الشخصية المزدوجة
د. نواف محمد المعاودة
؟ الشخصية المزدوجة لبعض الناس تثير الحيرة والتساؤل.. ورغم حساسية الموضوع، إلا أنه لا بد من الإشارة إليه والتلميح لخطورته خاصة وأن أصحاب مثل هذه الشخصية ليسوا قلة في مجتمعنا..
إن مجتمعنا السعودي يدين بالإسلام، ويمتلئ حتى النخاع بتعاليمه ومبادئه، وفيما يخص موضوعنا فإن مسألة الوضوح والصدق ومبدأ الأمانة كلها أساسيات لإنسان سوى يبطن مثل ما يظهر.. يبتعد عن النفاق والكذب كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً..
وبرغم هذه المظلة التي أظلتنا قروناً، إلا أنه في العقود الأخيرة تغيرت بعض الشخصيات وأصبحت تلبس قناعاً وترتدي ثوبين: ثوب حقيقي وثوب آخر لا يمثل حقيقة الشخص..
رجل في بيته رصين محترم يتحدث عن الأخلاق والفضائل ويتابع أسرته حتى تسير عليها، هذا الرجل هو بعينه عندما تجمعه صحبة وأصدقاء أو عندما يسافر إلى الخارج تصبح له شخصية أخرى لا يتمسك بالفضائل ولا يجد بأساً من الانغماس في الملذات، بل أحياناً يتحدث بفاحش القول في دائرة (الونسة)..
رجل آخر ملبسه رصين وتقليدي وطوال سنوات يكوِّن عنه الناس صورة الرجل الطيب المحافظ على دينه وبيته وتقاليده وفجأة ترى هذا الرجل في رحلة إلى خارج المملكة يخلع ثوبه ويرتدي (التي شرت) والبدلة، بل ويجاري القوم في الرقص والغناء.
ورجل يقابل الناس بالبشاشة والترحاب ويعطي وعوداً لعمل مكارم أو أعمال تدخل في حيز الخير.. وبعد أن ينفض القوم من حوله يعود إلى البخل والنكوص عن الوعود، بل وذم من كانوا أصدقاء قبل لحظات..
من أين جاءت أخلاقيات النفاق والبخل والذم والحديث من وراء الأصدقاء لما لا يحبون، لماذا وخاصة في السنوات الأخيرة زادت معدلات ازدواج الشخصية.. هل هو الاختلاط بالملايين من الوافدين الذين يعملون في المملكة من جميع دول الأرض.. وهل هي آثام المادية المفرطة التي نحتت واجتثت الفضائل الروحية.. هل نوع من المباهاة أن يتعامل الإنسان بهذه الصورة المليئة بالخبث والدهاء.. إن هذا السلوك يشوّه شخصية صاحبه ويأخذ من حسناته ويضر ضرراً بليغاً بالمجتمع وخاصة الناشئة والشباب.. هل فكر هؤلاء في طفل يرى والده يرحب بالأصدقاء والأهل، ثم بعد خروجهم ينهال عليهم ذماً وتجريحاً.. هل فكر هؤلاء في الشباب عندما يرون قدوتهم في أوضاع مزرية مثل (البهلوانات)..
يقول أحد الشباب: جمعتني مع إحدى الشخصيات التي تحتل موقعاً إدارياً مرموقاً.. جمعتني وإياه دورة خارج المملكة فرأيت منه ما جعلني أفقد احترامي وتقديري له..
والشيء الأخطر أن هذا الداء الوبيل امتد إلى قلة بين النساء.. فهذه فتاة تلبس الخمار والعباءة، وما أن تقلع الطائرة بعيداً عن المملكة حتى نجدها تخلع كل شيء حتى (برقع) الحياء.. لماذا؟!
الناس في مشارق الأرض ومغاربها يحترمون المرأة السعودية المحافظة على تقاليدها ودينها.. فلماذا هذا المسخ وهذا التقليد الأعمى.. لماذا ازدواج الشخصية؟!
هل هؤلاء وأولئك تعيش داخلهم شخصية الخير، وشخصية الشرير يتصارعان، وما أن يجد الشر منفذاً أو فرصة يسفر عن وجهه دون حياء أو دين؟!
إن الشخصية الواحدة المتزنة هي الشخصية المحببة عند الله وعند الناس.. فلماذا ينقسم الرجل أو المرأة إلى قسمين.. ولماذا يظهر بشخصيتين واحدة سوداء وواحدة بيضاء؟!
جريدة الرياض
وننتظر اضافاتكم