باقة زهور للأم
ماجد الراوي من ديوانه المطبوع ( طيوف ساحرة )
الأم تلك الشمعة التي تحرق نفسها لتضيء دروب أبنائها .
بمناسبة عيد الأم أقدم لها هذه الباقة
مَضَى زَمانُ الصِّبا يا عَهْديَ الخالِي = هَلاّ رَجَعْتَ فَعادَتْ فِيْكَ آمالِي
أيْنَ الصِّحابُ لَقَدْ شَطَّتْ منازِلُهُمْ = والدَّهْرُ غَرْبَلَهُمْ عَنِّي بِغِرْبالِ
فَعُدْتُ أَرْقُبُ بَيْتي لا أنِيْسَ بِهِ = مِنْ كُلِّ خِلٍّ صَفا لي وُدُّهُ خالِ
يا أُمُّ يا نُورَ نَجْمٍ أَسْتَنِيْرُ بهِ = وَوَمْضَةَ البَرْقِ في أُفْقِ السَّما العالي
هاجَتْ هُمُومي فَبِتِّ اللَّيلَ ساهِرَةً = تَشْكيْنَ للهِ ما أَشْجاكَ مِنْ حالي
طَرْفٌ يَظَلُّ طَوالَ العُمرِ يَرْقُبُني = إنْ غِبْتُ مُنْتَظِراً إهْلالَ إقْبالي
ذَكَرْتُ بَيْتاً لَنا في سَفْحِ رابِيَةٍ = مَقْرُونَةٌ فيهِ آلامِي وآمالِي
رَغْمَ السِّنيْنِ التي رُكْبانُها عَبَرَتْ = وبَعْدَما حُلْتُ مِنْ حالٍ إلى حالِ
إذا مَرَرْتُ بهِ ألْهُو بِساحَتِهِ = مُسْتَرْجِعاً صُوَرَ الماضي كأَطْفالِ
شَوقي لأُمِّي إذا عنْ ناظِري َبعدت = شَوْقُ البُداةِ لِرِيْحِ الشِّيْحِ والضّالِ
رِبْعِي إذا هَجَرَتْهُ حَلَّهُ حَزَنٌ = فالدَّارُ مِنْهُ تُحاكِي رَسْمَ أطْلالِ
حَتَّى إذا رَجَعَتْ عادَ الهَنا وَدَنا = مِنِّي السُّرُورُ وأحْيا النُّورُ آمالِي
يا أُمُّ يا نَبْعَ حُبٍّ في تَدَفُّقِهِ = يَجْري كَنَهْرٍ رَقيقِ الماءِ سِلْسالِ
حَمَلْتِ هَمَّاً عَظِيماً مِثْلَ أجْبالِ = وَقَدْ صَبَرْتِ عَلَيهِ صَبْرَ أجْمالِ
فَكُنْتِ للحَقِّ نِبْراساً بِداجِيَةٍ = يَهْدِي الأنامَ فَما ضَلُّوا بِإضْلالِ
يا شَمْسَ نُورٍ على الأكْوانِ ساطِعَةً = يَرْعاكِ بارِئُ جُبْرِيلٍ وَمِيكالِ