فقه الحجاب
وقد شرح السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) جوانب من مسائل الحجاب في خروج المرأة من البيت ودخولها مجتمعات الرجال والمطالبة بحقها واسماع صوتها لهم، في تفصيل مدعم بمثال رائع
للمرأة الإسلامية الحقّة ألا وهي الزهراء بنت الرسول (صلوات الله وسلامه عليهما) نذكرها هنا:
مسألة: (خروج المرأة من البيت) يجوز بالمعنى الأعم خروج المرأة من البيت، سواء كانت متزوّجة أم غير
متزوّجة، في الجملة: نعم، الفرق بين المتزوجة وغير المتزوجة: إن المتزوجة تستأذن زوجها في الخروج في غير الواجب منه، وغير المتزوجة تملك نفسها، فانه (صلى اللع عليه وسلم) (نهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها)
مسألة: دخول المرأة في مجتمع الرجال يجوز للمرأة أن تدخل في مكان قد اجتمع فيه الرجال، أو مع النساء، مع الحفاظ على الحجاب وسائر الشرائط. إذ الاصل: الاباحة ولا دليل على الحرمة، بل كان هذا في زمن رسول الله (صلىالله عليه وسلم) في مسجده، وفي أسفاره، وفي الحج، كما أنه كان في أيام الفقهاء الكبار، في مشاهد المعصومين (ع) وكذلك في القدس الشريف وغير ذلك. أما المحرّم منه، فهو الاختلاط بلا حجاب، أو ما أشبه ذلك مما أتى به الغرب إلى بلاد الإسلام واستقبله بعض من لا حريجة له في الدين).
مسألة: مطالبة المرأة بالحق يجوز بالمعنى الأعم المطالبة بالحق، وكشف القناع عن ظلم الظالم حتى عند من لا يتاتى منه أي عمل، أو لا يعمل، ويشمله اطلاق قوله تعالى: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم(.
وربما يعد من مصاديق ذلك مطالبة الزهراء بحقها وحق الإمام أمير المؤمنين في المسجد في حضور المهاجرين والانصار وغيرهم، حيث لم يكن لكل الأفراد القيام بالمطلوب والمراد نفي (الكليّة) لا النفي الكلّي، فتأمّل.
مسألة: الساتر بين النساء والرجال قد يقال باستحباب وضع ساتر بين الرجال والنساء عند خطاب المرأة، إضافة لتحجّب كل واحدة منهن. وربّما يستفاد ذلك من قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب)، وإن كان الانصراف في الآية المباركة يقتضي الحجاب أو الساتر بالمعنى الأخص لا الساتر إضافة للحجاب المتعارف، ومنه يعلم استحباب ذلك في كل مكان اجتمع فيه النساء والرجال، كما في المسجد للصلاة، وفي قاعة الدرس، وفي الحسينيات وغير ذلك.
لكن ربما يقال: بأنه لا يظهر أن ذلك كان على نحو الاستحباب، إذ الفعل لا جهة له، بل ربما كان ذلك من الآداب، ولذا لم يكن في مسجد رسول الله (صلىالله عليه وسلم) ولا في المسجد الحرام ستر بين الرجال والنساء وذلك بأن يقرر مثلاً على الرجال أن يطوفوا بجوار الكعبة وعلى النساء الطواف من بعيد وبينهما ستر، أو بأن يقرر وقت للرجال وآخر للنساء، إلى غير ذلك مما هو واضح.
وربما يقال: إنه يدل على الاستحباب بالنسبة إلى الشخصيات من النساء، ولذا ورد ذلك بالنسبة إلى عمل نساء النبي (ص) بعد نزول آية الحجاب: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) يعني إذا سألتم أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) شيئاً تحتاجون إليه فاسألوهن من وراء ستر، قال مقاتل: أمر الله المؤمنين أن لا يكلموا نساء النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا من وراء حجاب (ذلكم) أي السؤال من وراء حجاب (أطهر لقلوبكم وقلوبهن) من الريبة، ومن خواطر الشيطان (وما كان أن تؤذوا رسول الله) بمخالفة ما أمر به في نسائه ولا في شيء من الأشياء.
أما الاستحباب مطلقاً، فالظاهر: العدم للسيرة المستمرة في مسجد رسول الله (صلىالله عليه وسلم) في عصره الشريف وغيره بالنسبة إلى النساء،
وكذلك بالنسبة إلى المسجد الحرام، وغير ذلك كما سبق.
مسألة: اسماع الصوت للرجال يجوز للمرأة أن تسمع صوتها إذا حفظت الموازين الشرعية. بأن لم يكن هناك خوف فتنة، أو من الخضوع في القول مثلاً، قال سبحانه: (فلا تخضعن في القول فيطمع الذي في قلبه مرض) وقد كانت النساء يتكلمن مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومع أمير المؤمنين (ع) ومع الأئمة الأطهار (ع) ومع علماء الدين إلى عصرنا الحاضر، وعلى ذلك جرت سيرة المتشرّعة عموماً، لكن يجب مراعاة الموازين الشرعية.
وما ذكر يدل على جواز ذلك، فإن المحظور هو الخضوع بالقول وما أشبه، فيجوز للنساء إلقاء الخطب وقراءة التعزية في المجالس النسوية، وإن وصل صوتها إلى اسماع الرجال، كما يجوز تسجيل صوت قراءتها مع مراعات الجهات الشرعية
منقول