من خلال الصور .. الصينيون يتذكرون «الثورة الثقافية»
نشر بتاريخ: 2015-07-22
فكر – الرياض:
في العام 1965 كانت سولانج في التاسعة عشرة من عمرها موظفة في السفارة الفرنسية في بكين حين اندلعت "الثورة الثقافية" الماوية، فراحت تلتقط صورًا لم يكن في بالها أنها ستصبح في ما بعد وثائق تاريخية تنتشر في الصين بعد نصف قرن.
ففي شهر يناير الماضي أصدرت سولانج بران كتابًا بعنوان "ذاكرة الصين"، 1966" جمعت فيه تسعين صورة تؤرخ لواحدة من أهم محطات التاريخ الحديث للصين.
ويظهر في هذه الصور صينيون تحدوهم شعارات الصراع الطبقي، ملوحين بنسخ من "الكتاب الأحمر الصغير" للزعيم الشيوعي ماوتسي تونغ، أو محدقين باللوحات الإعلانية الدعائية التي كانت السلطات تزرعها في الشوارع بهدف "تثقيف الجماهير"، أو مشاركين في تظاهرات ضخمة في احتفالات الأول من مايو، أو احتفالات الأول من أكتوبر، أو الاستعراضات الاحتجاجية على حرب فيتنام.
وتظهر هذه الصور كلها بالألوان، الأمر الذي يجعل منها ذات قيمة لا تقدر بثمن.
ففي تلك الحقبة من تاريخ الصين، "كان الصحافيون الغربيون ممنوعين من دخول البلاد، وكانت الصور الملونة تقتصر على تلك الملتقطة للزعيم ماوتسي تونغ"، بحسب ما يقول لوكالة فرانس برس روبرت كلين مدير أعمال المصورة.
وقد بيعت من هذا الكتاب 11 ألف نسخة، وينتظر صدور طبعة ثالثة منه قريبًا.
في الآونة الأخيرة، زارت سولانج الصين مجددا، وأثارت اهتمام وسائل الإعلام المحلية لكونها أبقت هذه الصور في الظل لوقت طويل محتفظة بها على مدى عقود في منزلها في باريس.
وخلال تلك السنوات، كانت سولانج قد غادرت الصين وانتقلت للعمل في صحيفة لوموند على مدى عشر سنوات، ثم تولت الإدارة الفنية لمجلة لوموند ديبلوماتيك على مدى 25 عامًا.
وتقول سولانج "تظهر هذه الصور براءة من جانبي أنا ومن جانب الصينيين، فأنا كنت شابة وأستكشف كل شيء، وهم لم يكونوا متعودين على أن تلتقط لهم صور، وكانوا يدهشون من وجود شابة أجنبية بينهم".
فالصين عام 1966، أي قبل 15 عامًا على اعتماد سياسة الانفتاح، تختلف تمامًا عما هي عليه اليوم من حداثة.
فالسيارات كانت قليلة، مثلها مثل الأجانب النادرين الذين كانت السلطات تسمح لهم بدخول أراضيها بموجب أذونات خاصة.
ولما لم تكن هناك رحلات جوية بين بكين وباريس، كانت سولانج تقصد أحد المطارات الروسية ومنها إلى بلدها.
وتستذكر تفاصيل من تلك المرحلة "كانت السفارة منقطعة تمامًا عن العالم، فالحقيبة الدبلوماسية كانت تأتينا عن طريق هونغ كونغ".
وأحضرت سولانج معها إلى بكين دراجة تعمل بالمحرك، وتروي قائلة "إن تركت الدراجة في أي مكان كنت أجد 100 شخص أو 150 يتحلقون حولها لمعرفة ما هي وكيف تعمل".
ويلتزم الحزب الشيوعي الحاكم في الصين الصمت حول تلك الحقبة المظلمة من تاريخ البلاد، ولا يفلت من مقص الرقابة إلا حديث عن تجاوزات فردية وقعت أثناء الثورة الثقافية.