متحف الفن الإسلامي في القاهرة
شاهد على عظمة الحضارة الإسلامية وازدهارها
يعد متحف الفن الإسلامي بالقاهرة أقدم وأكبر وأضخم متحف في العالم الإسلامي إذ يحتوي على 96 ألف تحفة نادرة لامثيل لها تؤكد عظمة الحضارة الإسلامية وازدهارها، والتحف الموجودة بالمتحف تم جلبها من معظم دول العالم الإسلامي أو من شخصيات غربية وعربية اقتنتها سنوات طويلة وقامت ببيعها للمتحف أو إهدائها له، ويضم المتحف تحفا ترجع إلى العام 31 هـ، وهناك تحف معدنية وخشبية وخزفية ومشكاوات وسجاجيد ومصاحف نادرة تثبت عظمة ومهارة الفنان المسلم، وقد عُرضت بعض تحف المتحف في معارض دولية في إنكلترا وأميركا وفرنسا والصين فبهرت من شاهدها .
بداية إنشاء المتحف:
يعود التفكير في إنشاء متحف الفن الإسلامي إلى العام 1880م، عندما جمعت الحكومة المصرية جميع التحف الفنية الموجودة في المساجد والمباني الأثرية، وقامت بحفظها في الإيوان الشرقي من جامع الحاكم، ثم عرضت تلك التحف في متحف صغير تم بناؤه خصيصا في صحن جامع الحاكم، وأطلق عليه اسم >دار الآثار العربية< وبقيت التحف موجودة في ذلك المتحف الصغير إلى أن تم تشييد المبنى الحالي للمتحف في ميدان باب الخلق في وسط القاهرة بجوار منطقة الأزهر، وافتتح في 28 ديسمبر 1903م، وفي العام 1952م تغير اسم المتحف من دار الآثار العربية إلى متحف الفن الإسلامي 96 ألف تحفه ..
تحف المتحف :
وقد تضاعف عدد التحف الفنية الموجودة في المتحف مرات عدة منذ إنشائه حتى اليوم حيث ارتفع عدد التحف من 7082 تحفة عند افتتاح المتحف العام 1903م إلى 78 ألف تحفة العام 1978م ويصل عدد التحف حالياً في المتحف الى 96 ألف تحفة، وقد تم جلب تحف المتحف من مصادر كثيرة أهمها حفائر مدينة الفسطاط ورشيد والبهنسا وتنيس وأسوان، إلى جانب ما اقتناه المتحف من تحف عن طريق الشراء أو الإهداء من شخصيات ودول عربية وإسلامية، ويوجد في المتحف حاليا تحف نادرة لا مثيل لها في العالم أجمع مثل مجموعات المشكاوات المصنوعة من الزجاج المموه بالمينا، والخزف المصري، والأحجار ذات الكتابات والمنسوجات، وشبابيك القُلل، وأيضا مجموعات الخزف الإيراني والتركي ومجموعة التحف المعدنية النادرة التي اشتراها المتحف العام 1945م من مواطن غربي يدعى >والف هراري< كما أن في المتحف مجموعة السجاجيد التي تضاعفت بعداقتناء المتحف لجانب كبير من مجموعة الدكتور >علي باشا إبراهيم< في العام 1949م والتي كانت تعتبر الأكبر والأغنى فنيا في العالم آنذاك
قطع فنية نادرة:
وفي رحلتنا داخل المتحف وجدنا مجموعة كبيرة من القطع الفنية النادرة أبرزها شاهد قبر من الحجر عليه تاريخ 31 هـ الموافق 652م، أي بعد الفتح الإسلامي لـمصر باثني عشر عاماً ، ومن الكنوز التي رأيناها، تحفة نادرة تعد من أغنى ممتلكات المتحف وهي إبريق عثر عليه في قرية أبو صير في الفيوم في مصر ضمن محتويات مقبرة >مروان بن محمد< آخر خلفاء بني أمية، وإليه ينسب الإبريق· والإبريق يتكون من البرونز وارتفاعه 41 سنتمراً وقطره 28 سنتمراً، ويتألف من بدن منتفخ متكور يرتكز في أسفله على قاعدة مناسبة، وتخرج من أعلاه رقبة إسطوانية الشكل تنتهي بفوهة مخرمة، وللإبريق مقبض فخم وصنبور جميل ويتسم هذا الأبريق بجمال الشكل وجمال النسب والتناسق التام بين أجزائه·
تحف العصر الفاطمي:
ومن العصر الفاطمي نجد تحفا معدنية نادرة منها قطع من الحلي، أبرزها خاتم من الذهب خال من الزخارف، وعليه ثلاثة أسطر من الكتابة الرقيقة تقرأ >حسبي الله كفى< كما يوجد خاتم تغطيه زخارف نباتية مورقة بأسلاك الذهب، وفي باطن الخاتم رسم زهرة مفرغة ذات خمس وريقات، وكذلك من التحف المعدنية التي شكلت على هيئة حيوانات ظبي من البرونز رائع الشكل·
تحف العصر المملوكي:
ويحظى المتحف بتحف نادرة من العصر المملوكي منها ثريات لإضاءة المساجد، ومن أبرز تلك الثريات ثريا من البرونز مثمنة الأضلاع تتألف من ثلاث طبقات يتصل بكل منها حامل قناديل متعدد الفروع، ويعلوها شكل قبة تحمل حلية كروية، والطبقتان العليا والسفلى تزينها أطباق نجمية بزخارف مفرغة، وعلى الطبقة الوسطى كتابة محفورة بين شريطين ضيقين من الزخارف النباتية المفرغة، والمصابيح نفسها محمولة على أربع درابزينات بارزة أو حاملات قناديل، تفصل بين كل طبقة وأخرى طبقة زخارف، وللثريا ثمانية أرجل يمكن أن تقوم عليها تفصل بينها عقود سداسية الفصوص، وقد كُتب على الثريا >اسم السلطان حسن< حيث جلبت من مدرسته المنشأة في العام 764 هـ 1362 م .
ونشاهد داخل المتحف مقلمة فخمة الزخارف، مكفتة بالذهب والفضة، مزخرفة من الداخل والخارج، تحمل خارج الغطاء نقشاً بخط الثلث يتضمن اسم >السلطان المنصور محمد< المتوفى في العام 764 هـ 1363م وتعتبر المقلمة إحدى تحف المتحف النادرة، وفي التحف المملوكية المعروضة شمعدان جميل أو قفه السلطان >قايتباي< على الحجرة النبوية بتاريخ، 877 هـ الموافق 1473م عليه حروف مكتوبة على هيئة ألسنة اللهب، وهي متقاطعة في القمة، ويحتفظ المتحف بالكثير من التحف المعدنية التي صنعت في الموصل بالعراق وإيران واليمن وغيرها من بلاد العالم الإسلامي .
صناعة الخزف الإسلامية:
ويوجد في المتحف مجموعات خزفية نادرة تؤكد مدى ازدهارصناعة الخزف في العالم الإسلامي منذ وقت مبكر، ويحتل الخزف العراقي ذي الزخارف البارزة ثم الخزف العباسي ذي البريق المعدني مكانة بارزة داخل المتحف· ومن نماذج هذا النوع من الخزف في المتحف صحن يجمع بين العناصر الخزفية المختلفة المألوفة في الخزف ذي البريق المعدني في سامراء مثل الدريقات المصورة والأشكال المخروطية ذات المناطق الممتلئة بالتسهيم والدوائر البيضاء ذات النقط، والصحن يرجع إلى القرن الثالث الهجري .
ويحتوى المتحف على نماذج نادرة من الخزف ذي البريق المعدني، ومن نماذج هذا النوع، صحن عليه كتابة بالخط الكوفي وهو يرجع للقرن الثالث الهجري، ويضم المتحف عدداً من الصحون الأندلسية من الخزف ذي البريق المعدني كما نرى أنواعاً مختلفة من الخزف الإيراني مثل الخزف اللقبي والجيري وتقليد البورسلين الصيني والإيراني، وتستطيع من خلال مشاهدة الخزف الموجود في المتحف متابعة تطور صناعة الخزف في مصر وبلاد الشام من خلال القطع المعروضة، فنرى الفخار المطلي بالمينا من إنتاج شرف الأبواني، ونرى من الخزف المملوكي تقليد قطع الخزف الصيني وخصوصا أواني السيلادون، وكذلك تقليدات الخزف الصيني ذي الزخارف الزرقاء على أرضية بيضاء، ومنها في المتحف بلاطة قاشاني من إنتاج >التوريزي< أبرز فناني الخزف المملوكي، ويحتفظ المتحف بالكثير من القطع الخزفية العثمانية التي صنعت في مدن تركية >كأزنيك وكوتاهية<، والكثير من رسومات الحرمين على بلاطات القاشاني أبرزها لوحة نادرة عليها توقيع >محمد الشامي الدمشقي تعود إلى العام 1139 هـ، ومن أندر مقتنيات المتحف قطع من الصيني صنعها فنانون صينيون مسلمون على بعضها كتابات عربية منها علبة من البورسلين عليها كتابة بارزة نصها بخط النسخ >الحمد لله
.