الغزو الفكري بين الحظر والسماوات المفتوحة
الكل يعلم ماللهوية الثقافية للأمم والشعوب من أهمية
وكل شعب على وجه الأرض يسعى أفراده للمحافظة على تلك الهوية بكل ماأوتوا من وسائل المحافظة عليها لأن الهوية بالنسبة للشعوب تعادل الحياة
ومصطلح الغزو الفكري ظهر في ثقافة جيل الرواد في عالمنا العربي والإسلامي مترافقاً مع الاحتلال الغربي لبلادنا ويعد من أهم أهدافه
ولكن لم يحقق ذلك الغزو الفكري نتائجه المرجوة بالنسبة إلى الاحتلال حيث أن موقف الشعوب من الاحتلال في الأساس هو النبذ والبغض ومن ثم بعض كل ماأتى به ذلك الاحتلال
ومع يقيننا بأن الاحتلال بشتى أنواعه وفي كل زمان ومكان له أذناب من أبناء جلدتنا إلا أنه هو وأذنابه لم يستطع أن يحقق شيئاً يذكر في إذابة هويتنا العربية والإسلامية في أكثر من قرن مما دفع هؤلاء المحتلين إلى الاعتراف بفشل ذلك النهج الذي اتبعوه وإنهاء الاحتلال للأرض واستبداله
بأسلوب أنجع وهو الغزو الفكري عبر السماوات المفتوحة والإعلام الموجه
فكانت القنوات الفضائية لعشرات من الأقمار التي تدور في الفضاء لتبث سمومها ليل نهار ثم كانت الشبكة العنكبوتية التي بدأت عسكرية المنشأ ثم استخدمت لنفس الغرض على أوسع نطاق وأصبحت ساحة للحرب معلنة على الهوية من كل أعداء أمتنا العربية والإسلامية تستخدم فيها شتى الوسائل لإذابة تلك الهوية وأصبح الإعلام الموجه هو الوسيلة الفعالة
ولايجب هنا أنكار أنها أصبحت أيضاً أرضاً خصبة لدى المخلصين من أبناء أمتنا لنشر ديننا الإسلامي الحنيف والتأكيد على ملامح وسمات هويتنا الإسلامية فانتشرت العديد من المواقع الهادفة والتي تصب في المصب الصحيح وتسير وسط الركام بجهود القائمين عليها لتحقيق أهدافها في عناء يدرك حجمه كل من يتابع تلك المواقع
ولكي تؤتي تلك المواقع الهادفة ثمارها وأيضاً تلك القنوات الهادفة نأتي إلى إشكالية كبيرة وهي أن الإعلام المغرض المتآمر على الهوية له من الإمكانات والقدرات والرجال مايفوق بمراحل تلك الإمكانات والقدرات والرجال المسخرون للإعلام الهادف سواء بالفضائيات أو بالنت أو بأي وسيلة إعلامية أخرى كالجرائد والمجلات والدوريات والنشرات
ومن هنا كان جاء تساؤلي الرئيسي :
هل الأجدر في عالمنا العربي والإسلامي للمحافظة على الهوية الإسلامية في مثل تلك الظروف التي نمر بها وسيطرة الإعلام الغربي أن نستخدم الحظر لما نراه مخالفاً لتعاليم ديننا الحنيف ومناهضاً لهويتنا الإسلامية ؟
أم أن ترك السماوات مفتوحة مع تكثيف الجهود المخلصة المقاومة لذلك الغزو الفكري من الغرب هو الفكر السديد حيث أنه لايواجه السلاح إلا بمثله ؟
وأحب أن أنوه هنا أن هناك نموذج ناجح لذلك الحظر على النت وهو ثمرة جهود رجال شرفاء ويعتبر هذا النموذج فريد في العالم أجمع وهو نموذج المملكة العربية السعودية في قيامها بحظر المواقع الإباحية على الشبكة العنكبوتية عبر مدينة الملك عبد العزيز الإعلامية ولكن كل تلك الجهود تتمحور حول القيام بحجب الإباحيات التي تخص الجانب الخلقي فقط وبعض الحذر للجانب الفكري والثقافي الذي يناهض النظام هناك
وهنا يبرز سؤال هام آخر يبين سلبية من سلبيات الحظر :
إن أقررنا بمبدأ الحظر لسوف تستخدم بعض الدول ذلك الأمر في حظر المواقع والقنوات التي تناهض سياسات حكامها وبذلك نكون قد مكنا تلك الأنظمة من استخدام الحظر لتحقيق أهدافها في قمع شعوبها وعدم الإقرار بمبدأ الشفافية فكيف سنحل تلك الإشكالية ؟
والسؤال الأهم في ذلك الأمر هو :
هل بالفعل إن أردنا تنفيذ سياسة الحذر على مايخالف هويتنا العربية والإسلامية سواء في الفضائيات أو النت أو غيرهما من الوسائل هل سنتمكن من ذلك ؟
أترك تلك الإشكاليات بين أيديكم إخواني وأخواتي الكرام والكريمات
وفي انتظار تفاعلكم مع الطرح
وتقبلوا تحياتي وتقديري
إسماعيل إبراهيم