جواميس فلسطين
بقلم : أ . تحسين يحيى أبو عاصي –
كاتب فلسطيني – 26 – 4 – 2011 م
------------------------
الجواميس هي التي لا تتآلف إلا مع قطيعها ، شأنها بذلك شأن كل الحيوانات والحشرات ، ولا تفكر في يومها ولا في غدها ، ولا هَمَّ لها غير طعامها وشرابها ، وترفض أن تقاوم عبوديتها ، فتراها تدور حيث دارت الساقية أو مَن بيده رسنها ...قالوا حديثا : أن الحمار يملك نسبة من التفكير ، وأن القرد يملك نسبة من الذكاء ، وقالوا أن النملة تدافع عن جحرها ، وأن النحلة تدفع حياتها ثمن دفاعها عن خليتها ... فما أجمل الحياة عندما تكون على فطرتها ، خالية من المكر والخبث والتشويه والصناعة الملونة ...أما جواميس فلسطين : فقد نجحت دولة الكيان في بنائها خلية يتلوها خلية ، وصنعت ثقافتها على عينها ، فقد عاشت تلك الجواميس وشقت طريها كما تريد دولة الكيان ...عجيب أمر جواميس فلسطين ، فهم لا يهتمون بغير العيش ومن أجل العيش فقط ، ولو كان ذلك على حساب فقدان أمنهم وكرامتهم وسلامتهم وحريتهم ، وتراهم حريصون فقط على جمع المال ، ولا يهمهم شيء اسمه وطن أو شعب أو قضية ...جواميس فلسطين : لا وعي ولا إدراك ولا مسئولية ، جل اهتمامهم حب الذات والنفاق والتملق ، وارتداء لباس الحرباء التي تتلون مع كل لون ، وكما يقول بحقهم المثل : لا للصيف ولا للضيف ولا لعثرات الزمن ، يتسلقون كالنبات المتسلق للجدران ، فلا طعم ولا رائحة له ، وربما يكون طعمه مرا ، وذو ملمس شائك ، ومأوى للحشرات ...راقت جواميس فلسطين للاحتلال ، فلا يعني الجواميس من يحكمهم ، ولا من يطعمهم ويسقيهم ، ولذلك هم لا يؤثر عليهم الاستيطان ، ولا بناء الجدار ، ولا تهويد القدس ، ولا ضياع فلسطين ، ولا تشريد شعب ، ولا قصفه واعتقاله وهدم ومصادرة ممتلكاته ...الخ .جواميس فلسطين لا تفكر بأن مصيرها الذبح والوقوع بين أنياب الجزار ، من بعد أن يستنزف طاقاتها ، وقد أشبعها ذلا وهي عاجزة بغير حراك ...متى ندرك أن المجتمع المدني يعني بناء الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، ويعني بناء الكرامة والوعي ، وبناء الوطن والمواطن والهوية والتراث ، ومتى نعمل معا من أجل فلسطين واحدة لا جواميس فيها ، يسودها مجتمع مدني حديث ، ومؤسسات حديثة تبني المواطن قبل أن يحمل البندقية ، بعيدا عن التعصب والجمود والجهل والكراهية ، نؤمن بالتعددية كما يؤمن أعداؤنا ( مع الأسف ) ...لماذا لا نكون نحن الفلسطينيون كاليابانيين مثلا ، أو كاليوغسلافيين ، أو كالسويديين ، من حيث الوعي بقيمة الإنسان والوطن ، بحيث لا مكان للجواميس فيه ... ومن لم يعرف شيئا عن تلك الدول ، فليقرأ عن ثقافتهم ، وأساليب تعاملهم ، ونظرتهم إلى الآخر ، وليقارن بعد ذلك بين الحالتين ... ليدرك أننا نعيش في عالم هو أقرب ما يكون إلى الأدغال الموحشة المظلمة ، فلا تحرير ولا دولة من دون حالة مدنية راقية ، ولا مصالحة ولا وحدة بدون ثقافة ووعي ...للمزيد : موقع النورس الفلسطيني الخاص بالكاتب http://www.tahseen-aboase.com/snews.php?id=1811 فيس بوك التجمع المدني من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية للاتصال بالكاتب من داخل فلسطين 0599421664من خارج فلسطين 00970599421664