منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    أسئلة وأجوبة /حول النظرة الإسلامية إلى تنظيم الأسرة

    أسئلة وأجوبة
    حول النظرة الإسلامية إلى تنظيم الأسرة
    والذين آمنوا واتِّبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما أَلَتْناهم من عملهم من شيء كلُّ امرئ بما كسب رهين
    سورة الطور الآية (21)
    وزارة الأوقـاف بالتعاون مع مديرية الإعلام التنموي في وزارة الإعلام وصندوق الأمم المتحدة للسكان
    برنامـج التحـفيز السّـُكَّاني: مشروع خلق الوعي بين صُنَّاع القرار وقادة الرأي


    المُقدِّمة والتوضيح
    تنظيم الأسرة بمعيار النظرة الإسلامية ووفق هديها النقي، قضية تكليفية شرعاً، تمحص بها القدرات والاستطاعات المسؤولة للناس جميعاً، وعلى الخصوص، لمن يتحملون الأمانة الدينية ورسالتها في الرقي بالإنسان، لينهض بالحق والواجب، تحقيقاً لإيمانه ولمفعول هذا الإيمان في العمل الصالح، ولمفعوله الآخر في اتقاء الضعف والفساد وما يخل بوظيفة هذا الإنسان تجاه الحق والواجب في هذه الحياة، حيث يدرأ به كل ما كان فاسداً وضاراً على النوع الإنساني، وعلى مهمته، ومن ثم يحسن التخطيط والتوازن والتوزيع لقدراته وطاقاته، بما يتناسب مع محيطه وظروف المتغيرات في الإنسان والمكان والزمان، بحسب الأهمية والأولويات اللزومية، فنراه بالمعيار الشرعي أحياناً يُؤخر حقاً أو واجباً، ليتجاوز ضرراً أو ليرعى ضرورة، والأمثلة لذلك مشهودة في تاريخ التشريع الإسلامي من لدن الرسول محمد r وما بعده من صحابة أجلاء وتابعين، وهذا هو الملحظ الشرعي الحكيم اليوم لقضايا تنظيم الأسرة وواقع، التفاعل المحرج للهموم السكانية بمطالبها وتوزعها العشوائي في الأسرة وفي الريف والمدينة، وأثرها على الموارد والبيئة والمرافق ومسؤوليات الرعاية والتعليم، والعمل دون أن ينصرف الذهن عن ملاحظة أمرين مهمين قد يراودان المرء، وهما: إن هذه الدعوة لا علاقة لها بتحديد النسل، وإنه لا يقصد بها الشعوب الإسلامية، بل إنها دعوة لتغذية الوعي الإنساني الذي يتحمل كفايته بنفسه، ولا يكون عالة على غيره، وخاصة في الدول النامية أو المتخلفة، والأمر الآخر أنها تدعو إلى التوفيق بين النمو السكاني والتنمية الإنتاجية، التي تتساوى معه أو تفيض عنه، كما هو المحقق شرعاً، وكل هذا إنما يتوازى مع أهداف التشريع الإسلامي ووسائله ومقاصده الكلية، وما ينضبط منها مع القواعد الشرعية المعروفة، ولما تحقق هذا التوازن أكثر من مرة في التاريخ الإسلامي، كزمن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، رأينا كيف فاضت الموارد عن الحاجات، وكذلك زمن الخليفة هارون الرشيد، وهذا إنما كان ثماراً ونتائج وحصائد، لأيد عاملة منتجة وأسرة معافاة قوية، وتخطيط حسن عاش فيه الفرد لمصلحة نفسه ولمصلحة المجموع، ولم يستحوذ المجموع لمصلحة نفسه، وكان قد انتظم كل ذلك في إطار فقهي رائع، أبدع في فنون العلم والحياة والأخلاق، وانفتح على إبداعات الآخرين، دون أن يجعل من معتقداتهم حاجزاً يقاطع به ما لديهم، ودون أن تفتر همَّته اتكالاً على همة الآخرين، ومعطياتهم، بل أخذ بوعي ما ينفع، ولم يهمل ثقافته أو الاعتزاز بمعتقداته الحق وهويته الأصيلة، وهذا كله اليوم قد أصابه الخطر، ووقع أسير التحديد العالمي والمجحف، وظهرت آثاره على السكان واحتياجاتهم وثقافاتهم، وعلى سياسات الدول من خلفهم، حتى انتقلت اللغة السكانية إلى لغة المصالح والتحكم بالثقافات والسياسات، وغابت عنها اللغة الأم للرحمة والتراحم والتكافل والتعاون، مما كان ينهض به المجتمع الإسلامي، الذي كان يستمد قوته من الأسرة المنتظمة في دورها وسلوكها وأصلوها، ومن النوع الإنساني الذي يُقدّس لغة العمل والعطاء، ويغتني بما يصنع وينتج، لا بما يستورد ويستأثر، ولعل أسرع طريقة لفهم هذه الحقائق هي لغة الحوار عن علم وفقه ودراية، نفسح لها مدى زمنياً مهماً، نتفهم به عناصر النظرة الإسلامية لقضايا تنظيم الأسرة في مواجهة الإشكاليات والمفاهيم المحرِّفة لهذه المسألة على ضوء الوعي الفكري وحكمة الخبرة الحية لمجريات الواقع في جزئياته الاجتماعية وكلياته، وهذا مما يمتد على صفحاته أسئلة واستفهامات كثيرة، قد اخترتُ منها الأَوْلَى والأهم، والأقرب لتلبية الحاجة فيما يلي هذا التقديم، ولن يُغني هذا مَنْ يريد أن يجمع أطراف الواقع والحقيقة، بل لابد من التلاقي والانفتاح في المعلومات والاستشارات، ولابد في المنحى الأهم الأساس من أنْ تتعانق جميع الجهود والمشاريع التي تنهض بها جميع الجهات المعنية في الدولة، لتحمُّل هذا الهم الإنساني المحلي والعالمي، وللخروج عن الحدود التي تبطئ من حسن الأداء المتفق عليه في هذا الصدد، وكل أولئك هو استرجاع للكرامة النوعية للإنسان المؤمن القوي، وتحصين لها، على وُفق قول الله عز وجل: (ولقد كرَّمنا بني آدم).
    د. عبد الرزاق المؤنس
    معاون وزير الأوقاف


    سؤال 1: كيف اهتم الإسلام بالأسرة:

    الجـــــــــــــواب:
    الأسرة هي الخلية الأولى في جسم المُجتمع واللبنة الأولى في بناء الهيكل الإنساني العام، والعناية بها عناية بالجنس البشري كله، وذلك لما تؤديها من وظائف منها:
    1- تكاثر النَّوع الإنساني وامتداد حياته لتحقيق الخلافة في الأرض.
    2- إيجاد مناخ صالح لتربية الأخلاق الاجتماعيَّة، كالشعور بالانتماء وعدم الضياع في معترك الحياة.
    3- تهذيب الغريزة الجنسيَّة وتوجيهها إلى الخير.
    4- التَّعاون المنظم بين الرجل والمرأة لتربية الجيل وإسعاد الحياة.
    ويشير إلى هذه الوظائف وغيرها قول الله سبحانه (يا أيها النَّاس اتقوا ربكم الَّذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء *النساء * 1) وقوله (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة *النحل 72) وقوله (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة *الروم 21).
    سؤال2: هل هناك أضرار تعود على الأسرة والمجتمع بسبب كثرة الإنجاب؟

    الجـــــــــــــواب:
    كثرة الأولاد قد تدعو إلى الفتنة والغرور عند بعض من يحرصون على ذرية البنين بالذات، وتدعو إلى مُضاعفة الجُّهد وتحمل المتاعب من أجل رعايتهم، حتَّى يستقلوا عن الوالدين، ومن أضرارها المُعاناة بسبب عقوقهم عند انحرافهم، والقلق عليهم حتَّى بعد استقلالهم عن رعاية آبائهم وأمهاتهم. والحزن عليهم عند وقوع ضرر بهم أو موتهم، والخوف من عقاب الله عند التقصير في رعايتهم، وغير ذلك من السلبيات، وفي مثل ذلك يقول الله سبحانه (اعلموا إنَّما أموالكم وأولادكم فتنة* الأنفال 28) ويقول (يا أيها الَّذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم* التغابن 14) ويقول النبي rفيما رواه الحاكم والطبراني بسند صحيح (إن الولد مبخلة، مجبنة، مجهلة، محزنة) أي يحمل الوالد على البخل على النَّاس لتوفير المال له، وعلى الجبن عن القتال والجهاد ليعيش له، وعلى الجهل، أي الاعتداء على الغير للدِّفاع عنه، وعلى الحزن على ما يصيبه من مكروه، وكل هذه الآثار وغيرها لها نتائج سيِّئة على الصِّحَّة والنفس والاقتصاد وعلى السلوك بوجه عام.
    سؤال 3: هل كثرة الإنجاب أفضل أم قلَّته؟

    الجـــــــــــــواب:
    مناط الأفضلية هُو الكيف وليس الكم، فالكثرة الفاسدة ضررها أكبر من نفعها، والقلة الصالحة نفعها أكثر من ضررها، قال تعالى عن الجهاد (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الَّذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون *الأنفال 65) وقال (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصَّابرين *البقرة 249) وقال rفيما رواه أبو داود (يوشك الأمم أن تداعي عليكم كم تداعي الأكلة إلى قصعتها) قال قائل: ومن قلَّة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال لا، بل أنتم كثير ولكنكم غثاء، كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حبُّ الدُّنيا وكراهية الموت).
    وقال العباس بن مرداس السلمي:
    بغاث الطير أكثرها فراخاً


    وأم الصقر مقلات نزور


    والبغاث: الضعاف الَّتي لا تقدر على الصيد؛ والمقلات: الَّتي تلد واحداً، ثُمَّ لا تلد بعده، والفعل أقلت؛ والنزور: قليلة الأولاد.
    سؤال 4: هل حدد الإسلام عدداً معيناً من الذرية؟

    الجـــــــــــــواب:

    كلا لم يحدد الإسلام عدداً معيناً من الذرية، بل ترك ذلك لظروف الزوجين، ومقدار ما يتحمله كل منهما من الرعاية والتربية وتحمُّل أعباء المعيشة، حتَّى لا يشقى الأولاد في حياتهم المعيشية، وحتى لا يكونوا أعداءً لآبائهم، حينما يرون أنفسهم مضيعين بسبب إهمالهم لهُم، قال تعالى: (يا أيها الَّذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم).
    سؤال5: هل هناك فرق بين تحديد النسل وتنظيم الأسرة؟

    الجـــــــــــــواب:
    التحديد يعني الوقوف عند حد مُعيَّن من عدد الأولاد، ومنع الزيادة عليه، وذلك يكون غالباً عن طريق السُّلطة أو عند الظُّرُوف القاهرة، ويلتزم به كل إنسان يستوي فيه من يستطيع الإنجاب مع حسن الرعاية ومن لا يستطيع، وهُو أمر يتنافى مع طبيعة الإنسان وحريته.
    أمَّا التنظيم فيقوم على موازنة الزوجين بين قدرتهما وحاجتهما في الإنجاب وعدمه، وهُو راجع إلى اختيارهما، ولا تتدخل السُّلطة في فرضه، وهذا أمر جائز شرعاً لا يُوجد ما يحرمه ما دام ذلك لا يمنع الإنجاب أصلاً، ولكن يؤجله ويُمكن العودة إليه.
    سؤال6: هل هناك دليل على جواز التنظيم؟

    الجـــــــــــــواب:
    الأدلة كثيرة، نكتفي منها بالصحيح والقوي، ولا حاجة إلى الضعيف الَّذي لا يثبت به حكم بالإيجاب أو التحريم، كان عزل الرجل ماءه عن المرأة معروفاً عند العرب في الجاهلية والإسلام، وهُو أحد وسائل منع الحمل الَّتي عرف منها حديثاً الحبوب واللولب وغيرها، وحكمها حكم العزل الَّذي جاء فيه النص، فقد روى البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله rوالقرآن ينزل، وزادت رواية مسلم (فبلّغه ذلك فلم ينهنا) وجواز العزل مروي عن عشرة من الصحابة.. وروى مسلم عن جابر أيضاً أن رجلاً قال للنبي rإن لي جارية هي خادمتنا وسانيتنا في النخل، وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل، فقال له (اعزل عنها إن شئت فإنَّه سيأتيها ما قدِّر لها) والسانية: هي الَّتي تسقي النخل والزرع، والظاهر أن علة العزل عن الجارية هي المُحافظة على صحتها وتفرغها للخدمة، وعدم انقطاعها عنها بسبب الحمل والإرضاع والتربية وغيرها… ولم ينهه النبي r عنه، وأشار إلى أنَّه ليس سبباً قاطعاً في منع الحمل، وجاء توضيح ذلك فيما رواه أحمد والترمذي والنسائي أن اليهود قالت: العزل هُو الموءودة الصغرى، فقال r: كذبت اليهود، إن الله عز وجل، لو أراد أن يخلق شيئاً، لم يستطع أحد أن يصرفه.
    سؤال 7: يقال إن أحاديث جواز العزل واردة في الجارية أي الأمة فقط، فهل ورد شيء في العزل عن الزَّوجة الحرة؟

    الجـــــــــــــواب:
    العزل عن الجارية، أي الأَمَة الرَّقيقة، كان للمحافظة على صحتها، لتستطيع القيام بالخدمة، لكن قد يكون العزل أيضاً عن الزَّوجة الحرة، ويكون الغرض منه هُو المُحافظة على صحتها من كثرة الحمل، والإرضاع، والتربية، أو المُحافظة على صحة ولدها الَّذي ترضعه وهي حامل، فلبن الحامل يتغير، وبالتَّالي يتأثَّر به الرضيع، وقد جاء النص بالمنع منه بعنوان (الغيل أو الغيلة).
    روى مسلم وغيره عن أسامة بن زيد أن رجلاً قال للنبي rإني أعزل عن امرأتي، فقال له: ولِمَ تفعل ذلك؟ قال: أشفق على ولدها أو أولادهم، فقال رسول الله r: (لو كان ضاراً لضر فارس والروم) فالتعبير بقوله (امرأتي) يعني أنَّها حرة، وقول الرسول هذا لا يفيد تحريم العزل عنها.
    وروى أحمد وابن ماجه عن عمر بن الخطاب قال: نهى رسول الله r أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها، وأجاز المتأخرون العزل عن الحرة بدُون إذنها إذا كان هناك مبرر لذلك وقد مثلوا له بالخوف على الولد من الفساد لأنَّ الزمان فاسد.
    سؤال 8: ما الداعي إلى اتخاذ وسيلة لتأجيل الحمل؟

    الجـــــــــــــواب:

    الإسلام لم يحدد عدداً معيناً من الذرية بل ترك ذلك لعوامل كثيرة: فيوم أن يكون الولد أو العدد من الأولاد عالة على المُجتمع، أو على الوالدين في جلب المتاعب لهُما، فحين ذلك لا يجد الإسلام غضاضة من الحيلولة دُون وجوده بأي سبب من الأسباب المشروعة، ومن الأسباب الَّتي تحتم ذلك ما يلي:
    1- أن يكون عند المرأة مع ضعفها استعداد قوي ظاهر للحمل بمجرد انتهائها من آثار الحمل السابق.
    2- أن يكون هناك مرض معد في الزوجين أو أحدهما يخشى أن ينتقل منه إلى الذرية.
    3- الخوف على صحة المرأة وسلامتها بسبب الحمل المُتكرِّر أو زيادة المرض أو تأخر شفائها منه.
    4- ورد في كتاب إحياء عُلُوم الدِّين للإمام الغزالي إلى أن من البواعث على منع الحمل… استبقاء جمال المرأة ونضارتها.
    5- الخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد وخشية ارتكاب المحرم في جمع المال من أجل الأولاد كالاستدانة أو الرشوة أو الاستغلال أو التعامل بالربا على أن كثرة العيال ليست بالتي تقربنا إلى الله زلفى.
    يقول الله تعالى: (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى) والرسول r فيما رواه البخاري ومسلم قال: (تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء).
    ولما سئل ابن عمر عن المراد بجهد البلاد قال: قلَّة المال وكثرة العيال.
    وقال عبد الله بن عباس (إن كثرة العيال أحد الفقرين وقلة العيال أحد اليسرين).
    وعمرو بن العاص فاتح مصر يقول لأهل مصر: يا معشر النَّاس إياكم وخلالا أربعة فإنَّها تدعو إلى النصب بعد الراحة وإلى الضيق بعد السعة وإلى الذلة بعد العزة، وإياكم وكثرة العيال، وإخفاض الحال، وتضيع المال، والقيل والقال من غير درك ولا نوال).
    سؤال 9: ما خلاصة موقف الإسلام من تنظيم الأسرة؟

    الجـــــــــــــواب:
    إن القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم هما المصدران الأساسيان لأحكام الشريعة الإسلاميَّة، أمَّا القرآن فلم ترد فيه إشارة إلى هذا الموضوع والأصل في التشريع أن ما لم يقيد بنص فهُو مباح، ومعنى هذا أن القرآن الكريم لا يعترض على تنظيم الأسرة، بل إننا نراه يُقرِّر أن مُدَّة الرضاعة هي حولان كاملان: قال تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)والمرأة منهية عن أن تحمل في وقتالرضاعة بمقتضي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيثُ قال: (لا تقتلوا أولادكم سرَّاً، فإن الغيل يدرك الفارس فيُدعْثِره عن فرسه) أي يصرعه من على فرسه لضعف قواه وقتل السر هُو الحمل على الرضيع وسماه الرسول غيلاً فكان فيه معنى الاغتيال.

    إذاً فالمرأة الَّتي ترضع منهية عن الحمل مُدَّة عامين، ويضاف إليهما تسعة أشهر هي مُدَّة الحمل السابق، يعني لا تحمل مُدَّة ثلاثة وثلاثين شهراً، أربعة وعشرون شهراً مُدَّة الرضاع، وتسعة مُدَّة الحمل يعني حوالي ثلاث سنوات، أمَّا السّنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن المُسلمين يعزلون عن نسائهم فلم يمنعهم من ذلك كما روى عنهم والعزل هُو إجراء وقائي لمنع الحمل.
    سؤال10: إذا كان العزل ليس قتلاً ولا وأداً فهُو يشبههما في الباعث عليه، وهُو خشية الفقر، وعليه يكون حراماً فما رأى الدِّين في ذلك؟

    الجـــــــــــــواب:
    قال العلماء: إن العزل لدافع اقتصادي ليس محرماً ولا مكروهاً ذكر ذلك الإمام الغزالي في كتابه (الإحياء) ونص عبارته في الباعث الثَّالث من بواعث العزل (الخوف من كثرة الحرج من كثرة الأولاد، والاحتراز من الحاجة إلى التَّعب في الكسب ودخول مداخل السوء وهذا أيضاً غير منهي عنه) وكلام الغزالي يعطي أن العزل من أجل الحالة الاقتصادية خلاف الأفضل أي غير مكروه ولا حرام، وقد صرح بذلك في قوله (وهذا أيضاً غير منهي عنه).
    سؤال11: كيف يتفق جواز العزل مع قول النبي صلى الله عليه وسلم (تناكحوا تناسلوا تكثروا، فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة) ومع قوله (تزوجوا الودود الولود فاني مكاثر بكم).

    الجـــــــــــــواب:
    إن الحديث الأوَّل ضعيف كما قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث (الأحياء) والحديث الضعيف لا يصلح الاحتجاج به على الوجوب والحرمة - والحديث الثَّاني الَّذي رواه أبو داود والنسائي محمول على الكثرة الصالحة وليس مطلق كثرة بدليل الحديث السابق الَّذي فيه (ولكنكم غثاء كغثاء السيل) فالرسول صلى الله عليه وسلم يحب الكثرة القوية كما قال في الحديث الصحيح (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف).
    وكانت الكثرة مطلوبة للحاجة إليها في تكوين المُجتمع الجديد ونشر الدعوة الإسلاميَّة في العالم كله، مع مراعاة أن المُسلمين مطالبون بتربية أولادهم تربية صالحة كاملة تجعل منهم قُوَّة جديرة بتحقيق أهداف الرسالة الإسلاميَّة. ومما جاء في ذلك: قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم (والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) وفيما رواه ابن حيان في صحيحه (أن الله سائل كل راع عمَّا استرعاه، حفظ أم ضيع، حتَّى يسأل الرجل عن أهل بيته) وفيما رواه مسلم وأبو داود واللفظ له (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) والظُّرُوف الآن تغيرت، وأصبحت العبرة في التَّناسل بالكيف لا بالكم، وإذا كان من هدف الإسلام في الحث على الزواج والتنفير من الرهبنة، وفي إباحة تعدد الزوجات - هُو التَّناسل اللازم للدعوة بكُلِّ مسؤولياتها، فإن الشرط في ذلك هُو القدرة والاستطاعة ومراعاة العدل كما صرحت بذلك النُّصُوص.


    سؤال12: هل اتخاذ وسائل منع الحمل فيه معارضه لقضاء الله وقدره؟

    الجـــــــــــــواب:

    ليس هناك تعارض أبداً فكل ما قدره الله سيكون، والإنسان لا يعلم ما قدره الله وقضاه وله أن يأخذ بالأسباب ثُمَّ يكل النَّتيجة إلى الله تعالى، فقد يحصل الحمل على الرَّغم من كُلِّ الاحتياطات لمنعه، وقد سبق في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم (اعزل عنها إن شئت، فإنَّه سيأتيها ما قدر لها).
    سؤال 13: هل يشترط في استخدام وسائل منع الحمل موافقة الزوجين؟

    الجـــــــــــــواب:

    إذا كان في الحمل خطر على صحة الزَّوجة فلا داعي لموافقة الزوج على منعه، بل لا يجوز له أن يرغمها على الحمل في هذه الحالة فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار والحمل وإلقاء النَّفس في التهلكة هُو معصية نهى الله عنها وطاعة الزَّوجة لزوجها لا تكون في المعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق أمَّا إذا كان الحمل لا خطر فيه على صحتها فلا تمنعه إلا بموافقته، فقد يكون هُو في حاجة إلى الذرية، وهُو قادر على تحمل كل مسؤولياتها هذا في الوسائل الَّتي تستخدمها الزَّوجة، أمَّا الوسائل الَّتي يستخدمها الزوج كالعزل والحاجز وغيرهما، فإن كان فيها ضرر للزوجة كعدم استكمال متعتها ووُجُود أثر نفسي يضرها، أو شوقها إلى الذرية كما يشتاق هُو إليها دُون تبعات كبيرة فإن المتأخرين من الأحناف رأوا عدم الحاجة إلى موافقتها في العزل، والتفاهم بين الطرفين في هذه الحالة يتلاقى مع المعاشرة بالمعروف والتَّعاون على الخير.
    سؤال 14: هل يجوز الإجهاض كوسيلة من وسائل تنظيم الأسرة؟

    الجـــــــــــــواب:

    اتفقت كلمة الفقهاء على تحريم الإجهاض بعد نفخ الرُّوح في الجنين، والجمهور على أن ذلك يكون بعد مضي أربعة أشهر، بناء على الحديث الصحيح الوارد في ذلك.
    أمَّا قبل نفخ الرُّوح فللعلماء أقوال في الإجهاض، منهم من حرمه ومنهم من كرهه، ومنهم من أباحه، والتحريم يكون عند عدم الضَّرورة.
    والأمر الخلافي غير ملزم فيجوز إتباع أي قول من أقوال الفقهاء المعتد بهم.
    هذا ولا يقاس استعمال موانع الحمل على الإجهاض لأنَّ الإجهاض اعتداء على موجود حاصل أمَّا الموانع فهي قبل وُجُود الجنين.
    سؤال15: هل الدعوة إلى تنظيم النسل تنفيذ لخطة أجنبية؟

    الجـــــــــــــواب:
    تنظيم النسل فكرة قديمة، والمهم أن نعرف حكم الدِّين في ذلك بصرف النَّظر عن مصدر الفكرة، ثُمَّ ننفذه بوحي من ضمائرنا واقتناعها وفي ضوء مصالحنا، فليس كل فكرة أجنبية مرفوضة، والعالم الآن متشابك بشكل قوي في كُلِّ المجالات والدين لا يأبى الاقتباس لما هُو صالح لا يتعارض مع الشرع، والأدلة والحوادث في ذلك كثيرة، أيَّام الرسول وفي عهد السلف الصالح.

    هذا والإسلام دين العقل والمنطق، ودين الحياة والتطور، صالح للتطبيق في كُلِّ عصر وفي كُلِّ مصر لأنَّه الدِّين الكامل والدين الخاتم.

    وهُو يمتاز بوسطيته واعتداله، ليس فيه انغلاق متزمت، ولا انفتاح مفرط، فلا يجوز أن نجره إلى الوراء ونحصره في عهد نزوله، ولا أن نجاري به كل جديد دُون تحفظ فمواضعات البشر ليست دائماً على حق والعواطف والأهواء قد تغلب العقل وتتحكم فيه، ودين الله قضاء عدل لأنَّه وضع الإله الحكيم الخبير.

    والمهم أن نفهم الدِّين حق الفهم، وأن نطبقه بما يحقق المصلحة العامَّة لنكون بذلك خير أمة أخرجت للناس قال تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شُهداء على النَّاس ويكون الرسول عليكم شهيداً) البقرة 143.

    وقد يكون من المفيد في مجال تنظيم النسل والأسرة، الاهتمام بعنصر الدِّين والخلق عند الإقدام على الزواج، والبساطة في المظاهر الدنيوية والحكمة في تربية النشئ بكُلِّ ما يوصى به الدين، والمختصون في كُلِّ النواحي الخلقية والصحية والاجتماعية وغيرها.

    ومن الوصايا النافعة الاهتمام بصحَّة الأم وبالرضاعة الطبيعية، والتَّعاون المخلص على إنشاء جيل جديد يمحو عنا وصمة "العالم النامي أو المتخلف" ويعيد لنا شرف الوسام الإلهي العظيم (كنتم خير أمة أخرجت للناس).


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    موضوع رائع ومفيد اختي بنان دركل
    تحيتي

المواضيع المتشابهه

  1. النظرة الأحادية في النقد
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-02-2017, 10:14 AM
  2. تنظيم الدولة الإسلامية يعدم مدير آثار تدمر وعالم الآثار خالد الأسعد
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-18-2015, 02:48 PM
  3. تنظيم القواعد العسكرية فى الدولة الإسلامية
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-05-2014, 06:53 PM
  4. النظرة السوداوية للحياة
    بواسطة عبد الرحمن سليمان في المنتدى حكايا وعبر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-09-2012, 04:43 PM
  5. أسئلة وأجوبة في تربية وإنتاج الحيوان/محمود سلامة الهايشة
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان العلوم العامة.
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 01-28-2010, 07:42 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •