حينما نتفقد منابر أدبية أو فكرية ورقية أو الكترونية أو غير ذلك ، نجد الأعمال موزعة ما بين الجيد و الضعيف والآخذ من هذا وذاك ، و لا عجب ، فهي الثلاثية الطبيعية و لا مفر . ان المدهش في كل هذا هو أن نجد الاشادة بالضعيف ، و الانتقاد للأجود ، أو اهماله وكأنه لا شيء ، و هي والله جريمة في حق الابداع و الفكر .
مبعث هذه الخطوات لا براءة فيه ، فهو اما محاولة وصول الى أهداف و حاجات ، أو القضاء على بعض العناصر المبدعة ، و تهميشها و تكسير طموحها ، و بالتالي خيانة الكلمة ، و الاساءة الى أنفسهم .
أيعقل تحميل نص ضعيف ما لاطاقة له ، وخلق من لا شيء هالة من التمويه ، والادعاء بأنه كذا و كذا ، وخلق له فضاءات مالها في نصه من صورة ، و الغريب أن التواطؤ يكون من أكثر من قلم ، فيخيل لمن لا يعرف دهاليز ما يسمى بالأدب المظلمة أنها فعلا أعمال ستخلد . و يصنعون من العصف المأكول ناطحات سحاب .
وفي المقابل تتكالب الأقلام الخسيسة ، ومن أدباء لهم باع و صيت ، وطبعا لا أخلاق لهم ضد طاقات خلاقة ، فترمى بنعوت تسودها أمام الرأي العام المثقف ، و تشوه أعمالها بأمور واهية ، و يحصر أصحابها في زوايا مغلقة ، و تصاب تلك الأقلام بالخيبة و الانكسار . و هكذا تضيع أبرز الأقلام التي لو تركت لعصفت بالرداءة .
ان رسالتنا هي أن ننظر الى النص ، لا الى من كتب النص ، وغايتنا السمو بالجميل ، و مساعدة الضعيف حتى يتحسن . و لا يهمنا الكاتب عدوا كان أو صديقا ، فالعمل الأهم من كل شيء .
وفي تتبعنا لما ينشر ويذاع ، وتناولنا مواضيع شتى ، قد يكون النص و جمالياته هو الذي يفتننا ، ويعجبنا ، فنبرمجه للدراسة أو التناول أو التعليق ، و لا دخل لصاحبه في اختيارنا . وكم جميل هذا ، وكم يحررنا من قيود أكيد أنها في غير صالح الكلمة .
ولا مانع أن يجذبنا اسم الكاتب الى نصه ، فقد نعتاد كتابا وأقلاما تقدم الأفضل ، فتكبر ثقتنا بهم ، ونصبح متيقنين أنهم يقدمون الأجود ، و هؤلاء نسارع الى الاطلاع على ما كتبوا ، ولا يخيب ظننا ، و تهزنا أعمالهم وابداعاتهم . وليس لنا الا هدف القول لمن أحسن أحسنت ، و لمن أخفق حاول ولا تفشل ، و بطرق تدفعه الى الأمام ، ولا تصدمه .