تراتيل نداء الروح – الشيخ محمود عيد الدوس
بقلم ( محمد فتحي المقداد)*
- بنبرات ٍ ناعمة رقيقة كأنها همس النسيم تطرق أسماعنا في سكون وهدوء لتخرجنا من حالتنا التي
كنا فيها إلى رحاب السماء .
- نبرات تداعب القلوب لتعالج مما علق فيها من هموم و أحزان لتحيلها رقيقة هادئة بطمأنينة عميقة تستثير مكامن ومجاهل النفوس فتسكن
وتستريح .
- - نبرات صوت قلما أن تجود به حكمة العظمة الإلهية لتبقى عظيمة لتفردها بين نبرات البشر
الآخرين .
- صوت قادم من أعماق الجنة ينطق بلغة الإله العظيم ليسمعها الكون مردداً صداها كل مخلوق
بخشوع وانكسار مستنجدا بها قارب النجاة .
- إنه صوت ( الشيخ محمود العيد الدوس ) رحمه الله تعالى الرجل الذي أمضى حياته في أعالي المنائر ( المآذن ) مطلقا العنان لتراتيله وترانيمه
الربانية أن تعانق الكون بسمائه ونجومه وشمسه و
قمره وتسقط برداً وندى على قلوب البشر لتحيلها
ذاكرة طائعة متحللة من حمأة الحياة المترهلة مهرولة إلى رحاب خالقها وبارئها .
- من قرأ هذه الكلمات وحركت شيئا في داخله فإنه
بالتأكيد ليس كمن عرق وسمع وتشبع بنبرات وحنين
ذلك الصوت الخالد , ولا يزال صداه يستجيش شغاف
القلب ليسلك به درب الألوهية والذي تكون نهايته في
جنة رضوان .
- في الثلث الأخير من كل ليلة تنتبه الأرواح المؤمنة
عندما يبدأ الشيخ بقوله ( يا أرحم الراحمين .. يا أرحم
الراحمين ) ليشق سكون الكون و هدأة الليل إلا من قائم
ذاكر أو من رجل جاحد عاص يغتنم الليل وظلامه ليستتر من الناس .
- صوت لا يزال مختزنا في العقول والقلوب والأرواح يهزها بعمق كالزلزال قويا مدويا في بصرى و جنباتها التي احتضنته على مدار أكثر
من خمسين عاما فحفظه الحجر والشجر قبل البشر
- يا أرحم الراحمين ,إن الله وملائكته يصلون على
النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ,
تهاليل وتسابيح وتراتيل وترانيم تلقي بظلالها على
بصرى وأهل بصرى ليلة الإثنين وليلة الجمعة .
- الشيخ محمود عيد الدوس رحمه الله تعالى عندما توفي ناهز عمره المائة قضاها كرجل متدين يقوم
بمباشرة كل المهام الدينية في بصرى – الآذان, الإمامة, خدمة المسجد , قراءة الموالد , وقراءة ختام العزاء والدعاء ( الزوارة ) , والدعاء للأموات
بالمغفرة , وغسيل الأموات , وعقود الزواج, و زيارة المرضى , وزيارة الأصدقاء , والمشاركة
الاجتماعية في شتى المجالات , وقراءة القرآن
في المناسبات العامة والخاصة . عاش عزيزا
ومات كريما .حيث ترك فراغا هائلا لم يستطع
شخص بعده أن يملأه بموته فقدت بصرى علما
روحيا , مثَلُه فينا كمثل خلود حضارة بصرى
اعتبارا من مئذنة العروس ومئذنة فاطمة التي
اعتلاهما صعودا وهبوطا ليلا ونهارا صبحا وعشيا
فرحمة الله واسعة لواحد من أحبائه من أهل بصرى
حفظها الله ورعاها .
- من الأناشيد الرائعة التي كان ينشدها كثيرا في
المناسبات ( يا راحلين إلى منى بقيادي= هيجتمو يوم
الرحيل فؤادي ) , ( يا من تغيث المستغيث = إن لم
تغثنا من يغيث ) .
- مهما كان الكلام قويا وجزلا فإنه لا يمكن إلا أن يكون تاريخ لحظة من حياة رجل مليئة محفوفة بتوفيق العناية الإلهية التي تحفظ المؤمنين .
بصرى الشام
26-5-2009م