الحصاد المر .. ست سنوات عجاف من حياة العراقيين في ظل الاحتلال الأمريكي


تحقيق صحفي

الباحث : عبدالوهاب محمد الجبوري

ست سنوات عجاف مرت على احتلال العراق وما زال المواطنون العراقيون يعانون الأمرين نتيجة سياسة الاحتلال وإفرازاتها المأساوية .. فهم ما يزالون يقدمون المزيد من الدماء والتضحيات ويتعرضون لشتى أنواع المعاناة والدمار والخوف والحرمان والفقر والتهجير ومازالت قوات الاحتلال تمارس سياستها الإرهابية والعدوانية في طول البلاد وعرضها ، وما زال الحكام والمتنفذون لم يفوا بوعودهم بتحسن الأوضاع العامة في البلاد وإنهاء محنة أبنائها بإقامة حياة حرة كريمة آمنة مستقرة ، فالذي حصل وما زال هو على العكس تماما ، فرغم ما قيل عن تحسن ملحوظ في الجانب الأمني ، إلا أن العراقيين لم يحصدوا سوى الرماد والدخان والنار والسجون والحرمان ، ومازالت المعادلة غير متساوية الطرفين والناتج فيها مزيداً من الآهات والحرمان والقتل والتهميش والتلاعب بمقدرات البلاد ونهب خيراتها والقتل على الهوية والتهجير والتدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية ووقوعها بين مطرقة الاحتلال الأمريكي وسندان التدخل الإيراني ..

ست سنوات من الرعب والدمار ومحاولات تقسيم العراق حسب خطة بن غوريون لعام 1953 الخاصة بتقسيم العراق إلى 3 دويلات طائفية ( دولة كردية في الشمال وسنية في الوسط وثالثة شيعية في الجنوب ) والمشاريع والخطط اللاحقة والمدعومة من قبل جهات أمريكية وإسرائيلية وإيرانية وقوى دولية أخرى ..

ست سنوات من المعاناة والكوابيس المرعبة ، آهات تخرج من أفواه المحرومين والمظلومين منذ أيام الحصار القاسي – عام 1990 - والذي سلب أرواح الملايين من العراقيين طيلة 13 عاما عجاف ، ثم جاء الاحتلال الأمريكي بلياليه وعذاباته ورعبه وقساوته ، وأضاف حسرات وأنات وأهات جديدة امتلأت بها قواميس الحياة المرعبة وسجلات التاريخ السوداء التي شارك الأعراب في صبغها بهذا اللون الحزين ..

جاء الشتاء، ذهب الشتاء ، جاء الصيف ، ذهب الصيف، والمواطن يئن من كماشة الخوف و الوضع الأمني المتقلب بين ما يقال انه تحسن جدي وبين واقع مرير يتمثل في استمرار حالة التدهور والفلتان الأمني والاقتصادي والمعاناة بلا حدود ، وبين كماشة غلاء الأسعار والبطالة والفقر والجوع والحرمان ، ناهيك عن سوء الخدمات حتى بات المواطن يقلب صفحات عقله ويتذكر الوعود التي قيلت له خلال السنوات الست المظلمة ليبقى أسير الحسرات والوعود الكاذبة ووهم الأحلام الوردية بالتمتع بحياة أفضل ..

وفي هذا التحقيق الصحفي تم اللقاء بعدد من المواطنين العراقيين من مختلف المستويات العلمية والثقافية والاجتماعية والسياسية ومن محافظات عراقية متعددة وتم طرح عليهم مجموعة من الأسئلة المتعلقة بالحالة التي آلت إليها أمور البلاد والعباد بعد ست سنوات من الاحتلال الأمريكي المرير وما تحب أن تسميه النخب الحاكمة بمرحلة التغيير ، منوهين الى اننا لم نشر في هذا التحقيق الى الارقام والمعطيات الاحصائية المخيفة والخاصة بتضحيات العراقيين في كل المجالات وهي موثقة ومع ذلك سنفرد لها دراسة خاصة باذن الله ..

(*) الوعود البراقة في قفص الاتهام !!

العراق سيكون أجمل بلدان الدنيا وعاصمة للشرق الأوسط ، سنجعل من العراق جنة على الأرض ، ستوزع عائدات النفط على الشعب العراقي ، من حق كل مواطن أن يمتلك داراً ، العيش الرغيد للشعب العراقي المحروم ، لا فرق بين عراقي وآخر فالكل متساوون أمام القانون ، سنعمل على إعادة اللحمة الوطنية بين أبناء الشـــــــعب ، سنعيد العراقيين المهاجرين والمهجرين ، الخ من الوعود ( والسين والسوف ) التي باتت تجتر نفسها دون مبالاة من احد ، لان من يحكم جالس في برجه العاجي وهو بعيد كل البعد عن الواقع المرير الذي يعيشه المواطن العراقي ... يا ترى كيف ينظر المواطن إلى هذه الوعود؟

- يقول المواطن محمد سالم احمد : الوعود كثيرة وما ذكرتموه هو الشيء القليل مما قيل لنا مع بداية احتلال العراق وما يطرح من برامج خلال الانتخابات ، لكننا لن نلمس أي شيء ولم نحصل على أي شيء مما قيل ومما وعدنا به ، هناك البعض من السياسيين لا يبالون ولا يأبهون بما جرى ويجري للعراقيين في السنوات الست الماضية وكأنهم لا يعيشون في العراق ، ولا أريد أن أدافع أو اتهم أحدا ، ومن أراد أن يتأكد من كلامي فعليه أن يتفرج على اجتماعات مجلس النواب عندما يناقش قوانين تهم مصلحة الشعب العراقي، وكيف أن الكتل والأحزاب تتقصد افتعال الخلافات لمجرد الاختلاف وعرقلة التوصل إلى إصدار قوانين تهم المواطن العراقي لان معظمها لا يريد إلا مصالحه الخاصة ، أما إذا تعلق الأمر بهم شخصيا كزيادة الرواتب والمخصصات فتراهم يسارعون إلى إكمال النصاب واتخاذ القرارات السريعة في وقت نحن بأمس الحاجة لاتخاذ القرارات والقوانين التي تهم المجتمع العراقي بكل أطيافه ، فالأيام والسنون التي مرت تجبرني على إعادة الحسابات والنظرة لما يحصل ويدور في العراق وان أضع كل الوعود في قفص الاتهام وادقق في الأقوال والأفعال وأيهما سيد الموقف في عراق المأساة والنزف ، والجواب المباشر هو أن الأقوال هي سيدة الموقف لان أي شيء مما وعدنا به لم يتحقق إلا ما تعلق بالفساد وجني الأموال على حساب الشعب واعتماد سياسة التضليل والوعود الكاذبة وجمع الأموال وإيداعها في مصارف أجنبية تمهيدا لترك العراق عندما يحين الوقت بالنسبة لهم لهذا السبب أو ذاك ..

(*) كذابون ورب الكعبة !!

يقول السيد محي الدين خضر قاسم : لا أريد أن أخوض في قضايا يعرفها الجميع , منها الوعود التي أطلقها الكثيرون ممن تسلموا العديد من المناصب بأنهم سيعملون على إعادة الكهرباء وسيحلون مشكلة البطالة ويبنون المدارس والمستشفيات وتامين الخدمات الصحية والطاقة والتربية والشؤون البلدية والنظافة وتبليط الطرق والأعمار والاهتمام بالقطاع الزراعي والثروة الحيوانية ومشاريع الري والصناعة ... إلى آخره من الجوانب المهمة التي تهم حياة المواطنين ومستقبلهم ومعيشتهم ، وكان بالإمكان تنفيذ العشرات من المشاريع العملاقة في مجالات الزراعة والصناعة والري والطاقة والخدمات والسياحة والنقل
والخدمات الأخرى لو توفرت النية والتوجه الصادق خاصة وان العراق يمتلك كل المقومات والموارد التي تجعله متقدما في هذا المجال ..
ويضيف الحاج محمود طه محمود : أن الكثيرين ممن يعملون بالسياسة يخرجون علينا من خلال الفضائيات بأنهم لا ينامون ليلا ولا نهارا همهم الوحيد هو إسعاد الشعب , وأقول لهم ومن خلال هذا المنبر بأن صمتكم خير من كلامكم !! وبأنكم كذابون ورب الكعبة ..

(*) قطاع التربية مشلول !!

أما عن الواقع التعليمي، كيف هو في سنوات الاحتلال الماضية ؟ سؤال طرح على الأسرة التربوية من الروضة إلى الجامعة... تقول خالدة محمود سالم (ربة بيت): القطاع التربوي في العراق مشـلول وضعيف من جميع النواحي .. وتضيف : أنا كنت اعمل مدرسة سابقا وحاليا متقاعدة , ومن خلال متابعتي لعديد من الطلبة أجد أن الكثيرين منهم لا يجيدون القراءة خصوصا وهم على أبواب الدراسة المتوسطة .. وهنا تسأل : ألم يحن الوقت لكي يضع القائمون على التعليم نصب أعينهم مخافة الله من خلال مناهج تربوية مستمدة من واقعنا العربي والإسلامي والقيام بتدريس الطلبة بشكل علمي أفضل ..

يشير احد المدرسين العاملين في إحدى المدارس المتوسطة ( وهو مواطن من مدينة بعقوبة وساكن في الموصل ) بأن مشكلة التعليم خلال السنوات الأخيرة التي مرت كانت صعبة جدا على المدرسين والطلبة من خلال الأوضاع التي مر ت فيها البلاد , وهذا سبب رئيسي لتخلف الكثيرين من الطلبة عن مواقع الدراسة واختلاف مستوياتهم العلمية بل وتدهور هذه المستويات وأصبح عدد كبير منهم أميين !! ويضيف ، كما أن المناهج التي تم تغييرها أثرت كثيرا على نوعية المستوى الفكري والتربوي للطلبة حيث بدأنا نلاحظ توجهات طائفية في هذه المناهج وهذا شيء خطير يحصل في العراق في وقت لم يشهد العراق سابقا مثل هذا التوجه ..

(*) ربط العراق بإيران !!

ويعلق أستاذ جامعي ( لم يكشف عن اسمه ) بان وزارة التربية والمؤسسات التربوية العراقية الأخرى قامت بتغيير مناهج الدراسة والتعليم وجعلوا التعليم – خاصة في مراحل المتوسطة والإعدادية - تابعا لإيران وانظروا إلى المناهج صرنا طائفيين وتابعين لمذهب واحد بدل أن كانت المناهج – وخاصة التاريخية والدينية – موحدة ونابعة من صميم تاريخنا العربي الإسلامي !!!! ويضيف ، لقد بلغ التدخل الإيراني في شؤون البلاد حالة خطيرة وصار بعض الساسة والمسئولين لا يتخذون أي قرار دون الرجوع إلى حكام إيران لاستشارتهم ، وهذه ليست مبالغة بل هي حقيقة قائمة وهي حالة مؤشرة في الواقع العراقي ستعطي نتائج خطيرة في ظل سكوت الأحزاب والحركات السياسية المسئولة بمختلف اتجاهاتها وأطيافها ..

ويتابع وهو يتحسر : إني أدق ناقوس الخطر فيما يخص مصير العراق ووحدته فهما مهددان بالتفتيت والوقوع تحت الحكم الفارسي كما حصل عام 539 ق. م . عندما احتل كورش بابل وجعلها تحت سيطرة إيران ، واستطرد : استطيع أن أقول دون تحفظ أن ما يحصل في العراق اليوم من دمار واحتلال وتفتيت وطمس معالمه العربية والإسلامية ونهب ثرواته هو مخطط شارك فيه الإسرائيليون والإيرانيون على حد سواء مع الاحتلال الأمريكي وهذه الحقائق يعرفها أهل الموصل وكل العراقيين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .. واختتم قوله : كل هذا يحصل والعرب ساكتون والأحزاب الحاكمة التي تدعي الوطنية والدين والقومية ساكتة وراضية فهي إذن مشاركة فيما يحصل للعراق وسيحاسبهم التاريخ والأجيال القادمة على كل هذا ..

(*) معاناة قطاع التعليم العالي والبحث العلمي

أما ما يتعلق بقطاع التعليم العالي فأشار محدثنا ، إلى وجود معاناة كبيرة في هذا القطاع ناتجة عن تكدس أعداد كبيرة من الخريجين دون تعيين واعتماد الحسابات الحزبية في إرسال الطلاب للدراسة خارج العراق دون أن تتاح الفرصة للجميع بالتساوي لنيل استحقاقاتهم العلمية في الخارج ، وأضاف أن تحديد العمر بالنسبة لدراسة الماجستير والدكتوراه مسالة خاطئة وأننا نقترح إلغاء هذه الفقرة والسماح للطلبة بإكمال دراساتهم العليا من كل الأعمار ، كما أن هناك معوقات أخرى تتعلق بطبيعة المناهج وقلة وسائل الإيضاح والمختبرات وتوفر الكادر التدريسي المتخصص .. الخ هذا بالإضافة إلى تأثيرات الوضع الأمني على انتظام الدراسة وتأخر الطلبة في الحضور اليومي بسبب حالة قطع الطرق وانسدادها في كثير من الأيام مما يؤثر على انتظام الطلاب في دراستهم وعدم متابعتهم للمحاضرات بشكل منتظم ، وبالطبع فان هذه الحالة تنعكس سلبا على مستواهم العلمي ..

(*)تدني مستوى الخدمات !!

أكثر الأشياء تضرراً، وحالها كما يقال بـ (النازل) هي الخدمات ، فنادراً ما ترى سيارة جمع النفايات، ونادراً ما يأتيك الماء من دون استخدام (ماطور)! أما الكهرباء والمجاري، فحدث ولا حرج..
يقول الحاج بدر الدين محمود من حي عدن : هذا الحي عانى الكثير من الإهمال وسوء الخدمات حيث الشوارع ملئت بالحفريات والنفايات في كل مكان، والبلدية وان وجدت فعملها محدود وليس بمستوى الطموح، أما الكهرباء فلا تحسن فيها، إلا في أوقات تقل فيها الأحمال ، واليوم نعاني من الجرذان وكثرة الكلاب السائبة وتفشي الأمراض المعدية نتيجة ضعف الخدمات الصحية ومياه الشرب النظيفة !!!

يحدثنا عبدا لودود احمد حسن قائلا : على الرغم من سوء الخدمات في حي التنك، وبغض النظر سابقاً أم حالياً ، فإننا اليوم نعاني الكثير من النواقص، فإذا حل الشتاء تحولت بيوتنا وإحياؤنا إلى برك مياه آسنة وغالباً ما نحتاج إلى قوارب كي نتنقل بها بين أزقة الحي ، ناهيك عن الأمراض المنتشرة من هكذا وضع مزرٍ ، وفصل الصيف ليس أحسن حالاً، فشحه المياه قاتلة مع انقطاع شبه تام للتيار الكهربائي، لذا اعتقد لابد من الذين يجلسون على الكراسي أن ينزلوا للواقع ويشاهدوا كيف الناس تعاني الأمرين من الأوضاع الخدمية المزرية !

(*) في بلد النفط والمياه الناس عطشى والبرد يلفهم دون رحمة

عن هذا الموضوع حدثنا موظف مسئول في إحدى دوائر محافظة نينوى فذكر أن العراق هو البلد الوحيد في الوطن العربي الذي يجمع بين الثروتين السائلتين النفط والمياه ، لكن أهله عطشى والكثيرون يعانون من شحه المياه خاصة في فصل الصيف فانقطاع المياه حالة مستمرة ونعاني منها كثيرا دون معالجة جدية رغم تقديمنا طلبات بهذا الشأن مستمرة ، كما التصفية غير صحية مما تسبب في حصول أمراض كثيرة نتيجة تلوث مياه الشرب ، وهذه الحالة تتكرر بين الحين والأخر ، وبالنسبة للنفط فمع أن العراق هو بلد نفطي غني وانه يضم الاحتياط الأول في العالم إلا أن العراقيين يستوردون المشتقات النفطية من إيران وتركيا وبلدان أخرى مقابل مليارات الدولارات في ظل صفقات مشبوهة الغرض منها واضح ومعروف للعراقيين وهو سرقة ثروات الشعب ، وفي حين كان العراق قبل الاحتلال -حتى في ظل الحصار الجائر الذي أكل من حياتنا وثرواتنا الكثير - كان مكتفيا ذاتيا ويصدر المشتقات النفطية والنفط الخام إلا أن الوضع انعكس بعد الاحتلال وصرنا نستورد كل ما يتعلق بالنفط من مشتقات وزيوت وغيرها مع مزيد الأسف وكل هذا بسبب الاحتلال والسياسة الخاطئة للحكومة العراقية والحكومات التي سبقتها ..

(*)الحل المستحيل !!

وعن الحلول كما يراها المواطنون تحدث صحفي من محافطة بغداد ( لم يذكر اسمه ) فذكر أن معاناة العراقيين وتدهور أوضاعهم الأمنية والاقتصادية والخدمية بعد هذه السنوات العجاف هي حالة ناتجة عن الاحتلال و إفرازاته الخطيرة .. وان الوعود بإنقاذ البلاد من محنتها ما هي إلا مناورات هدفها الكسب السياسي على حساب المواطنين واستحقاقاتهم الوطنية والسياسية والاقتصادية وان الإجراءات التي تم تطبيقها كحلول لم تكن بالمستوى المطلوب من جميع النواحي لأنها لم تكن حلولا جذرية وواقعية وإنما جاءت لتصب في محور التنافس على حكم البلاد ونهب ثرواتها وانتشار الفساد بكافة أشكاله والعمل على إرضاء جهات أجنبية لها مصالح إستراتيجية في التدخل في شؤون البلاد ووفق مشاريع وأجندات انتقامية من شعب العراق وجيشه السابق وما إشاعة الثقافة الطائفية بين عموم العراقيين إلا حلقة تصب في هذا الاتجاه مقابل إشاعة ثقافة الديمقراطية الزائفة التي تستهدف النيل من قيمنا ومبادئنا العربية والإسلامية وإبعاد العراق عن خطه العربي ومحاولة تقسيمه من خلال مشاريع الأقاليم والفدراليات التي تطرح بين والآخر ، وأضاف : حتى أن قانون النفط والغاز الجديد في حالة إقراره من قبل مجلس النواب فانه سيشكل انتهاكا وتفريطا بالحقوق والثروات الوطنية وسيعيد ربط العراق بالشركات الاحتكارية بعد أن كانت قد طردت من العراق بعد قرار التأميم عام 1972 ..
وردا على السؤال المهم والذي يظل ماثلا في أذهان العراقيين ... وكيف الخروج من المحنة والتخلص منها لان صبر العراقيين نفذ ومعاناتهم ما عادت تحتمل ؟

أجاب أستاذ جامعي زائر من جامعة البصرة فأوضح أن حل الأزمة يكمن في تبني مشروع وطني للخلاص تقبل به جميع القوى السياسية وفي طليعتها المقاومة العراقية وكل الأطياف العراقية التي تم تهميشها .. مشروع يعتمد على خروج المحتل وإعادة تشكيل العملية السياسية بعيدا عن المحاصصة وعودة الجيش السابق وإلغاء قرارات العقوبات الجماعية بحق فئات مهمة من أبناء الشعب ، واعني بها قوانين الاجتثاث وما تلاها من قوانين ظالمة أخرى كحل الجيش ومؤسسات الأمن الوطني والوزارات السيادية – وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والإعلام - ووقف صرف رواتب معظم المحالين على التقاعد أو صرف رواتب قليلة لا تكاد تسد الرمق مقابل ما يتقاضاه أفراد الجيش الحالي والموظفين بشكل عام العراقي ، وأضاف : كما يتضمن المشروع الوطني أيضا وقف كل أشكال التدخل الأجنبي في شؤون البلاد الداخلية وخاصة التدخل الإيراني وتفعيل مشروع المصالحة الحقيقي وليس كما طرح البعض من المسئولين بصيغ غامضة ، واستبعاد البعثيين من العملية السياسية وكما نص الدستور الجائر الذي تم تمريره في غفلة من الزمن والأحداث ..
وعلق العميد المتقاعد ( م . ا. ) بالقول إن عودة الأوضاع إلى طبيعتها مرهون بخروج المحتل وإلغاء كل القوانين الجائرة التي صدرت عنه وعن الحكومات المتعاقبة وإعادة تشكيل الجيش العراقي وفق الأسس المهنية والضبطية المعروف بها هذا الجيش منذ تأسيسه في العام 1921 ، وليس على أساس المحاصصة والحزبية وإعادة تشكيل العملية السياسية بعيدا عن الطائفية والتدخل الأجنبي وبمشاركة كل أطياف الشعب العراقي وفي مقدمتها المقاومة العراقية ، بالإضافة إلى صرف الاستحقاقات المادية والمعنوية للعسكريين ومنتسبي الوزارات المنحلة أسوة بأقرانهم حاليا ..

وأخيرا نقول أن هذا التحقيق الصحفي السريع أكد أن مأساة العراقيين بعد ست سنوات عجاف من الاحتلال مازالت قائمة في كل مجالات الحياة وان الإجراءات التي اتخذتها إدارة الاحتلال والحكومات المتعاقبة لم تجد نفعا وان الأوضاع الأمنية والاقتصادية أخذة بالتدهور وان الفساد في كل المجالات مازال مستشريا وانه لا ضوء في نهاية نفق العراق المظلم إلا بالرجوع إلى مشروع وطني تتفق عليه القوى السياسية والمقاومة العراقية بعد خروج الاحتلال وإعادة منتسبي الجيش العراقي ومؤسسات الأمن الوطني وتشكيل جيش قوى محترف وفق أسس وتقاليد أساسها الضبط والكفاءة والمهنية والإخلاص للوطن وإلغاء كل القوانين الجائرة والعقوبات الجماعية تمهيدا لإعادة تشكيل العملية السياسة بعيدا عن المحاصصة والطائفية والارتباط بالأجنبي مع التأكيد على وحدة العراق شعبا وحضارة وتاريخا وتعديل الدستور الجائر وعدم إقرار قانون النفط والغاز الجديد إلا بعد تعديله بما ينسجم ومصلحة جميع العراقيين وفك ارتباط العراق بأي جهة أجنبية ليعود العراق عربيا موحدا مستقلا قويا ويأخذ دوره القومي والإقليمي والدولي باذن الله ..

*******

العراق في 20 / 3/ 2009