يقال: أقرَّ الله عينك أي صادف فؤادك ما يرضيك فتقرَّ عينك حتى لا تطمح بالنظر إلى ما فوقه ، وتقال فيما يرضي، والعرب يصفون دمعة الحزن بالحرارة ومن ثم يقولون في الدعاء على الرجل اسخن الله عينه ويصفون دمعة الفرح بالبرد ومن ثم يقولون: قرت عين فلان في السرور والفرح وأقر الله عينه! ، وقيل معنى أقر الله عينك بلغك أمنيتك حتى ترضى نفسك وتسكن عينك فلا تستشرف إلى غيره.
وفي القرآن آيات كثيرة عن قرة العين منها قوله تعالى في سورة مريم: "فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا.
{ وَقَرِّي عَيْنًا} أي: طيبي نفسا . وقيل هومشتق من القرار فإن العين إذا رأت ما يسر النفس سكنت إليه من النظر إلى غيره أو من القر وهو البرد ، فإن دمعة السرور باردة لانصبابها من الدماغ كما أن دمعة الحزن حارة لصعودها من الرئة ولذلك يقال قرة العين للمحبوب وسخنتها للمكروه .
وعند القرطبي:{وَقَرِّي عَيْناً} معناه نامي ، حضها على الأكل والشرب والنوم.
أَقَرّ الله عَيْنَه : أَنامَ عَيْنَه والمَعْنَى صادَف سُروراً يُذْهِبُ سَهَرَه فَيَنَامُ .
ومع ذا وذا قلبي لفرط اشتياقه ... يــزيد بذكراكــــــم علـــــــى حر حرا
أبيت قرير العين أرعى خيالكم ... ويصبح كفي من لقائكمو صفرا
ومنها قوله تعالى :وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ ، ومنها قوله تعالى : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين .ومنها قوله تعالى :وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.
قيل أنه دخلت امرأة على هارون الرشيد وعنده جماعة من وجوه أصحابه فقالت:
يا أمير المؤمنين أقر الله عينك وفرحك بما آتاك واتم سعدك لقد حكمت فقسطت .
فقال لها من تكونين أيتها المرأة فقالت من آل برمك ممن قتلت رجالهم وأخذت أموالهم وسلبت نوالهم .
فقال أما الرجال فقد مضى فيهم أمر الله ونفذ فيهم قدره وأما المال فمردود إليك ، ثم التفت إلى الحاضرين من أصحابه فقال أتدرون ما قالت ؟ ، هذه المرأة فقالوا ما نراها قالت إلا خيرا قال ما أظنكم فهمتم ذلك أما قولها أقر الله عينك أي أسكنها عن الحركة وإذا سكنت العين عن الحركة عميت وأما قولها وفرحك بما آتاك فأخذته من قوله تعالى " حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة " وأما قولها وأتم الله سعدك فأخذته من قول الشاعر
إذا تم أمر بدا نقصه ... ترقب زوالا إذا قيل تم
وأما قولها لقدحكمت فقسطتفأخذته من قوله تعالى:" وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا " فتعجبوا من ذلك .
اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ