عجيب أمور غريب قضية ؟؟!!!
عبدالوهاب محمد الجبوري
يوم الخميس الماضي ( المصادف 27 / 11 / 2008 ) صادق مجلس النواب العراقي على الاتفاقية الأمنية
العراقية الأمريكية وسوف تدخل حيز التنفيذ في بداية العام القادم .. كما أعلن السفير الأمريكي في بغداد بأنه
تم الاتفاق مع الجانب العراقي على تشكيل أربع لجان لمتابعة تنفيذ الاتفاقية والكل على عجالة من أمره وهم
في صراع محموم مع الزمن قبل بدء انتخابات مجالس المحافظات في العراق وقبل انتهاء ولاية الرئيس بوش
ليحسب توقيع الاتفاقية انجازا للذين شاركوا في التوقيع عليها ..
المضحك المبكي في الموضوع أن بعض الأحزاب الحاكمة عبرت عن فرحها لأنها نجحت في البرلمان من
تحقيق مكسب كبير ، على حد قولها ، وهو عرض الاتفاقية على الشعب للاــستفتاء عليها وقد عدّت هذا الأمر
نجاحا كبيرا في صالح الشعب العراقي ؟؟!!..
في نفس الوقت أعلن موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي أن حكومته ستُجرِي استفتاءً شعبيًّا
على الاتفاقية الأمنية في 30 تموز من العام المقبل ..
وهنا المفارقة الغريبة والمحزنة شان كل القضايا المأساوية في حياة العراقيين خلال هذه المرحلة من
تاريخهم المجيد ، كيف يصادق البرلمان على الاتفاقية التي ستدخل حيز التنفيذ ويبدأ بتطبيقها في بداية
العام 2009 ثم تعلن الأحزاب الحاكمة والحكومة بان الاستفتاء سيجري عليها في تموز القادم ؟
المثل البغدادي الذي يقول ( عجيب أمور غريب قضية ) ينطبق على هذه الحالة وعلى كل الوضع المأساوي
في العراق في زمن الاحتلال ، فكل شيء جائز حسب قوانينه وأنظمته وقوانين وأنظمة من يسير خلفه
ويطبق سياسته .. فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ..
مسكين بلدنا العراق ومساكين أهله الكرام والصابرون .. أما يكفي ما تعرضت له البلاد والعباد من دمار
وتقتيل وتخريب وحرق وتهجير وتهميش وسرقة وفساد وانعدام الأمن وحالة الرعب الدائمة التي يعيشها
المواطنون ليخرج علينا من يقول انه حقق مكسبا جماهيريا بعرض الاتفاقية على الشعب للاستفتاء عليها
بعد سبعة أشهر من تطبيقها ؟
الكل يستخف بالعراقيين المنكوبين والمغلوب على أمرهم ويستهزئون بهم ويتاجرون في معاناتهم
وقضيتهم العادلة لحسابات سياسية ضيقة أو لحساب أجندات تخدم الأجنبي والكل يحصد ثمرة دمائهم
الطاهرة ويسرق ثرواتهم ويراهن على مستقبلهم المجهول ..
وها هي أخيرا تطالعنا رايز وزيرة الخارجية الأمريكية بتصريح تقول فيه أن الاستفتاء الشعبي الذي سيُجرَى
في العراق على الاتفاقية الأمنية التي أُقِرَّت اليوم ( الخميس )بأغلبية 144 صوتًا، لن يمنع من تطبيقها ،
وفي مؤتمرٍ صحفي أكدت رايس: (إنه بالنسبة للاستفتاء فإنني أفهم أنه سيخضع بالطبع لقانون جديد
لتنظيمه ، ولكن على أية حال لن يؤجَّل تطبيق الاتفاقية في يناير المقبل ) ..
هكذا تعلن رايس وتؤكد ما معناه أن الاستفتاء سيكون شكليا رغم إجرائه بعد سبعة أشهر من دخول
الاتفاقية حيز التنفيذ ..أليس هذا عجيبا وغريبا وفاضحا وماساويا ؟!! ..
كان الله في عون العراقيين وأطفالهم الأيتام والثكالى والأرامل والفقراء والمشردين والمهجرين والبائسين
الذين تحولوا إلى شحاذين وبلدهم من أغنى بلدان العالم .. أما انتم أيها الأعراب لا قرّت أعينكم لأنكم
تخاذلتم أمام أنفسكم وشعوبكم وأمام أعداء الله والدين والأمة ولم تؤدوا ما عليكم من استحقاقات الأخوة
والكرامة والغيرة والنخوة سواء تجاه العراق أو فلسطين ، وانتم يا من ساعدتم على احتلال العراق
وسهلتم تحشد قواته ومرورها ، لتدميره وقتل أهله ونهب ثرواته ، عبر أراضيكم أو مياهكم
أو أجوائكم فأنكم ستنالون حظكم من العزيز الجبار المنتقم ومن التاريخ والأجيال الحالية والقادمة .. وانتم يا
من تفرطون بحقوق العراقيين وتتحكمون في مصيرهم وحياتهم وثرواتهم وسيادتهم واستقلالهم وعزتهم
وكرامتهم وتتاجرون بمعاناتهم فلكم الله والتاريخ والشعب ..