الأمانة والأمين
--------------
انها دعوة مباشرة الى كل رجال الاعلام العرب كي يتحملوا مسؤولياتهم الثقافية والاجتماعية التي اختاروها دون اكراه او اجبار فهم حملة المشاعل التي تنير الطريق امام الناس العاديين ايا كان موقعهم في الصحافة او في الاذاعة او في التلفزيون ..
لانهم الوسطاء بين عشرات الملايين من سكان الوطن العربي ومن العشرات من الحكام والمسؤولين العرب , وهذا يضعهم امام مسؤولية ضخمة يتحملون امانتها بكل ما في كلمة الامانة من معاني نبيلة وشريفة
وعليه فان كل صاحب قلم مهما صغر شأنه او تدانت قيمته يعتبر من الامناء في هذا الجيل العربي المتأزم , والامين هو الذي يحمل رسالة التنوير بمثالية قد تتعبه احيانا , وقد تثير الشفقة عليه احيانا اخرى , لكنها في نهاية المطاف ستصل به وبرسالته الى البر الذي يرجوه , وبصراحة ووضوح اكثر , نقول بان الانسان الامين هو الذي يقف الى جانب الاغلبية , وينقل ارائها , لتكون تعبيرا صادقا لموقف عام يتفق عليه غالبية اصحاب المصلحة ذات الموضوع المطروح للنقاش .. فاذا تعرضنا للشعب الفلسطيني مثلا وتطلعاته , يجب ان نستلهم ذلك من خلال الاغلبية , ونرفض الاقلية مهما كان موقفها المادي لانها لا يمكن ان تكون بدلا عن الاغلبية بأي حال من الاحوال , اما التوجه الى الاقلية وتجاهل الاغلبية في البحث عن اجابات تخص القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني فهى خيانة للامانة التى تتحملها الوسائل الاعلامية ..
- وذلك في السياسة اوردناه كمثال حي , نعيشه في , هذا الوقت بالذات لنؤكد على اهمية وموضوعية الطرح الامين في وسائل الاعلام .
- اما في الاداب , فاشد ما يقتل الابداع فيه , ذلك الاسلوب السوقي في الذم والشتم والتحجيم والتقزيم بين المشتغلين به لانه بأبسط الكلمات سيتحول الادب والعياذ بالله الى قلة ادب .. وتضيع الرسالة المرجوة من الادب في الفاظ لم يخترعها قاموس عربي والحمد لله
- واذا انتقلنا الى الفن نجد امامنا مأساة حقيقة , تمثل مأساة الانسان العربي المثقف في التمحور احيانا , والتقوقع احيان اخرى , فهذا يرفض العمل الفني لانه قادم من البلد الفلاني , وذلك يفتقد الفنان العلاني لان شكله لا يناسب قلمه , وثالث يلعن المحطة التلفزيونية لانها تحشو ساعات بثها بمسلسلات وبرامج تخص بلد لا يطيقه في التوزيع الجغرافي .. الخ الى اخر تلك المواقف الممسوخة التي تشوه رسالة النقد والاعلام الفني على أي حال من الاحوال , وتحول الناقد الى داعية تحركه ذاتيته دون البحث عن الاطار الفني والمضمون الهيكلي للعمل المعروض على الجمهور..
- ويبقى للامناء رسالة ضمن ذلك الطرح العمومي , وهي تتخلص في الاخذ بيد الجديد دائما وتشجيعه وتحفيزه لكي يطور نفسه وينمي ابداعاته ومواهبه في اللون الثقافي او الفني الذي يقدمه , لان في الجديد الامل دائما لتوسيع رقعة العمل الثقافي – المدخل الى نهضة حضارية عربية تعيد لنا مجدا زائلا .
والمانة وحدها التي تقود الى هذا المدخل الذي نبتغيه .. اما الانحياز والتمحور ايا كان , نوعيا او جغرافيا , سيؤدي في النهاية بصاحبه الى التقوقع حول نفسه ايا كانت مرتبته التي يحتمي بها في الميدان الثقافي .
- فانتبهوا ايها الامناء في كل وسائل الاعلام , انتبهوا جيدا لكل كلمة , ولكل رأي , تكتبونه , على صفحات الصحف , او تعرضونه على شاشات التلفزيون , او تنقلونه في الاذاعات ..
- الكلمة .. امانة .. ومسؤولية ..
- ولا تبقى الامانة الا للامين ..
------------------------------------------------
النفاق الاجتماعي
----------
قررت مرة ان اجد نفسي في عمل ابحث فيه حالات النفاق الذري , اخراج منه بفائدة واحدة , وهي وثقتي بما اكتبه واخترت لهذا الغرض الكتابة لاحد الاسماء اللامعة وكانت النتيجة التي توقعتها مقدما ... !!!
اسماء كثيرة هتفت للاسم اللامع , وجندت له الدعاية اللازمة , ودبجت عنه مقالات في الثناء والاطراء لا حد لها وقالو :
انه انجز الكثير في ميدان الثقافة والادب ...!!!
ابتسمت بيني وبين نفسي , وفضلت الانزواء في زوايا البريد الصحفي حتى لا تصدمني انانية المنافقين الذين لن يجدوا متعتهم في مهاجمة مقالة تنشر في بريد القراء ...!!
فالكلمة دور , والدور لا يبحث عن مكان , بقدر ما يبحث عن فعل يؤديه وينجزه , ايا كان مكان الكلمة ...!!!
في زوايا القراء ...!!!
او في زوايا لامعة ...!!!
فايماننا الثابت هو الانصهار في بوتقة الامل الذي نعيشه بالكلمة التي نكتبها , لا نريد عنها اجرا ...!!!
ولا تبحث عن مصلحة ...!!!
والا اغرقنا الكلمة في متاهات المصالح والانانيات , وزرعنا الاشواك بأيدينا رغم ان هدفنا زرع الورود والرياحين .
واعتقد ان فاريا لامعا في ميدان اللغة , قال : بانه عانى كثيرا من تامل احدى الصحف معه لفترة سابقه من الزمن وهي تضع له مقالاته في زوايا القراء المسنين .
- ثم تغيرت طبيعة التعامل معه , بعد ان تعرفوا !! على تاريخه اللغوي والذي اثبت انه فارس في ميدان اللغة وادابها .
- واثبتت لنا هذه الرواية على لسان صاحبها , بان التعامل مع الاسماء اللامعة هو الركيزة الثابتة في تقييم ما تكتبه اقلام ادبائنا وكتابنا .
- وتلك واحدة من علامات تخلفنا الحضاري ننظر الى قميص الرجل وسرواله قبل ان تحكم على معدنه واخلافه , ونحكم على المرأة بردائها , قبل ان نسمع منها دفاعها عن ذاتها .
- تلجأ دائما الى الاطار الخاجي وتقول مرة :
ما اجمله ...!؟! ومرة تقول :
ما استحقه ....؟؟
- اما الذي يحويه الاطار من معاني وصور فليست هي المطلوبة في عرفنا الحضاري ..
- نحن قوم متخلفون ... وميزة التخلف النفاق , ومحطات النفاق مقبولة في كل الميادين الا ميدان الكلمة التي يجب ان تحمي المجتمع من شرور النفاق والمنافقين باية صورة ممكنة ...!!!
--------------------------
لدغة الصديق !
لا بلدغ الؤمن من حجر مرتين , لأنه مؤمن .. والايمان ينبه حواسه واعضاءه نحو الصحيح دائما .
ولا يلدغ الصديق من صديقه مرتين , لان الصداقة درجة من درجات الثقة والثقة درجة من درجات اليقين , واليقين هو المدخل الى الايمان , ولا يعقل ان اصدق الصديق مرة ثانية , اذا ما حدث ولدغ مرة ..!!
لأن الصديق موضوع الصداقة , امر ليس مطروحا , للمزايدة او المهاترة , مهما كانت الظروف والمعطيات التى تفرض الذات الانسانية نحو المزايدة مع الصديق ..!!
فمزايدة الصديق على صديقه , تحول موضوع الصداقة الى موضوع خيانة الامانة , التي وضعها شخص من الاشخاص على عاتق شخص آخر فى حياته اليومية ..!!
وبقدر ما يكون طعم الصداقة حلوا ولذيذا .. بقدر ما يكون لدغ الصديق مرا وعلقما وعتيقا .. لأن موضوع الصداقة قد هدم , وتبيان الثقة في الآخرين قد اهتز .
ضمن المعادلة الانسانية فى حياة الافراد اليومية تنقلب الاشياء على رأسها , ويصبح اخمص القدم , مثل الناصية , لا فرق ابدا , وبالتالى تكون المراجعة ضرورية ويكون الحساب للنفس قاسيا وعنيفا , يهز العقل الى درجة الشك في كل شئ , والشك مدخل من مداخل الهاوية والعياذ بالله من الهاوية