عودة بلا عودة...
***********

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


ككل يوم يذهب زوجي إلى عمله..
يتركني وحدي مع والدته العجوز..والتي أكل الزهايمر دماغها بقوة..فلاتذكرني ولاتذكره..ونبقى نطلب رضاها إيماء!
تحرك رأسها بالرضى عما قمت به..رغم أنها كانت تحرج مني غالبا في جل تصرفاتها ,قد أكلت مني الوحدة والوحشة جدا.. خاصة بعد هجرة أهلي عن تلك المنطقة المنكوبة .
لقد بت لدى سماعي للأخبار المحزنة كثيرا..أتآكل من داخلي..واحترق بلا حول ولاقوة..أفرغ شحنة غضبي لورقة لا تفصح عن مكنونها لأحد..
اتصل به طول النهار وبأهلي لأطمئن أنهم أحياء,وقد لا يتيسر الأمر لأمور طارئة لاأعرفها..فأبقى في قلقي الممض وقتا طويلا..
النار أتت على الحي المجاور وهجرت من هجرت..ومازال زوجي صامدا يرحب بحالة التحام مابين لحمنا وتراب الوطن!.و الذي بات أحمر َ من كثرة من دفن فيه..
عندما دوى انفجار جديد...ماتملكت نفسي أبداً..وجدتني وقد جمعت ماخف حمله ولبت حاجته حاجتي..أمسك بخالتي العجوز الضائعة ,أجرها رغما وهي تقاومني قائلة:
-كل شيئ بخير مالك يابنتي؟
لها الحق فسمعها المتراجع , كان رحمة لها وليس لي..ورضاها ببعض بقع ملونة من الحياة جعلتها تقبل بما تبقى من أدوات حياة...
أجرها مرغمة فأم صالح تناديني من أسفل البناء اهبطي يا زكية الناس مضت و الحي يتهاوى فوق رؤوس البشر...
-ياخالة لاأستطيع إقناع الخالة صفية وحدي...تعالي ساعديني..
تساعدني وفي يدها حفيدتها وأغراض كثيرة .....نهبط السلم متثاقلين باكين مزمجرين ..نبتعد بعيداً جداً... بلهفة حب الحياة الفطري..
نرى الأبنية تتهاوى على رؤوس أصحابها...
يتراءى لي زوجي من بعيد صائحا..
تظهر لي الجثث متفحمة في الطرق الباهتة...
وأجدني وحدي في الشارع المؤدي لمنزلنا وفي يدي رضيعا ينغر!!...
أسمعته من بعيد يقول:
-هيا لنعود لدارنا من جديد!!!!
ريمه الخاني 12-5-2012