منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أحلام موؤودة

  1. #1

    أحلام موؤودة

    أحلام موؤودة
    بقلم عبد القادر كعبان
    -1-
    دخلت حجرتي.. تمددت على سريري الحديدي مقهورة.. لم أشعر بحاجة إلى البكاء بل أحسست برغبة شديدة في النوم.. نوم عميق أو سبات لا أستفيق منه.. كنت متعبة منهكة.. و في اللحظة التي بدأ الخدر يسري بين أطراف جسدي الهزيل.. تناهى إلي صوته: أحلام.. حضري القهوة بسرعة..
    قمت مجبرة و أسرعت متجهة إلى المطبخ.. شعرت بإضطراب شديد و أنا أقوم بتحضير القهوة التي باتت تسامره هي و تلك اللعينة الملفوفة بسم قاتل.. تملكني إنقباض شد أضلاعي و لفت برأسي غمامة سوداء.. وقفت إلى النافذة.. جو سديمي مغبر يغلف شوارع مدينة النسيان.. انحبست الدموع في عيني بسب تلك الكآبة التي باتت تلفنا كالموتى وسط أكفانهم..
    استوقفني صراخ الصبية وسط الطريق يلهثون وراء كرة مطاطية.. يتقافزون ويتصايحون.. تذكرت طفولتي المشحونة بآهات الأيام القاسية بين أم موجوعة تحمل على عودها الناحل هموم الدنيا و هي لا تقوى على مواجهة من يخنقها.. و الأب المتجبر الذي تستهويه السهرات الليلية وسط زجاجات الخمر و دخان السجائر المحشية بالكيف.. كانت أمواج الفرحة مختنقنة بين جدران بيتنا..
    شعلة العلم.. باتت هي الأمل الأخضر الوحيد في حياتي.. ستنتشلني لا محالة من نسيج المعاناة الروتينية.. و من إصرار من يدعي الأبوة على أن أدخل عليه كل يوم ب (زجاجات أم الخبائث) وسط ذئاب بشرية تدخل بيتنا كل ليلة..
    نجحت بجدارة أهلتني بدخول عالم الشهادات العليا لأقف أمام من ظننت أنه سيكون بمثابة شمعة ستظيء أيامي و لياليها الحالكة.. من سيكون فارس أحلامي ليخرجني من دوامة الجحيم حتى لو عشنا معا في آخر حي شعبي فقير بتلك المدينة..
    خرجت يوما على غير العادة، فإستوقفتني أمي بنبرة غضب:
    - أحلام.. أحلام.. إلى أين يا ترى؟!
    أجبتها:
    - إلى الجحيم..
    صفعتني:
    - أهكذا علموك يا بنت..
    خرجت من البيت باكية تلاحقني صرخات أم مقهورة.. كنت على موعد مع من بات يعدني بالأمان و الإستقرار..
    تساءلت عن نيته:
    - يا إلهي.. ما نية هذا الفتى الذي وضعت أحلامي رهن إشارته؟!
    جلست في نفس المكان أنتظره.. "كافيتيريا الأمل" أين تقابلنا أول مرة حيث طلب مني بعض المحاضرات التي تنقصه لينقلها.. تعجبت كيف يقصدني وهو لا يعرفني لغيابه المتكرر..
    سألته:
    - كيف عرفت أننا في نفس الكلية؟
    أجابني ضاحكا:
    - طبعا رأيتك في الصف الأول وسط المدرج تكتبين كل ما يقوله ذلك الذي يدعي الدكتوراه..
    قاطعته:
    - هو فعلا دكتور في "علم النفس التربوي"..
    فوجئت بكلماته التي نفذت الى مشاعري المدفونة:
    - كلنا بحاجة إلى طبيب نفساني..
    جمدت في مكاني و استغربت و كأنه يعرف حالتي النفسية السيئة..
    فجأة وصلت احدى زميلاتي تبتسم على غير عادتها، ثم قالت:
    - موعد غرامي ككل مرة..
    صرخت بوجهها:
    - و ما يهمك في ذلك؟
    ثم انصرفت ضاحكة و تركتني وسط غيوم تلفها الأماني و الأحلام..
    -2-
    طال انتظاري ولكن.. مجرد سراب و كأنه يقصد أن يضعني في إمتحان ليعرف مشاعري الحقيقية إتجاهه..
    تذكرت يوما حين خرجنا سويا نمشي بين الشوارع المزدحمة وسط كائنات تتحرك في نفس الإتجاه..
    تساءلت بيني و بين نفسي:
    - إلى أين اتجه يا ترى؟! ما نهاية هذه العلاقة الوهمية؟
    حاولت البحث عن إجابة شافية لكن.. عبثا.. قاطع شرودي قائلا:
    - ماذا تنوين أن تفعلي بعد التخرج يا أحلام؟
    في الحقيقة بدا وقع تلك الكلمة (تنوين) غريبا، فتمتمت:
    - أيريد أن.. مستحيل..
    ضحك قائلا:
    - أجهل ما إن كنت سأعمل بشهادة باتت لا تنفع في هذا الزمان ..
    فجأة توقفت.. بينما واصل سيره بخطوات متثاقلة..
    صرخت قائلة:
    - إذن ما نهاية هذه المسرحية؟
    لم يتكلم.. ظل يلتزم الصمت ثم صارحني بكلمة زلزلت كياني:
    - سأهاجر..
    - أعد ما قلته..
    - سأرحل عن مدينة يلفها النسيان..
    - و أنا.. سأكون صفحة من صفحات روايتك الموسومة "نسيان"..
    و سقطت الصاعقة حين أضاف:
    - سنغادر سويا..
    و قبل أن أقف على التفاصيل شعرت بدوار شديد، ثم أتممت متماسكة:
    - أتريد أن نهرب على متن سفينة التيتانيك يا روميو..
    و بثقة قال:
    - الهجرة السرية هي الحل الوحيد لنتخلص من جلباب الفقر و آهات الحرمان..
    أحسست بشلل يسري في جسدي يكاد يوقعني أرضا.. لحظتها إستوقفتني تحية إيمان:
    - مرحبا! هل من جديد؟
    ما شد انتباهي للوهلة الأولى غلاف رواية وضعتها على الطاولة تحت عنوان "الحلم الممنوع"..



    -3-
    رن موبايل ايمان..
    - ألو.. لحظة..
    وقفت وتركتني تلفها السعادة وكأنها.. عدت متأملة لون غلاف الرواية الأسود و صورة جسد إمرأة عارية.. فجأة تلاطمتني أمواج من الأسئلة التي زادت من قلقي وحيرتي.. عدت لأرتشف قهوتي الباردة.. أحسست بيدي تقاومني محاولة فتح "الحلم الممنوع" تلك الرواية الغامضة.. لكن امتنعت خوفا من شعور صديقتي العزيزة..
    داهمتني كلماتها و هي تبتسم:
    - سعدت بلقاءك اليوم يا أحلام.. إلى الغد..
    استوقفتها بنبرة استعطاف:
    - ما قصة الحلم الممنوع يا ايمان؟
    ضحكت وهي تقول:
    - رواية كغيرها..
    - أيمكن..
    - سأتركها لك.. ولكن..
    - لا تقلقي يا عزيزتي..
    خرجت مسرعة وتركتني وحيدة أسترجع صورا من الماضي المرير.. قساوة والدي الجارحة تطوق عنقي.. صرخات أمي بين يديه.. فتى أحلام وهمي.. تنهدت بضيق و أنا أنظر إلى فنجاني الفارغ، ثم قلت في نفسي:
    - لقد باتت الأحلام ممنوعة لأمثالك.. فقد ينسيك الزمن يوما أنك أنثى عليها الإهتمام بأناقتها و عطرها و ألوان ثيابها..
    وقفت من مكاني و هممت بالخروج متناسية أن أدفع حساب من تلفها تلك المرارة التي أتحسسها يوميا.. ليفاجئني صوته الملائكي:
    - آنسة.. آنسة..
    يتبع..

  2. #2
    ننتظر البقية في النص، وربما لو اشتغلت على اللغة كان أفضل لأنك تملك كلمة جيدة.شكرا لك
    ع ك
    موقع عدنان كنفاني
    http://www.adnan-ka.com/

المواضيع المتشابهه

  1. أحلام العصافير أم أحلام الصراصير؟
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأم والطفل.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-24-2017, 03:07 PM
  2. أحلام من سراب
    بواسطة المحامي نوار الغنوم في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 10-21-2011, 09:31 AM
  3. أحلام يقظة, ليس الا
    بواسطة نادية مغربية في المنتدى فرسان العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 05-09-2011, 03:02 PM
  4. أحلام
    بواسطة الهام بدوي في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 02-03-2011, 11:08 AM
  5. أحلام وزغاريد
    بواسطة غالب الغول في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-19-2010, 06:00 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •