الـقـدس رافـعـة خافـضة !
الأرض المباركة فلسطين أرض الإسراء والمعراج ، بقدسـها ومـقـدساتـهـا كانت وما زالت على مرّ العصور وكرّ الدهور رافعة خافضة : ترفع أقواماً وتضع آخرين ، وعلى إثر ذلك تـبيَـضّ وجوه وتسودّ وجوه ، وما ذاك إلا لأنها تكشف عن معادن النفوس ، وعن الخفايا التي في حنايا من يعيشون في أكنافها ، ومَـن يـدّعون وصـلا بها .
وإن ساكني الأرض المباركة هم دائماً على محكّ الاختبار ، تـتوالى عليهم الأحداث الجسام مصداقاً لقوله عليه الصلاة والسلام : ( من اختار ساحلاً من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو في جهاد إلى يوم القيامة ) و تنتهي هذه الأحداث دوماً بحسن مآل للمؤمنين المرابطين ، المخـلِصين المُـخـلَصين ، وعاقبة شـؤم ومـنقـلـب سـَـوْء على الغـزاة الغاصبين ، وأشاعهم المؤازرين لهـم والـداعـمين .
وغدت تلك سـنـةً تاريخـيّةً مرصودة مشهودة ، وما على أهل هذه الأرض المباركة إلا أن يستحضروا هذه السّـنة الربانيّة في خضمّ مقارعـتهم لعدوهم ، ورباطهم فوق ثرى أرضهم ، فيلبسوا لكلّ حالة لُبوسَها إما نعيمها وإما بؤسها ! واللُّبوس الذي يتوجب على أهل فلسطين أن يتسربلوه جميعاً هو لُبوس التقوى والإيمان ، والصبر والمصابرة ، والرّباط والمرابطة ، ولبوس الوفاق والاتفاق ، ولمّ الشمل ، ووحدة الصف والموقـف ، وجمع الكلمة .
أمّا قدس الإسلام والمسلمين فستظلّ كديدنها دوماً : قبلة فكرية عاصمة من هيمـنة الفكر الغـشوم ، قبـلة النماذج الإيمانية عند تـكـدّر الفـهـوم ، قبلة الصدق والمصداقية ، قبلة الصبر والمصابرة ، قبلة الـرّباط والمـرابطة ، قبلة الإباء والممانعة ، قبلة الجهاد والمجاهدة ، وقبلة المـَحشر والمَـنشر .... حتى يقـضي الله أمراً كان مفعولا !
" الـحـق في الـقـدس محـفـوظـ وإن كـذبوا .. وأطلـقـوا لاخـتـلاس الـوعي أبـواقـا
الـحـق في الـقـدس محـفـوظـ لأمـتـنا .. ديـنـا وعـقـلا وتـاريـخـا وأعـراقـا "