1. في رحاب أسرة شريفة عريقة:
هو الإمام عبد السلام بن محمد بن سلام بن عبد الله بن ابراهيم، كان مولده صباح يوم الإثنين الرابع من ربيع الثاني سنة 1347 هجرية الموافق للسابع عشر من شتنبر/أيلول 1928 ميلادية. كان أبوه رحمه الله فارساً من فرسان قبيلة "أيت زلطن"، ينتمي إلى أسرة شهيرة في الجنوب تدعى آيت بهي، وهي التي كان لها صيت وذكر في تاريخ المغرب. كان من رجال هذه الأسرة - وهم أشراف أدارسة أصلهم من ناحية بلدة تسمى "أولوز"[1]– بل من أشهرهم "القائد عبد الله ولد بهي" الذي- يلتقي به نسبه في الجد الرابع - كانت له الرئاسة على اثنتي عشْرة قبيلة وكان له أعمام وأقرباء رؤساء. فلما قتله السلطان محمد بن عبد الرحمن، ظلت الأسرة تحت وطأة الملاحقات.
كان والد الإمام يعمل فلاحاً، ثم خرج من بلده "حاحا" مضطرّاً لِما كان يحيط به وبأسرته عامة من مؤامرات مخزنية؛[2].فقد أُخبر بأن "القائد"[3]عزم على اغتياله رغبة في طي صفحة من صفحات أسرة مجاهدة. فكان من أمره رحمه الله أن خرج اتقاءَ المكيدة، واستقر آخر الأمر في مراكش، وتزوج على كِبَر، وقد تجاوز الخمسين، من ابنة عمومته الحاجة رقية بنت أحمد رحمها الله.[4]
نشأ الإمام في بيئة بدوية وحضرية في آن واحد؛ فعلى الرغم من إقامة الأسرة الصغيرة بمدينة مراكش،[5]فقد كان اتصالها بالبادية مستمراً، وكان الطفل يتردد على البادية ويرى كيف يعيش الناس فيها قريبين إلى الفطرة، مندمجين في حياة منسابة انسياب الماء العذب في ساقية ممتدة، لا تعوقها حواجز المدينة ومنغصاتها الاجتماعية. وكان لاتصال الطفل بالبادية وأجوائها البيئية والاجتماعية، أبلغ التأثير في حياته.
ومع هذا وذاك، كان الإمام يكابد في طفولته أمراضاً كثيرة تركت جروحاً غائرة في أعطاف ذاته الكريمة؛ قال موضحاً: "نشأت في أمراض متعددة كثيرة في حضن أسرة بدوية التكوين على كل حال، قليلة الوسائل. كان التطبيب بالنسبة إليها أعشاباً من هنا وهناك، فمررت في طفولتي بأمراض شديدة". [6]
2. في المدرسة القرآنية:
ثم قيض الله تعالى له رجلاً عالماً مجاهداً أشرق معه نور الهداية الأولى في حياته. وكان الرجل هو العلامة محمد المختار السوسي المشهور بالتآليف الكثيرة في الأدب واللغة والتاريخ وغيرها. ذلك أنه أسس بعد رجوعه من فاس مدرسةً في الحي ذاته الذي كان به بيت الطفل عبد السلام. فكانت تلك المدرسة التي أسسها رحمه الله في مراكش محضنا لتربية الشباب الصالحين الذين كانوا ينادون بالاستقلال. لكنه كان يمتاز – زيادة على الفضل والعلم- بالتقوى والاستقامة والصلاح.
كان الطفل يدرج مع الصغار بين أيدي تلامذة العالم السوسي، يلقنونهم كُنه العلم ويعلمونهم القرآن الكريم ثم شيئا فشيئا ومنذ السنوات الأولى صاروا يلقنونهم أيضا مبادئ اللغة العربية. فكان ذلك التكوين المزدوج يومئذ جديداً على الناس إذ المعهود أن المدرسة القرآنية لم تكن تلقن إلا القرآن الكريم حتى يحفظه المتعلم.
3. إرادة قوية للتعلم:
كانت علامات النبوغ والتفوق على موعد مع الغلام الذي ملأ صدره بآيات وسور القرآن العظيم، وهذب لسانه بقواعد اللغة العربية، وصار يقرض الشعر وهو في سن الثانية عشرة. لقد بدأ يتطلع، بل يخطو خطوات حثيثة، إلى الاستزادة من العلم، مما دفع عمه سعيداً رحمه الله إلى تأييده وحثه على ولوج معهد ابن يوسف[7]الذي كان معهدا دينياً تابعاً لجامعة القرويين،[8]
وكان مديره العالم ابن عثمان رحمه الله، ومراقب الدروس فيه العلامة بورقبة رحمه الله الذي استشهد عند الاستقلال. كان على الغلام أن يَمثُل أمام لجنة امتحان لتحديد حصيلته من القرآن الكريم وحظه من اللغة العربية.
ذكر الإمام عبد السلام أن العالمين الجليلين امتحناه امتحاناً دقيقاً فتبين لهما أنه جدير بأن يطوي ثلاث سنوات من التعليم الابتدائي مرة واحدة، لينتقل إلى المرحلة الثانوية مباشرة.
في المعهد، قضى الإمام نحو أربع سنوات متميزا بين أقرانه بحكم ما كان يتمتع به من التمكن في اللغة العربية، ثم صار في نهاية تلك المرحلة منشغلاً بتعلم اللغات الأجنبية شغوفاً بقراءة ما يقع في يده من كتب ومجلات،[9]وهو حينئذ يخطو نحو التاسعة عشرة من عمره.
لما أكمل الإمام عبد السلام ياسين السنوات الأربع في معهد ابن يوسف بتفوق، تقدم لاجتياز مباراة توظيف المعلمين، فكان نجاحه فيها وسيلة متميزة للانفتاح على عالم جديد واستئناف مسيرة التعلم الذاتي. فقد وجد في الانتقال من مراكش إلى الرباط فرصة سانحة لتوسيع مداركه من خلال ما أتاحته له داخلية مدرسة مولاي يوسف من تعارف وتواصل وتلاقح مع تلاميذ قدموا من مناطق شتى خاصة في أوقات الاستراحة وقاعات المطالعة، فكان لعامل التنافس الأثر الأكبر في صقل قدراته ومعارفه.
لم يمنعه إقباله القوي على تعلم الفرنسية من الاندفاع نحو تعلم لغات أخرى مثل الإنجليزية واللاتينية خاصة بسبب ما كان يشهده لدى التلامذة الآخرين المهيئين للتعليم الفرنسي من رعاية وتقدير الأجانب المستعمرين مقابل ما يلقاه التلامذة المعدون لتعليم اللغة العربية من احتقار واضح.
ولما رحل صحبة والدته[10]من مراكش إلى مدينة الجديدة ليباشر التدريس في مدرسة ابتدائية، واصل جهوده العلمية والتكوينية فتمكن من أن يطوي في سنوات قليلة جداً مراحل الدراسة في معهد الدروس العليا للدراسات الإسلامية في الرباط. ثم ما لبث أن حصل على شهادة أهلته ليصير أستاذاً للغة العربية والترجمة بمراكش، فمفتشاً بالتعليم الابتدائي بعد ثلاث سنوات من التدريس.
4 . خبرة غنية وأخلاق رضية:
جاء عهد الاستقلال (1956م) فكان الإمام عبد السلام ياسين من أوائل الموظفين المغاربة الذين تسلموا مقاليد الأمور، وكانت له جهود حثيثة صادقة لدعم بناء المنظومة التعليمية بالمغرب، وبلدان أخرى حديثة العهد بالاستقلال مثل الجزائر. وكان يصل ليله بنهاره خاصة في مراحل اختيار المدرسين الجدد وتكوينهم، متحرِّياً النزاهة والصدق والصرامة في القول والعمل.[11]
تولى الإمام ياسين عددا من المناصب والمسؤوليات التربوية والإدارية بوزارة التعليم، نذكر منها:
مزاولة مهام التفتيش التربوي في السلكين الابتدائي والثانوي بأقاليم مختلفة.
ترؤس مؤسسات تكوينية تابعة للوزارة منها: مدرسة المعلمين بمراكش ومركز تكوين المفتشين بالرباط.
المشاركة والإشراف على دورات تدريبية بيداغوجية داخل المغرب وخارجه: فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، لبنان، تونس، الجزائر.
كانت هذه الأنشطة والمسؤوليات وغيرها مدخلاً لاكتساب خبرة غنية وفرت للإمام اطلاعاً واسعاً على الأمراض والأوبئة الاجتماعية والإدارية التي شرعت تنخر دواليب الدولة والمجتمع منذ مرحلة الحماية الفرنسية؛ فكانت مظاهر المحسوبية والرشوة والانتهازية تعلن عن نفسها بأشكال وصور متعددة وفي مستويات مختلفة، مما جعل التميز الخلقي لشخصية الإمام ملفتاً في بيئته المهنية والاجتماعية إذ اشتهر بين الناس باستقامته وعدله وقوته في الجهر بالحق.
وهذا ما تؤكده شهادة الإمام بهذا الصدد: "جاء الاستقلال فكنت من الرعيل الأول من الموظفين المغاربة الذين تسلموا مقاليد الأمور من الإدارة الفرنسية. وعندئذ تعلمت بالتجربة والمعايشة كيف استفحلت أمراض الحزبية والوصولية والمحسوبية والرشوة بعد الاستقلال استفحالا عظيما، لتصير بذوراً لما نحن فيه الآن من الويلات. جربت أول الاستقلال أن أكون الموظف المستقيم. فكانوا يقولون يومئذ هذا عمر بن الخطاب جاءنا بالعدل، لأنني غيرت عادة الرشوة التي نشأوا عليها. حفظني الله عز وجل طيلة حياتي إلى الآن، وأسأله المزيد من الحفظ أن أقبل شيئا من هذه المنكرات، بل إنني لا أذكر إلا مرة واحدة جاءني رجل بدجاج وقال لي: خذ هذه الهدية. فعنفته تعنيفاً شديداً، وأغناني عن تعنيف الآخرين ما كان يعرف عني –بحمد الله عز وجل- من الجدية والصرامة بل من الخشونة في حكم بعض الناس". [12]
اليقظة القلبية:
"ما من أحد منَّا إلا وكانت له في طريقه إشارات إلهية، وأسباب دبرها الله عز وجل الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، تكون صُوى في طريقه". [13]عبارة نورانية للإمام تكشف التعلق القلبي بالله عز وجل خالق الكون وهادي الإنسان، المحيي المميت سبحان. وهي العبارة التي تذكر بوجوب تأمل الآيات التي أودعها الله عز وجل في تفاصيل حياة الإنسان عسى أن تكون منارات للرشد والهداية.
ففي سنة 1965 وفي غمرة التفوق المهني والارتقاء الاجتماعي، كان الإمام على موعد مع تحول كبير عبر عنه لاحقاً في كتاب الإحسان قائلاً: "كنتُ قد شارفت الأربعين عندما تداركني الرؤوف الرحيم بالمؤمنين بهَبة ويقظة، فهام الفؤاد، وغلب التفكير في المبدإ والمعَاد، فوجدتني محمولا على الطلب مدفوعا إليه. كيف السبيل إليك يا رب؟ وعَكفت على كتب القوم، فما منهم إلا من صرفني للبحث عن الرفيق قبل الطريق. بِمن أَستنجد يا رب غيرك؟ وشككت وترددت: أَهُو شرك مع الله؟ لكنني بَعد أن استغرقْت في العبادة والذكر والمجاهدة والتلاوة زماناً، تبيّنتُ أن طلب ما عند الله هو غير طلب وجه الله. الأعمال الصالحة إن كان فيها الإخلاص وقَبِلها الحنان المنان تُنيل الجنان. لكن أي شيء يرفعني إلى مقامات الإحسان وَفسحات العرفان؟ واشتد بي الأسى، وعِفْتُ نفسي، وتضرعت وبكيت عليه، هو الملك الوهاب. وأتحفتني ألطافُهُ بلقاء عارف بالله رباني صحبته أعواماً رحمه الله. وفَهمت منذئذ ما معنى كون الطريق مسدوداً، ولِمَ هذه السدود، وكيف اختراقها، وأين، ومتى، وأيَّانَ! لله الحمد والمنة، ولأهل الله الناصحين خلق الله، لا يخافون في النصيحة غير الله، ولا يرجون إلا الله، الشكر الخالص. لا إله إلا الله محمد رسول الله". [14]
لبث الإمام عبد السلام ياسين في حضن الزاوية البودشيشية القادرية مدة ست سنوات في صحبة الشيخ الحاج العباس بن المختار رحمه الله، وابنه الشيخ حمزة من بعده، ثم كان تحوله الفكري نحو الجمع بين التربية والجهاد – كما عبر عنه في كتابيه "الإسلام بين الدعوة والدولة" (1972) و"الإسلام غداً" (1973) – عاملاً مفسراً لترك المنهج الصوفي. ثم كانت رسالته الشهيرة إلى ملك المغرب "الإسلام أو الطوفان" هي الحد الفاصل بين مرحلة ومرحلة في حياة الرجل الداعية المجاهد.
ولما كان الإمام يخشى على إخوته في الزاوية بأس السلطة السياسية، فقد كتب رسالة محبة وتبرئة إلى الشيخ حمزة. قال رحمه الله: "لما عزمت على أن أقول كلمة حق عند سلطان جائر، فأكون مع سيد الشهداء إن شاء الله، خشيت أن ينالهم سوء بموقفي هذا، فكتبت رسالة إلى الشيخ سيدي حمزة. قلت له: يا أخي، إنني كنت في الزاوية .. أحسن الله إليكم، وأنا أخاف أن تؤذوا من جانبي، فأنا أقول لكم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته". [15]
الدين النصيحة:
استيقظت في الإمام ياسين الغيرة على دين الله عز وجل لما رأى من تضييع حقوق الأمة ومحاربة الإسلام ودعاته، فكتب سنة 1974 رسالة "الإسلام أو الطوفان" إلى ملك المغرب الحسن الثاني (1929-1999) مذكراً وموجهاً وناصحاً. وكانت رسالة قوية المعنى والمبنى بالنظر إلى الشروط السياسية المميزة للمرحلة وإلى المضامين التي جاءت بها.
أما الظروف العامة التي اكتنفت الحدث فقد صارت معروفة اليوم بسنوات الجمر والرصاص حيث كان الصراع السياسي على أشده بين أقطاب الحقل السياسي: المؤسسة الملكية والجيش والمعارضة الاشتراكية، وكانت اللغة السياسية المهيمنة موسومة بالعنف والاتهام والتخوين بسبب عوامل البغي والاضطراب الاجتماعي والسياسي، ومن جملتها المحاولتان الانقلابيتان ضد الملك.
وأما مضامين الرسالة التي تجاوزت المائة صفحة، فقد نصح بها الإمام ياسين الملك الخائف من ضياع ملكه نصيحة واضحة فصيحة كشفت الوجه الجهادي للرجل الخارج توا من "زاوية صوفية" محملا بروحانية الذاكرين المتبتلين. كانت النصيحة تدعو الملك إلى التوبة والرجوع إلى الإسلام وشريعته مقترحة نموذجاً تاريخياً فذّاً هو الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الذي أعز الله به الإسلام وأهله، وموضحة مجموع الخطوات العملية التي يتعين على الحاكم أن يبرهن بها لله تعالى ولشعبه على صدق الذمة والقول.
ولما كانت الرسالة بتلك القوة والجرأة والوضوح، إذ لم تكن الرسالة الواقعة بيد الملك سوى نسخة من ضمن عشرات النسخ التي وجهت إلى العلماء والمثقفين والوجهاء، فقد تلقى الإمام ياسين مكافأة مباشرة تمثلت في اعتقاله مدة ثلاث سنوات وستة أشهر دون محاكمة، أمضى جزءاً منها في مستشفى الأمراض الصدرية ثم مستشفى المجانين. وفي فترة الاعتقال، أعاد الإمام الكرة عبر كتابة رسالة ثانية (Lettre au Roi) على سبيل الإلحاح في الدعوة والنصيحة عسى أن تكون لغة موليير، التي يتقنها الملك، جسراً يسعفه في تبليغ كلمة الدعوة الصادقة.
تحدث الإمام مخبراً عن تلك المرحلة: "كانت سنة 1394 هـجرية كتبت فيها رسالة "الإسلام أو الطوفان"، وتعلمون ما حدث بعد ذلك من اعتقال، كان سنة ونصف منه في مستشفى الأمراض الصدرية، وسنتان في مستشفى الأمراض العقلية. وكان لأخوي الكريمين سيدي "محمد العلوي" وسيدي "أحمد الملاخ" الفضل في طبع كتابي: «الإسلام أو الطوفان» ونشره، وقد أديا إثر ذلك في يد الشرطة ما قدر الله لهما من البلاء، فقد أوذيا أذى كثيرا. يكفي أن تعلموا أنهما أمضيا خمسة عشر شهرا على الأرض، وفي البرد الشديد، يأكلان الخبز اليابس الملطخ بالبترول، والعدس الممزوج بالحصى، ولا حول ولا قوة إلا بالله". [16]
خرج الإمام رحمه الله من محنة الاعتقال في ذكرى المولد النبوي 12 ربيع الأول 1398 هجرية الموافق لـ 20 فبراير سنة 1978 ميلادية، فاستأنف جهوده في الجهر بالحق وإسداء النصح، وواصل مسيرة الدعوة إلى الحق والهدى قولا وفعلا، مجاهدا صابراً متوكلاً على الله العليم الحكيم، ومخططاً لمستقبل العمل الإسلامي قطرياً وعالمياً. وكانت أولى الخطوات ولوج المسجد بمدينة مراكش لمخاطبة الناس بالكلمة الواعظة المذكرة بالله عز وجل وباليوم الآخر، الداعية إلى وجوب العمل لخدمة رسالة الإسلام. فكان المنع هو موقف السلطة السياسية وأجهزتها الأمنية. حكى الإمام رحمه الله عن هموم تلك المرحلة فقال: "كان اتصالنا بالناس عسيرا جدا، فكان الناس يهربون منا، وكنا نتودد إليهم ونتقرب فيزداد هروبهم وخوفهم. أذكر أنه في رمضان الذي تلا خروجي من المعتقل، دخلت المسجد لألقي فيه دروساً، وكان معي سبعة أو ثمانية من الإخوة منهم أحمد الملاخ وابراهيم مزين وعبد الكريم الهلالي. بعد الجلسة الثالثة استدعاني قائد السلطة المحلية وأبلغني أن عامل الإقليم أمر بالتوقف، فعبرت عن رفضي لقراره الجائر. وفي اليوم التالي أخبرت الناس، وكانوا بدأوا يجتمعون علي، أنني أُمرت بالتوقف وتلوت عليهم قول الله تعالى: «ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها. أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين. لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم «. فانفعل الناس قليلا لأن صحبتنا لم تتعد يومين كان الوداع في ثالثهما". [17]
لم تكن تلك العقبات لتمنع الإمام رحمه الله من الاستمرار في طريق الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، إذ بذل جهدا تواصلياً ودعوياً، خاصاً وعاماً، كان من جملته المشاركة في الحلقات التي كانت تعقد بدار الدعوة بالرباط، ومحاضرته الشهيرة "حوار مع النخبة المغربة" التي ألقاها باللغة الفرنسية بطلب من جمعية شبابية في الرباط كان يرأسها الدكتور زكي مبارك.
محاولة توحيد العمل الإسلامي:
كان الإمام عبد السلام مقتنعاً بضرورة السعي لتوحيد جهود العاملين للإسلام في المغرب، فكان أن قاد عملية التواصل والحوار مع ثلة من الإسلاميين والفضلاء. وفي الشهادة التالية إضاءات كاشفة لبعض معالم تلك المرحلة: "كنا نتورع من زيادة الشق في الصف الإسلامي، وكان منشقاً بالفعل، فلذلك قررنا أن نزور بعض العاملين في حقل الدعوة ندعوهم إلى توحيد العمل الإسلامي. هكذا سعى الإخوة ابراهيم الشرقاوي وأحمد الملاخ ومحمد عبادي ومحمد بشيري للقاء ثلة من الشخصيات المعروفة في مدن منها فاس وطنجة والرباط، قائلين: جئناكم بقلوبنا على أكفنا، ونمد يدنا إليكم، ونبسط وجوهنا في وجوهكم، فهلُمَّ نتعاهد على عمل مشترك. دامت هذه المرحلة سنة ونصفاً، اجتمعنا فيها مع العاملين في الحقل الإسلامي، وكنا نقدم أنفسنا على أننا شيء سائل لا وجود له ولا يحب أن يتجمد في تجمع ولا في تنظيم". [18]
ظل الإمام رحمه الله معترفاً بما كان لدى بعض المحاورين من حرص أكيد على توحيد جهود العمل الإسلامي وإمكاناته في بلاد المغرب. وهو الاعتراف الذي يكشف جانباً من أخلاقه: خلق الاعتراف بفضل الناس، وخلق التواضع، وخلق الصدق والأمانة.
بناء جماعة العدل والإحسان:
المرحلة الأولى: تأسيس أسرة الجماعة
لم تجد مبادرة الحوار والتنسيق والتوحيد التي قادها الإمام رفقة عدد من إخوانه، الاستجابة المأمولة فتوجه إلى إعلان تأسيس "أسرة الجماعة" سنة 1401 هـ/1981 لتكون جزءاً من دوحة العمل الإسلامي الناهض المجدد. فكان القرار الموفق للإمام رحمه الله ببدء مرحلة جديدة قال عنها: "وقد آن .. أن ننـزل إلى أرض العمل المنظم بعد أن مارسنا جهاد الكلمة وحدها ما شاء الله". [19]
ولا يخفى في هذا السياق التاريخي أن مجلة "الجماعة" [20]كانت نواة اجتمع حولها رجال مؤمنون ونساء مؤمنات، وكانت لسانا ناطقا ومعبرا عن مواقف الدعوة الناشئة مثلما كانت صحيفتا "الصبح" و"الخطاب" ، وقد لقيت كلها الحظ الوافر من التضييق والمنع والمصادرة.
وبذل رحمه الله تعالى جهودا عظيمة في بناء نواة الجماعة، وتربية رجالها ونسائها على خصال الإيمان والعمل والجهاد، مع العناية باعتماد إطار قانوني للعمل الإسلامي.[21]ورغم تعسف أجهزة السلطة بالاحتيال والتماطل في قبول ملف التأسيس القانوني لجمعية "الجماعة الخيرية"، فقد واصل الإمام رحمه الله تعالى بمعية إخوانه مسيرة بناء أسرة الجماعة، بناء متكامل الحلقات والمستويات التربوية والتكوينية والتنظيمية.
مستوى التربية الإيمانية:
تتنزل التربية الإيمانية منزلة مركزية في "المنهاج النبوي" الذي يعد ثمرة الاجتهاد الفكري للإمام المجدد، فكان اهتمامه بها واضحاً في جميع مراحل بناء "الجماعة المجاهدة" عبر تثبيت الجلسات التربوية الأسبوعية، والرباطات الدورية المخصصة للعبادة (الصيام والصلاة والذكر وتلاوة القرآن الكريم) والتزود بالعلم والتقوى. كما كان الإمام رحمه الله مواكباً للسير التربوي داخل الجماعة، حريصاً على المعالجة الحكيمة لبعض الانحرافات التربوية التي قد تصدر عن بعض أعضائها.
وفي هذه المرحلة التأسيسية أقيمت ثلاثة رباطات:
الرباط التربوي الأول: عقد في العطلة الشتوية سنة 1982 بمنزل الأستاذ محمد العلوي رحمه الله في مدينة مراكش مدة ثلاثة أيام، وحظي بزيارة الإمام ومجالسته للمؤمنين المرابطين.
الرباط التربوي الثاني: عقد في العطلة الربيعية سنة 1983 مدة ثلاثة أيام.
الرباط التربوي الثالث: عقد في العطلة الشتوية سنة 1983.
وبعد دخول الإمام رحمه الله السجن أصبح أعضاء الجماعة، في كل مدينة، حريصين على عقد رباطاتهم الخاصة.
مستوى التحصيل العلمي والتكوين الفكري:
بموازاة المحطات التربوية، أكد الإمام رحمه الله على ضرورة العناية بالتحصيل العلمي والتكوين الفكري، فعملت مؤسسات الجماعة على تنظيم لقاءات خاصة نذكر منها:
الرباط التكويني الذي أعقب اعتكاف شهر رمضان سنة 1982.
ستة رباطات تكوينية في المنهاج النبوي: ستة أيام لكل رباط تكويني بمنزل السيد ابراهيم الشرقاوي بمدينة الصخيرات صيف سنة 1982.
الرباط التكويني في المنهاج النبوي لمدة خمسة عشر يوماً صيف سنة 1983. أعد مضامينه التكوينية الأستاذان أحمد الملاخ ومحمد البشيري رحمهما الله، واستفادت منه مجموعتان.
مستوى التدبير التنظيمي:
أمران متلازمان في تربية الإمام رحمه الله لأبناء الجماعة وفي طرق تدبير أمورها وأنشطتها: أولهما تثبيت الأصول التربوية الإيمانية والخط السياسي، وثانيهما تفويض المسؤوليات التنفيذية حرصاً على إعداد القادة وتوسيع التشاور وتقاسم الأعباء التنظيمية والدعوية.
وكان الإمام يرفض عضوية من يريد التربية الإيمانية فقط دون المشاركة في العمل الجماعي الجهادي، مثلما كان حريصاً على جميع أبناء أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سائلاً عن أحوال من عرفهم أو زاروه، طالباً ممن يزوره من أبناء الجماعة أن يربطوا الصلة بهم.
ولم تخل مسيرة "أسرة الجماعة" من هزات ومحن كان أبرزها اعتقال الإمام رحمه الله يوم 27 دجنبر 1983 بتهم واهية عقب صدور العدد الأول والأخير من صحيفة الصبح. لكن سبب الاعتقال لم يكن سوى مقال "قول وفعل" الذي جاء افتتاحيةً للعدد 10 من "مجلة الجماعة" بتاريخ فاتح رمضان 1402/ يوليوز 1982، والذي انتقد فيه رسالة ملك المغرب التي تحدث فيها عن الإسلام ومستقبله بمناسبة القرن الخامس عشر الهجري وحث رؤساء الدول العربية وزعماءها على فسح المجال لرجال الدعوة الإسلامية.
والأكيد أن سجن الإمام للمرة الثانية كان منعطفاً جديداً في مسيرة "أسرة الجماعة" إذ لم يكن معتاداً و لا مقبولاً لدى من صحبوه أن يجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة مسؤولية ثقيلة، هي تحمل أعباء تربية المؤمنين والمؤمنات وتنظيم الجهود والطاقات والتحفيز على مهمات الجهاد واقتحام العقبات.
ففي الأيام الأربعة الأولى لم يكن مكان اعتقال الأستاذ المرشد رحمه الله معروفاً. ولما حُدد موعد محاكمته، وكان بعد خطاب شهير للحسن الثاني سنة 1984، حضر أعضاء الجماعة فتم اعتقال اثنين وسبعين عضوا منهم أعضاء عائلة الإمام (ابنه كامل ياسين وصهره الأستاذ عبد الله الشيباني). وفي المحاكمة الموالية بعد أسبوع تم اعتقال سبعين عضواً. فكان سجن الإمام سببا مباشرا لدعم حضور الدعوة الجديدة التي بدأت تحظى باهتمام بعض وسائل الإعلام، منها إذاعة لندن ومجلة المجتمع الكويتية وجرائد أخرى محلية. كما زاد انتشار الجماعة في مدن كثيرة ومناطق نائية.
أما زيارة الأستاذ المرشد في سجن "لعلو" بمدينة الرباط، فكانت في البداية ممنوعة، ثم أبيحت –من وراء القضبان- ثلاث مرات في الأسبوع: يوم الخميس صباحا ومساء، ويوم السبت صباحاً. وكانت متاحة لأعضاء الجماعة ذكوراً وإناثاً، وفي بعض الأحيان كان يفرد المؤمنات بكلمة خاصة.
وأما أحاديثه للزائرين والزائرات فكانت تنضح بمعاني الحيوية والنورانية واليقين إذ ظلت تمتح من معين تدبر آيات القرآن الكريم وشرح معاني الأحاديث النبوية. ومما أُثر عنه قوله رحمه الله: "إذا رأيتم مسؤولي الدولة يفرشون لكم الزهور، فعليكم أن تتركوا هذه الطريق، فهي ليست طريق السنة النبوية".
وظل الأستاذ المرشد داخل السجن وفياً للقرآن الكريم إذ كان يختمه يومياً في جلسة واحدة طوال الأشهر الستة الأولى، وكان منصرفاً إلى الذكر والقيام والصيام ومطالعة الكتب والتأليف (أمد بعض الإخوة بمذكرات ضمت مشاريع علمية عبارة عن عناوين الكتب وتصاميمها).
وحينما خرج الإمام من سجن "لعلو" يوم 31 دجنبر من سنة 1985، قال: "الآن ستدخل الجماعة في مياه جديدة" . ولشدة اهتمامه بأمر الدعوة، واشتياقه إلى مجالسة إخوانه عامة وأعضاء مجلس الإرشاد خاصة، أمضى بصحبتهم الليل كله مدارسة وتناصحاً.
وبعد مضي شهر وعشرين يوماً استكمل الإمام، بمعية إخوانه، بناء المؤسسات التنظيمية للجماعة المنصوص عليها في كتابه "المنهاج النبوي: تربية وتنظيماً وزحفاً" ، وعلى رأسها تأسيس مجلس التنفيذ القطري الذي ضم خمس لجان منها لجنة الطلبة، ولجنة الترشيد، ولجنة الإعلام، واللجنة الاجتماعية. وظل الأستاذ المرشد حاضراً ومواكباً لعمل المجلس في دوراته الأربع من 1986 إلى 1989، والذي استمر عمله حتى في مرحلة الإقامة الإجبارية.
المرحلة الثانية: جماعة العدل والإحسان
بعد تشاور واسع وتداول مثمر بين مسؤولي الجماعة، بشأن تغيير الاسم والشعار، كتب الإمام رحمه الله رسالته التاريخية لأعضاء الجماعة ولعامة المؤمنين والمؤمنات في ذي الحجة عام 1407ﻫ الموافق ليوليوز 1987، ذكر فيها بمبادرة الحوار والتنسيق بين العاملين للإسلام وبأسباب إطلاق اسم "أسرة الجماعة"، وبموقع الجماعة من الدعوة، وبأن همها هو تبني أم القضايا وأبيها في الدين والدنيا، في الدعوة و الدولة، في المصير السياسي والمصير الأخروي، ألا وهما قضيتا العدل والإحسان. قال الإمام رحمه الله: "إننا نستخير إلى الله العلي القدير، إخوتي وأخواتي، أن نتخذ لأنفسنا قضيتي العدل والإحسان اسما وشعارا يلخص برنامجنا بعدما بسط المنهاج مبادئ الإسلام ومقتضيات الإيمان والإحسان". [22]
إن المتأمل لمسيرة بناء جماعة العدل والإحسان ليقف عند أبرز الأسس التي أولاها الإمام رحمه الله تعالى عنايته الكريمة، وجعلها موضع جهاده واجتهاده:
ترسيخ معاني السلوك والترقي في مدارج الإسلام والإيمان والإحسان، تقربا دائما إلى الله عز وجل بجميع الأقوال والأعمال.
توجيه أبناء الجماعة إلى الجمع بين طلب وجه الله سبحانه والاستعداد للدار الآخرة، وبين العمل لعزة الأمة بإخراجها من مراحل الملك العاض والجبري إلى مرحلة الخلافة على منهاج النبوة.
العناية بتربية المؤمنات على معاني طلب الكمال الإيماني والعلمي والخلقي، وعلى تعزيز صف الدعوة المجاهدة بتحصين الفطرة ورعاية الأسرة وتقاسم أعباء الجهاد الشامل مع المؤمنين.
وقد استمرت جهود الإمام في هذه المرحلة على واجهات متعددة: تربوية وتنظيمية وإعلامية وسياسية مما دفع أصحاب القرار السياسي بالمغرب إلى تطوير أساليب العسف والإكراه والحصار، فتم تشديد مراقبة أجهزة الأمن لحركة الإمام ونشاطه، بل فرض الإقامة الإجبارية يوم 30 دجنبر 1989 بمحاصرة بيته في مدينة سلا ومنعه من مغادرته واستقبال ضيوفه وزواره ومحبيه.
استمرت مدة الإقامة الإجبارية أزيد من عشر سنوات قضاها متفرغاً للعبادة والصيام والذكر والتبتل والدعاء والدعوة بالسبل المتاحة. ولعل أبرز حدث في نهاية تلك المرحلة تمثل في توجيه الإمام المرشد في 28 يناير 2000 رسالة مفتوحة إلى الملك محمد السادس عنوانها "مذكرة إلى من يهمه الأمر"، حثه فيها على تقوى الله عز وجل، وعلى رد المظالم والحقوق التي انتهكت طوال حكم والده. وجدد له نصيحة "الإسلام أو الطوفان"، وهي الاقتداء بالنموذج العادل الخالد سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
بعد الإقامة الإجبارية:
أواسط شهر مايو من سنة 2000 أنهت السلطة السياسية بالمغرب الإقامة الإجبارية عن الإمام ياسين، بعد تصريح لوزير الداخلية أحمد الميداوي أمام أعضاء مجلس النوابيوم الأربعاء 6 صفر 1421 الموافق لـ 10 مايو 2000 ورد فيه أن "المعني بالأمر حر يذهب حيث شاء ويستقبل في بيته من شاء". ثم أعلن الأستاذ المرشد يوم الاثنين 11 صفر 1421 الموافق لـ 15 ماي 2000 في بلاغ موجه لوسائل الإعلام أنه قرر الخروج لأداء صلاة الجمعة بمسجد الحي. ويوم الثلاثاء 12 صفر 1421 الموافق لـ 16 ماي 2000 غادر رجال الشرطة المرابطون بباب إقامته مواقع حراستهم.
ثم خرج الإمام من بيته يوم 19 ماي 2000 لأداء صلاة الجمعة بمسجد بنسعيد في حي السلام. وفي اليوم الموالي عقد ندوة صحافية بحضور وسائل الإعلام الوطنية والدولية، شكر فيها المنظمات الحقوقية التي ساندت دعوة العدل والإحسان المحاصرة، وتواصل مع الصحافيين باللغتين العربية والفرنسية.
وخلال الأسابيع الموالية تلقى الإمام عبد السلام ياسين زيارات ورسائل من قبل شخصيات بارزة من رجال الفكر والعلم والسياسة وقياديي الحركات الإسلامية، من داخل المغرب وخارجه. كما جاءت من مختلف مدن المغرب، وعلى مر أيام متتاليات، وفود تعد بالآلاف من شباب جماعة العدل والإحسان وشوابها ورجالها ونسائها ومن عموم الشعب المغربي.
ثم قام بزيارات شملت مختلف مدن المغرب شمالا وجنوبا شرقا وغربا استمرت أسابيع استطاع أثناءها أن يلتقي بأعضاء جماعة العدل والإحسان في جهاتهم وأقاليمهم، وأن يتواصل بشكل مفتوح مع شرائح مختلفة من الشعب المغربي. وهي نفس الرحلة التي أعيدت بعد أقل من سنة من تاريخ رفع الإقامة الإجبارية.
وبقي حضور الإمام ياسين قويا ومؤثرا من خلال المجالس التي كانت تعقد كل يوم أحد وتبث مباشرة على شبكة الأنترنت،[23] وعبر المتابعة الحكيمة والمصاحبة الرفيقة لجهود المؤمنين والمؤمنات في سائر المجالات التربوية والدعوية والتواصلية والسياسية والعلمية.
فضل أهل بيته:
لم تكن جهود بناء جماعة ومدرسة العدل والإحسان لتؤتي أكلها لولا رعاية الله سبحانه وفضله ورحمته، وتوفر محضن اجتماعي عطوف صابر هو أهل بيت الإمام؛ زوجه الكريمة وأبناؤه البررة وأصهاره الأفاضل.
لقد كانوا، وما زالوا، سنداً قوياً لدعوة الإمام رحمه الله في جميع المراحل واللحظات الحاسمة؛ في الاعتقال والسجن والحصار والإقامة الإجبارية. في احتضان المؤمنين والمؤمنات وعامة الزائرين والضيوف، سواء في اللقاءات العامة والخاصة أو في الزيارات التي لم تنقطع يوما طيلة عقود.
لقد كانوا، وما زالوا، ذوي الفضل على ولادة دعوة العدل والإحسان، وتطورها، واستمرارها. وهم في كل ذلك ظلوا صابرين متوكلين متواضعين، يتلطفون لكل زائر ليلا ونهارا، ويتوددون ويبتسمون.
جزاهم الله تعالى خير الجزاء.
وفاة الإمام المجدد:
صبيحة يوم الخميس 28 محرم 1434 هـ الموافق 13 دجنبر 2012 أسلم الإمام الروح لبارئها سبحانه، بعد مسيرة موفقة غنية بطلب وجه الله، حية بالجهاد والعطاء العلمي والتربوي والدعوي، كان من ثمارها البارزة انتظام الآلاف من المؤمنين والمؤمنات في فلك جماعة ومدرسة العدل والإحسان في أقطار شتى من العالم. لله الحمد والمنة.
وفور سماع خبر الوفاة، حج بيته بالعاصمة الرباط الآلاف من محبيه ومن العلماء والدعاة والمفكرين والسياسيين، من المغرب وخارجه، لتقديم واجب التعزية والمواساة للعائلة الكريمة ولجماعة العدل والإحسان.
وبعد صلاة الجمعة في مسجد السنة بمدينة الرباط أقيمت صلاة الجنازة على الإمام الفقيد، وانطلق مئات الآلاف في جنازة مهيبة اكتنفتها معاني السكينة والطمأنينة والصبر والاحتساب، ليُوارى الجسد الطاهر الثرى في مقبرة الشهداء.
ثم كانت مآتم التأبين في مدن المغرب وفي بلدان أوروبية وأمريكية وأفريقية فرصةً للإفصاح عن شهادات المحبة والتقدير والإكبار لما ميز الإمام المجدد وأخلاقه ومواقفه من الحب المتعاظم للقرآن الكريم، والاستمساك المتين بالسنة الشريفة، وسعة الأفق، وعمق التحليل، والرفق بأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وصيته:
تركها الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله مكتوبة ومسموعة، لأبناء جماعة العدل والإحسان، وأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي وصية كتبها ليلة الأحد 25 ذي الحجة 1422 هجرية، واستُمع لها في حفل التأبين ببيته بالرباط يوم الجمعة 29 محرم الحرام 1434.
اشتملت الوصية على ما أوصى به الله تعالى المؤمنين والمؤمنات، وما أمرهم به من طلب وجهه الكريم والجهاد في سبيله. وأوصى الإمام بالصحبة والجماعة، بالصحبة في الجماعة. قال رضي الله عنه: " وأوصي أن العدل قرين الإحسان في كتاب ربنا وفي اسم جماعتنا، فلا يُلهنا الجهاد المتواصل لإقامة دولة العدل في أمتنا عن الجهاد الحثيث لِبلوغ مراتب الإحسان. الإحسان أن تعبد الله كأنك تراهُ، ولا مدخل لك في هذا يا أخي ولا مدخل لك يا أختي في هذا المضمار إلا بصحبة تفتح أمامكَ و أمامكِ المغالق وتحدو بركبك إلى عالم النور والرقائق".
آثاره العلمية:
ظل الإمام عبد السلام ياسين شغوفاً بطلب العلم من مصادره المتنوعة، وبالمطالعة المتواصلة للكتب والمؤلفات سواء في بيته أو سجنه، في حله أو ترحاله. وقد صرح الأستاذ محمد عبادي أنه صحب الإمام في رحلته إلى مدينة طنجة سنة 1979 لطلب إجازة الحديث الشريف من المحدث الحافظ سيدي عبد الله بن الصديق المغاري، فأجازه إجازة عامة في جميع مروياته.
كان التأليف معينا لا ينضب لتأسيس فكر إسلامي قادر على التفاعل مع هموم الأمة وحاجاتها المتجددة في الزمان والمكان. وقد بدأ الإمام المرشد مسيرة التأليف بالكتابة في موضوعات مرتبطة بمجال التربية والتعليم، فأصدر الكتب التالية:
"كيف أكتب إنشاء بيداغوجياً" (5 أكتوبر 1962)
"مذكرات في التربية" (الطبعة الأولى سنة 1963)
"النصوص التربوية" (الطبعة الأولى سنة 1963)
ثم شرع في إصدار المؤلفات العلمية والدعوية بدء بكتابي "الإسلام بين الدعوة والدولة" 1972 و"الإسلام غدا" 1973 اللذين وضعا أسس ومنطلقات "مدرسة المنهاج النبوي" ثم كتاب "المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا" 1982 الذي تضمن المعالم الكبرى لهذه المدرسة من خلال تقديم تصور تربوي وتنظيمي وسياسي للعمل الإسلامي في زمن الفتنة (زمن الحكم العاض والحكم الجبري بما رافقهما – ولا يزال - من معاني البغي والاستبداد وسلب الحقوق ومحاربة العلماء والدعاة المجاهدين)، ثم جاءت كتب أخرى تفصل مفردات هذا التصور في مختلف المجالات، مثل:- كتاب "الإسلام والقومية العلمانية"، 1989 الذي يتناول الموقف من النزعة القومية وما جنته على الأمة، ومن الأطروحة العلمانية.
- كتاب "نظرات في الفقه والتاريخ"، 1990 الذي يبسط النظرة إلى تاريخ المسلمين وعلاقته بتطورات الفقه الإسلامي.
- كتاب "تنوير المؤمنات" في جزأين، 1996 الذي عرض فيه الإمام ياسين موقع المرأة المسلمة في معركة التغيير والبناء؛ بتحرر كامل من النظرة التقليدية المتزمتة والنظرة الغربية المنفلتة.
- كتاب "الإحسان" في جزأين، 1998-1999 وهو عماد "مشروع المنهاج النبوي" بما تضمنه من تحليل عميق لما عرف بالتصوف، وتأكيد على محورية الأساس التربوي في العمل الإسلامي؛ وهو بذلك توضيح لمضامين "الإحسان" الشطر الثاني من شعار مدرسة المنهاج النبوي أي "العدل والإحسان".
- كتاب "العدل: الإسلاميون والحكم"، 2000 يمثل هذا الكتاب تنظيرا شاملا للحكم الإسلامي وعقباته، وسبل مواجهتها، وهو بذلك توضيح لمضامين "العدل" الشطر الأول من شعار مدرسة المنهاج النبوي أي "العدل والإحسان".
- كتب "حوار مع الفضلاء الديمقراطيين"، 1994 و "في الاقتصاد: البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية"، 1995 و"الشورى والديمقراطية"، 1996 و"حوار الماضي والمستقبل"، 1997 و"حوار مع صديق أمازيغي"، 1997 : فيها بسط لنظرة مدرسة المنهاج النبوي إلى عدد من القضايا والإشكالات المعاصرة مثل الديمقراطية والاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي والمسألة الأمازيغية.
- كتاب "Islamiser la modernité" (الإسلام والحداثة): يتضمن دراسة لإشكالية العلاقة مع الغرب وتصوراته للحداثة والعقلانية وغيرها.
ولما كانت معالم التجديد والتميز بارزة فيما خطه الإمام من كتب ودراسات ورسائل، فقد تم عقد مؤتمر علمي دولي في استانبول يومي 1 و2 دجنبر 2012 شارك فيه باحثون وعلماء من جامعات ومراكز علمية من دول شتى، تناولوا فيه موضوع "محورية القرآن الكريم في نظرية المنهاج النبوي"، وذلك في سبع جلسات علمية اشتملت على محاور منها: نظرية المنهاج النبوي – دولة القرآن – القرآن الكريم والتزكية – المراجعات الأصولية والفقهية واللغوية في نظرية المنهاج النبوي.
وفيما يلي لائحة ببعض كتب ورسائل الإمام عبد السلام ياسين:[24]باللغة العربية:
1. الإسلام بين الدعوة والدولة، 1972
2. الإسلام غدا، 1973
3. الإسلام أو الطوفان (رسالة مفتوحة إلى الملك الراحل، وقد كان طبعها وتوزيعها بطريقة لم يقصد بها عموم الناس)، 1974
4. حوار مع النخبة المغرَّبة (مترجم)، 1980
5. رسالة القرن الملكية في ميزان الإسلام، 1980
6. المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا، 1982
7. الإسلام وتحدي الماركسية اللينينية، 1987
8. الرجال (الجزء الأول من سلسلة «الإحسان»)، 1988
9. مقدمات في المنهاج، 1989
10. الإسلام والقومية العلمانية، 1989
11. نظرات في الفقه والتاريخ، 1989
12. شذرات (ديوان شعر)، 1992
13. محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي وسيطرة الهوى، 1994
14. حوار مع الفضلاء الديمقراطيين، 1994
15. رسالة تذكير (الرسالة الأولى من سلسلة «رسائل الإحسان»)، 1995
16. في الاقتصاد: البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية، 1995
17. رسالة إلى الطالب والطالبة، إلى كل مسلم ومسلمة (الرسالة الثانية من سلسلة «رسائل الإحسان»)، 1995
18. تنوير المؤمنات (في جزأين)، 1996
19. الشورى والديمقراطية، 1996
20. المنظومة الوعظية ( الرسالة الثالثة من سلسلة «رسائل الإحسان»)، 1996
21. حوار الماضي والمستقبل، 1997
22. حوار مع صديق أمازيغي، 1997
23. الإحسان، الجزء الأول، 1998
24. كيف نجدد إيماننا، كيف ننصح لله ورسوله (الكتاب الأول من سلسلة «دروس المنهاج النبوي»)، 1998
25. الفطرة وعلاج القلوب (الكتاب الثاني من سلسلة «دروس المنهاج النبوي»)، 1998
26. الإحسان، الجزء الثاني، 1999
27. مذكرة إلى من يهمه الأمر (رسالة نصيحة بالفرنسية إلى الملك محمد السادس، ترجمت إلى اللغة العربية وغيرها من اللغات)، 1999
28. سلامة القلوب (الكتاب الثالث من سلسلة «دروس المنهاج النبوي»)، 1999
29. اقتحام العقبة (الكتاب الرابع من سلسلة «دروس المنهاج النبوي»)، 1999
30. العدل : الإسلاميون والحكم، 2000
31. قطوف (ديوان شعر طبع منه ثلاثة أجزاء)، 2000
32. الإسلام والحداثة (مترجم)، 2000
33. الرسالة العلمية، 2001
34. الخلافة والملك، 2001
35. رجال القومة والإصلاح، 2001
36. يوم المؤمن وليلته، 2002
37. الثمن (الكتاب الخامس من سلسلة «دروس المنهاج النبوي»)، 2004
38. سنة الله، 2005
39. مقدمات لمستقبل الإسلام، 2005
40. يوم المؤمن وليلته (طبع في كتاب بالعربية والإنجليزية)، 2007
41. إمامة الأمة، 2009
42. القرآن والنبوة، 2010
43. جماعة المسلمين ورابطتها، 2011
باللغة الفرنسية:
1. La révolution à l'heure de l'ISLAM, 1980
2. Pour un dialogue avec l'élite occidentalisée, 1980Islamiser la modernité, 1998
3. Mémorandum à qui de droit (Lettre ouverte à Mohamed IV, roi du Maroc), 1999
ومما ترجم من كتب ورسائل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله:
إلى اللغة الإنجليزية:
1. Memorandum: To Him Who Is Concerned (Traslation of an open letter in French to the country’s new king, Mohamed VI), 1999
2. Winning the Modern World for Islam, 2000
3. The MuslimMind on Trial: Divine Revelation versus SecularRationalism, 2003
4. Day and Night Schedule of the Believer (A book in Arabic and English), 2007
إلى اللغة الألمانية:
1. Memorandum an wen es angeht, 1999
2. IslamischerVernunftappell an die Moderne, 2000
منـزلته عند أهل زمانه:
هذه بعض الشهادات بشأن الإمام المجدد رحمه الله تكشف جوانب من علمه وصلاحه وتقواه وجهاده:
الدكتور محمد صالح أكنجي (أحد كبار علماء تركيا): "الشيخ الجليل العظيم عبد السلام ياسين قرأت شيئا قليلا ووجدت في كتبه كثيرا من صفات العباقرة المجددين الذين يريدون إصلاح الأمة... وأنا أراه من كبار مجددي هذا العصر الذين يحاولون الإصلاح والتغيير والتجديد".
الدكتور أحمد الريسوني (من علماء المغرب): "كان الموقف بليغا بنفسه، فكيف يتحدث من هو ليس بليغا في حدث جليل كهذا، فالأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله قائد ومرشد ومؤسس ويكفينا أن نقول أنه عالم والعلماء ورثة الأنبياء، فالرجل كان قدوة في زهده وصموده وشجاعته وتجرده إلى الله.
هذه المعاني كان الرجل فيها قدوة وعبرة في حياته وسيبقى فيها قدوة من خلال مدرسة العدل والإحسان التي أرساها ووضعها وهذا يذكرنا بقوله تعالى: ﴿ ما قدموا وآثارهم﴾ .
الأستاذ أبو جرة سلطاني (رئيس حركة مجتمع السلم بالجزائر): "عندما تقرأ سيرته تنطبع في ذهنك صورة الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه) في أبعادها السبعة التي تحدثت عنها كتب التاريخ: زهده في الدنيا، حبه للحق، حرصه على إمضاء العدل، تواضعه للناس، صفاء ذهنه، شفافية روحه، حبه للفقراء والمساكين".
الأستاذ الهادي بريك (قيادي بحركة النهضة التونسية): "الرجل قمة إسلامية شامخة دون ريب: قمة في العلم وقمة في الفقه وقمة في المقاومة وقمة في الحركة والنشاط وقمة في التسيير الإداري والتنظيمي والحزبي وقمة في الكلمة العربية المتينة الصحيحة غير المدحوضة".
الأستاذ محمد المرواني (رئيس الحركة من أجل الأمة): "الأستاذ عبد السلام ياسين ظل مناهضا للاستبداد فما وهن لما أصابه وما ضعف وما استكان... وواجه الطغيان بالصبر والاحتساب. ما زاد الاضطهاد الأستاذ إلا ثباتا ويقينا. يستحق منا هذا الرجل المبارك وقفة ثبات ووقفة إنصاف".
الأستاذ علي صدر الدين البيانوني (المراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سوريا): "الشيخ عبد السلام ياسين ليس مِلكاً للمغرب فقط، إنما هو أحد أعلام هذه الأمة، وهو مِلك للأمة الإسلامية كلها".
الشيخ عبد الله التليدي (العلامة المحدث): "أول ما التقيت بسيدي عبد السلام كان في سنة 1973. تربطني به علاقة طيبة، نتبادل الزيارات، والمحبة التي بيني وبينه محبة متينة وقوية، هي محبة لله. أشهد له بالعلم وبتجربة تربوية وصوفية عالية، وأشهد له بالكمال البشري، وإن كان الكمال البشري خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هناك رجالا كُملا. هذا زيادة على إلمامه الواسع بالشأن السياسي، وثبات موقفه الرافض للظلم وللظلمة ومجاهدته للطغيان. في أمثاله يقول الله سبحانه: "الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله". من نعم الله على هذه الأمة أن جعل فيها أمثال سيدي عبد السلام، وأراه على رأس مجددي الإسلام في هذا القرن. كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد للأمة دينها. أرى أن سيدي عبد السلام في طليعة المجددين، ليس في المغرب فحسب، بل بالنسبة للعالم الإسلامي كله. أطلب الله أن يجعلنا دائما في طليعة المؤيدين له والواقفين في جماعته ابتغاء رضى الله".
الدكتور طارق رمضان (مفكر إسلامي وحفيد الإمام البنا): "استوقفني وفاؤه لرؤيته، وفاؤه لمبادئه، وفاؤه لمواقفه، ولطموحاته... لن أنساه رحمه الله رحمة واسعة، عطوف وذا هيبة، يجلس بتواضع، دائم التأمل، ولا تفارق وجنتاه الابتسامة رحمه الله".
الدكتور تميم الحلواني (من علماء سوريا): "إن شيخنا الغالي الأعز كان منذ عرفناه أول لحظة شمس هداية طلعت من المغرب ثم استقرت وسط سماء الأمة الإسلامية كلها، تبعث الضياء وتمنح الرشاد لكل من أحبه الله سبحانه وأراد به خيرا".
الدكتور عبد الصمد بلكبير (مفكر مغربي): "سي عبد السلام ظاهرة بكل ما تعنيه من دلالات، فالزمان لا يجود بمثله في كل الأوقات فهو رحمه الله حالة استثنائية... تمكن من أن يقوم بدور ريادي في تاريخ المغرب المعاصر ومستقبلا في التاريخ العربي والإسلامي والإنساني".
الدكتور عزام التميمي (رئيس مجلس إدارة قناة الحوار): "حظيتُ بصحبة محدودة مع الشيخ وجلست مع الشيخ كتلميذ، وأسرني الشيخ بتواضعه وبلطفه وبسيرته... كان بودي لو كان عندنا في فلسطين أمثال الشيخ عبد السلام ياسين".
الدكتور رضوان بنشقرون (عالم مغربي): "مهما قيل عن الأستاذ عبد السلام ياسين فإننا لن نوفيه حقه، ورغم أني لست تابعا ولا مريدا له، فإني تأثرت بكتبه وبكلامه، فهو شيخ وحده، ونادر عصره".
الهوامش:
تاريخ النشر: الأحد 8 دجنبر/كانون الأول 2013
[1] أولوز: منطقة صغيرة تابعة لإقليم تارودانت، تبعد عن مراكش حوالي 200 كلم إلى الجنوب.
[2] المخزن رمز للسلطة المستبدة في تاريخ المغرب.
[3] مسؤول السلطة المحلية.
[4] توفيت يوم فاتح جمادى الأولى 1407 هجرية.
[5] كان الإمام وحيد والديه بعد وفاة أخته الكبرى.
[6] حوار غير منشور.
[7] ذكر الإمام المرشد أن عمه سعيدا هو الذي شجعه على الالتحاق بمعهد ابن يوسف، وكان هو الوحيد المتعلم من بين أعمامه. فلما وجد ابن أخيه قد بلغ مرحلة الشباب مع حفظه للقرآن الكريم وإلمامه باللغة العربية اقترح عليه أن يدخل المعهد ليستزيد من العلم.
[8] جامعة القرويين بمدينة فاس بالمغرب، هي أول جامعة أنشئت في تاريخ العالم.
[9] في برنامج "مراجعات" الذي بثته قناة الحوار اللندنية سنة 2008، خص الإمام بالذكر مجلة الرسالة المصرية التي كان يصدرها الأستاذ محمد حسن الزيات.
[10] في نهاية دراسة الإمام عبد السلام بمدرسة المعلمين سنة 1947، توفي والده رحمه الله.
[11] حوار غير منشور.
[12] حوار غير منشور.
[13] حوار غير منشور.
[14] ياسين، عبد السلام: الإحسان، الجزء الأول. الدار البيضاء: دار الآفاق، ط1، ص130.
[15] لقاء مع قناة الحوار (الجزء الثاني)، موقع الإمام المجدد عبد السلام ياسين.
[16] حوار غير منشور.
[17] حوار غير منشور.
[18] حوار غير منشور.
[19] مجلة الجماعة، العدد: 7.
[20] صدر العدد الأول من مجلة "الجماعة" في فبراير 1979
[21] في أبريل 1983 قام الإمام رحمه الله بإيداع القانون الأساسي لجمعية "الجماعة الخيرية" لدى الإدارة المختصة بمدينة الرباط.
[22] رسالة "العدل والإحسان" التي وجهها لأعضاء الجماعة ولعامة المؤمنين والمؤمنات في ذي الحجة عام 1407ﻫ /يوليوز 1987.
[23] موقع الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله: yassine.net
[24] يمكن الاطلاع عليها في الموقع الإلكتروني "سراج".
http://yassine.net/ar/folder/12.shtml