رواية
عبد الله زايد*
المنبوذ رواية تحمل هموم المواطن ومحنة الإنسان العربي
صدرت عن دار "دون كيشوت" الأسبانية و بالتعاون مع دار "عين الزهور" السورية، رواية " المنبوذ " للكاتب عبدالله زايد. وتم تقديم الكاتب والرواية في المكتبة الوطنية الإسبانية، وسط حضور من المهتمين بمجال التأليف الروائي، وعدد من الأدباء الإسبان، إضافة إلى أعداد أخرى من المثقفين العرب المقيمين في إسبانيا.
خلال حفل تقديم رواية "المنبوذ" في المكتبة الوطنية في مدريد، من اليمين مؤلف رواية المنبوذ، فالسيد فرناندو بيريرا ميثكيدا، مستشار وزارة الثقافة الإسبانية، ثم مديرة المكتبة الوطنية الروائية روسا ريغاس، فالكاتبة والناشرة ملك مصطفى
وفي مستهل حفل الإعلان عن رواية "المنبوذ" ألقت مديرة المكتبة الوطنية في إسبانيا الدكتورة والكاتبة الروائية روسا ريغاس، كلمة قالت فيها: أنا أشعر بحميمية مع العالم العربي، وهذا نتج من خلال زياراتي وعلاقاتي مع أشخاص عرب تحولوا إلى أصدقاء. وأضافت: إنه من الغريب في الأمر أنني كلما تعرفت على إنسان عربي جديد، شعرت بحميمية أكثر مع العرب.
من جانبه نوه مستشار وزارة الثقافة الإسبانية فرناندو بيريرا بالأدب العربي، والأدباء العرب، وفي كلمته قال: إن هذه مناسبة جميلة وهي فرصة جيدة للقاء الأصوات الجديدة من العالم العربي التي تكتب في مجال الرواية. وأضاف: إن وزارة الثقافة الإسبانية تقوم سنويا بدعم مئات الكتب التي تتم ترجمتها للغة الإسبانية، وإن الأدب العربي ليس بمعزل عن هذا الاهتمام.
ثم استحضرت الناشرة السيدة ملك مصطفى في كلمتها البداية مع رواية "المنبوذ" التي لم تكن بداية تقليدية، مثلما هي الرواية التقليدية المتعارف عليها، التي تخضع لتسلسل زمني محافظ، وقالت: كانت علاقة فيها من تلقائية "الإنترنت" وسرعتها في كسر الحواجز وإلغاء المسافات. حيث إن الكاتب أرسلها لي، وبعد قراءتها شعرت أنه لا بد من تبنيها لأنه لا بد من صوت خليفة للكاتب العلم.. عبد الرحمن منيف.
ثم شرعت تستعرض زوايا هذا العمل الروائي، فقالت: لقد استطاعت رواية "المنبوذ" أن تبقي على التسلسل الزمني كإطار خارجي لها، مخفية الترتيب الزمني للأحداث، باستبدال علاقات التتابع بعلاقات التداخل، وتفكيك الحديث وتهشيمه بانتقال الراوي في سرده بين الماضي والحاضر حسب ما تقتضيه الحاجة. فجاءت، بقالب الرواية التقليدية. ولهذا فهي لا تمتلك الخيال العلمي ولا توقعات فيها، إلا ما تحمله المفاجأة الحقيقية. إلا أن تداخل الحكايا من خلال بانوراما الوصف الدقيق السينمائي، يحمل القارئ معه وكأنه المشاهد في قاعة السينما.
الكاتب عبد الله زايد جعلنا نعيش من خلال روايته " المنبوذ " أجواء الثلاثينيات البسيطة منتقلا بنا إلى تناقضات الحاضر وشعاراته الجوفاء من خلال شخصية بطله الحاضرة في شخصياته المتنوعة، هي ورقته الحزينة التي شاء القدر له أن يلعبها، حتى في أحلامه التي لايرى فيها إلا بيئته العامرة بالتناقضات. إنها مأساة متلومة في أزمان عذابات.
لقد استطاع الكاتب أن يربط ربطا محكما بين الزمان والمكان والحدث, فالقارئ لا يجهد نفسه لالتقاط المعنى لأنه حاضر في وصف مليء بالفجائع والضيق، ولم يأت هذا من أحداث هامشية، لأن الكاتب تعاطى مع قضايا الوطن منتجا رواية تحمل هموم المواطن ومحنة الإنسان العربي الموعود بقمع الحاكم وزبانيته.
وأضافت: لقد جاءت "المنبوذ" ببنية روائية شفافة تحمل تعدد الدلائل على استحالة الحوار في مجتمع يأتي من الدولة وأدواتها، من بشر يعيشون على الفساد والتمايز الطبقي، القهر الإنساني ومعاناة المرأة التي لا تنتهي، على الرغم من التناول الخجول لها من الكاتب.
في الرواية نعيش صورة مجتمعية واضحة عن مجتمع البادية في بداياته الأولى ثم استسلامه للتغيير الظاهري التكنولوجي مع البقاء على الموروثات التعيسة بالعادات والتقاليد. سيطرة تقنية على عقلية بدوية. الرواية لا تخلو من الوطنية، من مجابهة العدو والرفض للاستغلال، على الرغم من المنفى الداخلي الذي كان يعيشه داخل مناف خارجية. ذاكرة الطفولة مذهلة قادرة على الامتصاص العجيب لتأتي لاحقا بمرحلة الطرح والمعالجة. فالذاكرة، بالرواية، هي التي تلاحق الإنسان وتصاحبه إلى آخر لحظات حياته.
ونوهت إلى أن رواية "المنبوذ" صرخة تنبيه وتوعية، ولكن لا بد من تضافر كل الطرق للوصول إلى النتيجة المطلوبة، كما أن هناك تناقضا ملحوظا يطرحه لنا الكاتب بين ما يقال وما يطبق، والفرق شاسع بينهما. مجتمع متدين دون ترجمة حقيقية للعدالة، لإنصاف الفقراء والضعفاء، وبشكل خاص، النساء.
وأكدت قائلة: لقد وفق الكاتب في نقل صورة حقيقية لمجتمعات فئوية عشائرية، وأسهم في تقوية هذا الجانب، سياسة ترسيخ هذه الانتماءات والتعصب لها. العالم يتقدم ونحن نتراجع.
وأضافت: إن لغة الرواية لغة سهلة استطاع الكاتب من خلالها، وبكل بساطة، أن يصور الشوق، الخوف، الحب والقلق. ومن هنا جاءت جماليتها، من خلال توظيفها وعلاقتها بالمحيط.
تنتهي الرواية إلى أن القسوة والحرمان، شيئان طبيعيان في بلادنا. يقول الكاتب: " لا غرابة في أن تُهان، ولا غرابة في أن تُطرد، وأن تُحتقر " لم أدرك معاني الكبرياء، عشت ذليلا بائسا منبوذا…. إنه قدرنا ". ويتدارك الإنسان إنساننا فيقول: " كان على أبي أن يضيف قيمة للحياة داخل نفسي".
الإنسان هو هذا الكيان الهائل أتى الحياة ليكون موضع التجريب فيها، وليثبت لها أنه صانعها، صانع حياته، كحد أدنى. بعد ذلك ألقى عبد الله زايد مؤلف رواية " المنبوذ"، كلمة قال فيها: ليس أروع من أن أحييكم بـ ( السلام عليكم ورحمة الله ) وهل يتوق البشر إلا للسلام، وهل ينشدون سواه؟! والكلمة في حد ذاتها كانت جسرا للسلام، والكلمة ظلت على مدى التاريخ جواز المرور إلى قلوب البشر.. وفي البدء كانت الكلمة.
وإني لسعيد جدا وممتن لهذه المبادرة الحضارية الثقافية التي أتاحتها لي "المكتبة الوطنية بمدريد" لكي أقف أمامكم من بلاد صديقة وأمة عريقة تحمل لكم في وجدانها قرابة الروح وصدق المشاعر.
كما أنني سعيد وممتن أن تشرفني دار "دون كيشوت" بطباعة ونشر روايتي "المنبوذ" كخطوة على طريق حكاية طويلة من أجل مجد الإنسان والدفاع عنه والوقوف معه في كل ما من شأنه نشر السعادة والتقدم على الأرض.
أيها السيدات والسادة: روايتي "المنبوذ" قطرة في محيط معرفي وإبداعي تزخر به الثقافة الإسبانية العريقة العملاقة، والكتاب والمؤلفون في العالم إخوة، ولي هنا في ثقافتكم وأدبكم إخوة كثيرون، أولهم سرفانس وآخرهم كلليو.. أصواتهم وكلماتهم تسكن أحاسيسي وأحاسيس كل القراء والمهتمين بالكتب وعالم الفكر.
كتابي قطرة قابلتموني أمامها ببحر من النبل الإنساني، وإني لأرجو أن يترفق بي من يقرأني، فما أنا إلا تلميذ في مدرسة العمالقة.. يشرفني أن تصافح عينيه كلماتي. ولكم جميعا كل الحب والتقدير.
وفي إطار جهدها لإظهار الأدب العربي والروائي بصفة خاصة نظمت دار "دون كيشوت" زيارة لقسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة الاتونوما في مدريد، حيث التقى أساتذة قسم اللغة العربية وطلابها، مؤلف الرواية، وحضر اللقاء البروفسور المتقاعد بيدرو مارتينيث مونتافث، وهو أستاذ مستعرب وكان المسؤول عن كلية الآداب قسم اللغة العربية في الجامعة لأكثر من ثلاثين عاما، كما حضرت اللقاء الدكتورة مكارفي رويث برافو، رئيسة قسم اللغة العربية في الجامعة، وهي مختصة بالفكر العربي، إضافة إلى عدد من الطلاب الدارسين في قسم اللغة العربية في الجامعة. كما تم تقديم الرواية وكاتبها في المركز الثقافي العربي السوري في مدريد بحضور الكثير من العرب المغتربين.
يذكر أن رواية "المنبوذ" صدرت باللغة العربية عن دار "دون كيشوت" بالتعاون مع دار "عين الزهور" وجاءت في 184 صفحة من القطع المتوسط ؛ وعلى الغلاف الاخير من الرواية جاءت كلمة الناشر الذي اوضح خلالها ان «المنبوذ » لاقت منذ اليوم الاول لصدور الطبعة الاولى مطلع العام الحالي الاحتفاء والاهتمام حيث اعلن عنها من العاصمة الاسبانية مدريد في حفل اقيم في المكتبة الوطنية الاسبانية رعته وحضرته مديرة المكتبة الروائية الاسبانية الدكتور روسا ريغاس.
وقال: ان القارئ في رواية «المنبوذ» سيجد استنطاقا للمهمشين والبسطاء حيث تأخذك في مسارات من البوح والالم الانساني تتعرف من خلالها الى افكار المعذبين المطحونين حيث في جوانبها قصص عن الآمال ثم الفجيعة. لم يكن مؤلفها في حاجة للافصاح عن حالة من الفقر، او وضع من الاضطهاد او موقف تمييز او مشهد تشرد حيث انها مسلمات ستتعرف اليها في ثنايا هذا العمل من خلال سرد ابطال الرواية آلامهم وهمومهم.
واضاف: تأخذك «المنبوذ» عبر احداثها المختلفة وقصصها المتنوعة نحو المجتمع الذي بدأ من حياة التشرد والتقاتل الى حياة الدولة والمؤسسات مصحوبا بآمال جموع من الناس الذين عاشوا فترات الجوع والمرض والحروب القبائلية وطموحاتهم، اما صور الاحباط من عدم تحقيق مثل هذه الاهداف، فهي موزعة بين جنبات الرواية ذلك ان الفجيعة من تعدد الاخفاقات تعبر عن نفسها كأنين وسرد حزين لعذابات تلك الجموع البشرية.
ولقيت رواية "المنبوذ" صدى عند عدد من النقاد حيث تم تناولها في عدة قراءات نقديةوتحليلية منها ما كتبه القاص العراقي الاستاذ عبدالهادي سعدون، في قراءة له حيث قال: أكاد أقف علىأكثر من مؤشر لظاهرة صحية ولموقف إنساني من الممكن أن يجد له مكانة مهمة في الروايةالعربية، وبالتالي فهم الموقف من العالم والمشاركة فيه من خلال حكاية محلية تحيطبأغلب ظواهر المنطقة وتحاول تفسيرها والتركيز عليها.
وأضاف: على الرغم من أنعبدالله زايد ينشر هنا عمله الروائي الأول، إلا أننا لا يمكن أن نعتبره جديداً علىالوسط الأدبي فقد كتب في المقالة الصحفية والقصة القصيرة، كما نشر قبلها كتابين فيمجال تخصصه الصحافي وهما (الجرح الآخر) و (لأنك إنسان). ولكن (المنبوذ) بوصفها عملهالروائي الأول تكاد تشكل عنصر مفاجأة من خلال الرؤية الشاملة التي تحيطها والتي تلمبجوانب إنسانية كبيرة مما يقربها بشكل وبآخر من مثابة نص جمعي يتناوب على تناولمواضيع متفرقة متشعبة تصب في قالب واحد من خلال بطل الرواية، العنصر المركزي الذيمنه تنطلق الحكاية لتحيط بكائنات عديدة وظروف متنوعة وأزمنة طويلة. ولكن على أيةحال تتشعب كل الحكايات لتعود وتصب في صلب الحكاية المركزية التي ابتدأ بهاالروي.
واختتم قراءته مؤكدا: أن الواقعية القاسية في رواية (المنبوذ) يجعل منهاعملاً جديراً بالقراءة ومتابعة تتميز بثقلها في وسط الكم الهائل من الأعمال الأدبيةالتي تطبع وتنشر في عالمنا العربي.
أما الناقد المغربي محمد معتصم فقد قال: جاءت الرواية فيسياقات عديدة تقريرية تحاول أن تقول للقارئ شيئا مهما جدا عن مرحلة نشوء الدولةالعصرية في المملكة. لهذا أيضا تعتبر رواية "المنبوذ" ذات قيمة كبيرة بالنسبة لكلدارس اجتماعي أو انثر بولوجي من زاوية فردية وإبداعية. فالرواية تؤرخ لمرحلةالانتقال من نمط عيش رعوي فلاحي إلى مستوى الدولة التي تقوم على مؤسسات، ويسودهاالقانون، ويتمتع فيها الفرد بالحق الاجتماعي والإنساني، بدل الروح القبليةوالعشائرية التي كانت تهيمن على الأشخاص. وفي هذا السياق يورد الكاتب في متوالياتووحدات سردية ذات بعد تقريري أحيانا هذه الظاهرة القاسية.
وأضاف: إنها روايةالعائلة، لا لتمجيدها بل لتقويضها وانتقادها. فالأب العظيم المظلوم الذي سعى (الرحلة) نحو التغيير وأمل الوحدة الوطنية سينتهي سعيه إلى اليأس، والصمت، ثمالموت. أما الابن الذي أحب والده فقد لقي مصيرا أسوأ عندما نبذته أسرته، نواةالمجتمع. الأسرة التي لا تعرف معنى احترام اختلاف الآخر. وتبرز فكرة الكاتب قويةحول مفهوم القبيلة أو القبائلية والعشائرية عندما يبرز أن القبائلية لا تتجلى فيقوة آصرة الدم كما هو متعارف عليه، بل في قوة القوة، والاستبداد والجبروت، حيث لامجال للضعف أو الضعيف.
و قالت الكاتبة السعودية رغده عيد :
ما أن تلقيت رواية المنبوذ للقاص عبدالله زايد وقرأت الإهداء بخط يبدو أنه كُتب علىعجلِ حتى أن الخط صغير وليس بجميل!
ولكن سرعان ما لفت نظري جمال التوقيعووجدتني أقرأ على غير العادة دون توقف الى أن أعياني النعاس وتركت المنبوذ يوميناثنين
وفي زحام انشغالاتي كنت اتابع المنبوذ بفكري، من هو المنبوذ ياترى؟!
وما أن عدت للمنبوذ حتى التهمت صفحاتها دون توقف غير تلك اللحظات التي كنتُأرخي يدي لبرهه حيث آخذ نفس عميق أزيح به ضيق وغصة أو السماح لدمعة توقفت في حيرةومن ثم أتابع التهامي للأحرف والكلمات والأسطر والصفحات، حتى ما أن أتيت على تلكالوجبة العجيبه المسماة المنبوذ وجدتني مشبعة بشتى أنواع المشاعرالمتناقضة متجانسةبشكل عجيب، فقد نقل القاص المشاعرالإنسانية لدواخل القارئ كلها دفعة واحده، فانهمرتأدمعي لزيادة هيجان المشاعر بسبب تسارع الأحداث وتجانسها وترابطها وانسيابها بذاتالقارئ بتلقائية، حتى أنه يوحي لك بأنه أمام ناظريك يحكي الحكاية بلا توقف.
الإهداء أول صدمة تتلقاها :
إلى الذين نحبهم فيرحلون...
إلى الذين نفتقدهمفلا يأتون...
إلى أخي علي.. الذي غيّبه الموت إثر حادث أليم..
هو وزوجتهوطفلتهما الصغيرة أثير...
عنصر المفاجأه عنصر الشعر عنصر الإبداع ودقة اللغةوالبساطة، ببساطة يوحي للقارئ بأن الكاتب شاعر.
عند آخر صفحة من الرواية شعرتأن الكاتب خدعني وجعلني أظن في كل مقطع أمر عليه بداية من الإهداء أن المنبوذ هو... ومن ثم أكتشف بأن هناك منبوذ آخر، إلى أن وجدتني وصلت للنهاية، وما أن وصلت للنهايةحتى وجدتني أحتوي كل الرواية بلا نقصان لتماسكها العجيب وحسن السرد وترابطه، وكأنالراوي يحكي لنا أحداث واقعيه، لوضوح الترتيب والتسلسل في ذهنه وترابط الأحداث بشكلمتقن جداً
العربي الحر