أنشودة المطر الأخيرة
على الرصيف يهطل المطرْ
وتنحني الآلام والفكرْ
على الرصيف تسقط الدموعْ
تشَرّد الزهور والشموعْ
على الرصيف ننتهي
وينزف القمرْ
يا إخوتي بالله هل ترون في رصيفنا
المزركش الجبينْ
جباهنا مطليّة بالخوف والشرود والحنينْ
بالله هل ترون رغبة الجنينْ
بالنوم في أرجوحة الزمانْ
بالسفر الطويل دون عودةٍ
ليشرب الترابْ
ويزفر الضبابْ
في سلة السحابْ
لتختفي من قبرهِ
ملامح الذئاب والبشرْ
الطفل في المغارة الظلماء دون ماءْ
وأمه تحس بالعناءْ
والسيف فوق نحرها يواصل التهديد في دهاءْ
لكنها تواصل الدعاءْ
وتعجن الدموع بالبكاءْ
لينطق المطرْ
مطر .. مطر .. مطرْ
وفي العروق جوعْ
بوركت يا يسوعْ
قميصنا مهترئٌ
وزره مقطوعْ
يا شاعر الأمطار والسحابْ
يا سيدي السيّابْ
مطر مطر مطر
وفي المساء يبدأ السفرْ
نجومنا يعصرها بخفّةٍ
ضوء القمرْ
فتنحت التاريخ بالحجرْ
وتصرخ البروق والرعود والغيوم والنجوم والسماء والطيور والزهورُ
لامفرْ
أكوابنا تفر من شفاهنا
ظمآنة تلك الكؤوسْ
فنحن في ثغورها
نحطم الرماح والسيوف والتروسْ
نطأطئ الرؤوسْ
ظمآنة أكوابنا تهتز دون ماءْ
وعطرنا يجف فوق همنا
تاريخنا يسيل مثل جرحنا
فتخفت الأصواتْ
ليستوي الأحياء والأمواتْ
ويُسفَح النداءْ
في قصة الحنين والشرودْ
تترجم المشاهد العمياء في برودْ
وتحرق الأزهار والأشواك والخدودْ
إلى متى تقسّم الخريطةَ الحدودْ
إلى متى تقسم الخريطة الحدودْ
وددت لو أكونْ
فراشة حمامة قصيدةً
تكحل النسيم والغصونْ
وددت لو أكونْ
أنشودة على شفاه طفلةٍ
وددت لو أكون أي شيءْ
لكنني رفضت أن أعود إنساناً بلا محبةٍ
وأحمل الكراهيه
ففي عقيدتي
كل الجباه عاليه
كل الدماء غاليه
ففي عقيدتي محبة لا تنتهي
مهما تسيء الساقيه
أشجارنا من حزنها
تمزقت أوراقها
أغصانها على التلال عاريه
لأننا لم نتقن الربيعْ
لأننا في موسم اللابيع شئنا أن نبيعْ
ليعلم الجميعْ
أن التراب لن يضيعْ
أن الحقول لن تموت في ضميرنا المنيعْ
فليهطل المطرْ
مطر مطر مطر
حروفنا مطرْ
أوراقنا دفاتر المطرْ
أقلامنا سنابل يحبها المطرْ
وكل ما نكتبه قصيدةٌ
لا تنحني حروفها
عنوانها
أنشودة المطرْ