منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 10 من 10

العرض المتطور

  1. #1

    ديوان الشاعر الكبير مجدي يوسف

    المَأْسَاة









    " في لحظة من لحظـات الحيــاة المقدسـة
    تعصـف الأقــدار ،فتجمـع الأحبـة صدفةً
    كالغرباء؛ بعد طُول فراق على باب الطريق "...



    هيهاتَ أن أنسى لقاءْ يوماً على درب الشّقاءْ

    قدمي تـَأوّهُ بالعيـاءْ ،نفْسي تتوقُ إلى شـفاءْ

    فأرحتُ رأسي كابياً ،ووصلتُ حبلاً من إخاءْ

    لمّا أفقـتُ على نداء ِالمنحنى شبّ اللقــاءْ

    وهتفتُ ملءَ ملامحي ،ويلاه يا عُمْراً هبـاءْ

    ما طاف بي خبرُ السـماءْ أنّ الـذي قد ضنّ جاءْ

    لهْفي،على قـلبي إذا ما خاض مُحتدمَ البلاءْ

    تلك التي حرَمتْ فؤادي أنْ يعيـشَ على رجــاءْ

    تلك التي شـقّتْ جراحي،فاسـتكان إليّ داءْ

    وإذا بها تخشى جوايَ،وما يُهيّجـه الجفـاءْ

    طوتِ الطريقَ برعشة الأقدام، فانهار الرّداءْ

    وركضتُ كالمجنون منكسرَ الخطا أرعى الضّياءْ

    قد خلتُها تُخفي ولوعي ،وانتحاري في خفاءْ

    ووجمتُ قد فضح الأسى سرّاً تغذّى بالدماءْ

    يا صولة الدّهر،التي لـم تُبْق ِلي من كبرياءْ

    حتى أطلّ عليّ خِـلّي مُجْهَـداً يُبدي العزاءْ

    ما سرها تلك العيون الهُدْبُ تجتاح الفضاءْ؟

    سَهْمٌ بجنبي من لهيثِ صدودها،فجلا الصّفاءْ

    يا شاعري ،رفقاً بنا،فالغدرُ من طبع النّساءْ

    وسقطتُ لا أقوى على حمل الهوى،أشكو القضاءْ

    وطفِقتُ أنفُح عاطـرَ الأمس المنعّم بالثّراءْ

    يا صاحبي،هذا الحبيب المُفتدى،ظلّ الهنـاءْ

    جاد الزمان به صبـاحاً بارداً يُبـدي وفاءْ

    لمّا رأيتُ السّحـرَ يُدفئ أضلعي أوفى فداءْ

    لمعَ الحياءُ بخافقي ، ثارتْ دموعي في خفاءْ

    وكتبتُ بالعين التي هي كلّ معنىً مُستضاءْ

    عهــداً وثيقاً للذي أهدى يداً لي بالشـفاءْ

    وهجرتُ كَوناً بالإساءة مُقفراً ،ورشفتُ ماءْ

    وجعلتُ قبلتيَ الطريـق أطوفه فجراً ،مساءْ

    ملَكتْ فؤادي هيّجتْ في ضعفه عزماً،مضاءْ

    حتّى إذا ما رفّ بي طلّ الصّباح على نداءْ

    أرسلتُ لحظاً طائراً ،والشّــوقُ موصول الشقـاءْ

    هيمـانَ لا يرجو هدىً إلا هدى ذاك الضيـاءْ

    ويكاد يهزمه طويلُ الشكّ في أمل اللقــاءْ

    فتلوحُ في الأفْق البعيـد حمامةٌ تهفو لنـاءْ

    كيف التقينا؟ لا تسـلْ كم عانقتْ عيني السـماءْ

    ورعيتُ حبّاً ضمّنا بالسّتر يعتصر السّـقاءْ

    لكنّما ،والحبّ يَيْـنعُ في ضمير الأتقيــاءْ

    حنتِ الرّياحُ الصّفر بُرْعُمه ، فأشهقه العفاءْ

    وتمدّد الجسـمُ الطّهور مخلّفـاً أثراً،دمـاءْ

    وتقطّع الشّملُ الكريـم،وحلّ بالدنيا العُـوَاءْ

    فكأنّنـا غرباءُ لسنَـا من كَريـمِ الأوفـياءْ

    هذي جراحي يا رفيـق الموت،هل يُجدي العزاءْ؟

    دوماً يفيـض صديدُها ،لم أرتضي غيرَ البكــاءْ

    وجررتُ أشلائي ،وقلتُ إلي لقـاءٍ من شقاءْ

    لا خضتُ بعـد حبيبتي موجـاً،ليقذفنا هَبَاءْ

    وزحفتُ للقبر العظيـم ،وما معيـنٌ ،أو وِقاءْ


    مجدي يوسف

  2. #2

    رد: ديوان الشاعر الكبير مجدي يوسف


    بينَ أجنحةِ البصَر



    ما بينَ أجنحةِ البصَرْ، تَسْمو على شَفَةِ الوَتَرْ

    يا أيّها القمـرُ الذي أحيـا بأعطــافي الذّكَرْ

    الكونُ ظلّ مُشـفِقٌ ما جئـتَ فتّـان الصّورْ

    زفّ النسـيمُ إليّ من عُلْيا السّـحائبِ،والدّرَرْ

    أشهى السّلام مُضَمّخاً بشـَذا الخمائلِ والزّهَرْ
    ***
    قد عشتُ بعدك يا قمرْ ،أشـدو بأحـلامٍ أُخَرْ

    وحدي يحاربني البشَرْ ، ولكَم أُطيحَ بمنْ غَفَرْ

    لكنه العنقــاءُ يبعـثُه الرّمــادُ المُحتقَـرْ

    ولسوف يلتـهم البُغـاثَ على قُدورٍ من حجَرْ
    ***
    ودنا بمسمعيَ القمـرْ،أشجاه من لفظي الخبَرْ

    فغـدا يُهاتفنـي على مهـدِ الشّعاع المنكَسِرْ

    ما زالتْ الأشبـاحُ حولي ترتدي ثوبَ الخطَـرْ

    في كـل عرسٍ تبتـدي نهشي بأنيـاب الظّفَرْ

    وأنا كعهـدي في الضّنى مُحْـدَودِبٌ منّي الظّهَرْ

    لم يبقَ لي زادٌ سوى الدّمعِ الحنون المنهـمِرْ
    ***
    أرنو إلى المجهولِ يدفنني التأمّـلُ في القبِــرْ

    تتعاقبُ الأقدارُ تسخرُ من جَحيِــم المحتضِرْ

    ما مرّ مِنْ سُحْـبٍ يموجُ بلُجـها الطّفلُ الأغَرْ

    من كلّ صوبٍ يزحفُ الطّاغي ،وتلتطمُ الصّوَرْ
    ***
    ليلي كليلكَ يا رفيـقي ،بالخطــايا معتصـَرْ

    الحـبّ أشـقاني ،وأثقل بالأسى عُنُقاً كُسِــرْ

    والعمْـرُ يمضـي نازفاً بلقـاءِ أحبـابٍ أمَرْ

    والقلبُ خالٍ من حبيـبٍ بعـده يبغي سـَـفَرْ

    لا خيــرَ فيـه لزائرٍ روّى بمدمعِـه الزهَرْ

    ضحّى براحـة بالـه،ورعى نفوسـاً تُبْتَذَرْ

    ودعا إلى الحقّ الفضيلِ ،فمـا تعالى ،وافتخَرْ

    لم يرحموه غداة أن مـادتْ به الدنيـا، فخَرْ

    جاشتْ خواطرُه ،فنـدّى الكونَ ينشـرهُ القمَرْ

    يمشي على الماضي ، فتَلْدَغُهُ الحوادثُ والذّكَرْ
    ***
    يا من عبدتُ بحسـنه قمـرَ الليـالي المنفطِرْ

    لو خطـرةً تختـالُ ما بين السّـنُونُوِ ،والزهَرْ

    لو نفحةً من طيبِـكم حَملتْ شِفـاءَ المحتضِرْ

    لو رحمةً من جفنكم تحنو على قلبي الكسِـرْ

    أمسيتُ،والألم المقدّسُ جاثمٌ بِعُرَى القَــدَرْ
    ***
    لا لستُ أنسـى لحظةً جمعتْ بنا بين الشجَرْ

    والأفْقُ يسـكنُ بعد فوضى للزّوابع ،والمطرْ

    أرسلتِ من جفنيكِ سهماً صابني راع البصَرْ

    والشّوقُ منّي جـارفٌ،والدمـعُ رَقْرَقه الوتَرْ

    رقَصَ الغرامُ بلوعتي،وخطوتُ تُشقيني الِفكَرْ

    والغُرْبُ تنعَقُ صَوبنا،وأنـا أحـاذرُ مَنْ عَبَرْ

    كم زاغتِ الأبصارُ خشيةَ أن تبوحَ لهم بسِـرْ

    ومضيتُ،والقلبُ الوليدُ على لقـاءٍ في العُمُرْ

    فيه يجـودُ الدهـرُ بعضَ حنانه ظـلاً أبَـرْ

    ليلايَ ،ما رويَ الفؤادُ بقربكم ،فالسّـعدُ فـَرْ

    ما عشتُ بعدكِ لحظـةً إلا وأضنتني الحـيَرْ

    ماذا جنيتُ حبيبتي؟ فالدّربُ تملـؤُه الحفـَرْ

    لم تبذلي مـاءَ الهنـا ،قد كبّل القـدمَ القـدَرْ

    أنكرتِنـي لمّـا غـدوتُ على ترابكِ أحتضِـرْ

    والنورُ في قلبـي أُسَـابقهُ الخُطَا كيمـا يقَرْ

    عهدُ الصّبا ما صُـنتِ ذكـراه ،فهَانَ المقتدِرْ

    دنيـا تهدّمَ صرحُها في هولهـا شبـحٌ عَوِرْ

    وأهيمُ كالمجنونِ أروي قصةَ الشـادي الأبَـرْ

    للعالمِ المجـروح ،للطّيـر المعـذّبِ للحجَرْ

    أسـتحفل الماضي ،فيهتفُ بالغصون فمُ الذّكَرْ
    ***
    إنا على هـذي الحيـاةِ العُمْيُ ما مُـدّ البصَرْ

    قدرٌ مصيبٌ قد رمى،هل يُدرِكُ السّهمَ الحذِرْ؟

    هذي الحيــاةُ كعهدها تأبى انفراجاً للعـثِرْ

    وترى لها حُلَلَ البهـاءِ فريـدةً بخطا حَقِـرْ

    صبراً على ما كان منـكِ حبيبتي،والصبرُ مُرْ

    وإذا بكيـتِ على ضريـحٍ عذّبتْه يـدُ القـدَرْ

    فتلمّسي تحتَ الضّريحِ عظـامَ صَبٍّ قد غفـَرْ

    وإنِ الفضيلةُ فرّقـتْ بين القلـوب على سفَرْ

    يوماً سـتجمعُنا إلى النـورِ الكريـم المدّخَرْ

    مجدي يوسف


  3. #3

    رد: ديوان الشاعر الكبير مجدي يوسف


    ما آلم العشّاق؟





    "بين أركان الليل الرهيب - يذوب العشاق ألماً
    وحسرة ،واحتراقاً ،ليس من أحد سواهم يحسّ بذلك
    الضياع والفراغ والوحدة،ولا تزال الطبيعة بحسنها
    المهرب إليها؛يرون فيها قداسة الحب،و الألم فيبثونها
    شكواهم ،ونجواهم،و تبثهم شكواها،ونجواها" ...


    ما آلمَ العُشّــــاقْ في نَشْـوةِ الأَحْـدَاقْ؟

    النّاسُ قد هجَعــوا إلا ّصـدى أَشْــواقْ
    ***
    والنّجـــم أدمــاه صَــدٌّ من البَـدرِ

    والبدرُ كَـــمْ يُغري بالنّــور،و البِشْـرِ
    ***
    ما زال يُســــليني ما أســـعدَ القلـبا

    مَرْآهُ يُشْـــجِيني كالـدُّرّة الشّــــهبا
    ***
    قد جـاءَ يرعَـاني مِنْ فَيـضِ أَلحَــاني

    أتُراه يهـــواني؟ فاللّيـلُ أشْقَــــاني
    ***
    َأقْبلْ إلى رحْـــبٍ فـي مَجْلسي وَحْـدي

    نَتَجـاذَبُ الذّكْــرى قُضُــبَاً من الـوَردِ
    ***

    نســتلهم الغيبــا هل يمـنحُ السّـلوى؟

    نَسْــتَنزِفُ النّجـوى جُرْحـاً من الشّكوى
    ***
    في البـدرِ أسْــرارٌ لمّـا دَنَــا مِنـّي

    والخـدّ أعمـــارٌ مَـرّت عـلى ظَنـّي
    ***
    قد ضعتُ بين النّاسْ إنّي سَئِمتُ النّــاسْ

    كَمْ أَعْرضُوا عنـّي يا وارفَ الإحسـاسْ!
    ***
    إنّي مهَـدتُ لهـم شُــطْآنَ من نُـوري

    عَزَفـتْ على رَمْلي ألحـانَ مكسُــورِ
    ***
    سأغيبُ عن دُنيـا ،فالظّلمُ يكسُـــوها

    وأَســيرُ في سٌبـُلٍ لا النّـاسُ تخطُوها
    ***
    في جنّةِ المجهــولْ أحيَــا عـلى أُفْق ِ

    كالبُلبــلِ المَسْـحُورْ يخــتالُ في رِفْق ِ
    ***
    لا تشـتكي بَعْــدي يـا ظلّيَ المذعـورْ

    إنْ ضجّـتِ النّجـوى بالحـالمِ المَأْسُـورْ
    ***
    قد راحتِ الأزمـانْ بالنّــورِ إذ خَــفَقا

    واستخلب اليقظــانْ شـبحٌ طـوى الأُفْقا
    ***
    لم يرتوي سـعدي في عـالم البُـؤْسِ

    يا قلبُ،هل يُنسـى نفْــحٌ من الأُنْــسِ؟
    ***
    مسْــتحكمٌ هَولي في غــضِّ أجـفاني

    فالليــلُ أَعْمــاني ،واللّيـــلُ أبكاني
    ***
    حتّى إذا راحــتْ تســتصبرُ الصّـبرا

    رِِيعَــتْ مدامعُها بالنّـورِ مُنْتشِـــرا
    ***
    فنزعتُ شُــباكي ،وأطرتُ أحـــدَاقي

    بُشْــراكَ يا قلبـي ،قد حـنّ مُشــتاقي
    ***
    يا شَـاعري،عـوداً أســتعذبُ الأجراسْ

    والدّهْــرُ قد يأسـو بينـي،وبين النّــاسْ
    ***
    منحــاً لأنفــاسٍ مـا جـفّ من آهاتْ

    يا واهبـاً شِــعْراً ،يسـتَسْكِبُ العَبَراتْ
    ***
    لا عشــتُ مُنْطَـفئاً ،والنــّورُ أعصابي

    سأطــوفُ مُلتـهِـبَاً ،والعــزمُ أثوابــي
    ***

    لن تمحــقَ الأيـّامْ قِدمــي ،وآثَـاري

    وجـلالَةً للنّـــورْ ،وحَنيــنَ أوتَـاري


    مجدي يوسف


  4. #4

    رد: ديوان الشاعر الكبير مجدي يوسف


    متى أَحيَا بلُقياك ِوحيداً؟






    أنا بالبحـر أقتحـم العُبــابا لعلّ المـوج يحيي لي جوابـا


    مضى عُمْري،وقلبي في حبـالٍ لليلى مـدّتِ الأبــواب بابـا
    * *

    أطلّ البحر في عينـي يتيمـاً بوجه الضائعــين،وكالجيـاعِ


    تجاعيـدُ الكهـولة فيه تسري وتنقُـشُ فيـه ألـوانَ الـوداعِ
    * *

    فؤادي قد أطرتُ على حصاهُ أراقـبُ فيـه أطيـافَ الرحيـلِ


    وفي أذُني أنيـنٌ ،والثـواني تسـاقطُ جثّة المـوج القتيــلِ
    * *

    أتيـتُ إليك تسحقُنـي الليالي قليلَ الـزاد في السّفَـرِ البعيـدِ


    فتلك القـدسُ قد ضلّتْ طريقاً ويأتي الأمـسُ مصقـولَ الحديدِ
    * *

    فما أبقى على لحمي،وعظمي يطّـوح بالبقـايا من شبــابي


    فقد سقطتْ فتاتي في دروب ٍ بليـل هـوىً لتشهدَ باغتصـابِ
    * *

    ذئابـهمُ بها لحِقـوا،فحاموا لها لوَّوْا ذراعـاً مثـل طـوقِ


    وقد وثقـوا يديـها في حديد ٍ وشــقّوا بُرْدها الأسمى بعنـق
    * *

    فذئـبٌ يستبيـح بها ضلوعاً ويعصـر نهدها تمـراً وشهدا


    وآخر يعتـلي عـاجاً طهـوراً يصـوّب فيه سـهماً مستبـدّا
    * *

    وثالثـهم على عَجَـلٍ ككلـبٍ يُسيـلُ لعابه فـوق المـرايا


    لكَم صرختْ على مرّ الثواني وقد ملكـوا شفاهاً كالبقـايا
    * *

    أما اقتلعوا غصـوناً من جمال ٍ على صدرٍ يلـوح لها رفيفُ؟


    جنـَوا رمّانه خسفـاً،و عسفاً وجُنّ على محاسـنه عصيفُ
    * *

    ففرّ النحل يحـدوه فــراشٌ تباعاً عن ســلافٍ للزهـورِ


    وصُبّ بخصرها نهـرٌ حمـيمٌ فبركـانٌ تفجـّـر بالسّتـورِ
    * *

    لكَم طُعِنـتْ فسالتْ بالرّوابي دمـاء الزهـر للكأس الوليـدِ


    لكم صُلبتْ على عتبـات بيتٍ تخلّى الناس عنه من جـدودي
    * *

    وألقُوهـا على درب ٍٍطـويل ٍ مـآزرها هتيـكٌ للضّيــاعِ


    وطعْناتُ العقـارب تَسْتبيـها وكان البدر منطـفئ الشّعـاعِ
    * *

    بلا ذهَـبٍ يقبّـلُ معصميـها ولا دُرٍّ يعانقُـــها بنحــرِ


    ولا قرطٍ يخبِّــئ شحمتيـها وخَلْخـالٍ يُكتّــمُ كـلّ سـرِّ
    * *

    سـليبٌ كيف تغـدو مثل نسم ٍ وقد حبسوا بقضبانٍ خطـاها؟


    جدائلُـها مبــدّدةٌ بخصــر ٍ وكم غفتِ النجوم على شـذاها
    * *

    سنابلُ في مهبِّ الريح صُفْرٌ أطاح رؤوسـها ليلُ المناجلْ


    بعينيها سـحاب ٌمن دمــوع ٍ وغابـات الضّواري ،والأيائلْ
    * *

    مضى عمْـري،وودّعنا شبابَاً ولم نسـعدْ بوصلٍ من حبيـبِ


    فليت اللهَ يجمعنــا بـدوحٍ كعصـفورينِ من طير الجنوبِ
    * *

    متى أحيـا بلقيـاها وحيـداً معي قلبي يشــبّ على ضلوعِي


    فتلقـاني ببارق ِأقحــوان ٍ يلـوح على شفاه ٍ كالدّمـوعِ؟
    * *


    لها وجهُ المـلائك فيه تثمِـرْ عيونٌ مثلُ غابـات الصّنوبرْ


    أحاذر أنْ أمـدَّ يـداً إليهـا وقد لبِستْ من الزيتون أخضـرْ
    * *

    تسير معي،وقد جـرّتْ ذيولاً من الحنّـاء ،والفلّ المـديدِ


    يغنّي لحنَنا الشـحرورُ حبّـاً وينشر فوقنا عبقَ القصـيدِ
    * *

    إلى الأقصى تعـالَ بنا وقالت: نقمْ فيــه صلاةً في دمـوعِ


    فما دفنتْ بخاطرها المآسـي وطعْناتٍ بأحشــاء الربيـعِ
    * *

    لـنرقـبَ فيه أسرابَا ًلـوُرْق ٍ وقد بسطتْ له في الريح راحا


    فتروي قصّة المسرى شريفا ً وأحمدُ يصعد الســبعَ الجماحا
    * *

    وتهـوى أن يطاوعها الهلالُ فيعلَـقَ في قوادمها الهـلالُ


    تحاول أن تداعبـه، فيرضى وأنّ الأمنيــات لهــا زلالُ
    * *

    هلـمّ بنا إلى الآلام سـعياً إلى أمّ الكنـائس ،والشـموعِ


    نسائلْ :أين مريمُ ،وجه عيسى فتمسحَ جرحنا بين الضّلـوع؟
    * *

    تعال بنا أرَ الزيتون جـدّي وقد ألقى على الشّمس الرّداءَ


    يخبّرْنا بمن منحــوه لحماً وأعماراً تُديـم لـه البقــاءَ
    * *

    ونكتبْ في عبـاءته حـروفاً تظلّ الريـحُ تجلـوها بريقا


    ونُودعْ في جلالتــه غرامـاً يظلّ البُعْـد يُذكيـه حريقـا
    * *

    تعال بنا ،فنقتحـمَ الجـدارا نهدّمـه،ونبنـيَ فيه دارا


    لنا كانت بناها زَنْـد جدّي بسفح الطّور نقدحَها شرارا
    * *

    فيا اللهُ ،لا تحـرقْ بنــارٍ فؤاداً لم يزلْ يهوى الرجوعا


    وبدّدْ شمل من سرقوا قلاعي فعزّ المـوج صـخّاباً مُريعا


    مجدي يوسف



  5. #5

    رد: ديوان الشاعر الكبير مجدي يوسف


    متى أَحيَا بلُقياك ِوحيداً؟






    أنا بالبحـر أقتحـم العُبــابا لعلّ المـوج يحيي لي جوابـا


    مضى عُمْري،وقلبي في حبـالٍ لليلى مـدّتِ الأبــواب بابـا
    * *

    أطلّ البحر في عينـي يتيمـاً بوجه الضائعــين،وكالجيـاعِ


    تجاعيـدُ الكهـولة فيه تسري وتنقُـشُ فيـه ألـوانَ الـوداعِ
    * *

    فؤادي قد أطرتُ على حصاهُ أراقـبُ فيـه أطيـافَ الرحيـلِ


    وفي أذُني أنيـنٌ ،والثـواني تسـاقطُ جثّة المـوج القتيــلِ
    * *

    أتيـتُ إليك تسحقُنـي الليالي قليلَ الـزاد في السّفَـرِ البعيـدِ


    فتلك القـدسُ قد ضلّتْ طريقاً ويأتي الأمـسُ مصقـولَ الحديدِ
    * *

    فما أبقى على لحمي،وعظمي يطّـوح بالبقـايا من شبــابي


    فقد سقطتْ فتاتي في دروب ٍ بليـل هـوىً لتشهدَ باغتصـابِ
    * *

    ذئابـهمُ بها لحِقـوا،فحاموا لها لوَّوْا ذراعـاً مثـل طـوقِ


    وقد وثقـوا يديـها في حديد ٍ وشــقّوا بُرْدها الأسمى بعنـق
    * *

    فذئـبٌ يستبيـح بها ضلوعاً ويعصـر نهدها تمـراً وشهدا


    وآخر يعتـلي عـاجاً طهـوراً يصـوّب فيه سـهماً مستبـدّا
    * *

    وثالثـهم على عَجَـلٍ ككلـبٍ يُسيـلُ لعابه فـوق المـرايا


    لكَم صرختْ على مرّ الثواني وقد ملكـوا شفاهاً كالبقـايا
    * *

    أما اقتلعوا غصـوناً من جمال ٍ على صدرٍ يلـوح لها رفيفُ؟


    جنـَوا رمّانه خسفـاً،و عسفاً وجُنّ على محاسـنه عصيفُ
    * *

    ففرّ النحل يحـدوه فــراشٌ تباعاً عن ســلافٍ للزهـورِ


    وصُبّ بخصرها نهـرٌ حمـيمٌ فبركـانٌ تفجـّـر بالسّتـورِ
    * *

    لكَم طُعِنـتْ فسالتْ بالرّوابي دمـاء الزهـر للكأس الوليـدِ


    لكم صُلبتْ على عتبـات بيتٍ تخلّى الناس عنه من جـدودي
    * *

    وألقُوهـا على درب ٍٍطـويل ٍ مـآزرها هتيـكٌ للضّيــاعِ


    وطعْناتُ العقـارب تَسْتبيـها وكان البدر منطـفئ الشّعـاعِ
    * *

    بلا ذهَـبٍ يقبّـلُ معصميـها ولا دُرٍّ يعانقُـــها بنحــرِ


    ولا قرطٍ يخبِّــئ شحمتيـها وخَلْخـالٍ يُكتّــمُ كـلّ سـرِّ
    * *

    سـليبٌ كيف تغـدو مثل نسم ٍ وقد حبسوا بقضبانٍ خطـاها؟


    جدائلُـها مبــدّدةٌ بخصــر ٍ وكم غفتِ النجوم على شـذاها
    * *

    سنابلُ في مهبِّ الريح صُفْرٌ أطاح رؤوسـها ليلُ المناجلْ


    بعينيها سـحاب ٌمن دمــوع ٍ وغابـات الضّواري ،والأيائلْ
    * *

    مضى عمْـري،وودّعنا شبابَاً ولم نسـعدْ بوصلٍ من حبيـبِ


    فليت اللهَ يجمعنــا بـدوحٍ كعصـفورينِ من طير الجنوبِ
    * *

    متى أحيـا بلقيـاها وحيـداً معي قلبي يشــبّ على ضلوعِي


    فتلقـاني ببارق ِأقحــوان ٍ يلـوح على شفاه ٍ كالدّمـوعِ؟
    * *


    لها وجهُ المـلائك فيه تثمِـرْ عيونٌ مثلُ غابـات الصّنوبرْ


    أحاذر أنْ أمـدَّ يـداً إليهـا وقد لبِستْ من الزيتون أخضـرْ
    * *

    تسير معي،وقد جـرّتْ ذيولاً من الحنّـاء ،والفلّ المـديدِ


    يغنّي لحنَنا الشـحرورُ حبّـاً وينشر فوقنا عبقَ القصـيدِ
    * *

    إلى الأقصى تعـالَ بنا وقالت: نقمْ فيــه صلاةً في دمـوعِ


    فما دفنتْ بخاطرها المآسـي وطعْناتٍ بأحشــاء الربيـعِ
    * *

    لـنرقـبَ فيه أسرابَا ًلـوُرْق ٍ وقد بسطتْ له في الريح راحا


    فتروي قصّة المسرى شريفا ً وأحمدُ يصعد الســبعَ الجماحا
    * *

    وتهـوى أن يطاوعها الهلالُ فيعلَـقَ في قوادمها الهـلالُ


    تحاول أن تداعبـه، فيرضى وأنّ الأمنيــات لهــا زلالُ
    * *

    هلـمّ بنا إلى الآلام سـعياً إلى أمّ الكنـائس ،والشـموعِ


    نسائلْ :أين مريمُ ،وجه عيسى فتمسحَ جرحنا بين الضّلـوع؟
    * *

    تعال بنا أرَ الزيتون جـدّي وقد ألقى على الشّمس الرّداءَ


    يخبّرْنا بمن منحــوه لحماً وأعماراً تُديـم لـه البقــاءَ
    * *

    ونكتبْ في عبـاءته حـروفاً تظلّ الريـحُ تجلـوها بريقا


    ونُودعْ في جلالتــه غرامـاً يظلّ البُعْـد يُذكيـه حريقـا
    * *

    تعال بنا ،فنقتحـمَ الجـدارا نهدّمـه،ونبنـيَ فيه دارا


    لنا كانت بناها زَنْـد جدّي بسفح الطّور نقدحَها شرارا
    * *

    فيا اللهُ ،لا تحـرقْ بنــارٍ فؤاداً لم يزلْ يهوى الرجوعا


    وبدّدْ شمل من سرقوا قلاعي فعزّ المـوج صـخّاباً مُريعا


    مجدي يوسف



  6. #6

    رد: ديوان الشاعر الكبير مجدي يوسف


    من ذكريات الحرب
    في يديَ السّلاح





    "كان السبت :السابع والعشرون
    من كانون الأول لعام ألفين وثمانية ؛الشرارة الأولى
    للمحرقة الجديدة التي أحرقت غزة ،فصارت غزة
    أطلال أرضٍ ،ودم ،وروح ،وجسد "...



    سأبقى في الخراب على التّرابِ وإن أَثْكَلْتَنـي خيـَر الصّحــابِ

    ففي يـديَ السّـلاح إليك أبغي وفي صدري الحـرائقُ كالقبـابِ
    * *

    وفي عيني يلوح السُّخط منها بروقاً راعشــاتٍ،أو رعــودا

    هنيئاً باللّقـا صـبّرتُ نفسـي سأجعلك الحجـارةَ ،والحــديدا
    * *

    هنيئاً باللقــاء،فقـد تخـلّى عن الموجوع أسـيافُ اليمـاني


    هنيئاً قد ملأتَ الأفْـق شدواً وذبّحـتَ الحمائـمَ بالسّـنانِ
    * *

    وزلزلتَ المبانيَ في زماني وأشعلتَ الجحيـم على رُبوعي

    ففي الآفاق أشـرعةٌ لنـارٍ وفي الأنقاض أشــلاءُ المَروعِ
    **

    هنيئاً قد صَدعتَ الأرض عزماً وأنت تحـرّق الأطفـال شـوقا

    وقطّعتَ الجسـوم على صفيحٍ وحطّمتَ الرؤوس ،فبان صـدقا
    * *

    وزيّنْتَ الوجـوه بكـلّ لـونٍ فأبدعتَ الدِّمـا بدراً،ونجــما

    قوافـلُ للفـدا حطّتْ رحــالاً تصون اللهَ ،والوطـن الأشـمّا
    * *

    وفجّرتَ الميــاه بكلّ شِـبْرٍ فَفَاضتْ من مجـاريها الشّعابُ


    أَبحْــتَ غديرها غُرَفاً لتُرب ٍ وأشقى الســائلَ الأعمى السّرابُ
    * *

    فهل كابدتَ عُـزلاً في مضيق ٍ؟ على ضَنْكٍ لقـد باتوا سكارى

    رَبَوا تحت المحازن والمآسي حفـاةً بائسـينَ،وكالحيـارى
    * *

    أُقيـم بليلهـم ضـوءٌ لشمعٍ يعانون القوارسَ ،والضّيـاعا

    وَذُعْراً من غَدٍ قد بات وحشاً يُطاردهم مَخالبُـــه التياعَا
    * *

    يُقضّون النهـار،وهم صفوفٌ لخبـزٍ،أو وُقــودٍ،أو غـذاء ِ


    كأنهمُ على الطّـرقاتِ نحـلٌ تسابقَ للزّهــور من الخَواء ِ
    * *

    يلامســـها بأفواهٍ ظمـاء ٍ يُوَشْوِشُها ،فتعذُب بالغــرامِ

    يقبّـلها،فتمنحـه حيــاة ً فيلتحـمان في مَرح الإِكَــامِ
    * *

    تحاصرهم عدوّ الشمس، قهراً بأسـوار العذاب المســتبِدِّ

    وتأبى أن يبيع العُمْـرَ شِـبلٌ رأى في الموت أعمـاراً لخُلْدِ
    * *

    رؤوسَ الصمت شافيزٌ قطوفٌ شفى شافيزُ غِلّي،وانكساري

    فقد ذلّ اليهـــودُ بفنزويلا فمرّوا كالكــلاب بلا ديـارِ
    * *

    ومغتصباً– يقول: وكيف أحيا يقاسـمني غـذائي،أو هوائي؟

    وهل يعلو بأجنحــتي بُغاثٌ يطير بها، يُزاحمني سـمائي
    * *

    يعيش على اجتثاثٍ للضّحايا وأنّـاتِ الثّكالـى ،والجيــاعِ

    ووأْدٍ للطفولة ،وهْي تحـبو وأوجاعِ اليتامى ،والضّيــاعِ
    * *

    ألا ليت الممــالكَ يعتريها حياءٌ ،أو خشــوعٌ ،أو إخاءُ

    فتغدو مثل شـافيزَ المفدّى فيُكسَرَ من سواعدها العـزاءُ
    * *

    وتنصُـبَ للفــدا راياتِ عزٍّ تُعيدُ الأرض ،والمجد السّـليبا


    فإنّي قد قطعـتُ بكم رجـائي وربِّي ليس يستبقي الغريبـا
    * *

    هنا ناسٌ تعيش على انتظارٍ لموتٍ يرتضـيه لنـا الجـبانُ

    فصارُ النّـاس أكفاناً بظـلّي تجرّ الرّعبَ،يَجْلِــدُهَا الزمانُ
    * *

    تحنُّ إلى القبـور لعـلّ فيها مراحَ الرّوح في العهد الرّغيدِ

    فتلقى الربّ مقتـدِرا ً،رحيما ً مُخضّبةَ الجنـاحِ كيومِ عيــدِ
    * *

    كأشـجار الخريف هنا وقوفاً إلى أَنْ يَعصف الصِـرُّ القريبُ

    وكالأحجـار في نهـرٍ غضوبٍ وكالأطيـار أفزعـها المغيبُ

    * *

    إلهـي ،إننا نشـكو بجنح ٍ عـدوّاً أُرجــوانيّ الشّـرابِ

    له في صدرِ أرضٍ،أو سماءٍ مضّرجـةٌ تـدكُّ بكـلِّ بـابِ
    * *

    فهل يرضى إلهي،عن ذئابٍ لها في القتل تَذكارٌ،وسَـبْقُ؟

    رقابَ الأنبيـاء لَكَم أطاحتْ بها ما أشـبع الأنهـامَ دَفْقُ
    * *

    فلو نزلتْ بوادينا سـباعٌ لَولّتْ في الفضا تطوي الحُزونا

    لماذا لا يعيش الحـرُّ حرّاً على أرضٍ ترضّـعه الحنينا؟
    * *

    وأنّى حـقّ مفرشُهم لحـقٍّ له الفُرْسَـانُ قدْ جُعلوا عبيدا؟


    لماذا يحـرقُ الآفـاق كلـبٌ يُضيع معالماً شَـهِدتْ عُهودا؟
    * *

    بناها الأوّلـون على رحيــب ِ بعين الشّمس بالسّفح الخصيبِ

    فإنّ الأُسْـدَ تفترسُ الضّحايا إذا مـا الجوع طوّف بالدّروبِ
    * *

    أما تصغي إلهـي،لي دمـوعٌ تبوحُ بهـا مآقـي المؤمنينا؟

    أما يُشـجيك مرأىً من لحـوم ٍ مُوَسَّـدة ٍ تـُرابَ الخـالدينا؟
    * *

    خلقتَ الكـون من عدَمٍ ،إلهي بديعَ الكــائناتِ بلا مثـالِ

    وصوّرتَ الورى تصوير حُسْنٍ تَقَدَّسَ في الجلالِ على الكمالِ
    * *

    إلهـي ،إنهم عَبِثـوا بخـلق ٍ فشاهوا حُسْنَه الحَرمَ القويما


    قدِ اجترؤوا بأعتـدة ٍ لقتـل ٍ عليك، ففيم تستبقي الجحيما؟
    * *

    شكاوى المعدمين كما تراها متى سيظلّ في الآفاق برقُ؟

    جناحُ المــوت ممتـدٌّ طليقٌ له في الأرض أقنــعةٌ ترِقُّ
    * *

    فكنْ عوناً لنا من نائبــات ٍ وصبّاراً على الأخطـار قومي

    وباركْ جُرْح من يهوى سلاحي وأشـعلَ في العدى نيرانَ أمِّ
    * *

    فإن الأرضَ لاِزْدَاْنـَتْ دمـاءً وقد كـادتْ تجفُّ من الدّماءِ

    فما زالتْ تُخبّـئ كـلّ بَذْرٍ وينشقّ التّـرابُ عن الفـداءِ
    * *

    فضُمّيني إلى صـدر ٍحنــون ٍ إذا سَقَطَتْ يدايَ على الطـريقِ

    ولُفّينــي بعُشـبٍ خضّـرته دمائي ،وارحميني في الشّقوقِ
    * *

    ستبقى غزّتي أرض الصّــمادِ وذكرى للحَــديدِ على المُهـودِ

    وتحيا غزّتي وجـهُ الوجــودِ برغمِ اللَّيــل،والقيــد الجـديدِ



    مجدي يوسف



  7. #7

    رد: ديوان الشاعر الكبير مجدي يوسف


    من ذكريات الحرب
    في يديَ السّلاح





    "كان السبت :السابع والعشرون
    من كانون الأول لعام ألفين وثمانية ؛الشرارة الأولى
    للمحرقة الجديدة التي أحرقت غزة ،فصارت غزة
    أطلال أرضٍ ،ودم ،وروح ،وجسد "...



    سأبقى في الخراب على التّرابِ وإن أَثْكَلْتَنـي خيـَر الصّحــابِ

    ففي يـديَ السّـلاح إليك أبغي وفي صدري الحـرائقُ كالقبـابِ
    * *

    وفي عيني يلوح السُّخط منها بروقاً راعشــاتٍ،أو رعــودا

    هنيئاً باللّقـا صـبّرتُ نفسـي سأجعلك الحجـارةَ ،والحــديدا
    * *

    هنيئاً باللقــاء،فقـد تخـلّى عن الموجوع أسـيافُ اليمـاني


    هنيئاً قد ملأتَ الأفْـق شدواً وذبّحـتَ الحمائـمَ بالسّـنانِ
    * *

    وزلزلتَ المبانيَ في زماني وأشعلتَ الجحيـم على رُبوعي

    ففي الآفاق أشـرعةٌ لنـارٍ وفي الأنقاض أشــلاءُ المَروعِ
    **

    هنيئاً قد صَدعتَ الأرض عزماً وأنت تحـرّق الأطفـال شـوقا

    وقطّعتَ الجسـوم على صفيحٍ وحطّمتَ الرؤوس ،فبان صـدقا
    * *

    وزيّنْتَ الوجـوه بكـلّ لـونٍ فأبدعتَ الدِّمـا بدراً،ونجــما

    قوافـلُ للفـدا حطّتْ رحــالاً تصون اللهَ ،والوطـن الأشـمّا
    * *

    وفجّرتَ الميــاه بكلّ شِـبْرٍ فَفَاضتْ من مجـاريها الشّعابُ


    أَبحْــتَ غديرها غُرَفاً لتُرب ٍ وأشقى الســائلَ الأعمى السّرابُ
    * *

    فهل كابدتَ عُـزلاً في مضيق ٍ؟ على ضَنْكٍ لقـد باتوا سكارى

    رَبَوا تحت المحازن والمآسي حفـاةً بائسـينَ،وكالحيـارى
    * *

    أُقيـم بليلهـم ضـوءٌ لشمعٍ يعانون القوارسَ ،والضّيـاعا

    وَذُعْراً من غَدٍ قد بات وحشاً يُطاردهم مَخالبُـــه التياعَا
    * *

    يُقضّون النهـار،وهم صفوفٌ لخبـزٍ،أو وُقــودٍ،أو غـذاء ِ


    كأنهمُ على الطّـرقاتِ نحـلٌ تسابقَ للزّهــور من الخَواء ِ
    * *

    يلامســـها بأفواهٍ ظمـاء ٍ يُوَشْوِشُها ،فتعذُب بالغــرامِ

    يقبّـلها،فتمنحـه حيــاة ً فيلتحـمان في مَرح الإِكَــامِ
    * *

    تحاصرهم عدوّ الشمس، قهراً بأسـوار العذاب المســتبِدِّ

    وتأبى أن يبيع العُمْـرَ شِـبلٌ رأى في الموت أعمـاراً لخُلْدِ
    * *

    رؤوسَ الصمت شافيزٌ قطوفٌ شفى شافيزُ غِلّي،وانكساري

    فقد ذلّ اليهـــودُ بفنزويلا فمرّوا كالكــلاب بلا ديـارِ
    * *

    ومغتصباً– يقول: وكيف أحيا يقاسـمني غـذائي،أو هوائي؟

    وهل يعلو بأجنحــتي بُغاثٌ يطير بها، يُزاحمني سـمائي
    * *

    يعيش على اجتثاثٍ للضّحايا وأنّـاتِ الثّكالـى ،والجيــاعِ

    ووأْدٍ للطفولة ،وهْي تحـبو وأوجاعِ اليتامى ،والضّيــاعِ
    * *

    ألا ليت الممــالكَ يعتريها حياءٌ ،أو خشــوعٌ ،أو إخاءُ

    فتغدو مثل شـافيزَ المفدّى فيُكسَرَ من سواعدها العـزاءُ
    * *

    وتنصُـبَ للفــدا راياتِ عزٍّ تُعيدُ الأرض ،والمجد السّـليبا


    فإنّي قد قطعـتُ بكم رجـائي وربِّي ليس يستبقي الغريبـا
    * *

    هنا ناسٌ تعيش على انتظارٍ لموتٍ يرتضـيه لنـا الجـبانُ

    فصارُ النّـاس أكفاناً بظـلّي تجرّ الرّعبَ،يَجْلِــدُهَا الزمانُ
    * *

    تحنُّ إلى القبـور لعـلّ فيها مراحَ الرّوح في العهد الرّغيدِ

    فتلقى الربّ مقتـدِرا ً،رحيما ً مُخضّبةَ الجنـاحِ كيومِ عيــدِ
    * *

    كأشـجار الخريف هنا وقوفاً إلى أَنْ يَعصف الصِـرُّ القريبُ

    وكالأحجـار في نهـرٍ غضوبٍ وكالأطيـار أفزعـها المغيبُ

    * *

    إلهـي ،إننا نشـكو بجنح ٍ عـدوّاً أُرجــوانيّ الشّـرابِ

    له في صدرِ أرضٍ،أو سماءٍ مضّرجـةٌ تـدكُّ بكـلِّ بـابِ
    * *

    فهل يرضى إلهي،عن ذئابٍ لها في القتل تَذكارٌ،وسَـبْقُ؟

    رقابَ الأنبيـاء لَكَم أطاحتْ بها ما أشـبع الأنهـامَ دَفْقُ
    * *

    فلو نزلتْ بوادينا سـباعٌ لَولّتْ في الفضا تطوي الحُزونا

    لماذا لا يعيش الحـرُّ حرّاً على أرضٍ ترضّـعه الحنينا؟
    * *

    وأنّى حـقّ مفرشُهم لحـقٍّ له الفُرْسَـانُ قدْ جُعلوا عبيدا؟


    لماذا يحـرقُ الآفـاق كلـبٌ يُضيع معالماً شَـهِدتْ عُهودا؟
    * *

    بناها الأوّلـون على رحيــب ِ بعين الشّمس بالسّفح الخصيبِ

    فإنّ الأُسْـدَ تفترسُ الضّحايا إذا مـا الجوع طوّف بالدّروبِ
    * *

    أما تصغي إلهـي،لي دمـوعٌ تبوحُ بهـا مآقـي المؤمنينا؟

    أما يُشـجيك مرأىً من لحـوم ٍ مُوَسَّـدة ٍ تـُرابَ الخـالدينا؟
    * *

    خلقتَ الكـون من عدَمٍ ،إلهي بديعَ الكــائناتِ بلا مثـالِ

    وصوّرتَ الورى تصوير حُسْنٍ تَقَدَّسَ في الجلالِ على الكمالِ
    * *

    إلهـي ،إنهم عَبِثـوا بخـلق ٍ فشاهوا حُسْنَه الحَرمَ القويما


    قدِ اجترؤوا بأعتـدة ٍ لقتـل ٍ عليك، ففيم تستبقي الجحيما؟
    * *

    شكاوى المعدمين كما تراها متى سيظلّ في الآفاق برقُ؟

    جناحُ المــوت ممتـدٌّ طليقٌ له في الأرض أقنــعةٌ ترِقُّ
    * *

    فكنْ عوناً لنا من نائبــات ٍ وصبّاراً على الأخطـار قومي

    وباركْ جُرْح من يهوى سلاحي وأشـعلَ في العدى نيرانَ أمِّ
    * *

    فإن الأرضَ لاِزْدَاْنـَتْ دمـاءً وقد كـادتْ تجفُّ من الدّماءِ

    فما زالتْ تُخبّـئ كـلّ بَذْرٍ وينشقّ التّـرابُ عن الفـداءِ
    * *

    فضُمّيني إلى صـدر ٍحنــون ٍ إذا سَقَطَتْ يدايَ على الطـريقِ

    ولُفّينــي بعُشـبٍ خضّـرته دمائي ،وارحميني في الشّقوقِ
    * *

    ستبقى غزّتي أرض الصّــمادِ وذكرى للحَــديدِ على المُهـودِ

    وتحيا غزّتي وجـهُ الوجــودِ برغمِ اللَّيــل،والقيــد الجـديدِ



    مجدي يوسف



  8. #8

    رد: ديوان الشاعر الكبير مجدي يوسف


    الأَقدَار





    أصبح اليـــوم فؤادي في النّصالْ
    حبّ ليلى عفّ عن نيل النّـــوالْ

    وسنونَ العمْرِ تمضـي ليـس فيـها
    أبداً بعـضُ حــنانٍ،أو جمـــالْ

    حجَب الأزهارَ عنـّي ،وارتضــاها
    لجهـول ٍيسـتقي الخمر الحــلالْ

    ورماني بجـراحٍ كيـف أشـــفى
    والأمـانيّ صخـورٌ في رمـــالْ؟
    ***
    ما عهـدتُ الحب فينا غيـرَ نــارٍ
    أيّهــا الآفِـــل عن تلك الظـلالْ

    هجمَ اللّيل على فجــر حيـــاتي
    قبّل النــورَ ،فعيشي بالضــلالْ

    إنّنـي أرجو على الهجـر معيــناً
    يُبرئ الأمـس فيغـدو كالخــيالْ

    قد سئمتُ السير وحـدي في دروب ٍ
    تحجِل الخطوةَ أكـــداسُ الجبـالْ

    يحسـب الخلقُ زهوراً ملء عودي
    خاشــعاً عينـي على سـرّ اللّيالْ

    أرشِفُ الأضـواء أنجـو بالكمـالْ
    تعصِف الأغـوالُ حـولي،والصّلالْ

    قد زهـدتُ العيـش حـتى إنّنـي ما
    خـلتُ يومـاً جنتي قبـراً لضــالْ

    أيّـها المـوتُ إلـينا بنعـــــيمٍ
    أيّ دنيـا تنتشـي نبضـــي زُلالْ؟

    علّمتْنـي كيـف أشـــدو بالمعاني
    كـلّ لحـنٍ نـازف ٍمـدّ النّصــالْ
    ***

    جـفّ نهر الفرْح في القَفْـر جديداً
    ظمـئ المجـداف،غشّــاه الكلالْ

    ملكَ الموتُ على ســمع الثـواني
    يابـسَ الأحشـاء،أنفاسـاً ثُمَــالْ

    من يعيد النّهـر ريّـانَ الوصـالْ؟
    من يفـكّ القيـدَ يسـخى بالنّـوالْ
    ***

    الصّبــا هل تذكرين ،والظــلالْ
    مربعَ الأزهـار أعـراس الـدوالْ

    وصباحاً صـادح الأصـداء موفورَ
    الجنـى أورثه الحــسنُ الجَـلالْ

    كم تلاقيـنا بـه،والشـــوقُ منّي
    فاضحـي ،والعين تُخفـي ما يُقالْ

    حذِرَتْ فالغـُرْبُ ترنو في نعيـق ٍ
    كُدّر الصحوُ ،فناجتنـي الظّــلالْ

    يسـقط الحظّ ،فأمضـي في زوالْ
    ليتنـي جـاوزتُ أسـوار الخيـالْ

    ويحَ من شــاهتْ به الأيام حــبّاً
    طـاهراً صلّى له عُمْـري ،فطـالْ
    ***

    موطـنُ الذكـرى تناسـتْه اللّيـالْ
    شَـقّتِ الألوان ،واجتُثّ الهــلالْ

    وجلا الأيكُ عيـوناً مـات فيــها
    السّــحرُ،والأصـداء شوهاءَ اللآلْ

    يا جحيــماً،عـاد يطغـى في دمائي
    هـدّني الحـرمان أعمــاني المنالْ

    ما الذي يرجــوه من ميْـتٍ وليـدٍ
    هـام بالأحـلام عبّـادَ الجـــمالْ؟

    كلَمـا جاهــدتُ ظنّــي لرحـيلٍ
    لم ألاقـي من يُحاكيــها مثــالْ

    قد أرادتْ شـــوك غيري في جناها
    ويـلَ قلبـي ،للهــوى فيـنا دلالْ

    أنكـرتْني ،ودعتْنـــي لجــنوني
    كم أسـالَ الشّـوقَ أفـواهُ التّــلالْ
    ***

    جسـمه لا تســألي عنــه الثواني
    هشّم الإزميــلُ أعطـافاً ثِـقــالْ

    صرتُ طفــلاً تشـتكي منه عيوني
    يُجلـس الجـدرانَ ،يرتـاد الكمـالْ

    مفعمُ الإحســاس،موتـورٌ بوجْـدٍ
    يجـرف الدمـعُ إذا ثار الخيـــالْ

    ينزِفُ المـاضي ،ويخـلو بجــديدٍ
    يلمح الغـــيبَ،فَيَعْــرُوه البَـلالْ
    ***

    لـيـس من تبكـي لآلامـي بدربي
    أتَرانـي سـاكناً فِـكْـراً ،وبــالْ؟

    أتَراها تسـأل الأنســــام عنّــي
    كلّمــا رِيعـتْ بأزهـــارٍ ذلالْ؟

    ذلك النّحـرُ شـريــفاً من طـلاه؟
    غـرّروا الجهــل المفــدّى باللآلْ

    لم تزلْ تهـوى مناغــاة ً دُمـاها
    شعرُها المجـدول مطلــولٌ بشالْ

    طفـلةٌ ترعـى صغيراً في حشـاها
    ثغرُها الفرحــان لا يدري بحـالْ

    هذه الخُطْـوةُ ما آلمهــــا! يا
    طفلتي ،هـذا الذي شــئتِ رجالْ؟
    ***

    إنها الأقـدار لا تعيَــا لشــاكٍ
    تســلِبُ المرءَ الأماني،والجـلالْ

    وعسـى أن يدفع الأشــباح عنّـي
    ذلك الفـنُّ الذي ينعــى الجمــالْ

    غالتِ الريحُ ،وقد عـزّ مجيـــري
    وارتمى الحســنُ يتيمــاً طـيّ آلْ



    مجدي يوسف




  9. #9

    رد: ديوان الشاعر الكبير مجدي يوسف


    الأَقدَار





    أصبح اليـــوم فؤادي في النّصالْ
    حبّ ليلى عفّ عن نيل النّـــوالْ

    وسنونَ العمْرِ تمضـي ليـس فيـها
    أبداً بعـضُ حــنانٍ،أو جمـــالْ

    حجَب الأزهارَ عنـّي ،وارتضــاها
    لجهـول ٍيسـتقي الخمر الحــلالْ

    ورماني بجـراحٍ كيـف أشـــفى
    والأمـانيّ صخـورٌ في رمـــالْ؟
    ***
    ما عهـدتُ الحب فينا غيـرَ نــارٍ
    أيّهــا الآفِـــل عن تلك الظـلالْ

    هجمَ اللّيل على فجــر حيـــاتي
    قبّل النــورَ ،فعيشي بالضــلالْ

    إنّنـي أرجو على الهجـر معيــناً
    يُبرئ الأمـس فيغـدو كالخــيالْ

    قد سئمتُ السير وحـدي في دروب ٍ
    تحجِل الخطوةَ أكـــداسُ الجبـالْ

    يحسـب الخلقُ زهوراً ملء عودي
    خاشــعاً عينـي على سـرّ اللّيالْ

    أرشِفُ الأضـواء أنجـو بالكمـالْ
    تعصِف الأغـوالُ حـولي،والصّلالْ

    قد زهـدتُ العيـش حـتى إنّنـي ما
    خـلتُ يومـاً جنتي قبـراً لضــالْ

    أيّـها المـوتُ إلـينا بنعـــــيمٍ
    أيّ دنيـا تنتشـي نبضـــي زُلالْ؟

    علّمتْنـي كيـف أشـــدو بالمعاني
    كـلّ لحـنٍ نـازف ٍمـدّ النّصــالْ
    ***

    جـفّ نهر الفرْح في القَفْـر جديداً
    ظمـئ المجـداف،غشّــاه الكلالْ

    ملكَ الموتُ على ســمع الثـواني
    يابـسَ الأحشـاء،أنفاسـاً ثُمَــالْ

    من يعيد النّهـر ريّـانَ الوصـالْ؟
    من يفـكّ القيـدَ يسـخى بالنّـوالْ
    ***

    الصّبــا هل تذكرين ،والظــلالْ
    مربعَ الأزهـار أعـراس الـدوالْ

    وصباحاً صـادح الأصـداء موفورَ
    الجنـى أورثه الحــسنُ الجَـلالْ

    كم تلاقيـنا بـه،والشـــوقُ منّي
    فاضحـي ،والعين تُخفـي ما يُقالْ

    حذِرَتْ فالغـُرْبُ ترنو في نعيـق ٍ
    كُدّر الصحوُ ،فناجتنـي الظّــلالْ

    يسـقط الحظّ ،فأمضـي في زوالْ
    ليتنـي جـاوزتُ أسـوار الخيـالْ

    ويحَ من شــاهتْ به الأيام حــبّاً
    طـاهراً صلّى له عُمْـري ،فطـالْ
    ***

    موطـنُ الذكـرى تناسـتْه اللّيـالْ
    شَـقّتِ الألوان ،واجتُثّ الهــلالْ

    وجلا الأيكُ عيـوناً مـات فيــها
    السّــحرُ،والأصـداء شوهاءَ اللآلْ

    يا جحيــماً،عـاد يطغـى في دمائي
    هـدّني الحـرمان أعمــاني المنالْ

    ما الذي يرجــوه من ميْـتٍ وليـدٍ
    هـام بالأحـلام عبّـادَ الجـــمالْ؟

    كلَمـا جاهــدتُ ظنّــي لرحـيلٍ
    لم ألاقـي من يُحاكيــها مثــالْ

    قد أرادتْ شـــوك غيري في جناها
    ويـلَ قلبـي ،للهــوى فيـنا دلالْ

    أنكـرتْني ،ودعتْنـــي لجــنوني
    كم أسـالَ الشّـوقَ أفـواهُ التّــلالْ
    ***

    جسـمه لا تســألي عنــه الثواني
    هشّم الإزميــلُ أعطـافاً ثِـقــالْ

    صرتُ طفــلاً تشـتكي منه عيوني
    يُجلـس الجـدرانَ ،يرتـاد الكمـالْ

    مفعمُ الإحســاس،موتـورٌ بوجْـدٍ
    يجـرف الدمـعُ إذا ثار الخيـــالْ

    ينزِفُ المـاضي ،ويخـلو بجــديدٍ
    يلمح الغـــيبَ،فَيَعْــرُوه البَـلالْ
    ***

    لـيـس من تبكـي لآلامـي بدربي
    أتَرانـي سـاكناً فِـكْـراً ،وبــالْ؟

    أتَراها تسـأل الأنســــام عنّــي
    كلّمــا رِيعـتْ بأزهـــارٍ ذلالْ؟

    ذلك النّحـرُ شـريــفاً من طـلاه؟
    غـرّروا الجهــل المفــدّى باللآلْ

    لم تزلْ تهـوى مناغــاة ً دُمـاها
    شعرُها المجـدول مطلــولٌ بشالْ

    طفـلةٌ ترعـى صغيراً في حشـاها
    ثغرُها الفرحــان لا يدري بحـالْ

    هذه الخُطْـوةُ ما آلمهــــا! يا
    طفلتي ،هـذا الذي شــئتِ رجالْ؟
    ***

    إنها الأقـدار لا تعيَــا لشــاكٍ
    تســلِبُ المرءَ الأماني،والجـلالْ

    وعسـى أن يدفع الأشــباح عنّـي
    ذلك الفـنُّ الذي ينعــى الجمــالْ

    غالتِ الريحُ ،وقد عـزّ مجيـــري
    وارتمى الحســنُ يتيمــاً طـيّ آلْ



    مجدي يوسف




  10. #10

    رد: ديوان الشاعر الكبير مجدي يوسف

    مِنْ أَينَ أَبدأ ُيا نزارُ عزَائي؟

    في رثاء نزار قباني شاعر
    العروبة الذي رثاها
    من سنين




    من أين أبدأ يا نزارُ عزائي
    يا أمّة الأشعار ،والشعراءِ؟

    يا قِبلةَ العشّاق صلّى صوبها
    أهلُ الغرام على وجيب بكاءِ

    كلٌّ له حِبّ أضاع وفاءه ،
    والليلُ مِشنقةٌ على التّعســاءِ

    يا حارسَ الكلماتِ بين خُدورها
    يا ساقياً غضّ الحروف إزائي

    حتّى غدتْ صفصافةَ البؤساءِ
    ولكم يُراقص صوتُها إصغائي

    أسّستَ صرحاً للفنـون بربوة ٍ
    ٍ شمّــاءَ شابه ركنُه إنشائي

    ما البحتريّ ُبحــاملٍ مفتـاحَه
    كلا ّولا الطّائي تحت لواء ِ


    يا جامعاً كلّ المعاني في الهوى
    مازال يُسحر بالقصيد سمائي
    *
    يا عاشقَ التاريخ في غرناطةٍ
    وقرونِ مجدٍ سبعةٍ كسناء ِ

    نبّهتَ في الماضي عيونَ أميّةٍ
    وحملتَ للدنيا سنا الحمراءِ ِ

    ما زال يُضنيك الحنينُ لطارق ٍ
    والجيشُ شلالٌ على الجوزاء ِ

    قد جاء يزأرُ من عُباب الماءِ
    يطوي الفضاءَ بخيله الغرّاء ِ

    فترجّلتْ تلك الهضابُ لوقعه
    وتحشرجتْ بالدّمع عند لـقاء ِ

    إني انتظرتُك طارقي بين الرّبا
    أعيا فؤداي جهشةُ البُسَطاء ِ

    والليـلُ قضبانٌ لكلّ مُحيّـرٍ
    والفجر عنوانٌ على الأشلاء ِ
    *
    سيناءُ هل تنسى زماناً دامياً
    صُلبتْ به والطيرُ في الأجواء ِ

    والقدسُ ملقاةٌ على عَتباتهم
    لم يفتدوها ليــلةَ الدّخلاء ِ

    قد مزّقوا منها بكارة مريمٍ
    وتناوبوا الطّعنات كالأعداء ِ

    أنّى لهم أن يستعيدوا طُهْرها
    وهمُ على الغبراء محضُ هباء ِ؟

    لو أنهم يشرون نفساً حرّةً
    صلّوا إليها ليلة الإسراء ِ

    وجدودُهم كم قبّلوا أقدامها
    أثوابَها ما بينَ كل ّ نداء ِ

    خانوا أماناتِ الجدود،وأطفؤوا
    في تينك العينين وهْجَ فداء ِ
    *
    بيروتُ ما عادتْ لنا غجريّةً
    سمراءَ ماستْ في ربا الفيحاء ِ

    قد جاءها الشعراءُ عبّادُ الهوى
    من كلّ وادٍ تحت كلّ سـماء ِ

    يتسابقون إلى خطاها صبوةً
    والعشق ممنوعٌ على التعساء ِ

    بيروتُ صارتْ هِرّةً أكلتْ بنيـ
    هـا إنها سيفٌ على الضعفاء ِ

    بلقيسُ قد قُتلتْ ،وهل في قتلها
    عَوْدُ البطولة من سنين ِضياء ِ؟
    *
    يا سيّدي أتُرى دمشقُ أسيفةً
    تبكي على ذاك الفتى بدماءِِ؟

    الفلّ يعرف عشقَه والياسميـ
    نُ ولوعةُ الكُبـّاد قبل الماء ِ

    ما أنصفتك دمشقُ يوم جعلتَها
    فوق الثّرى في مفرَق الجوزاء ِ

    ورمتك في وضَح النهار بطعنة ٍ
    نجلاءَ كانت في اليد السوداء ِ

    والرّوحُ منك حمامة ٌخفّاقةٌ
    وعيونها مشـغولةٌ بوفاء ِ

    تتلو على الأزمان آيات ِالفدا
    من سورة الإنسان والبؤساء ِ

    ويظلّ يعزف بالفضا مزمُارها
    ما أعذبَ الأصداءَ في الأرجاء ِ!

    رحِم الفتى ربّ غفورٌ إنـــّه
    عاش الحياة برفقة الشهداء ِ
    *

    لم تنسَ دِجلةَ والفرات على النّوى
    أبـداً ولا بغـداد بعد تناء ِ

    أو وشوشاتِ النّخل عند حِجالها
    أو نافحاتِ الطيـب من إرخاءِ ِ

    وحضارةً كبرى تميس على الذرى
    والريـحُ تسـترها بخير كساء ِ

    بغدادُ ما عادتْ نزارُ،كعهدها
    تلك المليـكةَ فوق عرش الماء ِ

    واستوطن الأعداء عند وِسادها
    لم يتركوا حتّى مزيـق َ رداء ِ

    مضَغوا السنابلَ من بهيّ ضفيرها
    لكأنّها قَصَـبٌ ودون لحاء ِ

    واستملكوا الأعنابَ من أثدائها
    حتّى جرى العُنّابُ من أحشاءِ ِ

    من تاجها سرقوا شموس صباحها
    وَنجَـوم بهجتها وليل بهـاء ِ

    والبدرَ مبتسماً على الأنحاء ِ
    والشعرَ ناياً في فم الشعراء ِ

    من صدرها سلبوا قلائدَ بابلٍ
    آشـورُ أين معالمُ القدماء ِ؟

    ودمُ الحسين بكربلاءَ جريمة ٌ
    عـادتْ تفجّـره عَصا الأجراء ِ

    بغداُد يا وجَع العصور السّومريّ
    ةِ وارتعاشاتِ الربا الخضراء ِ

    بغدادُ أمستْ في الليالي نجمةً
    لا البدرُ يرعى هاتفَ الأصداء ِ

    عمياءَ قد سُكبتْ زيوتُ سراجها
    شلاّءَ قد سقطتْ من العلياء ِ
    *

    ولّى نزارٌ في الصّباح كعابرٍ
    وعلى الجبين طـهارةُ الغرباء ِ

    جرحُ العروبة في حنايا روحه
    كم بات مصلوباً على الأشياء ِ

    عُدْ يا نزارُ،لكي ترى ما قد جرى
    هذي بلادي في دجى الأهواء ِ

    ستون عاماً تشتكي أكبالها
    رضَع الغزاة حليبها بهناء ِ

    بات الظلام يجرّها من شعرها
    والدربُ أخطرُ والجميعُ مُرائي

    ستوّن عاماً والبطولةُ مركبٌ
    والموجُ إعصارٌ على الأبناء ِ

    ستّون عاماً لم نحرّر رايةً
    رُكزتْ على الأشلاء والأشلاء ِ

    عادتْ بنا الستونَ أكثرَ فرقةً
    وغدا الشتاتُ بلحمنا كالداء ِ

    وتقطّع الجسدُ القويمُ على الخطا
    نصفينِ هل يحيا بلا استشفاء ِ؟

    ماذا أقول حبيبتي وأنا الذي
    هدّ الأحبّةُ أضلعي ورجائي؟

    القدسُ خلفَ ظهورنا مسروقةٌ
    والعُرْبُ أقوامٌ من الغُفَلاء ِ

    ماذا نقول لمن تساوُوا في غَرا
    م حبيبتي بالسّهد ِوالأقذاء ِ؟

    في كلّ دربٍ غربةٌ وحكايةٌ
    والناسُ والآلاتُ في استغناء ِ

    هذي فلسطينٌ فلمّوا شملها
    هيَ أمّكمْ من بعد طول تناء ِ

    هذا قصيدي فاقرؤوا من وجهه
    صور الضّحايا قد قضَوا بوفاء ِ

    هذي حروفي، فامسحوا من خدّها
    دمع الثّكالى في الرّبا السوداء ِ

    هذا فؤادي، فاعذروا أعتَابه
    فالعاشقون َقبيـلةُ الرّحماء ِ


    مجدي يوسف

المواضيع المتشابهه

  1. ديوان الشاعر الكبير عبدالرحيم محمود
    بواسطة ظميان غدير في المنتدى ديوان شعراء الفرسان
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 06-15-2013, 03:08 AM
  2. ديوان الشاعر الكبير/ظميان غدير
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى ديوان شعراء الفرسان
    مشاركات: 26
    آخر مشاركة: 08-05-2012, 04:07 PM
  3. ديوان الشاعر الكبير غالب الغول
    بواسطة ظميان غدير في المنتدى ديوان شعراء الفرسان
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 11-19-2010, 08:57 AM
  4. ديوان الشاعر الكبير/د. هزاع
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى ديوان شعراء الفرسان
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-13-2010, 07:41 PM
  5. سيرة ذاتية/بقلم الشاعر مجدي يوسف
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-27-2010, 11:46 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •