين, والذين غالباً ما يستجيبون لدواعي أفكارهم وتميزهم.
والتأثيرات بالطبع حسب كل شخص في موقعه السياسي أو الديني أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الفكري.
والفكر يعتبر صبغة لكل التأثيرات المصطبغة بتوجهات صاحبها, ولذلك فإذا كانت موجهة فتكون حياتها وبقاءها ببقاء الموجّه الذي يقف خلفها, مصيرها مرتبط ببقائه ...مهيمناً على الساحة, ومفاتيح اللعبة بيده.
فالقلة القليلة هي حسب قانون نابليون, فهي لا تساوي أكثر من 7% في المجتمع وهي الفئة الواعية, ولذلك قام نابليون بتوجيه جهوده لكسب الأغلبية 93% و التي ستكون الكومة الكبيرة التي تبتلع الأقلية الواعية, وكما قيل: ( الكثرة غلبت الشجاعة),ويقل تأثير هذه الفئة على مجريات الحياة لصالح تأثيرات القائد الموجّه, و الذي يطمح لصناعة الأمجاد, ولكن في ظل الفئة فهو لا يستطيع مجاراتها لمحدودية سقفه, تحت مظلّة الفئة تلك.
لذلك كان من الواجب تشتيت وتبديد جهود هذه الفئة, والعمل على تقزيمها, ووضع العراقيل في طريقها, وتشويهها في عيون الأكثرية لتنفضّ عنها, وحتى يكون الطريق الآخر هو الأسهل والسالك, وفيه تبدو جليّة منجزات القائد واضحة, و بالتالي ستتحول هذه المنجزات إلى حزام يطوّق أعناق الكثرة التي غشيتها الدعاية الباهرة, فغسلت أدمغتهم, وأصبحوا مضللين وقد بهرهم اللمعان الزائف.
ثم تطوّرت حالتهم ليكونوا لسان حال اللمعان يمجدّون ويسبحون بحمده.. بعد أن سلّموا أنفسهم وقلوبهم وعقولهم بلا مقابل.. سوى, قال.. وكان..
هنا وقفت الفئة القليلة الواعية عاجزة عن إيصال فكرتها, لتخترق حاجز الغشاوة التي ضللت الفئة المقابلة, واصطدمت بآذان صمّاء, وقلوب قد ران عليها, وعقول مقفلة.
إن تقابل المشروع الواعي.. والمشروع المسيطر , وقد وقفا في صفين متناقضين, كل يحاول الإنقضاض على الآخر المخالف له, لإزاحته من الطريق.. وتمهيده لتجنيد الأنصار.. وتكثيرهم بكل السبل.. وتكثير الأيدي المصفقة, والأفواه الهاتفة.. حتى وإن كانت على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة.. فلا مانع لديهم.
الفعل مرتبط بفاعل..
والفعل بكل تأكيد.. سيقع على مفعول به..
الفاعل شامخ منتشي ..
والمفعول به مخذول منكسر..
الفاعل صاحب قبضة تملك عصا..
المفعول به منفعل بحركة العصا.. والخوف نصب عليه..
الفاعل كان سيفقد مشروعه.. لولا وجود المفعول به..
لولا المفعول به.. لن يكون هناك فاعل بكل تأكيد..
بقلمي ( محمد فتحي المقداد)*
بصرى الشام