بسم الله الرحمن الرحيم

قل هو نبأ عظيم (67) أنتم عنه معرضون (68) ما كان لي من علم ((بالملإ الأعلى)) إذ يختصمون (69) إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين (ص:70)

الملأ الأعلى هم الأنبياء يتخاصمون مع أقوامهم وليسوا الملائكة كما يعتقد.

وذلك للأسباب التالية:
أولا: لم ترد "الملأ" في حق الملائكة في أي موضع تصريحا وإنما جاءت في حق الملأ من الناس في 20 موضعا وتأويل الكلمة إذن على الملائكة بحاجة لدليل وقرائن صريحة.

إذ وردت كلمة "ملأ" 20 مرة في المصحف صفة لكبار القوم من الناس فمثلا: قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم (الأعراف:109)

ووردت مرتين فيما يعتقد المفسرون أنها وصف للملائكة أحدها في سورة ص أعلاه والثاني في الصافات:
إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب (6) وحفظا من كل شيطان مارد (7) لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب (8) دحورا ولهم عذاب واصب (9) إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب (الصافات:10) ... سأفصل في آيات الصافات في مقال لاحقا).


ثانيا: الملائكة لا تتخاصم. أما سؤالهم في قصة استخلاف آدم من سورة البقرة (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) فقدكانت الملائكة تتسأل عن الحكمة من استخلاف الإنسان ولم تتخاصم. ولو قلنا إن النبأ هو خلق آدم وخلافته والخصام هو سؤال الملائكة عن الحكمة منه فهل النذير المبين لا يعلم بالنبأ؟


فما "النبأ" الذي كان يختصم فيه الأنبياء مع أقوامهم في آيات ص وهي ذات السورة المنتهية بقوله تعالى: ولتعلمن (( نبأه )) بعد حين (ص:88)؟

وهل هو نفسه مطلع الجزء 30 ... جزء "عمَّ" ؟ الجزء الأكثر قراءة بين الناس: عم يتساءلون (1) عن النبإ العظيم (2) الذي هم فيه مختلفون (3) كلا سيعلمون (4) ثم كلا سيعلمون (عم:5) ؟


الجواب للأسئلة أعلاه أن "النبأ العظيم" هو نبأ أن سبب الخلق بما فيه هو تكريم سيدنا محمد عليه وآله الصلاة والسلام.

يقال إننا خلقنا لنعبد. لكن الله تبارك وتعالى أعظم من أن يحتاج للعبادة. والعبادة مجرد وسيلة.

فلو قال مدرس لطلبته: أدرسكم لتتعلموا فمنهم الذي لا يريد أن يتعلم أصلا، ومنهم ليفهم أو ليصبح مهندسا ، أو ... فالتعليم وسيلة وليس غاية. كذلك العبادة.

قد يقال إن الله تعالى خلق كل هذا ليرينا عظمته وإبداعه. لكن ما حاجة الخالق ليظهر عظمته لمخلوق طيني هو سبحانه خلقه؟

الله تبارك وتعالى واحد، فلا بد من أن يكون الهدف من وجودنا كذلك واحد، فكل شيء في الخلق دوما يشير إلى واحد.

الخلق كله والمجتمعات الإنسانية المتعاقبة، والشرائع السماوية تشير إلى هدف الخلق المجيد هذا فلابد إذن من أن يكون الطريق طويلا ... بطول خلق السماوات والأرض وبطول وجسامة تاريخ المجتمعات الإنسانية.


وسنبين أن كل شيء خلق من أجل سيدنا ((محمد المحمود)) من القرآن والتوارة والإنجيل بل ومن العلاقة الأزلية بين الشرائع السماوية. وما من شك في أن "سبب خلقنا" أمر ونبأ عظيم يعلم به الأنبياء السابقون ولا يرضى به أقوامهم، فحرفوا من كتبهم كل ما ارتبط بالقضية الكبرى، وقتلوا أنبيائهم في سبيله وما كان ذلك إلَّا استكبارا وقولهم ليس علينا في الأُمِّيينَ سبيل.

وهو موضوع كبير كما ينبغي له وسأتكلم في العديد من المقالات عنه بالتفصيل.

ونكمل في هذا المقال عن ذكر الخصام في القرآن وعلاقته بهذا الأمر:


عندما ذهب موسى لميقات الله تعالى بعد خروجه من مصر عند جبل الطور سأله عن آخر الأنبياء الذي بشر به تعالى إبراهيم، فأخبره تعالى بصفاته: أقيمُ لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به. ويكون أنَّ الإنسانَ الذي لا يسمعُ لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه. أما النبي الذي يطغى فيتكلم باسمي كلاماً لم أوصه أن يتكلم به، أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى، فيموت ذلك النبي. (التثنية 18 : 18 -20 ) ...
أي أنَّ النبيَّ الذي يَطغى ويغيِّرُ في كلام الله تعالى الذي أمره به في شأنِ محمد سيموت عقاباً ...

ووردت الحادثة بالتفصيل في القرآن الكريم في سورةِ القصص:


وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين (44) ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين (45) وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون {القصص: 46}


فما معنى تكرار العبارات التي تؤكدُ أنَّ سيدَنا محمداً لم يكن موجوداً مع مُوسى في ذلك الزمن؟ تقولُ التفاسيرُ أنَّ هذا تصديقٌ منه تعالى لرسالة نبيِّه بمعنى: من أدراك يا محمد بهذه الأخبار غيرنا؟ فلم تكن موجوداً معهم يومئذٍ، ولهذا وَجَبَ أنْ يكونَ القرآنُ وحياً من عندنا.

ولكنْ هل هذا دليل على أنَّ القرآنَ من عند الله تعالى؟ نحن نسخرُ من عقولنا لو قلنا نعم.

لأنَّ التهمةَ التي واجهتْ سيدنا رسول الله في دعوته هي الإدعاء بأنَّه تعلمَ من أهل الكتاب أخبار الأنبياء ونقلها إلى القرآن. فلو كانت الأخبارُ التي جاءَ بها تطابقُ ما عندهم فهذا يؤكد من وجهة نظرهم أنَّه عليه الصلاة والسلام نقلها من عندهم، فيكذِّبوه. ولو لم تكن مطابقةً لما عندهم فسيقولون ببساطةٍ أنَّها محضُ افتراءٍ إذ لن يتمكنَ هو من إثباتها، فيكذِّبوه أيضاً!

فمثلاً لو قلتُ لك إنِّي ذهبتُ إلى القطب الشمالي وإثباتاً لِصحة قولي فإنِّي أخْبرُكَ أنَّني شاهدتُ هناك دُبَّاً أبيضاً! فلو كان وجودُ الدُبِّ الأبيضِ هناك ليس سِّرَّا، فلن يكونَ دليلي مُقنعاً، وإن كان سِّرَّا لا يعلمه أحد فلن يكونَ مُقنعاً أيضاً إذ كيف لك التحقق من قولي؟ بمعنى آخر، إن لم يكن من دليلٍ على صحةِ الدليل فكيف يكون الدليل دليلاً؟

فتكرار العبارات التي تؤكدُ أنَّ سيدَنا محمداً لم يكن موجوداً مع مُوسى في ذلك الزمن تأكيدٌ منه تعالى بأنَّ الله أخبرَ موسى عن محمد عندما كلمه، وإن لم يكن محمد معهم. أي: لم تكن مع موسى عند الطور ولكننا أخبرناه عنك وأنت موجودٌ في التوراة.

كما لم تكن بين أهل مدين الذين كانوا لا يتكلمون إلا عنك يا محمد في ذلك الوقت البعيد ... وهذا هو مقدارُك عندنا ورِفعةُ مقامك ...

فأذيةُ موسى وخُذلانُ اليهود له كانت لهذا السبب تحديداً. فاليهودُ في مصرَ كانوا ثابتين على دعوةِ موسى ومجاهدين صابرين معه ولم يأت في القرآن ذكْرٌ لمكرٍ منهم في تلك الأثناء. ولكن بعد عبور البحر وبعد أنْ سألَ موسى الله تعالى أنْ يُبيِّنَ له الخبر الذي سيستخلف الأرض من ذُريَّةِ إبراهيم حسب وعده، أخبره تعالى أنَّه محمد، فلم يَصْفو الخبرُ لليهودِ وبدأوا في مُشاكسةِ موسى...


بعض الأدلة من التوارة والإنجيل تبين "خصام" الأنبياء مع أقوامهم في هذا الشأن بالذات:

"القديس من جبل فاران، مجده غطى السموات، والأرض امتلأت بحمده" (سفر حبقوق 3/3) ... جبل فاران هو جبال مكة المُكرمة. ولقد تكلم الكثير من المسلمين عن هذه النبوءة وأثبتوا أنَّ المقصودَ هو نبيُّنا محمد، عليه الصلاة والسلام. لكن ما يعنينا هو أنَّ العبارة "مجده غطى السماوات، والأرض امتلأت بحمده" لا تُشيرُ إلى "نبيٍّ" وحسب، بل هو نبيٌّ ذو شأنٍ عظيم والمُنصفُ لا يسعهُ إلا القولَ بأنَّ الخلقَ ما خُلقَ إلا ((لِحمده)) فهو المحمود بعد الله تعالى ...



وتأمل في عظمة هذا القادم "محمد":
"انهض فقد جاء نورك، ومجدُ الرب أشرق عليك، ها هي الظُلمة تغطى الأرض والأمم، أما عليك فيشرق نور الرب ويُري مجده عليك فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك، تُغطيك أعداد الجمال الكثيرة، جِمال مدين وعيفة، كلها تأتي من شيبا تحمل ذهبا وبخورا، كل غنم قيدار تجتمع إليك، وأكباش نبايوت تخدمك، تصعدُ مقبولة على مذبحي، وسوف أعظم بيت مجدي" (أشعيا 60/1-2، 6-7) ...
و "قيدار" هو ابن إسماعيل وهو جد العرب الأكبر ...
و "مذبحي" هو مكة المكرمة وهي مكان ذبح الأضاحي ...

وردت نبوءة داود في المزمور 110 واقتبسها لوقا (20/42) ومتى (22/44) ومرقص (12/36) ، وفي جميع اللغات هي كما يلي: "قال يهوه لسيدي اجلس على يميني، حتى أجعل أعداءك مسنداً لقدميك" ...
و المقصود بـ "يهوه" هو الله تعالى، والسيد هو محمد، والمتكلمُ هو داود ... فالمعنى أنَّ داود عليه السلام يخبر بني إسرائيل أنَّ الله تعالى يُخبر محمداً بأنَّه سيضع أعداءه تحت أقدامه الشريفة ...

ويُروى عن النبي يحيى أنه قال: يأتي بعدي من هو أقوى مني، الذي لست أهلاً أن أنحني وأحل رباط حذاءه) (مرقص 1/7) ... والمَعْنِيُّ بقول يحيى"من هو أقوى مني" هو سيد الخلق محمد! فهل يبدو أنَّه نبيٌّ عاديٌّ بهذا التعظيم من يحيى؟

وقول يحيى أيضاً: (ذلك الذي يجيء بعدي قد خُلق قبلي لأنه كان قبلي) (يوحنا 1/15)


ولكنَّ أوضحَ وأصدقَ ما جاءَ في وصفِ حياة عيسى هو إنجيل الحواري برنابا. ومن يتأمل في هذا الإنجيل يخرج باستنتاج واحدٍ لا غير وهو أنَّ عيسى لم يُضطهدْ ولم يُكذبْ إلا لتمسكه بالميثاق وإخباره اليهودَ صراحةً أنَّ الخلق لم يُخلق إلا من أجلِ حَمْدِ محمد. ولهذا فإننا سنعرض فيما يلي بعض النصوص من هذا الإنجيل والتي تجْزمُ بهذا المعنى صراحةً ....

فعن بداية الخلق يقول عيسى: فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهـواء كتابة تتألق كالشمس نصها (( لا إله إلا الله ومحمد رسـول الله )) ، ففتح حينئذ آدم فاه وقال : ( أشكرك أيها الرب إلهي لأنك تفضلت فخلقتني ، ولكن أضرع إليك أن تنبأني ما معنى هذه الكلمات (( محمد رسـول الله )) ، فأجاب الله: ( مرحبا بك يا عبدي آدم ، وإني أقول لك أنك أول إنسان خلقت ، وهذا الذي رأيته إنما هو ابنك الذي سيأتي إلى العالم بعد الآن بسنين عديدة ، وسيكون رسولي الذي لأجله خلقت كل الأشياء ، الذي متى جاء سيعطى نورا للعالم ، الذي كانت نفسه موضوعة في بهاء سماوي ستين ألف سنة قبل أن أخلق شيئا.

لاحظ وصفَ عيسى لمحمد بأنه "كالشمس" وقد بيَّنا في هذا البحث أنَّ الشمس ما خُلِقت أصلاً بمواصفاتها إلا لتكون مثلاً مُجسداً لسيد الخلق في ضيائه وفضله على الناس.



وفي الفصل الحادي والتسعين بعد المائة وفي حوار بين أحد الكتبة وبين عيسى:
فقال من ثم الكاتب : لقد رأيت كتيبا قديما مكتوبا بيد موسى ويشوع ( الذي أوقف الشمس كما قد فعلت ) خادمي ونبيي الله، وهو كتاب موسى الحقيقي ، ففيه مكتوب أن إسماعيل هو أب لمسيا وإسحاق أب لرسول مسيا ، وهكذا يقول الكتاب أن موسى قال: (أيها الرب إله إسرائيل القدير الرحيم أظهر لعبدك في سناء مجدك )، فأراه الله من ثم رسوله على ذراعي إسماعيل وإسماعيل على ذراعي إبراهيم، ووقف على مقربة من إسماعيل إسحاق وكان على ذراعيه طفل يشير بإصبعه إلى رسول الله قائلا : (هذا هو الذي لأجله خلق الله كل شيء) ، فصرخ من ثم موسى بفرح : (يا إسماعيل إن في ذراعيك العالم كله والجنة ، أذكرني أنا عبد الله لأجد نعمة في نظر الله بسبب ابنك الذي لأجله صنع الله كل شيء ) .

وفي إحدى المناظرات سأل الكهنة عيسى:
من أنت؟ فاعترف يسوع وقال : الحق إني لست مسيا ، فقالوا: أأنت إيليا أو إرميا أو أحد الأنبياء القدماء؟ أجاب يسوع : كلا ، حينئذ قالوا: من أنت؟ قل لنشهد للذين أرسلونا ، فقال حينئذ يسوع: أنا صوت صارخ في اليهودية كلها، يصرخ: أعدوا طريق رسول الرب كما هو مكتوب في إشعيا، قالوا: إذا لم تكن المسيح ولا إيليا أو نبيا ما فلماذا تبشر بتعليم جديد وتجعل نفسك أعظم شأنا من مسيا؟ أجاب يسوع: إن الآيات التي يفعلها الله على يدي تظهر أني أتكلم بما يريد الله، ولست أحسب نفسي نظير الذي تقولون عنه، لأني لست أهلا أن أحل رباطات جرموق أو سيور حذاء رسول الله الذي تسمونه مسيا الذي خلق قبلي وسيأتي بعدي وسيأتي بكلام الحق ولا يكون لدينه نهاية ) فانصرف اللاويون والكتبة بالخيبة وقصوا كل شيء على رؤساء الكهنة الذين قالوا : إن الشيطان على ظهره وهو يتلو كل شيء عليه ، ثم قال يسوع لتلاميذه : الحق أقول لكم أن رؤساء وشيوخ شعبنا يتربصون بي الدوائر.


وفي الفصل الثالث والأربعين يتحدث عيسى مع حواريه بالتفصيل عن "مسيا" أي المُخلص والذي هو سيد الخلق محمد:
وجلس يسوع على سفح الجبل وأكلوا من الأثمار البرية لأنه لم يكن عندهم خبز، حينئذ قال اندراوس: لقد حدثتنا بأشياء كثيرة عن مسيا فتكرم بالتصريح لنا بكل شيء، فأجاب يسوع : كل من يعمل فإنما يعمل لغاية يجد فيها غناء، لذلك أقول لكم أن الله لما كان بالحقيقة كاملا لم يكن له حاجة إلى غناء، لأنه الغناء عنده نفسه، وهكذا لما أراد أنْ يعملَ خلقَ قبل كل شيءٍ نفسَ رسولِه الذي لأجلِهِ قصدَ إلى خلق الكل ، لكي تجد الخلائق فرحا وبركة بالله، ويسر رسوله بكل خلائقه التي قدر أن تكون عبيدا، ولماذا وهل كان هذا هكذا إلا لأن الله أراد ذلك؟ الحق أقول لكم أنَّ كل نبي متى جاء فإنه إنما يحمل لأمة واحدة فقط علامة رحمة الله، ولذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذي أرسلوا إليه، ولكن رسول الله متى جاء يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم يده ، فيحمل خلاصا ورحمة لأمم الأرض الذين يقبلون تعليمه، وسيأتي بقوة على الظالمين، ويبيد عبادة الأصنام بحيث يخزي الشيطان، لأنه هكذا وعد الله إبراهيم قائلا : (انظر فاني بنسلك أبارك كل قبائل الأرض وكما حطمت يا إبراهيم الأصنام تحطيما هكذا سيفعل نسلك) أجاب يعقوب: يا معلم قل لنا بمن صنع هذا العهد؟ فإن اليهود يقولون (( بإسحاق )) والإسماعيليون يقولون (( بإسماعيل )) ، أجاب يسوع: ابن من كان داود ومن أي ذرية؟ أجاب يعقوب: من إسحاق لأن إسحاق كان أبا يعقوب ويعقوب كان أبا يهوذا الذي من ذريته داود، فحينئذ قال يسوع: ومتى جاء رسول الله فمن نسل من يكون، أجاب التلاميذ: من داود، فأجاب يسوع: لا تغشوا أنفسكم، لأن داود يدعوه في الروح ربا قائلا هكذا: (قال الله لربي اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك ، يرسل الرب قضيبك الذي سيكون ذا سلطان في وسط أعدائك ). فإذا كان رسول الله الذي تسمونه مسيا بن داود فكيف يسميه داود ربا، صدقوني لأني أقول لكم الحق أن العهد صنع بإسماعيل لا بإسحاق.


وفي الفصل الرابع والأربعين يقول عيسى عن محمد: ما أسعد الزمن الذي سيأتي فيه إلى العالم، صدقوني أني رأيته وقدمت له الاحترام كما رآه كل نبي ، لأن الله يعطيهم روحه نبوة ، ولما رأيته امتلأت عزاءا قائلا : يا محمد ليكن الله معك وليجعلني أهلا أن أحل سير حذائك ، لأني إذا نلت هذا صرت نبيا عظيما وقدوس الله، ولما قال يسوع هذا شكر الله.



وفي الفصل الرابع والخمسين والخامس والخمسين يصف عيسى يوم القيامة والشفاعة لمحمد:
فمتى مرت هذه العلامات تغشى العالم ظلمة أربعين سنة ليس فيها من حي إلا الله وحده الذي له الإكرام والمجد إلى الأبد، ومتى مرت الأربعون سنة يحيي الله رسوله الذي سيطلع أيضا كالشمس بيد أنه متألق كألف شمس، فيجلس ولا يتكلم لأنه سيكون كالمخبول، وسيقيم الله أيضا الملائكة الأربعة المقربين لله الذين ينشدون رسول الله ، فمتى وجدوه قاموا على الجوانب الأربعة للمحل حراسا له، ثم يحيي الله بعد ذلك سائر الملائكة الذين يأتون كالنحل ويحيطون برسول الله، ثم يحيي الله بعد ذلك سائر أنبيائه الذين سيأتون جميعهم تابعين لآدم، فيقبلون يد رسول الله واضعين أنفسهم في كنف حمايته ثم يحيي الله بعد ذلك سائر الأصفياء الذين يصرخون: أذكرنا يا محمد ، فتتحرك الرحمة في رسول الله لصراخهم ، وينظر فيما يجب فعله خائفا لأجل خلاصهم ، ثم يحيي الله بعد ذلك كل مخلوق فتعود إلى وجودها الأول ...


وأخيرا سيقول الكثيرون يعني كل هذا الخلق والمجرات والتاريخ السحيق من أجل إنسان واحد؟ فأقول نعم لكن أولا علينا معرفة الخالق تبارك وتعالى حق المعرفة وأن كل هذا الخلق عظيم صعب من منظورنا لكنه بالنسبة له تعالى قد لا يتعدى مشيئة يسيرة منه ...

ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب ((إن ذلك على الله يسير)) (الحج:70)


للمزيد:
http://www.alraqeem3.net/
https://www.facebook.com/Alraqeem333