قنبلة الرئيس وتحرير الأقصى
مصطفى إبراهيم
19/9/2015
في غياب المشروع الوطني والرؤية الوطنية سيستمر الحال على ما هو عليه وأسوأ، طالما بقينا متلقين للقرارات و نشاهد صور القمع و الإعتداء على المواطنين بوحشية وكراهية و إحتقار لأدميتهم والحط من كرامتهم، و الإستهانة بمشاعرهم الوطنية والعاطفية تجاه قضيتهم الوطنية وما يجري في القدس، وقوات الأمن الفلسطيني المكلفين بإنفاذ القانون تمارس أبشع الإنتهاكات، و غير قادرة على توفير الأمن الشخصي والحماية للمواطنين من جرائم قوات الإحتلال وإرهاب المستوطنين الذين ينفذوا إرهابهم من دون رادع أو وضع حد للإرهاب المستفحل.
هذه الإعتداءات المقيتة لحقوق المواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحرمانهم من المطالبة بحقوقهم الأساسية بحرية في النضال ضد الإحتلال، وحتى مطالبهم الخدمية المعيشية والتعبير عن تلك الحقوق و الإنخراط في الدفاع عنها، وأن يكونوا شركاء في المجتمع بسماع مواقفهم وأرائهم والمشاركة في إتخاذ القرار، و إحترام عقولهم و إمكاناتهم و إستغلالها في النضال في بناء مجتمع حر و يطمح للحرية.
في إسرائيل إجماع صهيوني على إستباحة القدس واستكمال مشروعهم و رؤيتهم بالإستيلاء على ما تبقى من فلسطين بما فيها المقدسات الدينية للفلسطينيين، والحكومة الإسرائيلية ومن خلفها الكل الإسرائيلي مؤيد للإجراءات التي تتخذها الحكومة في تنفيذ قراراتها وفرض عقوبات جماعية وتشديدها على أهل القدس ومن يقاوم الإحتلال ووحشيته.
الرئيس محمود عباس سيتوجه خلال الأيام القادمة للأمم المتحدة وحديثه عن تفجيره قنبلة في الأمم المتحدة أمام المجتمع الدولي وقادته، وقوله إنه مطمأن و القدس في أمان ولن يحدث لها مكروه، هو يتحدث عن زلزلة الأرض على طريقته ورؤيته السياسية، وأدواته معروفة وواضحة ولن يغيرها في يوم وليلة، كما أولئك المقاومين من إسلاميين وبعض من اليساريين الذين يرفعون شعار زلزلة الأرض تحت أقدام الصهاينة الغزاة، و سيحررون الأقصى في ثلاث سنوات مروراً بعسقلان و بيتونيا و بئر السبع.
الفلسطينيون لا معلومات لديهم عن المفاجأة والقنبلة، كيف والتهميش سمة النظام السياسي والقيادة الفلسطينية والفصائل، وعدم معرفتهم للنوايا والخطط المستقبلية، هذا ان كان هناك خطط حقيقية لها للخروج من المأزق الذي وضعت نفسها و الشعب الفلسطيني فيه.
و يتساءل كثيرون كيف سيلقي الرئيس قنبلة والشعب غير موحد خلفه ولا يعلم شيء؟ و كيف تقوم إسرائيل بإستباحة القدس والأقصى وما لهما من خصوصية في نفوس العرب والفلسطينيين، و مس مشاعرهم وعاطفيتهم الدينية، ولم تشتعل الأرض المحتلة تحت أقدام الصهاينة؟
هي أسئلة البحث عن الكرامة والتعبير عن الغضب و الذل والهوان الذي وصلنا إليه، و الجميع ينتظر طبيعة القنبلة، و رد فعل غزة، يعني ينتظرون صواريخ غزة، كثيرون يتمنون من المقاومة إطلاق الصواريخ. هي أمنيات التيه و العجز و الفوضى وغياب الرؤية المشحونة بمشاعر الغضب والقهر، منها أمنيات حقيقية وأخرى إختبارية و نكاوة، وردود فعل غير منطقية وغير مدروسة وسيدفع الفلسطينيون ثمنا لها، وسترد إسرائيل بعنف و إرهاب غير معتاد و يستمروا في دفن شهدائهم و معاناتهم ولملمة جراحهم كما يعانون الآن.
في غياب المشروع والرؤية الوطنية سيبقى الجميع من أصحاب المقاومة المسلحة والنفير والمسيرات، والتظاهرات الشعبية بالحجارة والسكاكين ومقاومة التفاح، والسلمية والتهديد بالقنابل المتفجرة وتحرير الأقصى غير جاهزين لفعل شيء وطني موحد.
عوامل كثيرة تمنع الإنفجار و إشعال فلسطين لمواجهة استكمال إسرائيل لمشروعها ومواجهته ومقاومته، و كل ما يقوم به الفلسطينيين هو إسقاط واجب، فالسلطة متمسكة بمشروعها، وحماس المنهكة كذلك، والخارجة من حرب مدمرة، فالدفاع عن القدس ليس من غزة فقط لأسباب ذاتية و موضوعية، وهي ذات الأسباب التي تمنع الفلسطينيين من إشعال الأرض المحتلة.
الفلسطينيون يدفعون ثمن الانقسام و الإقتتال وغياب المشروع الرؤية الوطنية الجامعة، مع إدراكهم لقدراتهم، لكنهم غير قادرين على إنضاج الظروف الذاتية والموضوعية لتنظيم صفوفهم للتصدي للاحتلال موحدين، ليس فقط بالاعتماد على صواريخ غزة وشباب الحجارة وغيرها من وسائل المقاومة المشروعة، إنما بالوحدة و التوافق على الرؤية والشراكة.
والى حين تفجير الرئيس قنبلته وتحرير الأقصى خلال ثلثا سنوات ستبقى فلسطين والقدس مستباحة وتعاني وحدها، وغزة محاصرة وتعاني فقرها وحالها البائس و إنتظار العدوان العسكري الدموي القادم، والضفة تعاني الإحتلال والحواجز وتقطيع الأوصال، واللاجئين الفلسطينيين مشردين وأوجاعهم تتضاعف.