علي عويرة أول صحفي كفيف في سورية
المصدر رهف المهنا
02 / 03 / 2007
عندما تكونُ الإرادة بالنسبة لبعض المعوقين هي وسيلة لتخطي صعوباتِ حياتهم ، عندها يمكنهم أن يشعلوا شمعة تنيرُ درب من يبصر، وتعلمه دروساً في المثابرة والاجتهاد والتعلق بالأمل والسعي وراء الأفضل.
"علي عويرة" أول صحفي كفيف لم تثنِهِ إعاقته عن الشعر والوسيقا ولم يعقه فقد بصره عن امتلاك البصيرة. "بلدنا" التقته وكان معه الحوار التالي :...
ماذا ممكن أن تخبرنا عنك وعن شهاداتك وهواياتك، ومنذ متى أصبت بإعاقتك:
حصلت على إجازة في الأدب العربي في العراق وضارب على آلة الإيقاع إضافة إلى
ميولي الأدبي الذي بدأ بالخواطر وانتهى بالشعر بدءاً من المرحلة الإعدادية
ثم الشعر العامودي كما درست علم العروض في المرحلة
الثانوية ثم بدأت بكتابة الشعر العامودي بأغراضه المختلفة: الغزل والرثاء والمديح وجزء من الحكمة..
بأي طريقة كنت تدرس ؟
في المرحلة الابتدائية والإعدادية بطريقة البرايل
أما في المرحلة الجامعية بدأت أدرس عن طريق التسجيل بالكاسيت فكان هناك من يسجل لي المحاضرات من أصدقائي وزملائي في الجامعة أما في الامتحان فكان هناك شخص مخصَّص يكتب لي ما أمليه عليه من أجوبة.
كيف أتقنت العمل الصحفي وأنت كفيف؟
فيما يتعلق بالصحافة فهي حكاية أخرى وأجد متعة في روايتها لأنني بدأت العمل
الصحفي في مجلة الرؤية التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة ثم انطلقت إلى أفق الصحافة
سألت كثيراً كيف أعمل في الصحافة وأنا كفيف وكان الجواب بكل بساطة إن الصحافة تعتمد في نصفها الأول على الحس وتلخيص الكلمات والمؤتمرات ثم يأتي الحس البصري وهو التصوير، لكن الحس القلبي يوصل الفكرة والرسالة على المتلقي بشكل أفضل من الحس البصري في أغلب الأحيان.
يمكنني أن أقول إن ما أوصلني إلى هنا هو الإرادة والعزيمة فهي الأساس لتحدي كل
الصعاب، فإذا توافرت هذه الأسس استطعت أن أتجاوز كل الصعوبات وكل العراقيل.
بالنسبة للمعوقين ما هي نشاطاتك ؟ :
حضرت مؤتمرات وندوات تخصَّص بعض منها للمعوقين والبعض الآخر كانت بشكل
عام، أما فيما يتعلق بالمؤتمرات ومشروعات العمل المتخصِّصة للمعوقين فقد شاركت
في العديد منها سواء بالحضور أو بالمشاركة الفعالة في المداخلات التي طرحتها.
وفي السنوات الأخيرة في سورية لمسنا اهتماماً كبيراً من قبل الحكومة بذوي
الاحتياجات الخاصة من خلال المراسيم والقوانين التي صدرت لصالحنا.
مثل قانون 34 عام 2004 الذي ينصُّ على إعطاء كثير من الامتيازات سواء على الصعيد
الصحي والتربوي والاجتماعي والمهني والـتأهيلي وحتى على صعيد النقل والإعلام،
ولكن هذا لا يعني أن المعوقين حققوا طموحاتهم أو حصلوا على حقوقهم من خلال هذا
القانون ولكن العمل جارٍ على تحسين واقع هذه الفئة في المجتمع.
أما عن المطالب التي نحتاجها نحن كمعاقين لا أقول إنها مطالب بقدر ما أقول
بأننا نطمح نحو الأفضل ونحن لا نفرض هناك قولاً يقول " القسوة في الطلب يفقد
الرحمة في الجواب"
ماذا عن القانون 34؟
القانون 34 على الرغم مما جاء فيه من إيجابيات لتحسين واقع المعوقين إلا أنه
خلا من الأساسيات ( البنى التحتية لبعض الأبنية التي يجب أن تحمل مواصفات خاصة
للمعوقين)
النقطة الأخرى هي موضوع السكن، في كل دول العالم هناك جهة ترعى المعوقين
سكنياً وأقصد بذلك جهة رسمية وليس جهة خاصة يمكن أن تخصِّص عدداً معيناً من
المنازل لسكن المعاقين وتكون بأسعار رمزية وذلك بدفعة أولى لا ترهق كاهل المعوق
وبأقساط شهرية تعين المعوق على المعيشة.
إضافة إلى ضرورة إقامة ندوات شهرية للتعريف بالمعوق يدعى إليها أصحاب الاختصاص
من كافة الوزارات وباحثين اجتماعين ومرشدين نفسيين وغيرهم.
أما بالنسبة للعمل فإن القانون 34 ينص في إحدى فقراته أنه يعيّن 4% من المعوقين
من مجمل الموظفين في كل وزراة ومؤسسة من وزارات الدولة وحتى في القطاع الخاص .
بالنسبة لمسألة دمج المعوق في المجتمع، هل لاقت صدى جيداً برأيك ؟
هذه مسألة جاءت متأخرة إلى حدٍّ ما ولكن في البداية يجب توعية المجتمع وذلك يكون بتوافر عوامل محدَّدة لاستيعاب
المجتمع للمعوق واحترامه. وليس العطف لأنه أحياناً يمكن أن تفهم كلمة الاستيعاب
على أنها عطف .
ولكن برأيي على المعوق في البداية أن يعرف ماذا يريد وما هي إعاقته، أي أن يفهم
نفسه ويثق بها، أنا مثلاُ أعمل معاملة الشخص العادي وليس المعاق من قبل
المجتمع والمحيط والبيئة عندما أخطئ أحاسب وعندما أصيب يثنى علي إضافة إلى أن المعوق يجب أن يبعد عن نفسه نظرة الشفقة من خلال مظهره وتعامله مع الآخرين.
لم أعتبر نفسي يوماً معوقاً منذ دخلت المدرسة النموذجية للمكفوفين، أنا فقدت
بصري ولكن لم أفقد ذاكرتي وذكائي، حكمتي أن أسير ببطء ولكن بالتأكيد سأصل.
ماذا عن نظرة المجتمع لك وللمعوقين ؟
إنها نظرة قاسية ولكن كيف يمكن أن نحول هذه النظرة إلى نظرة إيجابية، مثلاً
حين أطلب من شخص أن يعينني على عبور الطريق بلطف فأي شخص عندها حتى ولو كان قاسياً وغير رحيم سيلبي طلبي.
من يساعدك على التنقل والذهاب؟
زوجتي ترافقني إلى بعض المؤتمرات والندوات ولكن أنا لدي في هذا الأمر تجربة خاصة، إذا قررت الذهاب إلى مكان ما لأول مرة، أذهب إليه بمفردي فأقع وأتعثر وأجرح نفسي بمعنى أني أكون قد دفعت ثمن تجربتي وهذا يؤدي إلى أنني أكون قد حفظت المكان عندما أريد العودة إليه.
هل حصلت على شهادات تقدير من جهة معينة؟
في عام 2006 حصلت على شهادة مشارك في المكتب التنفيذي للأمم المتحدة في دمشق
وفي عام 2007 حصلت على شهادة تقدير عن الغرفة الفتية JCI بمشاركتي بورشة العمل على كيفية توظيف المعوقين..
هل هناك جهة معينة ترعى المعاقين؟
أودُّ أن أشكر السيد الرئيس "بشار الأسد" وعقليلته على الاهتمام بالمعاقين، والسيد
"محمد ناجي عطري" رئيس مجلس الوزراء الذي قال عني " الكفيف قوي الحافظة شديد
الانتباه"
إضافة إلى مشروع حفظ النعمة الخيري الذي يقدم لي الكثير، وأشكر كل من ساهم
ويساهم في خدمة ورعاية هذه الفئة من المجتمع التي إذا توفرت لها الإمكانيات
لأبدعت وأعطت الوطن الكثير.
ماهي الرسالة التي توجهها لكل معوق؟
أوجه رسالة قصيرة إلى كل معوق بأن يمتلك الإرادة ليصنع من خلالها قوة تمكنه من تخطي إعاقته في شتى المجالات على الأقل لكي يدع المجتمع لا ينظر إلينا على أننا معوقين بل مثلهم تماماً وربما أفضل منهم في بعض الأمور أحياناً.
آخر تحديث ( 02 / 03 / 2007 )