الأحرف السبعة


عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يُقْرِئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكِدت أساوِره في الصلاة ، فتصَّبرت حتى سلّم ، فلَبَّبْتُهُ بردائه، فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ، قال: أقرأنِيْها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت له: كذبت، أقرانيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تُقرئها، فقال: " أرسله، اقرأ يا هشام"، فقرأ القراءة التي سمعته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: " كذلك أُنزلت " ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:" اقرأ يا عمر "، فقرأت التي أقرأني. فقال:"كذلك أُنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه ". رواه البخاري.

اختلف العلماء في تبيين المراد من الأحرف السبعة حتى أوصلها السيوطي في الإتقان إلى أربعين قولاً .

والراجح من هذه الأقوال ما ذهب إليه جمهور العلماء أن الأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد .

وتوضيحه :
أنَّ للعرب لغات متنوِّعة، ولهجات متعدّدة للتعبير عن معنى من المعاني ، فمثلاً : كلمة ( تعال ) يُعبَّر عنها بلغة قبيلة أخرى بـ ( هلم ) ، وقبيلة ثالثة بـ ( أقبل ) وهكذا .. فحيث تختلف لغات العرب في التعبير عن معنى من المعاني يأتي القرآن متنزلاً بألفاظ على قدر هذه اللغات لهذا المعنى الواحد ، وحيث لا يكون هناك اختلاف فإنه يأتي بلفظ واحد أو أكثر ، ولا يزيد على سبعة .

إن هذه الأحرف السبعة التي كان القرآن يُقرأ بها كانت من باب التيسير على الأمة حين نزول القرآن، فلما ذلّت به ألسنتهم، وائتلفوا على قراءته، جمعهم عثمان –رضي الله عنه- على حرف واحد هو لسان قريش الذي يقرأ به القرآن اليوم .

وفي معنى سبعة أحرف أقوال منها:
ما يقوله الزركشي من أنها سبع لغات لسبع قبائل من العرب، أي نزل القرآن بعضه بلغة قريش، وبعضه بلغه هذيل، وبعضه بلغة تميم، وبعضه بلغة أزد وربيعه، وبعضه بلغة هوازن وسعد بن بكر وهكذا .

وقيل: المراد بالحرف في قوله صلى الله عليه وسلم: ( أنزل القرآن على سبعة أحرف ) أنه الوجه من أوجه القراءة وبيان هذه الأحرف قد بينها العلماء في ما يلي:

الأول: اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع، وتذكير وتأنيث، ومن ذلك "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون". فقد قرئ (لأمانتهم).

الثاني: اختلاف وجوه الأفعال من ماض ومضارع وأمر، ومن ذلك قوله تعالى: "فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا" فقد قرئ "ربنا بعِّد".

الثالث: اختلاف وجوه الإعراب، ومن ذلك قوله تعالى: "ولا يضار كاتب ولا شهيد"، فقد قرئت بضم الراء في يضار وبفتحها.

الرابع: الاختلاف بالنقص والزيادة ومن ذلك قوله تعالى: "وما خلق الذكر والأنثى". فقد قرئ (والذكر والأنثى).

الخامس: الاختلاف بالتقديم والتأخير ، ومن ذلك قوله تعالى: "وجاءت سكرة الموت بالحق" فقد قرئ ( وجاءت سكرة الحق بالموت).

السادس: الاختلاف بالإبدال ومن ذلك قوله تعالى: "وانظر إلى العظام كيف ننشزها". فقد قرئ (ننشرها).

السابع: اختلاف اللهجات كالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم، والإظهار والإدغام".
ومن ذلك قوله تعالى: "بلى قادرين" فقد قرئ أيضًا بالفتح والإمالة في لفظ (بلى).