السؤال : المعروف أن التدخين حرام ، ولكن هل يعتبر الشخص المدخن شخصاً منتحراً أو الذي مات بسبب التدخين شخصاً منتحراً ؟ وذلك لأنه من المعروف أن في الدخان أو السيجارة مواد سامة ومسرطنة تؤدي إلى الموت ، ورجوعاً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي معناه : (أن من تناول سماً فمات ففي النار خالداً) ، فهل يعتبر أنه منتحر ، وبالنسبة لي أنا أدخن قليلاً جداً وللتسلية ، فما الحكم؟ وهل تعتبر السيجارة خمراً نظراً لـ (كل مسكر خمر) و (ما أسكر قليلة فكثيرة حرام) وهل ينطبق على الشيشة؟
الجواب :
الحمد لله
يحرم شرب الدخان ؛ لما فيه من الخبث والضرر وإضاعة المال ولا يبلغ شرب الدخان درجة الانتحار باحتساء السم ونحوه ، لكنه محرم قد يؤدي إلى تلف النفس أو تلف بعض الأعضاء على المدى البعيد .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الذي يموت بسبب التدخين ، هل يكون منتحراً ؟
الشيخ : هل تظن أن الذي يشرب الدخان شربه ليموت؟
السائل: لا.
الشيخ : إذاً ليس منتحراً ....
فرق بين من يقصد قتل نفسه ، ومن لا يقصد .
لكن يقال : إذا كان ضرر الدخان يؤدي إلى القتل ، فهذا من أقوى الأدلة على القول بالتحريم ، وهو لا شك عندي أنه محرم -الدخان- لما فيه من أضرار بدنية ، وأضرار خُلقية ، وأضرار مالية ، ألم تعلم أن الذي يشرب الدخان إذا لم يجده ربما يبيع عرضه ؟
على كل حال : الدخان عندنا لا نشك أنه حرام، لكن لا نقول : إن من شربه قاتل نفسه ؛ لأنه ما قصد قتل نفسه " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (198/14) مختصرا.
ولا يعتبر الدخان خمرا ؛ لأنه لا يسكر ، لا قليلة ولا كثيرة .
وكذلك الشيشة لا تسكر .
والدخان مضر ، خبيث الرائحة ، ولا نفع فيه ، فليس من العقل تناوله وتضييع المال فيه .
وإذا علم المدخن أنه كلما تناول سيجارة فقد أذنب وعصى ربه ، ونكت في قلبه نكتة سوداء ، وربما اجتمعت هذه النكت على القلب حتى يسود ويظلم ، هان عليه ترك الدخان ابتغاء مرضات الله وخوفا من عقابه .
قال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا ، حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) رواه الترمذي (3334) وابن ماجة (4244) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وينبغي أن تحمد الله تعالى أنك لم تصل إلى مرحلة إدمان الدخان والشعور بالمشقة في تركه ، وعليك أن تسارع بالتوبة والإقلاع عنه ، فليس فيما حرم الله تعالى مجال للتسلية ، وقد يعاقب العبد بتساهله في اقتراف الحرام باعتياده وإلفه والمداومة عليه بحيث يصعب عليه تركه ، نسأل الله العافية .
والله أعلم .