أين هو النصر أيها الفلسطينيون؟
د. فايز أبو شمالة
نهضالشعب الفلسطيني بكل فئاته يستقبل رفات الأبطال الذين فجروا أجسادهم شظايا في التجمعاتالصهاينة. نهض الشعب وهو يفتش في ذاكرة الشهداء عن دوافع الاستشهاد، ويفتش في عيونالأمهات عن مذاق الحزن المتحجر من عشرات السنين، حين كان شعار منظمة التحرير الفلسطينيةهو تحرير فلسطين كل فلسطين، وتحقيق النصر الكبير بعودة الأرض الفلسطينية، وعلى هذاكان القسم، ولهذا غادرنا الشهداء حالمين بعودة فلسطين، ولم يكن يخطر في بالالشهداء أن تكون عودة رفاتهم هي النصر الكبير الذي انتظره وتمناه القائد التاريخيلمنظمة التحرير الفلسطينية السيد نايف حواتمة!.
فأينهو النصر أيها القائد؟ هل إخراج رفات الشهداء من أرض فلسطين المغتصبة ودفنهم فيأرض الضفة الغربية وغزة هو النصر؟ وإذا كان ذلك نصرٌ، فلماذا تركتم رفات الشهداء عشراتالسنين، لماذا لم تنجحوا في تحريرهم؟ لماذا انتظرتم الكرم الصهيوني، ومبادرةالحكومة الإسرائيلية، وتفضلها على الرئاسة الفلسطينية، كما أعلن ذلك الإسرائيليون بلسانعبري وبلسان عربي حين قالوا: إننا نفرج عن رفات "مقبرة الأرقام" كمبادرةحسن نوايا تجاه السيد عباس، وتقديراً له، وطمعاً في أن يلتقط مبادرة حسن النواياهذه، كما قالت وزيرة الخارجية الأمريكية: ويوافق على استئناف المفاوضات معإسرائيل، كي يلجم الأطراف التي تسعي لتخريب حالة الانسجام، والهدوء القائمة فيالمنطقة!.
أينهو النصر يا قادة فلسطين، وأنتم تقتلعون رفات الشهداء من أرض فلسطين التي يحرصالإسرائيليون أن تصير أرض يهودية بلا شوائب عربية؟ وهل كانت تقبل روح الشهيد عزالدين القسام أن ننقل رفاته إلى باحة المسجد الأقصى؟ لقد طلب الصحابي أبو أيوب الأنصاريأن يدفن رفاته بعيداً جداً في أرض الروم، كي يلحقوا رفاته بجيوشهم! ألم تلاحظوا أنالحكومات البريطانية المتعاقبة لم تنقل رفات الجنود البريطانيين المدفونين منذ مئةعام على طريق غزة رفح؟! لقد ضحك الإسرائيليون عليكم، واقتلعوا الشهداء من جذورهم، وتركوكمتحتفلون بالنصر الكبير، لينتظرون ردكم الطيب على مبادرة حسن نواياهم!
إنمن يرى في مبادرة حسن النوايا الإسرائيلية تجاه السيد عباس نصراً، ينتظر مبادرةإسرائيلية تسمح له بالصلاة في المسجد الأقصى، ليعتبر نفسه محرراً للمقدساتالإسلامية والمسيحية، وينتظر مبادرة إسرائيلية أخرى تضاعف فيها عدد حاملي بطاقةشخصية هامة جداً، ليعتبر ذلك خضوعاً إسرائيلياً لشروط المفاوض الفلسطيني!.
كأنكميا قادة فلسطين لم تقرءوا ما قاله الشاعر محمود درويش:
في كوخنا يستريح العدو منالبندقية مثلما يفعل الضيف
يغفو قليلاً على مقعدالخيزران، ويحنو على فرو قطتنا، ويقول لنا:
لا تلوموا الضحية
يرد محمود درويش: سلم علىبيتنا يا غريب،
فناجين قهوتنا لا تزال علىحالها، هل تشم أصابعنا فوقها؟
هل تقول لبنتك ذات الجديلةوالحاجبين الكثيفين أن لها صاحباً غائباً، يتمنى زيارتها.