خَرَجَتْ بِسِحْرِ دَلالِهَا
كَيْ تَسْتَمِيلَ بِهِ القٌلُوبْ
ومَفَاتِنٍ فَوْقَ النُّهَى تَسْبِي الغَرِيبْ
وَتَعَطَّرَتْ وَ تَضَمَّخَتْ مِنْ كُلِّ طِيبْ
وَ تَكَسَّرَتْ بِغِنَائِهَا
فَازْدَادَ بِالْحَلْقِ اللُّعَابْ
وَتَرَنَّحَتْ مِثْلَ الوِشَاحِ عَلَى الهِضَابْ
لِتَبِيعَنَي بِرَحِيقِهَا
والكأسُ سَكْرَى بِالرَّحِيقْ
وَعُيُونُ عُشَّاقِ الْهَوَى
تَهْوِي بِجُوعٍ كَالْحَرِيقْ
وَالْمَائِسُ الْحَسْنَاءُ تَدْعُو أَنْ هَلُمَّ إلَى الْجِنَانْ
خُذْ رَشْفَةً ثُمَّ اتَّبِعْنِي ثّمَّ أَسْرَارِ الْحَنَانْ
أَوَمَا تَرَىَ قَدْ هِأْتُ لَكْ
أَحْجَارُ قَلْبِكَ زُلْزِلَتْ
لا تَكْبَحِ الشَّوْقَ الجَمِيلْ
واطْرَحْ شُكُوكَكَ مَرَّةً
فَالدِّفْءُ مِحْرَابي الأصِيلْ
وَيَصُولُ فِيهَا السِّحْرُ يَلْفَحُ أَضْلُعِي
وأنَا الضَّعِيفُ تَئِنُّ فِيَّ مَوَاجِعِي
قُرْبٌ و بُعْدٌ هَزَّنِي
خَوْفٌ رَجَاءٌ شَدَّنِي
مَازَالَ رَجْعُ نِدَائِهَا
يَدْعُو بِحَيْ عَلَى الجِنَانْ
وَ أَنَا أُنَادِي بِالأَمَانْ
مِنْ عُمْقِ قَلْبِي هَاتِفٌ
قِفْ لا تُـثَرْ
هَذِي الغَرُورُ فَلا تُثَرْ
أَوَلَسْتَ تَدْرِي كَمْ قَتِيلٍ قَتَّلَتْ
انْظُرْ هُنَالِكَ ظِلَّهَا
جَوْعَى وَمَوْتَى أَوْ بَقَايَا مِنْ جُنُونْ
أَزْوَاجُهَا مَاتُوا وَ مَانَالُوُا سِوَى
وَخْزَ الأَنِينِ عَلَى الأُفُونْ
لَمْ تُبْقِ فِيهِمْ مِنْ قُلُوبْ
إِنْ كَانَ للْقَوْمِ الْقُلُوبْ
اهْرُبْ بِعُمْرِكَ صَاحِبِيْ
لا تَسْتَبِيكَ بِدَلِّهَا ؛ فَهِي الكَذُوبْ
فَأَشَحْتُ عَنْهُ مُغَاضِباً
فَتَبَسَّمَتْ وَ تَبَخْتَرَتْ
تُبْدِي المَفَاتِنَ مِنْ جَدِيدْ
وَ تُذِيبُ بِالْقَلْبِ الجَلِيدْ
لِتَثُورَ بالنَّفْسِ الشُّجُونْ
وَ تَؤُزُّنِي تِلْكَ الخَؤونْ
حَتَّى مَتَى أَحْيَا بِغَيْرِ رَغَائِبِي
حَتَّى مَتَى أَبْقَى أَسِيرَةَ ذَا الأَمَانْ
يَا قَلْبُ بَعْضَاً مِنْ حَنَانْ
وَ نَزَلْتُ مُعْتَرَكَ الرَّحِيقْ
والبَحْرُ لُجِّيٌّ عَمِيقْ
فَتَبَاعَدَتْ
فَهَرَعْتُ ألْهَثُ خَلْفَهَا
وَ تَبَاعَدَتْ
تَـبَّـاً لَهَا
و الْمَوْجُ يَلْطِمُ قَارَبِي
حَلَّ الظَّلامُ عَلَى المُسَافِرِ للسَّرَابْ
وَازْدَادَ مَوْجُ الْبَحْرِ فِي مِثْلِ الجُنُونْ
لِيَظَلَّ يَهْتِفُ خَافِقِي
يَالَيْتَنِي عِـشْتُ الأمَانَ
وَ كُنْتُ فِيهِ أَنَـا الأَسِيرْ
مَنْ يُنْقِذُ النَّفَسَ الأخِيرْ