حديث ذو عيون
من أين جئتُ إلى عينيك أحملـُه=عشقي، ولستُ الذي بالوَهَمِّ أُُنْزِلـُه؟
إليكِ أُبْدِي انْتقالي من صميم يدي=إلى غدٍ،ليْ شروقُ الحبِّ ينقلُهُ
من تحتِ قلبٍ ونصفٍ ما جناه دمي=إليكِ مع جمراتِ الشوقِ أنقُلُهُ
أدريْ بـِنَوْبَةِ آهاتٍ ستكشفُني=عندي ،ولكنْ عليها الصدرَ أقفله
زيدي المراكبَ ميناءً وساريةً=قد آنَ للبحر من عينيك أَدْخـُلُهُ
أبكي على صَدرِ شعري نصفَ مَكْتَبَةٍ=وأذرفُ البحرَ من نارٍ سَتُشْعِلـُهُ
وما تنبَّهتُ للمصباح يخنقُه=ظهرٌ، دمَ النَّارِ مَعْطُوْبَاً يُحَلِلُهُ
أعدو وظلِّي على أقدامِه التَبَسَتْ=فوضى، فأيَّ سبيلٍ شقَّ مُعْضِلُهُ؟
ظلِّي يُجاهِدُ أنْ أبقى بجانبـِه =حتَّى يُشاهدَنِي أنِّي أُظَلِلُهُ
فلا أرافقُ طيشا سوَّلت لدمي=أعباؤه بهشيم الحمق تُوْغِلـُهُ
أجرِّدُ النفس من ألغاز غربتها=كي أستردَّ لها وجها أفضِّلُهُ
لكن تحَدَّر من وجهي الـ ـبَذَلْتُ لها=أمامَ رِدَتِها عنِّيْ تَسَوُّلـُه
فاجَّرَّأتْ لغتي أن تستعيرَ فمي=وما علمتُ بها معنى سيقتله
فانحرْ على نُصُبِ الأقلام محبرةً=فيها من النزق الوحشي مُجْمَلُه
في معطفِ الفرحِ المجنون نصفَ فمي=أُوْدَعْتُ،والنصفُ حين الرَّدّ يَبْذُلـُهُ
حتى أَفُضَّ خيوطـَ الصَّبرِ عن لغةٍ =فيها البيانُ تَخلَّى عنهُ مُخْمَلـُهُ
وعدي المُصَنَّفُ في أولى الهَيام خَطا=وما تعذَّرَ بالأميالِ أطولـُه
****************=****************
يُوشي بيَ الدَّرْبُ للقنديل حين سرى=بما يُخَبِئُ في جنبيه أَرْذَلـُه
فلا يُعِيْرُ ازدحامُ النورِ وسوسةً =أدنى ارتباكٍ ولا يَهْتَزُّ مَحْمَلـُه
فاخلعْ سوارَ الكرى عن معصميك فلا=يغري الهوى معصمٌ بالقيْدِ يُشْغِلُه
شقَّ الحمامُ قميصَ الفجرِ وانطلقتْ=من كمُّه الطَّيْرُ من سِرْبين تَغْزِلـُهُ
لِيَغْزِلَ الوجدُ من نُوْرَيْنِ بردتـَهُ =هبَّ الدُّعاءُ وفي كفَّيْهِ مغزلـُهُ
والشدوُّ قد هامَ في أبوابـِه سمرٌ=غضٌّ تعلَّقَ بالمزمار مِفْصَلـُه
فالغابُ لا يستطيع النضجَ مِرْجَلـُه=بـِبـِنْتِ نارِ وأنداءٌ تُقَبِّلُهُ
تُفضي إلى القبَّراتِ الخُضْرِ مُأدُبَةٌ=من أطيب اللحن بالأسحار تُنْزِلـُهُ
وهكذا من فمِّ الجوري موسقةٌ=عطرَ الصحارى إلى الأحباب تنقلـُه
نصفي الجديدُ ونصفي اللا أعَتـِّقُهُ=إليك عِبْرَ أثيرِ العشق ِأنقلـُه
أََبُثـُّنِيْ فوق موجاتِ الغرامِ على =صوتٍ تَوَسَّطـُهُ خفقٌ ومُرْسِلـُهُ
مفعولُ عينيك سِحرٌ لا يُحيط به=وصفٌ ولا تمتماتُ السِّحر تُبْطِلـُهُ
عشقي البدائي سبيل الطهر منهجه=وأيُّ نَفْلٍ من الخدِّين يَقْبَلـُهُ
يحيا على قُرصِ شوق منكِ، يمنحنه=عيشا بكل هناء لا يُبَدِّلـُه
وكوب عشق من الأحلام يغرفه=حتى يفيض على ثغر مُقـَبَّلـُه
ولا يميل إلى أيِّ الجهاتِ سدىً=قلبي الذي مانعَ التـَّوْجِيْهَ أولـُه
مال السبيل على القنديل فانتظرت=مني السريرة ما يبديه مشعلـُه
أمشي ويتبعني دربٌ وأُتـْبِعُنِي=عذري إلى لستُ أدري ما يُعـَلـِلـُهُ
ضيعتَّني عند باب الغيم، أين أنا؟=والقمح بعدك من عني يُسَنْبِلـُه؟
مُتَرْجَمٌ من لغات البدو ،في لغتي=قاموس عينيك صدقا لست أجهلُه
طبق الهدى فصله المنشور في كتبي=وفق اتجاه الرضا شعري يُحَوِّلُهُ
فلا أدقق بالساعات أشغلها=أو شاغلتني بوقت لست أشْغِلـُهُ
في أي وقت أراني ممسكا بغدي=آتي وحلمي على كفيِّك أُسْبـِلُهُ
نقلـِّبُ الحلمَ من أطرافِهِ لنرى=أيّ انحناءٍ يُعِيْقُ الحبَّ نَصْقُلـُه
**********************=********************
في ذات شعر تقصَّى الليلُ مكتبتي=فلم يجدْكِ بها والصمت يجهله
وراح يسأله حينا ويتركه=حينا وأقسى سؤال فيه يُنْزِلـُهُ
عمن تفَتِّشُ؟ ماذا كنتَ فاعلـَهُ=لو أنني لم أكن بالشعر أفعلـُه؟
ماذا جرى لهدى كيف المسير لها=والليل مسراي قبل الخطو يصقله؟
وأبطأُُ السير إن زلَّتْ به قدم=في حفنةٍ من ترابِ التـِّيْهِ أعجلـُهُ
كيف اقتحمت مشاويري التي امتلأت=عشقا وقلبي عليها النبضَ يسدله؟
وللحقيقة لا التهديدُ طمأنه=قيدَ اعتراف ولا الترهيبُ يذهله
وكلما فطنتي هزَّتْ جنايتَهُ=عادت لتكشف أنَّ العذرَ تَقْبَلُهُ
أودعتُ في ذمَّة التَّرقيع مقتلُه=فيه اتهام لمن بالصفح يقتله
أحضرتُني لادِّعاء خصمه شجني=والجرمُ ضدي مِيُوْلُ الوجد تَفْتِلُهُ
وقَّعتُ في حضرة الأشواق معترفا=أن الهدى باسمها قلبي أُسَجِّلـُهُ
عنها بحثت وعني في ضفيرتها=وفي العيون خبيرَ البحث أُرسله
علَّقتُ صورتها الخضراء في مدني=وكل وادٍ، ظباء الشمس تدخله
أخبرت عنها اصطياف الحب هل ضربت=وعدا ووافقها بالصيف محفلُه؟
قالوا وجدنا صفاتٍ قد تطابقُها=لكنَّها في مقاس الحسن أجملُه
بين الربا ومروج الضوء نائمة=والحلمُ يضبطه للفجر بُلْبُلـُهُ
والشَّعْرُ موال نيسان يُلَيِّلُهُ=شِعْرٌ،(وَأُُرْكِسْتِرَا) الأطيارِ تُسْدِلـُهُ
من فطرة البدوِ ما صانته عفَّتُها=جاءت وكلّ أصيل الخلق تحملُه
عشنا انتفاضة حب درعُنا أملٌ=وكلُّ قول وراء العشق نجعله
علـَّمتها أبجديات اللقاء كما=للشمس ميقاتُ ضوءٍ لا تعجِّلـُهُ
علَّمْتُها كيف يغلي من فمي دمُها=إذا تنبَّه للنيران مِرجَله
والثغر ما تاه عن توصيل وَشْوَشَةٍ=إنِّي إلى آخرِ التـَّقْبـِيْلِ أُوْصِلـُهُ
كذا تعلَّمْتُ أنَّ الحبَّ منزلةٌ=عُليا،وبينَ النُّجُوْمِ الخُضْرِ مَنْزِلُهُ
وما توفَّر من عمري الذي ازدحمت=فيه الأغاريدُ بـُشرى أين أبذله؟
وأيُّ ذنبٍ يزيد اللومَ كيف لنا=بما نُوَفـِّرُهُ للصيفِ نَغْسِلـُهُ؟
من ديمتين رحيقَ البوحِ نعصرُه=وأطيبَ الهمسِ للقيا نُؤَجِّلـُهُ
الحبُّ من ركلةِ التَّأويل يحرسُنا=والمستحيلُ بطيبِ القلب يَفْعَلُهُ
والحبُّ أيَّ كثيرِ الذنب في زمن=لا يستساغ له عَدٌّ يُقَلِلُه
في دفترِ الشمسِ طهر العشق سجَّلَنا=كذا بموسوعة الدنيا نُسَجِّلـُهُ
كي يستريحَ عنائي من متابعتي=تحتَ امتثالِ العيونِ الخُضْرِ أجعلـُهُ
يا ناعسَ الثَّغرِ علِّمني الشعورَ به=مازلتُ غِرَّا بموالٍ يُعَنْدِلُهُ
أُوْتِيْتَ من آية الفصحى زبور هدى=داودُ للغاية الأسمى يُفَعِّلُهُ
هذا بيانُ الهوى تَوْقِيْعُهُ ،بدمٍّ=في حضرةِ العشق والتَّقْوَى، نُذَيـِّلـُهُ
ــــــــــــــــ
من ديواني ثلاثية الهدى
الكويت:30/5/2009