المخرج سامر برقاوي :
لدي هاجس دائم للبحث عن المختلفأنا شخص متطلب جداً في معايير النجاح
سامر برقاوي من المخرجين الشباب الذين أثبتوا حضورهم القوي في عالم الدراما السورية، وقدم الكثير من الاعمال الناجحة على صعيد الدراما التلفزيونية والأفلام السينمائية القصيرة، اشتهر بخوضه مسار الأعمال الاجتماعية المعاصرة، وتطرق إلى قضايا اجتماعية حساسة جداً من خلال الكوميديا بأنواعها والتراجيديا (بنت النور-الوزير وسعادة حرمه- بقعة ضوء) قدم في رمضان الماضي مسلسل (قلبي معكم).. وفي رمضان الحالي شارك بعمل (بعد السقوط) الذي يعد تجربة جديدة في الدراما السورية زمنه يوم واحد، يمتد لثلاثين حلقة من خلال الفلاش باك، وهو مليء بالغموض والإثارة والأكشن واللقطات الموحية يعالج مشكلة الانهيار الطابقي في منطقة العشوائيات التي تكثر فيها المخالفات، وما ينعكس سلباً على حياة السكان القاطنين.. وسيعرض قريباً عمله القادم(رجال مطلوبون) المؤلف من عدة أجزاء، وبعد فترة وجيزة سيبدأ بتصوير مسلسل (مرايا) الذي تعاقب على إخراجه كبار مخرجي الدراما السورية.. من أشهر أفلامه السينمائية :كلام حريم، وكيف وشلون.. وقد كان مخرجاً مساعداً للمخرج المصري يسري نصر الله في فيلم باب الشمس.
«البعث» التقت المخرج برقاوي بعد الانتهاء مباشرة من تصوير الحلقات الأخيرة من مسلسله «بعد السقوط» وتحاورت معه حول تجربته الجديدة..
> لابد أن هناك صعوبات كثيرة واجهتكم أثناء تنفيذ العمل، فماذا تقول عن هذا الجانب؟.
<< «بعد السقوط» عمل جماعي ابتداء من النص انتهاء بالمونتاج، فالنص للكاتب غسان زكريا مع مجموعة من كتاب اشتركوا بورشة عمل جماعية، وقد حققت فكرة العمل تنوعاً بالمحاور الاجتماعية والأوضاع المحيطة بحياة الأبطال.. وبصورة عامة كان النص ملتزماً بالإطار العام للمسلسل، وقد واجهتنا صعوبات جمة أثناء عملية التنفيذ، استطعنا التغلب عليها، فالعمل بحاجة إلى آلية خاصة لأنه يُقَّدم بأسلوب مختلف، فهو نوع من المسلسلات الغامضة التي تملك عنصر الإثارة والتشويق، وتقحم المشاهد في استنتاج الحدث الدرامي والتفكير بجزئياته وتفصيلاته، وصولاً إلى النتيجة ومضمون المسلسل خلق لدي هاجساً للبحث عن المختلف كما كنت أفعل دائماً.. أكبر صعوبة كانت في تصوير مشهد انهيار البناء ووقوع الكارثة في منطقة مأهولة بالسكان(حي 86) في المزة، إذ نفذ العمل على أرض الواقع لعدم وجود استديوهات مجهزة لهذا النوع من الأعمال، فاضطررنا لاقتحام حياة الناس طوال فترة التصوير، وأصبحوا جزءاً من العمل، لاسيما بتجمعاتهم حول البناء مما أكسب المشاهد واقعية أكبر، ومن المعروف أن المواطن السوري لديه قدرة كبيرة على التعامل مع الكاميرا وتقديم كل ما يملك لدعم الدراما السورية، وتنفيذ العمل على مستوى المنزل والحارة والمحل..وبما أننا لسنا قادرين على تنفيذ مشهد الانهيار بصورة حقيقية فقد استعنّا بفريق غرافيك لتنفيذ اللقطات، وهو فريق متخصص، قدم دراسات متعددة حول لحظة الانهيار، فاختلط الأمر على المشاهدين حول هذه اللقطة، وهل هي حقيقية أم خيال مفتعل؟!.. وبرأيي هذا إنجاز آخر يضاف إلى العمل، وأود في هذا السياق أن أشكر الجهات الرسمية التي ساعدت على تنفيذ العمل.. ومن المعروف أن سورية الدولة الوحيدة التي تقدم هذا التعاون للكاميرا، وتدعم الدراما السورية، أشكر محافظة دمشق وفوج إطفاء دمشق ووزارة الصحة وجهات أخرى.
> اعتمدت على تقنية «الفلاش باك» بالدرجة الأولى فما رؤيتك الإخراجية لها؟
<< يقوم العمل على مبدأ تقطيع المشاهد، والانتقال من مستوى إلى آخر، وفق ثلاثة مستويات: ما تحت الأنقاض- فوق الأنقاض- الفلاش باك.. ومن خلال عنصر الفلاش باك نستعرض حياة الأشخاص المحتجزين بالعودة إلى ماضيهم، وما يكشف عنه من مفارقات عبر المونولوج الداخلي والتأمل أحياناً، وبالحديث مع أحد المحتجزين أحياناً، إذ يستعرض كل فرد شريط حياته الخاص، وبعض المواقف التي أثرت سلباً أو إيجاباً به.. والتزامن مع لحظة مواجهة القدر، والتمسك بالحياة، في ظل أوضاع حياتية غامضة ومخيفة، يتسلل فيها الموت من كل جانب، ولذلك بدت مساحة كبيرة للفلاش باك المنسجم مع مؤثرات متنوعة، والمتجانس مع الموسيقا التصويرية، مشكلة طقساً عاماً لتنفيذ فكرة العمل.. وأود أن أقول: إن العمل سوري بامتياز، فكل العاملين فيه والتقنيين والفنيين من سورية، باستثناء الماكيير من إيران، وقد تطلبت عملية الماكيير مهارات عالية وحرفية في إظهار معالم الانهيارعلى الوجه والجسد، وتجسيد الإصابات البالغة، وتفسخ الجثث.
> ماذا سيضيف سامر برقاوي إلى مرايا بعدما تعاقب على إخراجه كبار مخرجي الدراما السورية (هشام شربتجي-مأمون البني)؟
<< مرايا مسلسل له تاريخ عريق، تعاقب عليه كبار المخرجين الذين ساهموا بصنع الدراما السورية، كما ذكرت، وتكمن أهميته من تاريخه العريق ومن ارتباطه بذاكرة الناس، وبتلك العلاقة الوجدانية التي تربط بين ياسر العظمة بالشارع السوري والعربي، والمحافظة على ما ذكرت هي سرّ نجاح العمل، وهي الشيء الذي أبني رؤيتي عليه لتنفيذ الجزء القادم، بالتأكيد أي مخرج في سورية يشعر أنه جزء من حركة الدراما وتطورها، يضيف إليها من خبرته وتجربته الخاصة ورؤيته التي رسمها.. العمل مفتوح لكل الاتجاهات، وكل كاتب لديه رغبه بتقديم فكرة مميزة.. وقد اتسمت مرايا بتنوع الأفكار، وتواصلها مع الواقع بحكم اعتمادها على مجموعة من الكتاب المتمرسين بعالم الكتابة.. وخلال الفترة القادمة سنبدأ بالتحضير واختيار النصوص.
> سيعرض لاحقاً( رجال مطلوبون) وهو تجربة جديدة في الدراما السورية.. فماذا عنه؟
<< رجال مطلوبون.. تجربة جديدة في الدراما، مؤلف من عدة أجزاء يصل إلى تسعين حلقة من إنتاج شركة صورة للمخرج حاتم علي، العمل مأخوذ من رواية فنزويلية تم تحويل نصها وإعداده بما يتوافق مع طبيعة وأعراف وتقاليد المجتمع الشرقي، وهو يتعلق بتطور حياة الأشخاص الذين هم العنصر الأساسي في العمل، ووجدنا أن دبي المكان الأفضل لتكون الأرضية الأساسية لأحداث العمل، كونها مدينة مختلطة تجمع عدداً من الجنسيات العربية والأجنبية، ومن مختلف الشرائح والبيئات، الأحداث تفترض أنها في دبي إلا أنه تم تصويرها في سورية، سيعرض قريباً وأتمنى أن يحظى باهتمام وإعجاب المشاهدين.. وهو ضمن النسيج الدرامي الاجتماعي.
-«بنت النور» عمل (عربي -سوري) عرض في ثلاثين حلقة وبشكل سباعية.. فما تعليقكم على ذلك؟
-- بنت النور عمل من ثلاثين حلقة، اجتماعي معاصر يتناول بالدرجة الأولى حياة العرب المقيمين في دبي، وكيفية تواصلهم مع الوطن الأم، وماهية المشكلات التي تعترض سير حياتهم وأوضاع عملهم في دبي، ويتطرق في منحى آخر إلى جوانب متعددة في حياة المرأة ، اشترك فيه عدد من الممثلين العرب والسوريين ولاقى متابعة جيدة، ولأهميته أدرج ضمن المسلسلات التي اختارتها «روتانا» لعرضه بسبع حلقات(سباعية).
> كيف تنظر الآن إلى (قلبي معكم) لاسيما أنه تعرض بجرأة الى مسألة حساسة وهي تبادل المشاعر العاطفية مع غير الشريك؟.
<< تقييمي للأعمال التي أشتغلها ينطلق من رضاي عنها، وليس من حجم النجاح الذي تحققه، لأن الأعمال ذات القيمة الفنية العالية قد لاتنجح جماهيرياً والعكس صحيح، وأنا أبحث عن الأفضل دائماً. وبطبيعتي أنا شخص متطلب جداً لمعايير النجاح، وهذا همّ أي مخرج يعمل في الدراما السورية، التي تعاني في بعض الأعمال من التكرار، إن كان على مستوى المعالجة أو النص، أو الاعتماد على الممثلين ذاتهم.. أعتقد أنني أقدم شيئاً مختلفاً وجديداً وخارج السياق العام.. (قلبي معكم) عمل معاصر خاض مجتمع الأطباء وحياتهم وكيفية تبني فكرة إنشاء مشفى مجاني في ظل التسارع نحو التراكم المادي. وفيما يتعلق بالمشكلة الاجتماعية فتقديم المشكلة بجرأة وتحليلها لايعني تبنيها أو الموافقة عليها، وإنما تسليط الضوء على خلفياتها وسلبياتها، ولاأحد ينكر أن هناك حالات مشابهة موجودة فعلاً في المجتمع، وبعد العرض صادفت كثيرين أخبروني أنهم تعايشوا مع المسألة ذاتها..أنا راض عن العمل، وأعتقد أنه حقق نسبة مشاهدة كبيرة.
> كيف بدأ عملك بالأفلام السينمائية القصيرة والتسجيلية؟
<< في بداية عام 2000 قدمت مجموعة من الأفلام القصيرة إنتاج خاص، من خلال ورشة عمل لسينما الأفلام القصيرة بعنوان«ورشة أيلول لسينما الشباب» درّس فيها الأستاذ محمد ملص ونبيل المالح ونضال سيجري، قدمت فيها مجموعة من الأفلام منها: أمام سر، بوستر، وادي النضارى، كما تعاونت مع صندوق السكان للأمم المتحدة وقدمت: كيف وشلون، وكلام حريم، الذي شارك في أيام المهرجان الثالث لسينما الواقع، ويتحدث عن واقع المرأة في الجزيرة السورية (2006 ومدته 23 د) وعملت مع المخرج المصري يسري نصر الله في فيلم باب الشمس 2003 كمخرج مساعد.. طبعاً العمل السينمائي أكسبني الكثير من الخبرة في إضفاء تكنيك سينمائي إلى اللقطة.
> ماذا يحكي فيلم بوستر؟
<< فيلم بوستر أقصر فيلم في العالم مدته دقيقة واحدة، سيناريو الكاتب عدنان عودة، يحكي قصة ثلاث فتيات يرتدين النقاب، تدور أحداثه في الحديقة، تريد كل واحدة أن تتصور للذكرى فتأتي الصور كلها واحدة.
حوار: مِلده شويكاني
http://www.albaath.news.sy/user/?id=935&a=83686