الأطباء في بلادنا، أكثر مهارة من نظرائهم
قيل العمل دون فكر (عمى)، والفكر دون عمل (فراغ). وقيل إن المقاتل الأكثر تدريباً يكون أقل عرضةً للإصابة أو القتل. فالتدريب الواعي يولد مهارات كثيرة، هذا ما نلاحظه عند لاعب كرة القدم، وعازف الكمان، والرسام والكاتب والمهندس والطبيب وكل الفئات.
المهارة تتكون عندما يتعرض صاحبها لمواقف كثيرة ومتنوعة، فيخطئ في التعامل مع بعضها ويستفيد من خطأه في المرات القادمة، ويطور ما أفلح في التعامل معه ليصبح مشهوراً ويُشار له بالبنان على أنه ماهر.
عندما تلتصق صفة المهارة بشعب، فلا يعني أن كل الشعب يتمتعون بنفس القدر من المهارة، فالبرازيليون، مثلاً، عندما يُذكر اسم بلادهم، تقفز صورة لاعبي كرة القدم الماهرين، ولكن ليس من المعقول أن يكون كل أفراد شعبهم يحترفون كرة القدم.
واستثارة تكوين المهارة تتعلق بعدة عوامل، منها: طلب الشهرة في أن يتردد اسم صاحب المهارة في مجاله، وطلب المجد الشخصي والوطني، فهناك من يحركهم هاجس أن يُنسب لبلدهم أنه متقدم في المجال الفلاني، فيستبسلون في تنمية مهاراتهم ليرفعوا اسم وطنهم، وهذان العاملان يشكلان جناحين لطائر المنفعة الشخصية، المقترن بالكسب المادي، فإن غاب الكسب المادي أستعمل الجناحان للطيران والهجرة الى مكان يتحقق فيه الكسب المادي.
في الطب تتكون المهارات لدى الأطباء من كثرة تشابه الحالات أو تنوع أسباب المرض المنتشر في تلك المنطقة، فمرض (الجُذام) مثلاً، المنتشر في جنوب شرق آسيا، يُكسب أطباء تلك المنطقة مهارات تتفوق على تلك الموجودة عند الفرنسيين الذين لم يدون في سجلاتهم حالة واحدة من ذلك المرض.
في بلادنا، دأبت الحكومات العربية على جعل معدلات العلامات لطلبة كليات الطب هي الأعلى، فكان يُختار أفضل الطلبة لدراسة الطب، ومن حيث الكسب المادي فإن الأطباء ـ ولا نقول كلهم ـ يتقاضون أفضل الرواتب في القطاع العام، ويتقاضون أعلى منها في القطاع الخاص.
أما المهارات، فبيئة مليئة بالتلوث والجهل ومسببات الأمراض، ستسمح ـ ولا شك ـ لأطبائنا أن يتعرفوا على حالات متنوعة وأسبابٍ كثيرة لأمراض لا يتاح لغيرهم من أبناء الدول المتقدمة أن يتعرفوا عليها. ولا ننسى الويلات الناجمة من الحروب والاقتتال التي ترتقي بالطبيب الى مصاف البطولة في تقديم خدماته في مثل تلك الظروف.
فالأطباء في بلادنا أكثر مهارة من غيرهم من أطباء العالم.